الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا موطن للشعوب الشقيقة*

أمين شمس الدين

2018 / 6 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


12 حزيران 2018 ، تحتفل البلاد بيوم روسيا. عشية الاحتفالات التقت مراسلة وكالة الإعلام "جروزني-إنفورم" مع الكاتب والمرشح للعلوم التاريخية سعيد-خمزات محمودوفيتش نونوييف، الذي أجاب على الأسئلة التي طرحت.
س- سيد- حمزات محمودوفيتش، منذ الربع الأخير من القرن المنصرم نلاحظ تطور الأحداث في روسيا بوتائر سريعة، وغالبا بشكل مأساوي، وخصوصا في جمهوريتنا. وعلى الرغم من ذلك، وُلِدَت روسيا الجديدة، وهي تستعيد قوتها السابقة، والمكانة الدولية. هل تعتقد أن هذا يرجع إلى رئيس الدولة ف. بوتين وفريقه؟
ج- يعود فضل بوتين في نظر جمهوريتنا، أولاً، وقبل كل شيء، إلى حقيقة أنه مع أحمد- حجي قاديروف أنهيا الحرب في شمال القوقاز، والتي خطط أعداؤنا للاستمرار فيها حتى تفكك روسيا. وهذه لحظة تاريخية يجب تذكرها.
أما بالنسبة لروسيا ككل، فهي كتلة متجانسة، إنها مزيج من الشعوب والثقافات والديانات التي تشكلت لقرون، ولا يمكن تدميرها. وبغض النظر عما يسمونه بالنظام السياسي للدولة، فإن وحدة وأخوة شعوب روسيا هي في الحقيقة مصونة. وهذا بالطبع يزعج أعداءنا .
س- ما مدى خطورة جهود بعض السياسيين المزعومين من "الطابور الخامس" في روسيا والنُّقّاد من الغرب، الذين يحاولون بث روح التفرقة بين شعبنا وشعوب روسيا، بما في ذلك، بالطبع، الشعب الروسي العظيم؟
ج- هذه مسألة ملحة للغاية. يجب الإجابة عليها بمزيد من التفصيل والموضوعية. هذه المشكلة لها مزورين من كلا الجانبين - سواء من موسكو أو من أيديولوجيين محليين سخفاء. ففي الحالة الأولى، أساسه هو من السياسيين والكتاب في موسكو، الذين يطالبون بإلابتعاد عن الويناخيين والداغستانيين مرة واحدة وإلى الأبد، واصفين اياهم بعبارة غير لائقة، بـ "الطرائد"، يرمون شعارات "كفى إطعام القوقاز" وغير ذلك..
فعلى سبيل المثال، يكتب ما يسمى بالسياسي إدوارد ليمونوف، قائلا: "لا علاقة لنا مع الشيشانيين، كما ترون، ولا بأي شيئ! الشيشان معادية لروسيا!". ويصرخ الصحافي الكسندر نيفزوروف، مناديا: "أيها الشيشانيون أخرجوا من روسيا!". أما السياسي المخضرم سيفاستيانوف فيقترح، قائلاً: "ينبغي فصل الشيشان عن روسيا من ضفاف نهر تيريك، واقتطاع مناطق ناؤرسكي، ونادتيريتشني، وشيولكوفسكي، والتي تبرع بها خروتشوف للشيشان. عندها، لن يبقى لنا سوى إغلاق 80 كيلومترا من الحدود مع منطقة ستافروبول".
"كبير الخبراء" ستانيسلاف بيلكوفسكي، يؤكد: "لقد اقترحت منذ فترة طويلة لإطلاق سراح جمهورية الشيشان، ومنحهم الحرية. أيضا، يجب منح الحرية للجماعات العرقية الأخرى في شمال القوقاز، التي تعتنق الإسلام. حرب القوقاز ، لقد خسرت روسيا بالكامل الحرب القوقازية، التي بدأت عام 1817. ولا تسيطر القوات الفيدرالية على داغستان والشيشان وإنغوشيا على الإطلاق. ومن غير المرجح أن تتم هذه السيطرة، إنما هي تضيق فقط. وهذه الجمهوريات نفسها ليست في عجلة من أمرها لمغادرة روسيا. لماذا؟- لأن ذلك لن يكون مربحا بالنسبة لهم طالما تصب عليهم أمطارا بلاتينية من الموازنة الفيدرالية". مثل هذه التصريحات هي المئات، إن لم تكن بالآلاف، ولا يجدر بنا أن نعتقد بأنها لا تؤثر على الحالة المزاجية داخل المجتمع الروسي.
هناك بعض الانفصاليين الإيشكيريين لعبوا ويلعبون أدوارهم الاستفزازية، من أولئك الذين زرعهم الغرب بعناية، مدعين أن روسيا كانت تقاتل منذ 400 عام لإبادة الشعب الشيشاني، وإذا لم يعزل نفسه بأي ثمن عن روسيا فهو مهدد بالانحلال والانحطاط.
يمر الشيشان مع روسيا والروس في مرحلة صعبة وثقيلة بالفعل على مدى القرنين الماضيين. كان من الممكن، بل ووجب أن يكون هذا المسار مختلفًا وموات بشكل لا مثيل له، فيما لو لم تظهر هناك، في المصير التاريخي لروسيا نفسها والشعب الروسي، أي قوى لها مصالحها الاستراتيجية المحددة هنا.
نحن نعلم أنه ومع حلول بداية القرن الثامن عشر، تم التوصل إلى اتفاقيات سياسية مهمة بين روسيا وكبار السن/ الشيوخ من الوايناخيين، سواء الشيشان أو الإنجوش. وتم تحقيق الكثير من التفاهم والتعاون، وبشكل لا مثيل له بين الطرفين. ولكانت النتيجة لتكون أفضل لتنمية هذه العلاقات لو لم يَسلَك الجنرال يرمولوف نهجه التدميري، الذي أتى على كل الحياة في المنطقة، من تدمير الغابات و قتل الحيوانات والماشية، وإبادة عشرات الآلاف من السكان المسالمين الآمنين بطرق بربرية.
سيقول قائل أنه لا منطق في مثل هذه القسوة. بلى، كان هناك منطق؛ فهو انحصر في تدمير أكبر قدر ممكن من السكان المحليين، وبين الناجين ترك أثر لا يُمحى من العداء والكراهية الأبدية لروسيا والروس. لا أعتقد أن مثل هذه العداوة والكراهية كانت ضرورية للشعبين الروسي والشيشاني في ذلك الحين، ولا هي ضرورية لاحقا. غير أن الغرب مستمر بزرع بذور كراهية غير قابلة للمصالحة تحت غطاء حكومة إتشكيريا في المنفى، ويحاول مرة أخرى دق إسفين بين الشيشان والقيادة الروسية، وإشعال نار حرب جديدة.
س- حتى الآن، ومِن كل بُد، يوجد بيننا أشخاص مستعدون لتصديق هؤلاء المحرضين الغربيين، ويُروِّجُون بأن الشيشان والروس هم أعداء أبديون؟
ج- في بعض الأحيان لا نهتم بالمراحل الهامة جدا والمصيرية من تاريخنا. على سبيل المثال، في العلاقات التاريخية بين روسيا وجبليي القوقاز الشمالي، وعلى وجه الخصوص مع الشيشان، هناك لحظة مبدئية أرشيفية واحدة، والتي لا يوليها باحثونا لسبب ما سوى القليل من الاهتمام.
ترتبط هذه اللحظة بإمكانية عودة الجبليين إلى وديانهم وسهولهم الخصبة، التي اضطروا لتركهامؤقتا والرحيل إلى الجبال لتحميهم من الغزوات المدمرة للجحافل البربرية، بما فيها المغول-التتار. ظهرت مثل هذه الفرصة نتيجة نشوء دولة روسية مركزية في الشمال، الأمر الذي أغلق الطريق أمام جحافل الرُّحَّل الشّرسة. أصبحت الدولة الروسية لأول مرة في التاريخ حاجزا طبيعيا أمام الغزوات المدمرة للقبائل الرُّحَّل، وهذه اللحظة كان يجب أن تكون آنذاك اللحظة الأهم في العلاقة بين روسيا وشعوب القوقاز.
لكن هذا، بدون شك، كان العامل السياسي المفيد الذي حجبته القوى الموالية للغرب، والتي تسعى ومنذ عهد بطرس الأكبر (الامبراطور) إلى رسم خارطة لروسيا بطريقتها الخاصة، وكذلك المتعصبين الدينيين المحليين الذين لا يرون في روسيا سوى انتماءها المسيحي.
في العلاقات بين روسيا والشيشان على مر القرون، من عهد الأمير سفياتوسلاف كييف، توجد حقائق أكثر مما تقاس عن العلاقات الطيبة المتبادلة بينهما مقارنة بحالات التوتر والعداء. ولم يكن غير ذلك ممكنا، لأن الروس والوايناخيين كان لهم دائما نفس الأعداء، وتضامنوا في مواجهة القبائل الهمجية الرُّحَّل.
لطالما كان المزارعون والرعاة المستقرون حلفاء مباشرين أو غير مباشرين لبعضهم البعض، ولم يكن ممكنا أن يكونوا معادين لبعضهم البعض في القرون الطويلة من العصور الوسطى؛ بل كانت هناك حاجة ملحة للتجارة، وتبادل الخبرات، واعتماد تجربة بعضهم البعض في الثقافة اليومية. في مثل هذه الظروف الموضوعية، تعايش الوايناخيون والروس، وتعاونوا جنبا إلى جنب.
س- إن الشيشان والروس يدركون جيداً أنهم يتعرضون لبث سموم التفرقة من قبل المحرضين، وأن لديهم مصير تاريخي مشترك؟
ج- لقد أظهر الشيشان والإنغوش على مدى قرون أمانة وإخلاص وشجاعة في الدفاع عن روسيا من الأعداء الخارجيين. وهذا واضح بشكل خاص في أيامنا، عندما أصبح الجنود الشيشان الذين هزموا الإرهاب الدولي على أراضي جمهوريتهم، يشكلون درعا حاميا، موثوقا، في جنوب روسيا برمته.
لقد أصبحت جمهورية الشيشان وشعبها، الجزء الأكثر قدرة على القتال في جيش روسيا الاتحادية، البؤرة الأمامية للأمن العسكري، والسياسي، وحتى المعنوي في جميع أنحاء جنوب روسيا. وهذا يتسبب في رفض وكراهية القوى الموالية للغرب المعادية لروسيا، وهو ما يفسر محاولاتهم لتشويه سمعة قيادة الشيشان والقيادة الروسية ككل.
إن العلاقة بين روسيا والشيشان، وبين الشيشانيين والروس تعود إلى مسارها المنطقي، الذي يجب أن يكون ثابتا وقويا. وعلى هذا الأساس يُحَدّد المنظور الجيوسياسي المستقبلي بأكمله لشعوبنا.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* بقلم الدكتور في العلوم التاريخية/ سعيد-حمزات نونوييف، غروزني
أجرت المقابلة إنديرا جبرائيلوفا
الترجمة إلى العربية/ د. أمين شمس الدين داسي، عمان
С.-Х. Нунуев: Россия – дом братских народов
Интервью провела Индира Джабраилова
www.grozny-inform.ru المصدر
----------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة