الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات عابرة للتحالفات

صادق إطيمش

2018 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تم الإعلان وبشكل رسمي عبر مؤتمر صحفي عن التوجه لتشكيل تحالف برلماني جديد اساسه التحالفان الإنتخابيان " سائرون " و " الفتح " الفائزان بمقاعد انتخابية تؤهلهما ليكون لهما النصيب الأكبر في تشكيل الكتلة البرلمانية القادرة على تشكيل الحكومة العراقية القادمة. وقد تباينت ، لحد الآن ، اصداء هذا التحالف المزمع عقده بين إتجاهين كانا بالأمس القريب فقط يمثلان وجهات نظر متباينة تتعلق بالمسألة الوطنية والسياسة التي تترتب عليها داخلياً واقليمياً ودولياً. ولا اعتقد بان هناك ممن لهم ابسط الإطلاع على مجريات الساحة السياسية العراقية من يجهل هذه الإختلافات التي بدت تطفوا على الساحة السياسية العراقية، وبشكل ملفت للنظر ، خاصة في فترة التهيئة للإنتخابات الأخيرة والدعاية التي ترتبت عليها.
والتساؤلات التي يتناولها الكثيرون الآن ، سواءً عبر التعليقات التي تمخضت عن المؤتمر الصحفي ، او عبر ما يُنشر هنا وهناك من آراء شخصية عبر قنوات التواصل الإجتماعي او الوساءل الإعلامية الأخرى ، تتعلق جميعها باجتماع الأضداد هذا الذي لا يمكن تفسيره فلسفياً كقول الشاعر : ضدان لما استجمعا حسُنا ....... والضِد يُظهرُ حسنَه الضِدٌ ، بل ينبغي تفسيره سياسياً وامكانية ذوبان التناقضات في مختبرات المصالح واختفاءها في دهاليز السياسة اليومية . كل ذلك ممكن جداً وقد عودتنا عليه الساحة السياسية العراقية، خاصة تلك التي تبلورت بعد القضاء على دكتاتورية البعثفاشية المقيتة من خلال الإحتلال الأمريكي لوطننا.
إن اهم ما خبرناه من مجريات السياسة اليومية على الساحة السياسية العراقية خلال الخمسة عشر سنة الماضية يتعلق بتواصل وجود حكومات ظل همها الأول والأخير تنفيذ اجندتها الطائفية والقومية الشوفينية والمناطقية والعشائرية بغية توفير احسن وأضمن المجالات لها ولمريديها واحزابها لسرقة اموال الوطن واستباحة امنه والتلاعب بمستقبل اجياله من خلال مسيرة ظلامية فاقدة لأبسط متطلبات العيش الإنساني الكريم الذي يستحقه اهل هذا الوطن الذي اثخن في جراحه ورثة البعث وصنائع سياسة الإحتلال الأمريكي من احزاب الإسلام السياسي وكل القوى التي ساندت لصوصيتها ودعمت وجودها على حساب الهوية العراقية التي استبدلها هؤلاء اللصوص بهوياتهم الخاصة لأغراضهم الدنيئة التي ما انفكوا يمارسونها حتى بعد ان خلع الشعب اقنعتهم السوداء وقذفهم على قارعة الطريق في بعض النتائج التي تمخضت عنها الإنتخابات الأخيرة التي يتشبث هؤلاء الخاسرون بكل الممارسات القبيحة التي رافقتها كي يحفظوا بعض ماء وجوههم التي لا تنفع لطهارتها حتى مياه محيطات العالم باسره.
السؤال الذي قد يتبادر الى الذهن امام هذا التحالف البرلماني الجديد من " سائرون " و " الفتح " يتعلق بالبرامج الإنتخابية المعلنة قبل الإنتخابات . هذا إذا ما اردنا ان نقفز الى هذه المرحلة من العمل السياسي ونتجاوز التاريخ حتى القريب منه والذي يضم في صفحاته ما يزيد من التساؤلات سواءً تلك المتعلقة بالهوية الوطنية ومدى اهميتها لكل من اعضاء التحالف هذا داخلياً وخارجياً ، او ما ينطوي تحت العلاقات بين القوى الحاكمة نفسها والتي وصلت الى حد المهاترات حتى الخُلقية اثناء الدعاية الإنتخابية .
لقد انطلق البرنامج الإنتخابي لتحالف " سائرون " ليعبر بحق عن تغيير في البوصلة السياسية العراقية التي افرزتها احزاب الإسلام السياسي وحلفاؤها . ومن اهم تجليات هذا التغيير تلك النصوص التي جاء بها هذا البرنامج ليرفض ، بمفردات لا تقبل التأويل ، كل الأسس التي جرت بموجبها سياسة المحاصصات التي تبنتها الحكومات الوريثة للبعثفاشية خلال الخمسة عشر سنة الماضية . فهل ينسجم هذا الطرح مع البرنامج الإنتخابي لتحالف " الفتح " الذي لم يختلف عن طروحات اشباهه من احزاب الإسلام السياسي والذي اتخذ من عموميات التعبير مخرجاً لتلافي ما اسهم به بعض او معظم رواد هذا التحالف في سياسة الأحزاب الحاكمة خلال الخمسة عشر سنة الماضية ؟
لقد انبثق تحالف " سائرون " كنتيجة منطقية للحراك الجماهيري الذي بدأ في صيف عام 2015 وركز على المطالب الجماهيرية التي لم يعرها ساسة تحالف " الفتح " اي اهتمام يذكر في ممارساتهم سواءً داخل التشكيلة الحكومية او خارجها .فإلى اي مدى يمكن ان يستجيب التحالف البرلماني الجديد لكل هذه المطالب الجماهيرية وللجماهير التي تبنتها بغض النظر عن انتماءاتها المذهبية او افكارها السياسية التي قد لا تتفق وبرنامج تحالف " الفتح " الإنتخابي ؟ وبعض تصريحات السيد قائد " الفتح " في رفضه للمطالبة بسد بعض النواقص في الخدمات الإجتماعية هو واحداً من الأدلة التي تشير إلى بعد " الفتح " عن احتجاجات الحراك الجماهيري وعن المطالب الجماهيرية اساساً
في الوقت الذي اصبحت جماهير الحراك الجماهيري بكل انتماءاتها القاعدة الجماهيرية التي يتحرك عليها التحالف الإنتخابي ل " سائرون " والتي عكست كل معاناة الشعب العراقي في حراكها سواءً في العاصمة بغداد او على سوح النضال الأخرى في بقية المحافظات ، تاجر تحالف " الفتح " بانتماء فصيله المسلح إلى الحشد الشعبي الذي تشكل من عناصر شعبية مختلفة استجابت لفتوى المرجعية الدينية بالوقوف بوجه الإرهاب الداعشي ـ البعثي ، ليجعل من مشاركته هذه وكأنها هي الحشد الشعبي الذي ظل قادة تحالف " الفتح " يجيرون انتصاراته لحسابهم والذي جعلوه مادة دعائية انتخابية اوصلتهم الى الموقع الذي هم فيه الآن. فكيف سيسير تصنيف المواطن العراقي بالنسبة للتحالف البرلماني القادم ، هل سيكون على اساس القرب او البعد من منظمة بدر مثلاً ، بحيث تُصاغ مفردات الإنتماءات الطائفية بشكل آخر ، إلا انه يحافظ على المضمون المحاصصاتي المقيت ؟ او هل سيكون باستطاعة تحالف " سائرون " ان يحقق ما نص عليه برنامجه حول تحقيق مبدأ المواطنة اولاً واخيراً في التعامل مع الفرد العراقي بغض النظر عن اي انتماء آخر ؟
ما تناقلته وساءل الإعلام ، سواءً اثناء الحرب ضد الإرهاب الداعشي او بعده من وجود توجهات مختلفة للعلاقة مع دول الجوار بين طرفي التحالف البرلماني الجديد من " سائرون " و " الفتح " . فقد جرى التأكيد على العلاقة الوثيقة التي تربط رئيس تحالف " الفتح " السيد هادي العامري مع دولة ولاية الفقيه في ايران وحرصه على التنسيق معها بشكل سمح لبعض قادة الجمهورية الإسلامية من التدخل الفاضح في شؤون العراق الداخلية والذي اكدته تصريحاتهم التي مسَّت السيادة العراقية بالصميم . هذا في الوقت الذي رفض فيه برنامج " سائرون " اي تدخل في شؤون الدولة العراقية ومن اي طرف كان . فإلى اي مدى سيتمكن التحالف البرلماني الجديد من الحد من تصريحات ولاياتي مثلاً حول عمل الأحزاب السياسية العراقية التي تخنتلف مع توجهاته كالحزب الشيوعي العراقي الذي تناوله في تصريحاته هذه بالذات ؟ او هل سينبثق نوعاً من الإنسجام في عمل التحالف الجديد ، لاسيما وان الحزب الشيوعي العراقي يشكل فصيلاً من فصائل تحالف " سائرون " ؟
قد تكون هناك اسئلة كثيرة اخرى تواجه هذا التحالف البرلماني الجديد والتي لا يجد لها قادته من جواب يقنع المواطن العراقي الذي عَلِم الكثير خلال سنين حكم لصوص الإسلام السياسي المنصرمة . إلا ان السؤال الأكبر يظل متعلقاً بسِر لهاث تحالف " سائرون " وراء المشاركة بتشكيل الحكومة التي سيجلس فيها جنباً إلى جنب مع سياسيي المحاصصات وسارقي قوت الشعب وذلك في اي خيار سيختاره لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر . إن النتيجة المنطقية لمشاركة تحالف " سائرون " في الحكومة سيجعله عاجزاً عن محاربة الفساد وتقديم رؤوسه الكبيرة الى القضاء وذلك لسبب بسيط جداً وهو ان كثيراً من هذه الرؤوس ستكون شريكة له باتخاذ قرار كهذا . ولا اعتقد بان سارقي ثروة العراق من لصوص احزاب الإسلام السياسي ومن ساندهم في لصوصيتهم خلال الخمسة عشر سنة الماضية سيتحولون بين عشية وضحاها إلى رواد عدالة وطالبي حق من انفسهم بالذات، انهم اجبن من ذلك بكثير .
لقد قدمت لنا الديمقراطيات الحديثة نماذج رائعة لفعالية المعارضة الوطنية الصادقة التي تستطيع ان تقتلع حكومات من جذورها واسقاطها في الحضيض إذا ما تبنت السياسة الوطنية الشعبية الحقة والصادقة التي ستلتقي مع متطلبات الجماهير التي ستشكل هي الأخرى المعارضة اللابرلمانية التي حققت نجاحات باهرة في حراكها الجماهيري والتي اسقطت حكومات كانت تبدو رصينة .
فهل تحالف " سائرون " نحو هذا الدرب سائرون ....؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757