الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحيا مصر

أحمد بدوي

2018 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا أحب كرة القدم ولا اهتم بها كثيرا، كما أنني لا ادعي أيضا فهما بتفاصيلها وفنياتها، ولكني أرى فيها مساحة كبيرة للظلم الاجتماعي والطبقية وسيطرة المال والفساد والاستغلال السياسي. على أية حال لا أعرف لماذا يجد المصريون صعوبة في إدراك أن المعجزات لا تحدث، وأن كثيرا من لاعبين المنتخبات المتقدمة لا يؤمنوا بشئ ما في السماء يرسل لهم مددا فوق مهاراتهم وتدريباتهم ومنظومتهم وخططهم التكتيكية؟ للأسف الشديد صارت مصر تقريبا هي أول الخارجين من بطولة كأس العالم بعد هزيمتها الثانية والثقيلة ضمن الدور الأول أمام المنتخب الروسي المنافس هزيمة مستحقة وبلا شرف للمصريين الذين خرجوا إلى المونديال من بلد فقر معدم ومستبد وفاسد أملا في الوصول لتحدي بعض من خرج من بلاد رفاهية غنية وحرة ونزيهة.

يبدو هنا أن كثيرا من المصريين يجهل حقيقة واضحة وضوح الشمس، وهي أن الذي فشلوا فيه في السياسة لن يقدرورا عليه أبدا في الرياضة أو غيرها، وأن إصلاح السياسة الحاكمة هو الأساس لإصلاح كل شئ. سيعود المصريون قريبا جدا إلى بلدهم بخيبة أمل ومرارة الهزيمة، وكالعادة لم يتعلموا الدرس المهم الذي يكرر نفسه مع كل الأزمات المصرية - وما أكثرها وأكثرها - وهو أن سحق نظامهم السياسي المستبد الفاسد وإقامة دولة الديمقراطية والعدالة بما يترتب عليهما هما الأهم كثيرا ويأتيان أولا في البدايات نحو التقدم وأي فوز أو طموح مأمول، وأنه إلى حين ذلك فأي هزيمة لهم هي هزيمة منطقية جدا وغير مأسوف عليها. وتظل دائما مداواة أنات وآلام المقهورين والمظلومين والفقراء بينهم أشرف كثيرا من السير في قطيع منفصل هارب من مشاكله الحقيقية يبحث عن مجد متوهم لن يغير قطعا ما أفسدته السياسة على عين التاريخ والأزمنة المديدة.

تنتابني حقا حالة من الشعور المختلط بعض الفرحة وبعض الحزن وكل الشفقة لهزيمة الأغبياء الضحايا، المتجاوزين لحقوقهم أنفسهم، وغير المدركين لجوهر أزماتهم! ولكني أيضا أعرف جيدا - كغيري - أن النجاح لا يأت أبدا عن طريق الصدفة أو كحالة استثنائية في بيئة ملغومة بكل اشكاليات السياسة والفساد وضمن مؤسسات ونظم وأطر غير ديمقراطية.

أخيرا لا أعرف ولا يعرف أحد ما متى سيعود المصريون مرة ثانية للمنافسة في مونديال كرة قدم، ولكن أتمنى أنه إلى حين ذلك يكون المصريون قد استوعبوا الدرس كاملا، وأن ملايينهم التي نزلت إلى الميادين يوما ما تحت شعارات الحرية والوطنية والخلاص ليسلموا بلادهم في نهاية المطاف إلى ديكتاتورية جديدة مخربة وناهبة لم يكونوا سوى مجرد قطيع لا يحركه شيئا عن الحرية والوطنية والخلاص تم استياقه إلى مصيره المعهود من الفشل والتخلف والهزيمة.

ويبقى في الختام أنا أرسل مطالبة يسيرة التحقيق إلى الرئيس المصري الجنرال السيسي بأن يستبدل بعض العسكريين بلاعبين المنتخب الوطني في المرات القادمة ويستبدل أحد الجنرالات بالمدير الفني الأرجنتيني الذي يتلقى مئات آلاف الدولارات من قوت الفقراء لنضمن بذلك الفوز ونقيم الأفراح والليالي الملاح على نغمات تحيا مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكرة : افيون الشعوب
ركاش يناه ( 2018 / 6 / 21 - 22:39 )

الكرة : افيون الشعوب
________


حين وقعت النكسة كان المشير عامر مولعاً بكرة القدم لدرجة أنه وضعها تحت رعايته الخاصة، حين تولى رسمياً رئاسة الاتحاد المصرى لكرة القدم يوم 10 فبراير عام 1958 وحين وقعت النكسة كان هناك أكثر من ثلاثين لاعباً لكرة القدم يرتدون البدل العسكرية برتبة ملازم أول أو نقيب.

لم يكن كل هذا الأهتمام بالكرة و الفنانات و السهرات الحمراء ؛ .... ليترك اي وقت اضافى يضيعه السيد الشير لتفاهات الامور ، .... مثل تدريب الجيش او انواع السلاح او العقيدة القتالية .... الامور التى كانت تؤرق نابليون او تشرشل او مونتجومرى او الجنرال جياب

حينها كانت مقومات الانسان المصرى ثلاث وجبات يقدمها له النظام الحاكم :

يفطر فول ، و يتغدى كرة قدم ، و يتعشى ام كلثوم

بس النظام الحاكم ايامها ماكانش بيِسِم بدنه ليل نهار ( انتوا يا مصريين ) زى ايامنا السودة دلوقت

كانت .... أيــــــــــــــام !


....


2 - كانت أيام
أحمد بدوي ( 2018 / 6 / 23 - 01:46 )
الصديق العزيز ركاش يناه،
خالص شكري وتحياتي على مرورك وتعليقك. بالحديث عن هزيمة يونيو والغيبوبة، واستكمالا لما ذكرت وعقبت، فإن الملاحظ أيضا - مع بعض الاستثناءات - أن السينما المصرية بعد الهزيمة غرقت في موجة من أفلام الهلس والتغييب من أمثلة؛ أخطر رجل في العالم (1967)، بنت شقية (1967)، شنبو في المصيبة (1968)، سكرتير ماما (1969)، انت اللي قتلت بابايا (1970)، حسناء المطار (1970)، إلخ. عموما ما بين 1958 حين تولى المشير عامر رئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم ومقومات الإنسان المصري آنذاك وعامنا الحالي ستون عاما، الزمان لم يتوقف أبدا ونرى مصر في مقدمة الأمم حتى أن شعوب العالم تحسدنا على ما نحن فيه من ديمقراطية وتعليم وصحة وبنية تحتية وأمان وعدالة اجتماعية..

اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف