الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التّيّار الصّدري و ثقافة الحوار العنيف.!

عماد نوير

2018 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لن نأتي بجديد لو قلنا :أن عشرات الأصنام قد ظهرت بعد انهيار صنم الدكتاتورية في ربيع 2003، و إن هذه الأصنام قد راجت عبادتها منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا، و العابدون يستميتون في الدفاع عن آلهتهم و الذود عنها و الاتصاق بكل مبادئها و لو كانت غير مقبولة و غير معقولة.
أفرزت لنا المرحلة بعد صدام كمّا هائلا من الأحزاب الإسلامية، و رموزا عرفوا من أين تؤكل الكتف، فرفعوا شعار الحفاظ على بيضة الدين و احترام المقدّسات و عدم الاقتراب منها أو مساسها، فمارس الشارع المسكين حرية العبادة الصحيحة و المغلوطة على حد سواء، من دافع الحرمان الذي ذاقه أبان حكم الدكتاتور الأسبق.!
و بسرعة عجيبة نفض الشعب عن كاهله ذلك الخوف الذي حمله مكرها لعقود طويلة، و كسبَ ثقته بنفسه تكيّفا مع الحدث المتسارع بلباس الحرية و الديمقراطية، و صار يتحدّى الحاكم في العلن و ينتقد الخطأ و الظلم و الحيف، و لم يأتِ ذلك من فراغ و لكن كان الفرد يحس بأنه صار قويا من جرّاء ضعف الحكومة المتحاربة فيما بينها، فمن ينتقد حزبا ما لابد أن يغازل حزبا آخر، و هكذا منحت الأحزاب المتناحرة حرية للفرد و أوغل الفرد في التمادي و التجاوز و عدم احترام الفضاء الخلقي المتعارف عليه.
ثم بدأت المليشيات التي حاربت الإرهاب تمارس الدور نفسه مع منتقديها من أبناء جلدتها، و صار المواطن لا يأمن على نفسه من الجهر بانتقاد رموز القوم العليّة!!!
ثم تكوّنت الجيوش الألكترونية التي ظهرت على الصفحات و الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تنشط و تنشط، و صار الترويج لهذا و التسقيط لذاك على أوجه دون ضوابط قانوية أو روادع أخلاقية، و كان لكل حزب و حركة و تيار ناشطون يروّجون الغث و السّمين، و التمجيد و التأليه، يتصدّون لكل منتقد و راد و معترض بالطرق المتاحة دون طرح موضوعي أو نقاش علمي أو احترام للرأي الآخر، فيعلو السباب و التجريح و القذف و الاتهام، و كان من أشرس و أكثر الناس ردّا عدائيا هم التّيار الصدري، الذي ينتقد و يتجاوز على كل السياسيين بالبلد و بالأسماء الصريحة، و ونعتها بأقبح النعوت، من باب حرية التعبير و كشف المفسدين للرأي العام، دون أن يعكسوا الأمر على أنفسهم، و لا مجال لأحد بنقدهم أو إبداء وجهة نظر يراها هو ربما خفيت عليهم، و لا وجود في نهج التيار السماح لأحد بنقد السيد مقتدى الصدر، فهو عندهم رب الأرباب و لا يمكن مقارنته بالسياسيين الآخرين، متكئين و متحصّنين بنسبه و تاريخ والده السيد الصدر رضوان الله عليه، فما أن قلت أن السيد مقتدى يخطأ انهالت عليك اتهامات الحقد و بأنك حاقد و مالكي الولاء و علّاوي الهوى و علماني الضمير و بعثي الأصل و جاهل بمعرفة خطى السيد و التّيار، فكأنما الناس كلها لا تفقه ما يفقهون، ثم يبدأ الاتهام بعد مفردة حاقد، بتسميتك قلم مأجور و فكر مسموم، و لا أدري لِمَ كل هذا التهويل و القذف و التجريح، فالحرية مكفولة للجميع، و مثلما ينتقد التّيار الآخرين، فلكل فرد حق انتقاد التّيار و غيره!!
ناهيك عن التهديد و الوعيد و قصاصة أبو هاشم، و إن كانت هذه التّصرفات غير مسؤولة و خارجة من شريحة غير واعية أو غير منظبطة لكان على العاقلين في التيار التوجيه و المحاسبة و المتابعة لألّى يشوب التيار شائب و لا يعطي لأحد فرصة الانتقاد اللاذع مع عرض أدوات الرد السوداوي الذي ينتهجه البعض من داخل التيار..!
و السؤال الذي يدور بخلدي، هو لماذا ينتهج أنصار السيد مقتدى هذا النهج العنيف، و هذه اللّغة الدارجة، و هذا الرّد القاسي، قياسا بالآخرين من الأحزاب و التيّارات الآخرى، التي تدافع عن نفسها بالطرق اللينة و المحترِمة للطرف الآخر؟؟؟
أجاب البعض بأن التّيّار يحب السّيّد بالفطرة و لا يقبل المساس به، و لا يقبل أن يُجرَّح في حبه لمقتداه!!
و لا أعتقد بأن هذا مبرر للرد بأسلوب عنيف يخرج عن الأطر المتبعة بإدارة الحوار البنّاء المثمر، و لا أعتقد بأنه اكتسب سلطة تشريعية لتوبيخ و تعنيف المنتقد و إسقاط صفة الخلق أثناء الرد على الطرف المخالف له بالرأي..!
أجاب البعض: بأنها تصرفات غير مسؤولة تصدر من أفراد عوام ليس لهم فكر ثقافي و معرفي، فلا يجوز أن يؤاخذ الكبير بجريرة الصغير، فنرى أن هناك من الكفاءات المتنفذة في مناطقها الاجتماعية، و على مستوى عال من الثقافة ينتهجون النهج نفسه، فلا تكلّمه جملة أو جملتين حتى ترى تلك التهم الجاهزة و المعدّة سلفا تهدر نحوك كالسيل الجارف!!!
لا أدري أي ثقافة هذه التي يصرّ الأغلب عليها، و لا أدري لماذا يقف المعتدلون و الواقعيون و العارفون أزائها موقف الصامت المتفرج، خصوصا بعد استفحالها، حتى أن البعض منها لما هو مخجل جدا، و يبثّ على مواقع التواصل فيكون عرضة لمشاهدات خارج البلد، مما تنعكس سلبا على الجميع لا التيّار وحده.!
هي ثقافة الشارع المنفلت و غير المنضبط، هي ثقافة أقلّ ما يقال عنها مفردات يترفع المرء عن الإتيان بها احتراما لسمعة التيار و الخيّرين به، ثقافة تحتاج إلى مراجعة شاملة من قِبَل المقرّبين من الرأس، و إن كان قد نوّه لهذا في مناسبات سابقة، فلا بأس من تبنّي الفكرة على نطاق واسع، إلّا اللهم يُغضّ النظر عنها عمدا لأسباب يمكن للقارئ أن يفهمها دون عناء الشرح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جيد ينبغي ان يحتل موقع صدارة الحوار المتمدن
طلال الربيعي ( 2018 / 6 / 17 - 19:42 )
فالمقال يعالج ثقافة العنف للتيار الصدري التي لا تفرق قيد شعرة عن ثقافة وممارسات حزب البعث الفاشي فالسيد القائد هو الزعيم المطلق والاتباع هم فقط قطع شطرنج بيد الزعيم يحركها كما يشاء. ولا غرابة في ذلك فالعديد من اتباع التيار هم من خلع الزيتوني وابدله بالعمامة وهم يهتفون ويهوسون لزعيمهم اما بسبب الخوف او لانه باعترافه هو الذي يقوم باعاشتهم, وليس بسبب برنامج التيار وسياساته.
فالفيديو التالي يظهر الهستيريا والصراخ والتهريج المقزز لاتباع التيار. فهل هؤلاء قادرون فعلا على بناء دولة حضارية ؟ ولو كانوا فعلا قادرين لبنوا وعمروا المدينة التي تحمل اسم قائدهم. وتيارهم اشترك في العملية السياسية المافيوية بوزراء ونواب عديدين فما الذي فعله واية خدمات قدمها للشعب وما هي منجزاته سوى منجزات السرقة والفساد .
https://www.facebook.com/iraqiajeeb/videos/1200850546732731
/UzpfSTczNjAyNzc2MjoxMDE1NTkxMDQ2OTkwNzc

علما ان احد قراء مواقع التواصل الاحتماعي علق على المهرج-الشاعر بقوله
-صدك جذب امس وانته تمجد بصدام وراه بتيار الاحرار-

اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح