الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهو الدين؟ وهل أتينا الى الدنيا لنخدم الدين أم ليخدمنا الدين؟

هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)

2018 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجواب المبسط عن تعريف الدين عند المسلمين هو أنه
القرآن والسنة الصحيحة ..........
الدين هو في الحقيقة
الوحي المنزل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه
لذلك من الخطء اننا جعلنا اجتهاد علماء افاضل وآراءهم المعتبرة عبر التاريخ انه دين منزل ؟

ولم نعلم انه تعبير عن فهمهم للدين ومنهج ومدخل للاقتراب من الدين قد يعتريه وعي اي انسان ويشوبه الغفلة او قصور في الفهم او حتى خطء في الفهم فالانسان هو الانسان والوحي هو الوحي المنزل أ
و قد يكون صائبا" لكن لزمانهم وظروفهم المحيطة بهم آنذاك وهذا المنهج هو منتج بشري

هناك مسافة بين النصوص المقدسة وبين الفكر الديني المتحصل منها,, فالانسان ينتفع بالنص بقدر وعيه وعقله وعلمه لذلك اختلف العلماء في فروع العقائد وفي الفقه لان النصوص هي مادة خام يشتغل عليه عقل الاصولي وعقل الفقيه وينحت منه آراءه وفكره وفهمه ويعتبره اجتهادا"
لذلك من الامور التي يفهم فيه الدين هو بأن نقول انه هناك مسارات لفهمها منها القواعد التأسيسية ومداخل لكي نحكم :

فمثلا"
1- وجود النص لايعني صحة النص ..من ناحية الاسناد او من ناحية الاستدلال او مايراد صاحبه في الاستدلال
2- صحة النص في السند لايعني صحة المتن .....فصحة السند ( لها 3شروط )لا يعني صحة المتن ( له2 شرط )فقد لايتحقق السلامة من المتن
3- صحة المتن لاتعني سلامة الاستنتاج منه..
4- وقد يكون النص واضح وصريح لكن وجود المعارض ووجود القرائن المعتبرة تصرفه عن معناه
5- هناك مسافة بين مكانة القائل المحفوظة وبين القول وقبول قوله
6- أثر الزمان والمكان والاحوال على الاحكام لايتم ذكرها ؟ كما بينه ابن القيم لان في كل عصر هناك واقع وعالموفكرومفهوم قد تشكل يختلف عن هذا العصر او اي عصر آخر
7- المنهج هو في الاصل : منتج بشري

أما عن قضية كوننا أتينا الى الدنيا لنخدم الدين أم الدين جاء لخدمتنا

فهذا الســؤال لم يخطرعلى بال الكثيرين ولكننا نعاني من هذه الاشكالية كثيرا" بل إن مضمون السؤال ومحتواه اختلط في اذهان ليس العامة فقط بل الخاصة وأخص هنا من المتخصصون بالأديان فلا احد منهم أستحضر هذا السؤال في ذهنه لكي يبني عليها أسس وقواعد مفاهيم الدين وأصوله لكنه دخل في صلب مواضيع الدين بدون أن يعي هذا السؤال او العلة من هذا الدين ..وكذلك انطبعت هذه الظاهرة على العوام الذين تعلموا التلقين الديني بدون معرفة العلة من هذه الديانة ومعرفة المغزى منها ,,لذلك كثيرا" ما نرى صورا" سلبية لم يلتزم بهذا الدين أو ذاك والذي هو انعكاس للمفهوم الذي قد تم طبعه في ذهنه منذ صغره والذي تم تلقينه من الموروث الثقافي التقليدي او للموجودالمعرفي والثقافي في الكتب المتداولة والمنسوبة لهذا الدين !!
فتجد اغلب كتب الموجود الثقافي لهذا الدين أنه يركز على أركان هذا الدين والايمان به والخالق المتميز بصفات وأسماء بعيدة كل البعد عن الاستشعار به بحيث لايؤثر في سكناته وحركاته وتعاملاته اليومية ومنضومة حياته بل هي كلمات وعبارات جامدة ليس لها روح وهي واجبة الايمان والاتباع بدون مقدمات مسبقة ؟؟
وحتى هذه الاركان والاسس الدينية والايمانية هي عبارة عن ترديد كلمات لاإنعكاس لها في واقع الحياة إلا نـُـدرا"......
لذلك ترى من يلتزم بهذا الدين يتصف بصفات :
1- التزمت والتشدد والتقوقع على الذات
2- الانطوائية العبادية والبعد عن هموم الخلق
3- إنتساب الحق له دائما" وأبدا" وإن لم يظهرها علنا" لكن تصرفاته وسلوكيات تشير الى ذلك
4-النظرة الدونية لغير الملتزمين دينيا" بمظاهر التعبد التقليدي والمتداول وان لم يمس شغاف القلب ؟
5- تقييم المستوى والدرجة الدينية على أساس الشعائر والطقوس العبادية البحتة
6- الاهتمام بالمظاهر والحركات الدينية واهمال بواطن الامور ولبه
7- الاهتمام بالتزيين والتجميل الكلامي بينما على ارض الواقع لاتطبق لما قيل ولوا 1%

والمصيبة أن الناس والعوام تتأثر وتلتقط كل هذه الصورة على أنها من صميم الدين لأنها لُقِّنَتْ على ذلك وألِفَتْ هذه الصورة وغرست في وعيها على أنها الصورة الحقيقة لمنتسب الدين ؟
وبالتالي تحول الدين الى مجموعة من الفروض المفروضة عنوة على معتقد هذا الدين ومجموعة من المحرمات التي لايعرف اغلبهم العلة من هذا التحريم وأنه مجبر على العمل بها وإلا فقائمة العقوبات ستنهال عليه وسيردى الى الهاوية
وبذلك سيكون جواب السؤال المطروح في المقال واضحا" ضمنيا" ( طبعا" هو سيرفضها قطعا" لكن كل سلوكياته ومايعتقده تقول ذلك ؟)
أن الانسان جاء ليخدم هذا الدين المفروض عليه حسب هذه المفاهيم واالقواعد التي بيناها ؟؟
لذلك فهو قد أتى الى الدنيا ليخدم الدين ويكون بذلك خادما" لصاحب الدين فهو عبد مسلوب الارادة لايتفكر ولايحق له التفكير جاء ليخدم بهذه الركيعات والعبادات صاحب ملكوت السماوات والارض !!!
ويربح جنة عرضها السماوات والارض ؟؟
كــــــــــلام فارغ وعقلية في منتهى الدنــو

إن من يتفكر مليا" في الدين وكتب الوحي وتاريخ من أختاروا لحمل أعباء نشر هذا الدين وتبليغه للناس (وهم النماذج المثالية لتطبيق الدين )يجد أن الدين قد جاء لخدمة هذا الانسان يسهل عليه أمور دنياه ويسهل عليه الوصول الى خالق الانسان وقد جاء موافقا" لقدراته العقلية والفسيولوجية والبيولوجية وجاء لينظم له شؤن حياته وعلاقاته مع ربه ومع نفسه ومع اخيه الانسان في دائرة انتماءه العقدي اوفي دائرة المشترك الانساني أيا" كان إنتماءه او عرقه او لونه بل حتى جاء لينظم علاقاته مع الآخر غير الانساني سواء" الحيواني منه او الجمادي ليصل به الى النموذج الامثل والارقى في إنسانية الانسان يجعله بذلك النموذج الصالح مع ذاته والمصلح مع المجتمع الذي يعيش فيه ( اي مجتمع كان! )
بل أن الدين قد يصل بالانسان بحيث يجعله عند مراتب معينه ان يفني بحياته من أجل إسعاد الآخرين ويحرم نفسه من ملذات نعيم الدنيا لكي يتتلذ به أخوه الانسان وبهذا يكون الدين هو الخادم الوفي الذي يخدم هذا الانسان ويجعله ان يصل الى هذه المرتبة الراقية لكي ينعم بحيات سعيدة بعيدة كل البعد عن الحظوظ النفسية من أطماع واحقاد وانانية وحسد بل يجعل من الانسان خادما" لأخيه الانسان
وقد وصل بعض علماءنا المسلمين قديما" الى هذه المعاني عندما وضعوا قواعد واسس لمقاصد شريعة هذا الدين( امثال الشاطبي _ شيخ المقاصد _وقبله لكن ليس بذاك التفصيل الامام الشافعي )عندما قاموا بدراسة متأنية لدين الإسلام ووجدوا ان الشريعة الاسلامية تدور حول المقاصد الخمسة الاساسية وهي :
1- حفظ الدين ......كإطار أساسي لحماية حقوق الانسان ومنظومة حياته وكينونته

2- حفظ النفس .... كأعظم مخلوق خلقه الله لذى فمحور الشرع يدور على حفظ نفسه

3- حفظ العقل .....اعظم هبة ربانية للانسان وبه تميز عن باقي المخلوقات وان كل الشرع يدور حول فلك العقل والتعقل لذى يجب على شرع هذا الدين ان يحترمه ويقدره اعظم تقدير .
4- حفظ النسل والعرض ... فديمومة البشرية والانسان ووجوده مرتبط بالنسل فلولاه لما بقيت البشرية ولانقرضت ...والمحافظة على حاظنة النسل وكيفية تقنين النسل وضوابطه لكي يحافظ على بقاءه وأصالته والحيلولة دون اضمحلاله وبالتالي انقراضه لذلك لابدللشارع ان يشرع القوانين الملائمة لحفظ هذا النسل ...

5- حفظ المــال ..... الذي هو عصب الحياة وبه تُدار الامور وتتحرك عجلة المجتمعات والامم ويكون ثمرات هذا الحِراك مردودها الى الانسان لكي يكون أداة لسعادته وبالتالي ينعم بحياة كريمة وطيبة ,, لذلك كان لابد ان يشغل المال حيزا" مهما" من الدين ويقنن لها قوانين ويتم وضع السبل في كيفية الحفاظ عليه وتنميته وتزكيته ..

ثم قاموا بوضع هذه المقاصد الخمسة تحت بنود :
1- الضروريات
2- الحاجيات
3- التحسينيات (الامور التكميلية او التجميلية )
وذلك عند تعارض تلك المقاصد وتفاوتها في الضرورة والحاجة ,,لذلك فإن المقصد العام من التشريع ، هو تحقيق مصالح الناس فى هذه الحياة ، بجلب النفع لهم ودفع الضرر عنهم ، لأن مصالح الناس فى هذه الحياة تتكون من أمور ضرورية لهم ، وامور حاجية ، وأمور تحسينية ، فإن توفرت لهم هذه الأمور تحققت مصالحهم
ولكن مع الاسف لم تفعل هذه التأصيلات في واقع الحياة الى الآن ..ولكن بعون الله تجرى مداولات وندوات ومناقشات بل ثورات فكرية من قبل مفكرين وعلماء أكفاء على إعادة مقاصد الشريعة الى حيز التفعيل به وتطويره اكثر فأكثر .....
المـــهـــم,,,,,
في النهاية سنصل الى أن الدين قد جاء لخدمــة الانســان وان كل تفاصيل هذا الدين جاءت لخدمة مصالح هذا الانسان الذي هو أساس الحياة والعمران الارضي وأي خلل في هذه المفاهيم سيصاب المتدين لهذا الدين بقصور في الرؤية وعدم ادراكه التحرك في حيز هذا الدين وبالتالي عدم المعرفة في كيفية التعامل مع الحياة وخاصة مع ذلك الانسان الذي يمثل المحــور الاساسي للحياة والدين الذي جاء من اجله ولخدمته

اذا فهم المتدين هذا فإنه سيصبح النموذج الامثل للانســـان والإنســانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر


.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري




.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد


.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ




.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف