الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن أم الحرية؟

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2018 / 6 / 19
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


حقيقةً هو سؤال إشكالي وقد شغل فكر ومخيلة الإنسان منذ أن أدرك القيمة المعنوية والذاتية لكل من مفردتي الوطن والحرية وحاول دائماً التوافق بينهما بحيث يحقق شرطي المعادلة؛ أي أن يكون له الوطن الذي يحقق كرامته وحريته وذاته الحضاري، لكن لو أجبر المرء على الخيار بينهما فأي منهما سوف يختار، هل الوطن الذي يحقق كينونته الشخصية وهويته الوطنية أم سيختار الحريات الفردية، رغم أن تجارب الشعوب تؤكد على وجود مناصري المذهبين حيث الذين أختاروا الوطن قاموا بثورات تحررية ليقعوا تحت ربقة ديكتاتور ومع ذلك قبلوا بالأمر الواقع ولم يتركوا أوطانهم لجوءً لدول تحقق لهم حرياتهم الشخصية، بينما هناك من فضل ترك تلك البلدان واللجوء للدول الأوربية بحثاً عن الحريات الشخصية ومفضلين ذلك على قضية الوطن. وهكذا وللإجابة على السؤال السابق، ربما يحتاج المرء لعدد من الأبحاث والدراسات المتخصصة بهذا المجال، لكن وبالعودة للواقع يمكننا التأكيد؛ بأن الذين فضلوا الوطن على الحريات الشخصية واللجوء بقوا هم الأغلبية المطلقة وكذلك فإن لتحقيق الحرية الفردية لا بد من تحقيق الكيان الوطني.


ولذلك يمكننا القول: بأن الوطن يسبق قضية الحريات الفردية والشخصية.. وهنا ربما يطرح أحد الأصدقاء ويقول؛ لو كان ما تقوله صحيحاً فلما أنتفضت الشعوب العربية بثوراتها من أجل الحرية، ألم تكن لتلك الشعوب أوطانها التي تحقق ذاتها.. وللإجابة على سؤالهم السابق، علينا أن ندرك بأن تلك الشعوب سبق وقد قامت بثورتها التحررية الأولى؛ أي التحرر من المستعمر والمستبد الخارجي وكونت لنفسها من خلال تلك الثورات أوطاناً وها هي اليوم تقوم بثورتها التحررية الثانية للتخلص من المستبد الداخلي وتنال حريتها وكرامتها الشخصية داخل أوطانها التي تحررت سابقاً من المستبد الخارجي وبذلك هي أكدت مجدداً شرط الأسبقية للوطن وليس للحريات الشخصية وكذلك هناك قضية أخرى تؤكد مقولتنا السابقة، بأن الأسبقية للوطن وليس للحريات الفردية ونقصد التجربة السورية كمثال حي حيث كل من المعارضة والنظام سقطا في إمتحان الثورات وذلك عندما قبل الطرفان الخضوع للخارج على حساب الوطن ومن أجل إمتيازاتها الخاصة الطائفية فبذلك سقطت كل من المعارضة والنظام السوري بالمعنى الوطني والثوري معاً، مما جعل المواطن السوري بأن الطرفان لا يمثلانه حيث لا يمثلان الوطن والوطنية السورية، بل يمثلان إمتيازاتهم الفئوية وهنا الشعوب تؤكد وبعفوية تمسكها بالهوية الوطنية وذلك أكثر من أي تيار سياسي.


وبالتالي وبإختصار شديد يمكن القول؛ بأن الأسبقية للوطن حيث تقوم الشعوب بثوراتها التحررية لتنال وطناً وبعد مرحلة تاريخية ما تقوم تلك الشعوب نفسها بثوراتها المجتمعية ضد حكامها المستبدين لتنال حقوقها الوطنية وكرامتها وحرياتها الفردية الشخصية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة