الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى السادسة لثورة مايرنو

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2018 / 6 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كان الوضع السياسي والإقتصادي بشكل عام في ولاية سنار في العام 2016م متأزم إلي حد كبير، وكانت القوى السياسية الوطنية والديمقراطية والحركات الشبابية والطلابية والنسوية نشطة وقريبة جدا من قضايا الجماهير اليومية، ولم تكن مايرنو بعيدة عن الحراك السياسي السناري والسوداني الذي إنتظم منذ الفترة الإنتقالية إلي قيام إنتخابات 2010م وما تلاها من حراك سياسي وثوري لرفض التراجع والتقهقر أمام سياسات النظام الإنقاذي الساعي حينها لفرض سطوته وسيطرته علي المشهد العام، فكانت مقاومة القوى السياسية والجماهير للعبور إلي الأمام مستمرة علي كافة الأصعدة، واليوم بعد مرور سنوات علي نكسة السودان وثورات شعبه المتسلسلة نعود لنسلط الضوء علي واحدة من الأحداث المهمة في تاريخ المقاومة السنارية كجزء من الكفاح السوداني المستمر نحو التغيير والتحرر وهي ثورة مايرنو لمناهضة سياسات حكومة ولاية سنار.

الحديث عن ثورة مايرنو يرتبط بتراكم حراك شباب المنطقة الذين خاضوا معارك سياسية وثورية كبيرة داخل وخارج المنطقة، ومنذ الإنتخابات إنتظم الشباب في حركات ثورية مشكلة من الفئات اليسارية واليمينية والوسطية بهدف طرح ومناقشة القضايا السياسية والإقتصادية الخاصة بمنطقة مايرنو بمفهوم جديد وحديث أكثر وضوحا وإيصال صوت الجمهور إلي الإعلام وكشف حقائق سياسات النظام والدفاع عن حقوق المواطنيين، وكانت أشهر تلك الحركات الثورية حركة (شباب مايرنو الثوري التقدمي) وكانت تضم عدد كبير من الشباب ويعملون بتجرد كلي وبوعي عالي تجاوز حدود إختلاف مشاربهم السياسية والفكرية ليضع مصلحة البلد والشعب في مقدمة الأجندة الوطنية، وكانت إدارة أعمال هذا التحالف الشبابي الثوري تتم بشكل تنسيقي ديمقراطي وباحترافية من أجل تحقيق أهداف محددة، وعمل هذا التحالف خلال عامين ونيف علي تنشيط الذهن الجماهيري وتهيئة المناخ العام للمطالبة بالحقوق السياسية والمدنية ومناهضة الظلم والإهتمام بقضايا الصحة والتعليم، وعندما صرح والي سنار أحمد عباس للإعلام السوداني معتبرا في مضمون أحاديثه أن التنوع اللغوي في الولاية هو الذي أضر بالتعليم وباشارة مباشرة لسكان مايرنو الذين يتحدثون بلغة غير العربية، وقتها إحتقنت الدوائر السياسية المعارضة وإرتفعت درجة الغضب الشعبي وتمترس أحمد عباس (الوالي العنصري المخلوع) في موقفه رافضا تغيير سياسته او تقديم الإعتذار لسكان مايرنو والمناطق الآخرى.

جرت إتصالات صريحة أدت إلي نقاش جاد بين مجموعات الشباب حول حديث الوالي وضرورة التصدي لسياساته العنصرية التي لا تشبه أخلاق الشعب السناري الذي عاش تجربة التعايش السلمي لعهود طويلة أفرزت ترابط النسيج الإجتماعي المتنوع بشكل يصعب تفكيكه كما إعتقد الوالي حينها، إجتمع عدد من الشباب وتم إقرار خطة ثورية للإحتجاج، وخرج الشباب في الصباح الباكر شاهرين هتافات متعددة تطالب بالحقوق السياسية والمدنية وترفض التمييز الإثني والعنصرة، خرجوا إلي السوق وأقيمت هناك مخاطبة جماهيرية تحدثنا فيها مع المواطنيين فاستجابوا بشدة، وإنطلقنا معا في مظاهرة حاشدة تصدت لها شرطة النظام بالرصاص وتمت محاصرة منازلنا ووقعت إعتقالات متفرقة في اوقات مختلفة، والنظام بدلا من تعديل سياساته الخاطئة ومحاسبة الوالي وإجراء إصلاح سياسي وإقتصادي وإيقاف الخط العنصري الذي فتح إهتم بقمع وتشريد الشباب وكبت حرية الرأي والنقد وفرض السياسات بالقوة العسكرية.

كانت نتائج ثورة مايرنو علي المستوى السياسي والشعبي جيدة جدا ومرضية بالنسبة لنا ومتناسبة مع زمكانية الحدث، ورغم أنها وجدت سدا إنقاذيا وصدا عسكريا إلا أنها كسرت حاجز الخوف من النظام والعزلة الثورية ورسخت مفهوم جديد للإحتجاج وجعلت النظام يحسب ويعيد حسابه ألف مرة حول وزن المعارضة الشبابية الجديدة التي ترفض الظلم والعيش في ظلام العنصرية، هذه الرسائل كانت مهمة في تاريخنا ومسيرة كفاحنا لإحداث تغيير شامل وإيجاد نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويرتقي بالتعايش السلمي ويحتفي بالثقافات السودانية.

ففي ذكرى ثورة مايرنو المجيدة أتقدم بأحر التحايا إلي كل من شارك في الثورة وقال لا للقهر والإستبداد، وأرسل خالص التحية إلي هذا الجيل الصنديد الذي أظهر وعيه العالي في تبني قضايا الوطن والدفاع عن حقوق الشعب بمسؤلية وشجاعة ثورية، فبزور الثورة نابتة في أرضنا كحبوب القمح جزورها كشرايين قلوبنا وسنرويها بالدماء ونؤمن بأن يوم الحصاد قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التحية لشباب مايرنو وثورتهم
نجاة طلحة ( 2018 / 6 / 20 - 21:53 )
التحية لشباب مايرنو وثورتهم، فالتصدي الثوري للقضايا الآنية يصب في وجهة تطور الحركة الجماهيرية وتسهم فيه الجماهير بتقديم الدروس العملية وإبتكار الأشكال الجديدة والمتنوعة للنضال. وبتراكم هذه الإنتفاضات وإثرائها لمسيرة النضال الثوري تتوحد الخطى نحو الثورة الشاملة للقضاء التام على كل أشكال الإستغلال والإضطهاد. والشكر للإبن الأستاذ سعد محمد عبد الله للتوثيق فهذا جانب مهمل تماماً رغم أهميته.

اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا