الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى .. الشعب, ما هو الشعب

جعفر المظفر

2018 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مرة أخرى .. الشعب, ما هو الشعب
جعفر المظفر
الشعب ليس حالة مطلقة, سواء كانت خيرا أو شرا, وإنما هي متغير لمتغير. فأما الأول فهو الحالة السلوكية التي يكون عليها الشعب, وأما الثاني فهو الطبيعة السياسية للنظام والدولة ومجمل الظرف الإقتصادي المحيط.
إن ما من شعب في التاريخ يملك ثبات التعبير عن حاله بمعزل عن الظروف المحيطة.
الفايكنغ مثلا هم شعوب جرمانية نوردية من المناطق الإسكندنافية كانوا هاجموا في أواخر القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر أغلب دول أوروبا بوحشية وقسوة بالغة, أما الآن فإن شعوب هذه الدول, وهي السويد والدانمرك والنرويج وأيسلندا يعتبرون من أرقى شعوب العالم تمدنا وتحضر.
إعطني نظاما سياسيا إنسانيا متقدما أعطيك شعبا متحضرا.
اليابانيون, هؤلاء الذين تتقوس أعمدتهم الفقرية قبل غيرهم من الشعوب, لا يحدث ذلك لهم لعلة جينية وراثية وإنما لكثرة إنحنائهم تعبيرا عن احترام الآخر بينما كانوا قبل نهاية الحرب العالمية الثانية يأكلون الإنسان نِيا إبان إحتلالهم للصين والهند الصينية, وهم كانوا روادا في الهجمات الإنتحارية ومثالها الغارة التي نفذها طيارو الكاميكاز على السفن الأمريكية في بيرل هاربر, أو ما كان يفعله ثوار الألوية الحمراء في دول غربية شتى ومن ضمنها شن هجمات إبادة بالغاز على مستعملي قطارات الأنفاق.
أما الساموراي, وهم المحاربون القدماء في اليابان فكانوا يقضون على خصومهم حتى أواخر القرن التاسع عشر، بدفن جسد الضحية حتى الرقبة، ومن ثم قطع رأسه ببطء باستخدام الخيزران.
قطع الرؤوس لم يكن إختراعا إسلاميا إذن. عام 1444، وبعد أن استولت الكونفدرالية السويسرية القديمة بنجاح على مدينة جريفينسي المتمردة، قامت القوات الكونفدرالية بقطع رأس 62 من أصل 64 من الجنود المتبقين في المدينة، وذلك لإرسال رسالة إلى خصوم المستقبل. تصوروا سويسرا هي التي قامت بذلك وليس قبائل الماو ماو.
وتعرفون قصة سالومي مع يوحنا المعمدان, تلك التي سحبت رأس يوحنا المقطوع من شعره لتلقي به في صحن كان أمام أمها المنتشية بلذة الدم. أما ملكة فرنسا ماري إنطوانيت فقد قطع رأسها بالمقصلة في مشهد شعبي عام كانت الجماهير فيه تصفق وترقص في حضرة الرأس المقطوع. وفرنسا هي نفسها التي صارت فيما بعد بلدا للحرية والتحضر بينما صارت عاصمتها باريس تدعى مدينة النور.
أجزم أن وباء الشعوب غير منعزل عن وباء الحكام والساسة, وبإمكاننا في العراق أن تعيد بناء الجند والطلبة اللطامين بشكل آخر بعد ان تنتهي مرحلة الإسلام السياسي المتخلف ويصار إلى بناء نظام تقدمي ديمقراطي حقيقي يعطي إهتماما كبيرا لبناء بنية إقتصادية وإجتماعية سيوكل لها إنتاج (شعب) بخطاب وسلوك إنساني متحضر.
إن وباء الشعوب من وباء الساسة, وقد كتبت في السابق ما مفاده إن علينا أن نعيد طريقة إقترابنا من مفهوم مفردة (الشعب) نفسها, لأن إصابتنا بالإحباط غالبا ما تتأسس على فهم خاطئ لهذه المفردة ذاتها, حيث اننا نتصرف وكأن الشعب حالة قائمة بذاتها ولذاتها وثابتة التمظهر رغم إختلاف المراحل الزمنية, في حين أن الشعب سياسيا وثقافيا هو بظرفه, وخاصة السياسي ..
لو كنت من جيلنا لأستعدت منظر هذا (الشعب) وهو يهتف في كل شوارع العراق في نهاية الخمسينات من القرن الماضي (سبع ملايين تصيح حزب الشيوعي بالحكم) وبعدها كيف رقص هذا الشعب نفسه لصدام حسين, وهو الآن يرقص في مواكب اللطم, وأنظر إلى هؤلاء الشباب الذين يقاتلون في داعش وأدرس بالتالي ظاهرة إلغاء العقل والحالة الأخلاقية ومسح الذاكرة الإنسانية بالكامل.
هؤلاء جميعا ضحايا, حتى ذلك الإرهابي الذي يفجر نفسه ويقتل دون رحمة هو ضحية لثقافة دينوية وطائفية تجهيلية, وكذلك اللطامون من الطلبة والجند وبقية العامة ..
العلة في السياسييين, كما أن التعريف الخاطئ لمفردات هامة كمفردة (الشعب) يؤدي في بعض نتائجه إلى إحباط, وهنا سببه تأسيس نظريات ثابتة على حالة متغيرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال




.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟


.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال




.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا