الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معادلة القصف بالقصف بين الواقع والمكابرة

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2018 / 6 / 22
القضية الفلسطينية


انتهجت " اسرائيل " نهج القصف ردا على الطائرات الورقية المشتعلة والبلالين الحارقة تماما كما هو الرد على القذائف الصاروخية التي تطلق من غزة بين الفينة والأخرى ، لكن الفصائل التي كانت تغض الطرف عن ذلك القصف طوال سنوات ،اتخذت قرارا بالرد تحت عنوان"القصف بالقصف"، هذا العنوان الفضفاض كان صعودا على شجرة عالية ، حتى أن طبيعة الرد على قصف المواقع الفارغة كان مبالغا فيه من حيث عدد القذائف التي أطلقت خلال ليلة واحدة ، تكرر الأمر خلال فترة وجيزة مما بات ينذر بتصاعد الموقف تدريجيا إلى حرب واسعة لن تكون أبدا في صالح قطاع غزة ، ولن تفيد دولة الاحتلال فعليا ،لكن نتنياهو لا يخوض الحروب إلا مرغما، وحين يجد أن الرأي العام يطالب بتدمير غزة لن يتردد في ذلك، خاصة في ظل اشتداد الحملة المناهضة لحكومته، والتركيز على قضايا فساد زوجته سارة نتنياهو وعليه شخصيا، لذلك فالحرب التي تعتقد حماس أنها لن تحدث وأنهم سيحققون نصرا جديدا لو وقعت وفق حساباتهم ،لن تكون أبدا كذلك، النتائج ستكون جعل قطاع غزة كومة من الخراب بما يحتاج خمسين عاما لاصلاحه،ستكون خسائر الأرواح بالآلاف ، وآلاف العاهات المستديمة،وما سيعرض في النهاية لن يتجاوز ما عرض في ثلاثة حروب سابقة ولم يتحقق،لذلك على الفصائل أن تعيد حساباتها مرة أخرى، ليس بالضرورة أن تخضع للاحتلال ، لكن عليها إجادة النزول عن الشجرة، وما يدفع لقول ذلك ،أن جيش الاحتلال أحجم عن القصف ردا على الحرائق خلال اليومين الماضيين ، وإذا ما اعتقدت الفصائل أن ذلك خوفا من تهديداتها أو أنها اقتنعت بأن الاحتلال ارتعب من معادلة القصف بالقصف وتراجع وفق معادلة حماس والفصائل ،فذلك خطأ فادح،على الفصائل أن تدرك أنها فصائل مقاومة مسلحة لكنها ليست دولة، وعليها أن تفهم أنها تتعامل مع دولة احتلال لديها قدرات عسكرية هائلة،وعلى السواء فإن الحرب والسياسة يحتاجان لحنكة في تقدير الموقف، فالواضح أن الاحتلال أمام هذه الموجة من التصعيد سيلعب على جهتين تكتيكيا ،فيأتي امتناعه عن القصف ليعطي فرصة للفصائل للنزول عن الشجرة ويعطي حماس فرصة لتقنين يؤدي تدريجيا إلى ضبط إطلاق البالونات الحارقة، وفي هذه الأثناء يختبر المنظومة الجديدة التي ستحد من وصول البالونات إلى حقول مستوطنات غلاف قطاع غزة ، وبذلك يتجنب حربا لا مكاسب منظورة فيها ، ومن جهة أخرى يعطي مجالا لتحديد هدف جاهز يكون الصيد الثمين إذا لم تلتقط الفصائل الرسالة ولم تنتهز الفرصة لتقلل من حدة الموقف، لذلك فالأيام القادمة ستحدد موقف الفصائل،فإذا فهمت حماس تحديدا قواعد اللعبة التي شاركت في وضعها،فإنها ستتراجع خطوة ، لتكسب موقفا مصريا سيساعد في التخفيف من الحصار وأيضا يضمن تدخلا لحلول تتعلق بقطاع غزة دون الرضوخ وفق رؤيتها لما تمليه السلطة وحركة فتح من أجل إتمام المصالحة .
وإذا أخطأت حماس التقدير واعتقدت أن الاحتلال خشي من المواجهة ،وأنه لا مصلحة له في خوض حرب ضد غزة مهما فعلت الفصائل، فعندها على حماس أن تنتظر اغتيالا فادحا لشخصية عسكرية مركزية تعتبرها "إسرائيل" انتصارا مسبقا في الحرب، وتخوض حربا قصيرة تشبه تماما حرب 2012 بعد اغتيال القائد العام لكتائب القسام، مكتفية بالضربات الجوية المركزة دون خوض حرب برية لا فائدة منها وتعرض جنودها لخطر الخطف، وذلك سيرضي الرأي العام الصهيوني ، ويكسب نتنياهو مجددا الجولة سياسيا، ونعود نحن بخفي حنين،بآلاف المنازل المدمرة وآلاف الشهداء والجرحى، لذلك الفرصة الآن سانحة لترسيخ موقف معنوي وتقليص حجم التصعيد والعودة لسلمية المسيرات تماما ،وبذلك تسجل المقاومة نقطة لصالحها شعبيا ودوليا، ما سيمنحها متسعا لتغيير الوضع القائم في قطاع غزة دون تدمير ما تبقى . ويبقى السؤال هل ستتغلب الحكمة أم العنتريات في هذه المعمعة القائمة ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر