الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون المفلسون والمرتدون لا يقرؤون التاريخ - 2

فؤاد النمري

2018 / 6 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ليس أشد استهجانا على شيوعي بلشفي مثلي من شيوعي يدعي الشيوعية ومع ذلك يفلس !! كيف يفلس وسند الشيوعيىة هو الماراكسية التي لا يأتيها الباطل من بين أيديها ولا من خلفها حيث تمت عمارتها على أساس راسخ هو ديالكتيك الطبيعة النافذ في كل أشيائها ومنها المجتمعات البشرية، وديالكتيك الطبيعة هو الحقيقة المطلقة رغم كل إدعاء معارض . بالرغم من ذلك ولهولي إنتهى عموم الشيوعيين إلى الإفلاس !! يا لهولي ما خطب هؤلاء القوم !؟ يمكن للمرء أن يعزو ذلك لأسباب كثيرة من مثل الأصول الطبقية أو الفقر في العلم والثقافة أو لأطماع بورجوازية صغيرة ؛ يمكن أن تكون كل هذه الأسباب صحيحة لكن فقط عبر عدم قراءة الثاريخ أو قراءة خاطئة له .

في مؤتمر الحزب الشيوعي البولشفي التاسع عشر في أكتوبر 1952 أهاب ستالين بالمؤتمرين ألا يعيدوا انتخاب نفس القيادة لأنها لم تعد قادرة على العمل الشيوعي بمن في ذلك ستالين نفسه . لم يستجب المؤتمر لطلب ستالين وأعاد انتخاب نفس الأعضاء . ذلك ما دفع بأعضاء المكتب السياسي لافرنتي بيريا وجيورجي مالنكوف ونيكيتا خروشتشوف لاغتيال ستالين بالسم أثناء عشائهم معه في 28 فبراير 1953 وقد تأكد لهم أن ستالين كان في طريقه لإنهائهم كقادة بالإضافة إلى أن بيريا وزير أمن الدولة كان غارقا في مؤامرة الأطباء اليهود ضد صحة وسلامة القادة السوفييت وقارب التحقيق فيها للوصول إلى إكتشافه . ما فات هؤلاء المجرمين هو الفرق الهائل بين شخوصهم وشخص ستالين الذي لم يماثله أي قائد عبر التاريخ بالقوة بمختلف وجوهها كما تبدت في الحرب على النازية . ليس أحداً من هؤلاء يمكنه أن يشغل الفراغ الذي خلفه ستالين . كان الجيش "الأحمر" مركز القوة الثاني بعد ستالين . في سبتمبر 53 أطاح الجيش بمالنكوف كأمين عام للحزب ونصب مكانه خروشتشوف الذي قبل أن يكون لعبة بيد العسكر وهو الأحمق والغبي بين أعضاء المكتب السياسي للحزب . فكان أول أمر تلقاه من العسكر هو إلغاء الخطة الخمسية التي كانت ستنقل المجتمع السوفياتي إلى أرقى مجتمع في العالم وأكثرها رفاهية في سبتمبر 53 بزعم أنها توهن وسائل الدفاع عن الوطن وهو ما يعني تحويل كل مقدرات البلاد إلى العسكرة . كان ذلك فعلاً خيانياً فاضحا حيث قرارات المؤتمر العام للحزب وأهمها الخطة الخمسية غير قابلة للإلغاء من أي جهة كانت ولا حتى للتعديل . وفي المؤتمر العام التالي للحزب في فيراير 1956 طلب خروشتشوف جلسة إضافية بعد انتهاء المؤتمر وفوجئ الحضور بخروشتشوف لا يهاجم ستالين وحسب بل ويستنكر أيضاً بناء الإتحاد السوفياتي كدولة بناها دكتاتور دموي !!

ليس عبثاً أن طالب ستالين بتغيير القيادة لأنها لم تعد قادرة على العمل الشيوعي ؛ فأن توافق القيادة في سبتمبر 53 على إلغاء الخطة الخمسية التي كانت ستنقل الاتحاد السوفياتي إلى عتبة الشيوعية، ثم تسكت على استنكار خروشتشوف لبناء الاتحاد السوفياتي فهو بمثابة خيانة كبرى للإشتراكية وللماركسية اللينينية، وإلا بدل أن يغمى عليهم ويشدوا الشعر بالقبضتين أثناء الاستماع لخطاب خروشتشوف، كما وصفت صحيفة الغارديان البريطانية، أن يصرخوا بوجه خروشتشوف بأنه كاذب وأفاق . أما وأن يخشوا مسدسات العسكر في حماية خروشتشوف فكان عليهم على الأقل أن يعلنوا بعد المؤتمر أن تقرير خروشتشوف كان يعبر عن وجهة نظر شخصية لا علاقة للحزب بها . سكوتهم الخياني جعل العالم يصدق كل ما جاء به التقرير نظراً لصدوره عن قيادة الحزب وهو لم يكن كذلك وليس من أعمال المؤتمر ويبدو أن التقرير كان من إملاء العسكر أعداء ستالين التاريخيين خاصة وقد عرف خروشتشوف بأنه لا يحسن الكتابة .

منذ تقرير خروشتشوف الخياني تغير تاريخ الاتحاد السوفياتي . كثيرون من الشيوعيين صدقوا ترهات خروشتشوف وأكاذيبه التي فضحها حديثا الأستاذ الجامعي الأمريكي المتخصص في دراسة الأرشيف السوفياتي غروفر فر (Grover Furr) وساعدهم في ذلك الإعلام الإمبريالي حتى أخذ بشيع أن ستالين قتل 50 مليوناً من السوفياتيين والقليلون منهم وافقوا على أن ستالين كان دكتاتورا بشخصه . ما يلزم التأكيد عليه هنا هو أن هؤلاء وأولئك إنما هم من الشيوعيين المفلسين أو المرتدين وقد طفقوا يبحثون عن اشتراكية أخرى غير الإشتراكية السوفياتية . ذلك هو السياسة النفاق !! لو كان هناك أية إشتراكية أخرى غير تلك التي حدد خطوطها الرئيسية لينين وطبقها حرفيا بامتياز ستالين لكنا ترددنا بوصف عموم الشيوعيين الذين أساءوا قراءة تاريخ الاتحاد السوفياتي بالمفلسين والمرتدين المنافقين .

ليس ثمة أدنى شك أن الإنقلاب على النظام الإشتراكي في العام 53 كان بفعل الصراع الطبقي وتنامي القوى العسكرية طليعة البورجوازية الوضيعة من أجل رد العدوان النازي الهائل وتحمل البروليتاريا السوفياتية النصيب الأكبر من الخسائر مما مكن البورجوازية الوضيعة من الإنقلاب على النظام الاشتراكي . هذا ما تقوله ألفباء الماركسية للشيوعيين، وتجاهل هذه الحقيقة من شأنه أن يودي حتى بعتاة الماركسية إلى الضياع . أي تحليل للوضع السياسي والإقتصادي في العالم بكل أطرافه لا يبدأ بهذه الحقيقة التاريخية منذ العام 1953 سيكون رجماً في الغيب أو كلاماً في الجنّ .
الحقيقة الثانية المترتبة على الحقيقة التاريخية الأولى وهي في غاية الأهمية هي أن البورجوازية الوضيعة السوفياتية وغير السوفياتية لا تنتج إلا الخدمات التي تخدم الإنتاج الحقيقي . واعتماداً على هذه الحقيقة الثابتة فالبورجوازية الوضيعة غير مؤهلة لتقود المجتمع وتحتل مركز السيادة فيه مثل الرأسماليين والعمال، الطبقتين المتخصصتين بإنتاج أسباب الحياة المادية .
وهنا يتوجب على الماركسيين والشيوعيين وعلى سائر الباحثين في النظام الدولي الماثل التوقف عند النتيجة التي تنتهي إليها هاتان الحقيقتان وهي أن البورجوازية الوضيعة لم تقد ولن تقود إنقلاباً نهائياً وناجحاً ضد المشروع اللينيني في الثورة الإشتراكية العالمية وليس أدل على ذلك من أن روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي تعيش اليوم على تصدير النفط والغاز وتصطف في صف دول العالم الثالث بعد أن كانت في صف الولايات المتحدة في الستينيات .

وهكذا يمكن الإدعاء أن المشروع اللينيني الإشتراكي ما زال في الأرض وهو مثلما قوّض النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن العشرين سيقوض سيادة الطبقة البورجوازية الوضيعة العالمية في عشرينيات القرن الحادي والعشرين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه الجملة هي لب القضية
محمد البدري ( 2018 / 6 / 16 - 21:38 )
أهاب ستالين بالمؤتمرين ألا يعيدوا انتخاب نفس القيادة لأنها لم تعد قادرة على العمل الشيوعي بمن في ذلك ستالين نفسه . لم يستجب المؤتمر لطلب ستالين وأعاد انتخاب نفس الأعضاء ... انتهي الاقتباس
العزيز الفاضل استاذ النمري
صناعة البشر هي اهم بل لا هم سواها لضمان استمرار اي نجاح متحقق. عندما نقرأ الادبيات الماركسية نجد ان صناعة الكوادر تحتل مساحة كبيرة. فاين الخطأ إذا لم يجد ستالين من يحقق توجيهاته التي لولاها لما بات ما حدث حادثا. أم انه بات مستحيلا تحقيق هدف ما ديموقراطي الاداء بالمعني الليبرالي داخل منظومة ترفع شعارا دكتاتوريا. الم يكن من الافضل ان ينقلب علي الوضيعين من داخل اعضاء المؤتمر بثورية!!!
أمر أخر اجده في لفظ -أهاب-. هل فعلا يهيب زعيما ثوريا برجاله ان يحققوا مبتغي التغيرات أم انها وصاية اب لابناء بينهم من يعرف كيف يقفز فوق الامور لتحقيق أمور اخري. يذكرني هذا الشأن بالمسخرة التوراتية بشان يعقوب واخوته ويوسف حيث اهاب يعقوب بابنائه وهو اب بيولوجي وروحي وايديلوجي ايضا بمقاييس ذلك العصر السحيق. فماذا كانت النتيجة؟

تحياتي وكل احترامي وتقديري وامنياتي بايام سعيدة وصحة موفورة


2 - العزيز الباحث محمد البدري
فؤاد النمري ( 2018 / 6 / 17 - 07:15 )
المعضلة التي تمسك برقاب بني البشر هي الصراع الطبقي الناجم أصلا عن فقر أدوات الإنتاج وقوى الإنتاج بل يمتد الصراع إلى ما بين الأخوة وتنافسهم في من له الحصة الأفضل في كعكة العائلة وقد يتذابحوا على الورثة
معضلة الانسانية هي الذات الفردية وقد تنامت في الإنسان منذ بداية التاريخ
تستفحل هذه المعضلة في العمل الشيوعي الذي أول شروطه التخلي أو الأحرى التطهر من الذات الفردية لصالح الذات الإنسانية أي الإنحياز لصالح الإنسان وليس لصالح الفرد
في العام 1959 كان في معتقل الجفر الصحراوي 340 شيوعيا أردنياً وقد ساعد في ذلك حملة عبد الناصر ضد الشيوعية
في ظرف ست سنوات استنكر الشيوعية منهم مائتان وهم من انحازوا لذوانهم
في العام 1963 قرأنا خروشتشوف يلغي دكتاتورية البروليتاريا والتي هي دمغة الاشتراكية الوحيدة كما أكد كارل ماركس
كنت الوحيد الذي استنكر خروشتشوف وقيادة الحزب السوفياتي أما الآخرون فرفضوا موقفي وهو ما يشي بالإنحياز إلى الذات
في العام 1965 خرجنا من السجن بعفو عام وفي العام 1966 استنكر نصف الذين صمدوا حتى العام 65
في المؤتمر الذي تشير إليه حضرتك طالب ستالين

(يتبع)


3 - العزيز الباحث محمد البدري
فؤاد النمري ( 2018 / 6 / 17 - 07:54 )
طالب المؤتمر بعدم انتخاب مولوتوف وهو الذي على استعداد أن يفتدي الحزب بروحه كما أكد ستالين وهو البلشفي رفيق لينين ومؤسس البرافدا التي صنعت الحزب وكانت حجة ستالين أن مولوتوف لم يتطهر من الذات الفردية ويفشي كل أسرار الحزب لزوجته وليس مثل ستالين الذي لم يكن يتحدث في السياسة مع زوجته مما دعاها إلى الإنتحار
لكن المؤتمر أعاد انتخاب مولوتوف وكان خطأ لا يغتفر من ستالين إبعاد مولوتوف عن الدائرة الضيقة للقيادة

البدري كباحث ليس له أن يستغرب أن الهجوم على ستالين يستهدف قبل كل شيء مصادرة أكبر فضيلتين تميز بهما ستالين عن سائر القادة التاريخيين في العالم وهما إنكار الذات وثمة دلائل كثيرة قاطعة على ذلك
والفضيلة الثانية الديموقراطية إذ لم يسبق له أن أملى قرارا على الحزب وكان يكرر دائما الحزب يقرر وأنا أنفذ وحتى في الحرب وهو القائد العام كان يأخذ قرار المكتب السياسي في العمليات الخطيرة
الذات الإنسانية تبدت في ستالين بكل ظلالها
هكذا رآه تشيرتشل محتفياً بعيد ميلاد ستالين الثمانيني في 23 ديسمبر 1959

تحياتي الخاصة للباحث المهندس محمد البدري


4 - To Mr Adel Alramly
فؤاد النمري ( 2018 / 6 / 17 - 08:09 )
أنا يا عادل أقص وقائع واحتقر الأدلجة
هل لك أن تنقض واقعة واحدة !؟
لن تستطيع
أنا بانتظارك تحترم نفسك وتنقض واقعة واحدة على الأقل


5 - السيد سلمان الهلالي
فؤاد النمري ( 2018 / 6 / 17 - 12:31 )
أنا يا سيد سلمان لا أكرر أفكار بل أكرر وقائع من التاريخ لمن لا يحب أن يتذكرها أو يجهلها
أما أن تقول بأنك لا تعلم لمن أكررها فعنوان المقال يقول إلى الشيوعيين المفلسين والمرتدين
وأما أنك لا تعلم لماذا فيبدو أن لا علاقة لك بموضوع انهيار النظام الاشتراكي الذي كان قائما في ثلث بلدان العالم
ما أعجب به هو أن أحداً مثلك ما زال لا يعرف قضيتي قضية الانسانية جمعاء وهو هروب العالم في فوضى من الاستحقاق الاشتراكي

عذرا لتعليقي على الفيسبوك الذي لا أتعامل معه

اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي