الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتقائية، تصفوية، تصورات برجوازية. في الرد على سكرتارية الحزب الشيوعي العمالي العراقي

فلاح علوان

2018 / 6 / 18
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


تقول احدى الروايات ان الشاعر " ابو نؤاس" قال ذات مرة ما معناه، انه لا يعرف ما معنى السكران او الثمل، وانه يتمنى ان يرى شخصا ثملاً. وبحسب الروايات وحسب ما ورد في اشعار ابي نؤاس نفسه، فانه كان يباشر الشرب باكراً، ولا ينتهي الا قبيل الفجر. واغلب الظن ان ابا نؤاس لفرط ولعه بالشرب وبالندمان لم يكن يرى ما يقوم به هو بالذات سكرا، بل كان يريد ان يراه في الاخرين ليتعرف عليه.
واتمنى ان لاينبري لي احد من أحفاد ابي نؤاس ويتهمني بالتشهير، ولكن لا اخال احدا سيذهب هذا المذهب، لأن ابا نؤاس نفسه، قد اورد في اشعاره الكثير الكثير مما اقول.
قصدت من ذكر هذه الرواية، من لا يرى في نفسه حقيقة صفاته وممارساته، ومن يبيح لنفسه ما يستنكره على الاخرين.
ان رسالة سكرتارية الحزب الشيوعي العمالي الاخيرة، والرسائل والكتابات التي سبقتها والتي تتحدث عن التشهير والتجاوزات عند الاخرين، تشبه من بعض الوجوه حديث ابي نؤاس. غير ان موضوع السكرتارية الذي نحن بصدده، قاتم وثقيل وفيه الكثير مما يؤلم، وبالتالي فان الامثلة الطريفة لا تفي، وساورد قصة من ريف العمارة القاسي في الاربعينيات، وهي قصة واقعية رواها معاصرون للاحداث وقد رحلوا عن عالمنا منذ سنوات، وربما ستفوتني بعض التفاصيل والاسماء.
تقول القصة ان ابن احد شيوخ الاقطاع او حفيده، كان يلعب يوماً مع ابن احد المستخدمين في المضايف او الاحرى المستعبدين، كان يلعب معه او يلعب "به"، وعلى ما اتذكر فان احدهما كان اسمه مريس، واثناء اللعب قام ابن الشيخ بعض زند الطفل بقسوة، فصار الطفل الضحية يصرخ ويتلوى وينادي على الشيخة ان تخلصه، فجاءه الجواب ان لا تتلو كثيرا ولا تتحرك وتؤذي اسنان " فلان" ابن الشيخ.
سأحاول خلال هذه الرسالة ان ابين ان الذين تتهمهم رسالة السكرتارية بالتشهير والشتائم والتهجم، قد تعرضوا للنهش والعض، طوال سنين، وقد مورست ضدهم اخلاق وسلوك الاقطاعيين القدامى وصلفهم، وحين كانوا يدافعون عن أنفسهم، يقال انهم يتهجمون ويشهرون، ويطلب منهم ان لا يؤذوا اسنان ابن الشيخ. لقد تحملنا سنوات طوال معتقدين ان التغيير من داخل البناء هو امر ممكن.
تتحدث الرسالة الصادرة عن سكرتارية الحزب الشيوعي العمالي والموجودة على الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=599565 عن ما جرى في الحزب وترك لجان بكاملها التنظيم واعلان استقالتها، وكأنه امر ثانوي جدا مقابل اثبات وجهة نظر اصحاب الرسالة، التي تعزو ما جرى الى التهجم و" شتائميات" شخص بعينه ومحفل يقف معه ليس الا.
ان هذا برهان على عدم المسؤولية الحزبية، وعلى الفرقية والتكتل العصبوي المريب، اذ هل يعقل ان ترفض "قيادة" الاعتراف ولو بخطأ واحد منها طوال سنوات سيطرتها على الحزب، وتتجاهل مناقشة ما تسبب في انحسار الحزب وتفككه، وتتمسك بالدفاع عن عصمتها ونقاء مواقفها باستماتة!. ثم تحاول تمييع الموضوع والترويج له على انه نتاج لرسائل تهجم!؟ ان هذا السلوك يخفي وراءه حقيقة سياسة هذه القيادة، ولكنه يفضحها في الوقت نفسه.
لست الان في معرض اثبات ان طرحي ورسائلي لم تكن تتضمن تهجما او تشهيرا او شتائميات كما تدعي السكرتارية، ولكن اريد ان اثبت بطلان سياسة هذه القيادة، التي تبرر كل ما تقوم به، وتستنكف من انتقاد موقف واحد من مواقفها السياسية التي قامت بها طوال حياتها. هذه بالضبط اخلاق وقيم البرجوازية الصغيرة التي تعتقد انها ستنهار اذا ما تعرضت صورتها للخدش.
ان رسالة السكرتارية ترى في النقد والصفات السياسية تهما وتشهيرا، ولا ترى تشهيرا واهانات في العبارات التي وردت في كتابات سمير عادل والذي صار سكرتيرا، والمنشورة على صفحة الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=571938
مثل التعابير التالية:
(هي تصوير زائف ومخادع ويصب في جيب الحشد الشعبي وعصائب اهل الحق وهادي العامري ومجمل الشوفينيين....) (انها هلوسة لا علاقة لها بالماركسية وتصب في مصلحة الشوفينيين العرب). (الم نقل عنه انه منذ البداية يحاول ان يلعب دور فتاح فال،).... ( على تيارات المحاصصة هذه ان تقلد فلاح انواطا لانه يصب الماء في طاحونة القوميين التركمان والاشوريين )........ (ولا يقف عند هذا الحد بل يفرط بالسفسطة الى حد الهذيان،) (لماذا هذا الابتذال والانحطاط في الطرح ).؟...... (ان فلاح علوان بحق ماركسي ولكنه نسخة كاريكتورية "للمكونات" التي اوجدتها نظام المحاصصة القومية والطائفية في العراق بعد الاحتلال.)
لا ترى السكرتارية في هذا تشهيرا وتجاوزا للحدود ولا شتائم وتهم، وتكرم صاحب هذه الالفاظ بتنصيبه سكرتيرا لحزب العمال، في سابقة غريبة. في حين ترى القيادة في عبارة "تيار تصفوي" و"طرح يمثل البرجوازية ولا يمثل الماركسية"، ترى في هذا "شتائميات". ثم يصدر البيان موقعا باسم سكرتارية حزب شيوعي عمالي، وليس باسم فرد ليكون هو بالذات المسؤول عما في كتاباته.
كما ان الرسالة لا ترى في دفاع سمير عادل عن مبتزي العمال، واصداره بيانا ضد الرفيق رشيد اسماعيل بعنوان: " لتخرس الافواه التي تريد النيل من القادة" لا يرون في هذا تشهيرا وعدوانا ضد رفيق حزبي، دافع عن العمال بوجه ابتزازهم من قبل نقابي احتال عليهم، ووعدهم بالتسفير للعمل في الخارج مقابل مبالغ مالية.
لقد كانت قناة سنا التلفزيونية التابعة لمؤتمر حرية العراق، تبث التشهير والتهجم والتهم على الهواء مباشرة، ويعاد البث بعد التسجيل، ولم ارد بكلمة سوى بمخاطبات داخلية، لماذا لا ترى القيادة في هذا تشهيرا!؟ ان القيادة بدل معاقبة سمير عادل وسواه من المتطاولين يجري تسليمهم قيادة الحزب، ويجري اقصاء العمال الماركسيين.
حين يجري الدفاع عن مكانة البعض ضد اي نقد مهما ارتكبوا، وتهدر كرامة اخرين علنا وعلى الهواء ولا يعتبر تشهيرا، فهذا هو سلوك المشيخة والتسلط والسكتارستية بالضبط. ان قصة المشيخة المستبدة أزاء الفلاحين مرفوضة بيننا تماما، ونقول بوضوح للذين يحاولون تمرير هذا النمط من السلوك او ترسيخه في صفوف الشيوعيين والطبقة العاملة: ان وجودكم مع العمال في بيت واحد لا يقل خطورة عن وجود الرأسماليين وطفيليي الرأسمالية، ببساطة لانكم تلبسون جلد البروليتاريا كما يقول لينين وهو على حق. وسواء كنا في نفس التنظيم ام خارجه، نحن كعمال سنواصل سعينا لبناء وسيلة بيد الطبقة العاملة للتعبير عن نفسها وتمثيل مصالحها. ان هذا يتطلب اول ما يتطلب سد الطريق على تقاليد المشيخة والبرجوازية والتسلط، ويتطلب اكثر مواجهة ومحاربة هذه التقاليد، ووضع اصحابها في مكانهم الصحيح، أي خارج منظمة العمال.
ان محاولة اختزال الازمة الخطيرة التي تفاقمت وعصفت بالحزب، وتصويرها على انها مجرد اتهامات وتشهير قام به شخص واحد بعينه، ووقوف محفل معه....الخ ،هي محاولة تسفيه الامر والترويج لدعاية مضللة، وهذا ينطوي على اساءة للحزب وللجمهور الذي كان ينتمي للحزب والجمهور المتابع للحزب، قبل ان يكون اساءة لشخص او فريق. لأن الحقيقة هي غير ذلك، ولكن هذه الممارسات هي سياسة وليست حوادث عابرة، سياسة لها اركانها وروابطها وتقاليدها.
كما ان التحدث بأسم 4 رفاق مستقيلين هو غير صحيح، لقد استقالت لجان كاملة، وتم نشر الرسائل علنا. لو كانت القيادة الحالية تتمسك بالتحزب فعلا، لتعاملت مع الازمة كما يتطلب الامر، ولكن حرصها على استمرار فريقها وتماسكه اهم لديها من الحزب والتنظيم ومن الاشتراكية. لذا فهي تصور الامر بخفة وكأنه رسالة تشهير لا أكثر. ولكن الى متى يمكن حجب الحقيقة، والى اي مدى؟
لقد وردت كلمة "تشهير" و"اتهامات" في رسالة السكرتارية بافراط، ولنفترض ان رسائلي تضمنت اتهامات وتهجم، فان هذا لا يبرر ولا يفسر لماذا تمتنع القيادة عن ذكر اي فحوى سياسية في الرسائل؟ ان هذا يعني ان الضجة بصدد التشهير هي مفتعلة للتغطية والتعمية على مضمون الخلاف السياسي. ان تجاهل مضمون الرسائل وغرضها ينطوي على سياسة، وغرض سياسي معد مسبقا، انه اسلوب دهاليز ومؤامرات وتكتلات، وعمل غير حزبي وغير اصولي، غرضه الوقوف بوجه اي نقد سياسي، يمكن أن يهز اركان بؤرة مستفحلة ومتكلسة ومتخندقة باسم التحزب والضوابط، وهذه هي الحقيقة.
هل ان وصف مجموعة من القيادة بانها تيار برجوازي تصفوي هي شتيمة؟ ! وعندما برهنت هذه المجموعة بالدليل القاطع، على حقيقة دورها التصفوي بالاجراءات، ألم يكن هذا برهانا ساطعا على حقيقة وصدق ما ورد في الرسائل التي يعتبرونها شتائميات؟ وعلى ان ماورد في رسالة المكتب السياسي لم يكن حقيقيا ولم يكن بمستوى المسؤولية!؟
أود ان اقول شيئا بخصوص الحدة في الرسائل التي وصفت بالشتائم، وهي حدة مقصودة ولها ما يبررها. حين يتردى الطرح السياسي ويعجز عن تقديم اي سياسة بناءة، الى جانب تعنت وتسلط وتجاهل وسد الطريق امام اي نقد علمي واي مبادرة، وتقديم طروحات تبلغ مستوى من الشطط والانتقائية، ولا تحمل اي مسؤولية تجاه بناء حزب للطبقة العاملة، والاستمرار في خلق البؤر والتكتلات، امام كل هذا اجد نفسي كعامل عملت عقودا من اجل بناء منظمة العمال، محبطا ومجبرا على المواجهة بحدة. وعندما يصبح هذا السلوك السياسي للمسؤولين في الحزب دائميا، بل سنة غالبة وغير قابلة لأي تغيير، فان الحدة في المواجهة هي اقل رد فعل ممكن.
حين يقول ريبوار احمد في رسالته الداخلية المطولة ، 14 صفحة أو8826 كلمة، حول المحفلية واعتبارها سبب عدم تقدم الحزب:
"و في الطرف الاخر، تجد ان قسم منهم يعلن بصراحة عدم قناعته ببرنامج الحزب، باعتباره اهم وثيقة لهذا الحزب و هذه الحركة، حتى ان البعض قد تخطى بين ليلة وضحاها منصور حكمت، فيما يصر اخرين من نفس الجهة بشكل قوي على تمسكهم بالشيوعية العمالية. و يكفي هذان المثالان لتوضيح ما اروم اليه. و سؤال هو كيف، وعلى اي اساس نظري شيوعي، يكون الاختلاف في الاجابة على مسالة المنظمات الجماهيرية اهم و اعمق من الاختلاف على برنامج الحزب؟ كيف يمكن لرفاق ان يتحدوا، وان تكون لهم رؤية مشتركة والبراكتيك ذاته مع رفاق اخرين يرفضون برنامج الحزب، و لكنهم لا يستطيعون العمل بشكل مشترك مع رفاق اخرين مستعدين ان يقدموا التضحيات في سبيل الدفاع عن هذا البرنامج؟" انتهى الاقتباس.
ولأوضح موضوع المثالين الذين يقول عنهما ريبوار احمد "و يكفي هذان المثالان لتوضيح ما اروم اليه"
لقد قام 4 من كوادر لجنة بغداد بينهم كاتب السطور، قبل بضعة سنوات بنقد برنامج عالم افضل في رسالة داخلية الى البلنيوم. وكان أصحاب الرسالة يحاولون استخدام المنهج الماركسي في نقد برنامج رأوا انه لا يجيب على متطلبات الثورة الاجتماعية وتحويل المجتمع اشتراكيا، ويرون انه ليس صيغة برنامج، قدر ما هو تقليد للبيان الشيوعي، وهذا من حقهم. ولم يصدر اي رد من وجهة نظر ماركسية سواء بالتأييد او الانتقاد، سوى رسالة قصيرة تستغرب انتقاد برنامج الحزب من قبل كوادر.
لقد قال انجلز في مقدمة الطبعة الانكليزية للبيان الشيوعي 1888 وهو احد واضعي البيان بان البيان قد شاخ في بعض مواضعه، بينما يرى ريبوار احمد في انتقاد برنامج الحزب، نوعا من الردة، دون ان يستخدم اي وسيلة علمية لاثبات رأيه. ويصف كاتبي النقد ومن يقف معهم بالمحفل، في اشارة ملتوية الى سكرتير الحزب السابق الرفيق مؤيد احمد. ان الخلاصة برأيي هي ان اصحاب النقد بغض النظر عن عمق ودقة نقدهم او صحته او عدمها، هم ماركسيون وهم متحزبون، ومن يصفهم بالمحفلية دون اي دليل فهو المحفلي تماما.
لماذا لم يكتب ريبوار احمد رسالة رفاقية يستوضح امر انتقاد عالم افضل؟ ويبدي وجهات نظره، بدل مقارنة من "يضحي من اجل البرنامج" ويعتبره الاجدر بالحزب ومن ينتقد يصفه بالمرتد؟
وثاني المثالين الذين يوردهما ريبوار احمد: "حتى ان البعض قد تخطى بين ليلة وضحاها منصور حكمت" يقصد ريبوار احمد مقالتي حول منصور حكمت المنشورة على الحوار المتمدن وبالرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530794
لقد استخدمت الماركسية، قدر معرفتي بها، لانتقاد تصورات في احد ابحاث منصور حكمت حول القيادة، واعتبرت تصوراته مغلوطة من وجهة نظر ماركسية، وهذا من حقي، كما هو من حق أي شخص ان يرد على ما اقول ويعتبره غير صحيح. لماذا لم يستخدم ريبوار احمد الاسلوب الماركسي العلمي في الرد علي، واكتفى بطرح صفة المحفل واعتبر نقدي لمنصور حكمت هو ارتداد؟ ان ريبوار بدل استخدام التحليل والنقد يرمي بالمحرمات الى الواجهة. ان المقال لم يقل ان منصور حكمت خاطئ في كل ما جاء به ويطالب بالقائه جانبا، فالمقال ينتقد بحث بعينه وعلى ضوء التصور الماركسي، وهذا ما يراه ريبوار محفلية وخروج عن خط الحزب، دون ان يكلف نفسه عناء كتابة بضعة أسطر لاثبات رأيه.
اليست هذه هي المحفلية والتخندق الحلقي والعصبوي وخلق الكتل؟ وبرأيي هذا ابعد بكثير عما يسمونه المحفلية، انها استبعاد الماركسية من الميدان، والاستعاضة عنها بنوع من التصالب العصبوي التكتلي، ثم اتهام الاخرين بالتكتل والمحفلية.
والاخطر من كل هذا ان القيادة المتبقية الحالية، تتبنى كل كلمة في طرح ريبوار احمد، وتعتبره مدخلا لبناء الحزب، في نفس الاجتماع الذي يجري فيه طرد مخالفي ريبوار وسياسة ريبوار من الحزب. فمن الذي خرج من الشيوعية والماركسية؟
ان رسالة ريبوار احمد المطولة، تعج بالتوصيفات والتوجيهات التجريدية وباطناب، وبتصنيف الاخرين حسب ما يراه. انه بكل تذاكي يصف كل ما عداه هو محفل، وان الحزب هو فريقان، ضامنا تأييد فريق بعينه لطرحه. ولكن نقطة الضعف القاتلة هي انه لا يقول لنا ما هي الاسس السياسية للمحفل؟ وما هي جذوره الاجتماعية؟ ولماذا هناك محفل اصلا؟ ولماذا نحن محفل؟ هل هي مسألة استعداد اخلاقي، نقص معرفي، سوء نوايا، جهالة، امور شخصية؟ ولماذا يأخذ ما يسمى بالمحافل هذا المنحى السياسي دون سواه؟ لا يستطيع ريبوار احمد الاجابة عن هذه الاسئلة، ما يهمه هو ان يتحدث عن الاخرين كخطاة، وهو يسعى لتعميد الجميع تحت رسالته. ان ريبوار احمد يتحدث الى الحزب كأمبراطور فوق الخلافات والنزاعات ويسعى لتوحيد الجميع تحت مظلة واحدة، وكل من يخالفها فهو محفلي. ونحن نقول ببساطة؛ انهما ليسا محفلين، انهما تياران سياسيان متصارعان.
لا يمكن استنتاج اي شي له صلة ببناء الحزب من رسالة ريبوار احمد، انها اوصاف تجريدية، وقد تبين نقص استعداده وقدرته ما ان استخدم امثلة من الواقع، وقد انكشف عدم استخدامه الماركسية في التصدي للامور السياسية والطبقية والاختلاف بشأنها. ولكنه في المثال الثاني المتعلق بانتخاب السكرتير لم يخطئ، ببساطة لان الامر يتعلق بالضوابط والموازين، وهنا يثبت ريبوار احمد موهبته الفعلية، وهي الفطنة العالية فيما يخص الضوابط والحفاظ على التوازنات، والحفاظ على موقعه رغم انه لايستخدم الماركسية في طرحه وفي سياسته. وهذه الموهبة وعلى هذا الشكل وبدون منظور ماركسي طبقي، لا تحتاجها الطبقة العاملة. نحن نريد اناس ماركسيين حتى ولو اخطأوا مرة واعترفوا وطوروا انفسهم وتجاوزوا الاخطاء. لا نريد امبراطورا يقف فوق الجميع ويدير جمعا ثابتا لا يتزعزع، ويعطي التوجيهات بروح ملكية متعالية.
وحين يكرر ريبوار احمد في رسالته تعبير المحفل بين سطر وسطر ويقول ان احدا لم يتحدث عن نواقص الحزب او تراجعه فهو يجانب الحقيقة. ففي اواخر عام 2003 وأثناء احدى زياراته للعراق لتفقد وضع الحزب ووضع المكتب التنفيذي الذي شكله ايام كان "ليدر" قال " ان هذا عمل فلاحين" فسألته: "ماذا تقصد؟" قال: "نفس المجموعة تذهب الى هذا النشاط او ذاك دون وجود تنظيم او تقسيم مهام" فقلت له بالحرف الواحد "ليس لدينا حزب هناك فقط فرقة دعائية". لقد شخصت له الحقيقة مبكراً. وقد حصل هذا الحادث في نفس اليوم الذي واجهه احد الكوادر قائلا: لا يمكنك قيادة الحزب من اوربا بالريموت كونترول. ولكن النتيجة هي انه لا يرى الحزب سوى فريقه، ولم ير التراجع في الحزب الا عندما تراجع فريقه ولم يعد لديه ثقل، وهنا يوجه ريبوار احمد هجومه، ويعلن قلقه على مصير الحزب وما آل اليه الوضع عندما لم يعد هو في الصدارة.
ولنعد الى رسالة السكرتارية؛ ان كاتب رسالة سكرتارية المكتب السياسي، الذي لا يتألم لما جرى للحزب، ويصف الامر وكأنه حادثة عابرة من "محفل" للدفاع عن التهجم، لا يصلح ابدا لادارة حزب او لقيادته ولا حتى للمشاركة الفعالة فيه.
لقد انتقدنا عالم افضل، وانتقدت منصور حكمت في بحث القيادة، ورددت على مقالات المسؤولين في الحزب اكثر من مرة، وعبرت عن خلافي مع اسلوب القيادة في الحزب في مقال قيادة المنظمة العمالية أم السيطرة عليها والتي يمكن قراءتها على الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=405718
وكل هذا ليس شتائميات كما تصفه رسالة السكرتارية، انه نقد سياسي سواء كان محقا أم لا. لقد عارضنا علنا سياسات القيادة ومنذ ايام المرحوم مؤتمر حرية العراق، ونقد القيادة بسبب وقوفها وراء انشقاق اتحاد المجالس عام 2007، ونقد مؤيد احمد لسياسة القيادة علنا.
أبعد كل هذا تبقى ثمة مصداقية لادعاء السكرتارية حول موضوع الشتائم والتهجم والمحافل وما شاكل؟
ان تشهير وهجوم السكرتارية علي لم يتوقف حتى بعد قرارهم غير الشرعي وغير الاصولي في البلنيوم 33، ورغم الصمت وعدم الرد، ما زال الخطاب على نفس النبرة وأعلى احيانا.
تقول رسالة السكرتارية ان اتحاد المجالس قد اسسه المكتب السياسي. هذا غير صحيح، لا من حيث الوقائع والحقائق ولا من حيث المنطق السياسي، وساسرد تاريخ تشكيل الاتحاد ودور المكتب السياسي.
ان القول بأن المكتب السياسي قد أسس اتحاد المجالس هو غير صحيح من الناحية السياسية؛ فوفق هذا المنطق يعني انه ليس هناك نقابيين وعمال وناشطين! فاذا كانت الحركة من التراجع بحيث لم يكن ثمة ناشط عمالي او نقابي خارج المكتب السياسي، كيف امكن المكتب السياسي ان يؤسس نقابة؟ ولماذا لم يقدم المكتب السياسي تقييما للحركة النقابية في العراق، ويقدم دليل عمل للحركة النقابية، لكي يقول انه بصدد تاسيس اتحاد؟ ان متطلبات تأسيس الاتحاد هي وجود مبادرين في مواقع العمل، وقادة وفعالين، وفوق كل هذا استعداد العمال. لم نسمع بتقييم او مبادرة من المسؤولين الحاليين في المكتب السياسي، وهذا ما يثبت ابتعادهم عن اي تنظيم او تجذر في صفوف العمال سواء حزبي او نقابي.
وتقول رسالة مشتركة كتبها سامان كريم وفارس محمود؛ ان اتحاد المجالس ليس فيه سوى شخص واحد فقط. وهنا من حق اي مراقب السؤال، اذا كان هذا الكلام صادقا، لماذا اذن لم يبادر الحزب العمالي لدعم الاتحاد بعشرة كوادر او عشرين او مئة؟ ولماذا يشمت قادة حزب بنقابة تتراجع ولا يعود فيها عضوية؟ اليس هذا الادعاء هو بالضد من كتاب المقال وليس لصالحهم؟
لقد وقع خلاف في التصور السياسي مبكر جدا مع النقابيين في مشروع النقابات الجديدة، والذين وضعوا انفسهم قادة للحركة النقابية على اساس مواقعهم في احزابهم، ودون الرجوع لاي قاعدة عمالية. ومع منطقهم كان واضحا استحالة قيام تنظيم عمالي مشترك معهم، وفق تصورنا عن النقابة وعن المجالس، فكان خيارنا ان ننظم نقاباتنا حارج هذا الاطار، وهكذا لم يكن تشكيل المجالس مشروع احد في المكتب السياسي.
ورغم طول القصة ساسردها للتاريخ. في 23 -05-2003 وجهت دعوة عامة الى العديد من المنظمات والاحزاب لحضور تجمع نقابي في مبنى نقابة النقل في كراج العلاوي وقد ذهب وفد من اثنين الى الاجتماع هما (ص ح) وكاتب السطور، ثم تبين ان المقصود من الاجتماع الذي حضره اكثر من 200 اغلبهم اعضاء في الحزب الشيوعي العراقي والوفاق الوطني ومنظمات سياسية اخرى، تبين انه مؤتمر لاعلان اتحاد جديد يقود النقابات في العراق. وان القائمين على التجمع هم ممثلو النقابات من 3 احزاب هي الشيوعي العراقي والوفاق الوطني والاشتراكية العربية، وكان سيتم تقسيم النقابات العامة الـ 12 بين هذه الاحزاب بالتساوي. واثناء مداخلتي لابداء رأيي، واجهني ميسر الجلسة الذي اصبح فيما بعد رئيس الاتحاد، السيد راسم العوادي، طالبا مني الجلوس باشارة من يده قائلا " قبل ما تنولد احنا نقود العمل النقابي بالعراق". وقاطعني عدد من الحاضرين بالهتافات بعد معرفتهم جهة قدومي، وكان مشهد العشرات وهم يصفقون للعوادي ويقاطعونني يثير الحنق. لقد كنت ارى في وجوه الهاتفين جبهة 1973 والفرح الغامر بقيادة البعث للجبهة وللدولة، واليوم الفرح الغامر نفسه باسكات العامل الشيوعي وتأييد راسم العوادي.
بعد الحادث اجتمعت بعدد من الرفاق وبينا ان هذا لم يكن اتحادا عماليا بل محاصصة حزبية معدة وجاهزة خارج الحركة العمالية اصلا، وان مهمة تشكيل النقابات تقع على عاتقنا. وكتبنا لافتة في باب بناية الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، تعلن عن تأسيس اللجنة التحضيرية لتشكيل المجالس والنقابات العمالية في العراق. ونظمنا اتصالات موسعة مع العمال والناشطين وخاصة ممن كان لنا بهم صلات منذ ايام النظام السابق. وجرى طبع الاف النسخ من بيان اللجنة التحضيرية الذي كتبه مؤيد احمد. وهنا قام سمير عادل مسؤول المكتب التنفيذي يومها بتنصيب (ص ح) المقرب منه منسقا للجنة التحضيرية، حيث كان الاسلوب المعمول به يومئذ هو اصدار اوامر من الليدر" ريبوار احمد" بالتعيين والتكليف وهذا الامر يسري على كل المستويات، وجرى استبعادي كذلك دون اي ترشيح او تصويت او اي اجراء اصولي. ومع اندفاع الناشطين الذين كانوا يبادرون الى الاجتماع واجراء الانتخابات، كنت اتابع اللجان التحضيرية والناشطين حتى في اماكن سكناهم. دون ان يكون لي اي موقع قيادي في اللجنة التحضيرية الى بادرت الى تشكيلها.
وقام المنسق الذي عينه سمير عادل، وبدفاع مستميت من رئيس المكتب السياسي امجد غفور " معروف حاج عثمان"، باعمال تسببت في فضائح، بعد استيلائه على المال العام وبيعه لمصلحته. وقد انهارت على يده اللجنة التحضيرية تماما مع حلول شهر ايلول. ثم تم طرده بمبادرة من العديد من الكوادر الذين لم يقبلوا باعمال النهب والفساد، وهكذا انتهى دور المكتب التنفيذي للحزب في تشكيل النقابات.
وفي شهر تشرين الاول لم يبق من اللجنة التحضيرية سوى عدد محدود جدا من الكوادر الذين لم يكن لديهم اي امل في انقاذ الموقف، ورفضوا قبول رئاسة اللجنة التحضيرية التي عرضت عليهم. وبالمناسبة لم يجر اي تقييم واي انتقاد لسمير عادل وسياسته التي تسببت في ضياع جهودنا لشهور، مع ما فيها من مخاطر. وقد قبلت مسؤولية منسق اللجنة التحضيرية اخيرا وقلت ساقبل المهمة حفاظا على ماء وجهنا من هزيمة فعلية. وتركتْ اللجنة التحضيرية بلا تخصيص مالي ولا تأييد، وكان موقف المكتب السياسي بشخص رئيسه " امجد غفور" هو " ماذا يفعل العمال بالنقابات" لو كان عندنا 5 اعضاء حزب في كل معمل هذا اهم من النقابة" ولكنه لم يشرح لنا كيف يمكن كسب 5 في كل معمل، وكيف سيجري النضال الاقتصادي اليومي!؟
وحين طالبت بدعم مالي للمطبوعات واللافتات والزيارات، وافق رئيس المكتب السياسي على تخصيص 20 الف دينار شهريا، اي ما يعادل حوالي 15 دولار وبعد وساطة وتدخل من شمال علي الذي كان متعاونا، وكان له دور ايجابي خلال عمل اللجنة التحضيرية والاعداد لعقد المؤتمر التأسيسي.
وتمت زيادة المبلغ الى 30 الف دينار الشهر اللاحق، علما كنت انا والرفاق في اللجنة التحضيرية ننفق من رواتبنا. ولحين عقد المؤتمر التأسيسي بلغ مجموع صرفيات اللجنة التحضيرية 108 فقط مائة وثمانية دولارات لاغيرها، وكلف المؤتمر 600 فقط ستمائة دولار لاغيرها. وقمنا بتسديدها بفوائدها لاحقا الى مسؤول المالية في الحزب من اول دعم عالمي تلقيناه، حيث سددنا 4100 اربعة الاف ومائة دولار عن قرض بلغ 2100 دولار زائدا فوائده التي تراكمت خلال سنتين، بالاضافة الى 900 دولار تم اعتبارها من طرف واحد، تبرعا من المجالس، ولم تدون في اي سجل كتبرع من الاتحاد، عدا عن ورودها في مراسلات موثقة مع رئيس المكتب السياسي الاسبق.
بعد تأسيس الاتحاد ودخولنا في مواجهة مع الحكومة التي اعترفت باتحاد واحد كاتحاد رسمي حكومي، لم يجر اي بحث للموضوع وكنت اطالب بلا انقطاع بالتدخل ومناقشة الموضوع، للاسف كانت القيادة مشغولة بالتخطيط لاستلام السلطة خلال ستة اشهر، او تسعة على اسوأ تقدير، ثم منح السلطة للطبقة العاملة.
ولكن ما ان بدأت الاتصالات مع الاتحادات العالمية حتى انبرى الجميع ليعلن انه هو من اسس اتحاد المجالس. وتسبب المكتب التنفيذي للحزب وبشخص رئيسه، واعوانه عن طريق التحكم بالوفود والمندوبين لغرض المحاباة وبناء الكتل الموالية في اسوأ الحوادث، وجرت تسمية وفد وهمي كان يخطط للهجرة، وتسبب لنا في خسارة افضل حلفائنا الفرنسيين. لا اريد ان اخوض في قصة الانشقاقات ودعم الكتل والتكتل والتشهير واستدعاء النزاهة والبوليس، فهذا معروف ومعروض في اكثر من موضع.
هذا بعض الشواهد عما كان عليه دعم المكتب السياسي، الذي لم يكن يضم عاملا واحدا او نقابيا واحدا، لكي يساهم ولو بتنظيم 5 عمال في المصانع او مواقع العمل. لم تكن الحصيلة من افعال غالبية المكتب السياسي المهيمنة سوى المصاعب طوال سنين.
الخلاصة: ان تاريخا طويلا من الخلاف السياسي والصراع لا يمكن اختزاله بوصفه تهجم او شتائميات او محفل. وتاريخ الاختلاف مع القيادة يبدأ منذ المؤتمر الاول 1998 وقد عبرنا عنه بوضوح. ربما يقول البعض لمَ لمْ تتركوا الحزب مذ ذاك؟ اقول ان هذا الحزب شيد على ارضنا وباتعابنا، ولكن شاغلي البناء الحاليين يريدون مصادرة الارض وطرد اهلها الاصليين، والاستيلاء على كل شيء.
في نهاية قصة المعلم الاول لجينكيز ايتماتوف، يصف الكاتب مشهد المعلم البلشفي وقد تقدم بالسن وانهكته سنين الكفاح، ويصور الشاب الستاليني الصاعد، المسيطر بدون اي موهبة او نشاط، والمتغطرس المنتصر. لقد كانت صورة بليغة عن الستالينية قدمها ايتماتوف، ولكننا لن نسمح بتكرار هذه الصورة، فخبرة عقود من التعامل مع اساليب السيطرة والهيمنة والستالينية، هي مدرسة، وهي جزء اسلحتنا ووسائلنا.
ان انتفاضة الكوادر والقادة بوجه التصفوية والتسلطية، هي خطوة جريئة، ويجب ان يستتبعها كشف وتحليل الاساس السياسي والجذر الاجتماعي للسياسة التصفوية السكتارستية ولممثليها، لانها لن تزول بمجرد تجاهلها او الانفصال عنها، وهذا جزء من النضال من اجل بناء منظمة الطبقة العاملة.
ان الماركسية والحزب العمالي ليسا ملكا لاحد، ما زال الباب مفتوحا امام من يريد الانخراط في بناء حزب العمال، وبامكان اي انسان حتى ولو اخطأ او مارس سياسة لا تمثل مصالح الطبقة العاملة، بامكانه تقييم اعماله وبامكانه التراجع عما قام به، والانخراط في الحركة، ولكن كما يقول يقول لينين، شرط ان يتبنى برنامج الطبقة العاملة لا ان يطالبها بتبني تصوراته.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حمداً للآلهة لم يستلم الشيوعي العمالي السلطة
علاء الصفار ( 2018 / 6 / 19 - 12:42 )
الرفيق ف.علوان المحتلرم
اقول ان البعض سكران ويميني خرج من مستنقع الانتهازية,فصرخ لنبني حزب شيوعي عمالي. التاريخ يعيد نفسه بشكل مهزلة دامية, لقد قاد عزيز الحاج اليميني الحزب المنشق وتاجر بتاريخه,و لينهار عند اقدام البعث وصدام, فامثال الرفاق الذين ذكرتهم من س الى ر و م لم صاوا زبانة ماركسية مقارنة عزيز الحاج.الحقيقة كتابات رفاقك موجودة في الحوار.تدعو للتقيئ بالنسبة لي فهي ليست بعيدة عن الماركسية,خاصة للعادل والمحمودين! بل هي بعيدعن الاخلاق الثورية وحتى الوطنية من مثل اخلاق محرر العراق_ع.كريم قاسم_,فذلك الرجل البرجوازي الوطني يملك اخلاق قام بثورة وتنزه حتى في معاملة خصومة من الاحزاب و السياسين. وحين ارى كم المقالات للتشهير بك اجد مستنقع كامل جاهز بتارخه وغني باخلاقيات الخيانة للقيم الشيوعية,منسجم بما قدم البعث من قيم هابطة في الزييف والتجني, ألم يتهم البعث وصدام الشيوعيين بشى النعوت وليس بالسكر بل بالنوم مع الامهات! فلا غروة ان ينبري هؤلاء الرفاق الاوبا ش الاحرار زيفاً, برفع قميص الماركسية بالهجوم على جميع من يختلف معهم, و لو كانوا بالسلطة لقاموا بالمجاز ضد الرفاق وعلى خطى ص.حسين!ن

اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي