الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشيّع هل هو حركة إيقاف للاسلام؟(ب)

عبدالامير الركابي

2018 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



مع سيادة نمط الافكار الاحادي، وطغيان بقايا النبوية الالهامية، يشيع نوع من النظر الى التاريخ، لاعلاقة له بالايقاع الفعلي، للعملية التاريخية،ضمن الدائرة الابراهيمية، بحيث يصير من الممكن الاعتقاد، بان موضعا مثل العراق، يمكن ان يتعامل مع الاسلام الجزيري، بما هو عليه، او بحسب ماكان وجد بداية، بغض النظر عن اختلاف الشروط التي انتجته، والمناخ المجتمعي الذي وجد فيه، والاستهدافات التي صيغ لكي يلبيها، ويبلغها، واختلاف البنية المجتمعية الجوهري، لارض مابين النهرين، عن بنية الجزيرة منشا الدين الجديد/ الاخير، وهو مالايمكن تخيله، والاهم من كل هذا، تصور مثل هذه الامكانية، في مكان، واصل الابراهيمية، ومبعثها الاول.
نشأت الابراهيمة النبوية، كتتويج، وخلاصة مسار الدورة الحضارية العراقية السومرية البابلية، بصفتها تعبير عن نمط مجتمعي استثنائي،هو "اللادولة"، العراقية، ليكون شكل "مملكة الله" المفارقة لمملكة الارض الاحادية الفرعونية، واتخذت مسارا يتفق مع واقعة انتفاء التحقق الاني، كما خلال الدورة الحضارية الثانية، المرتبطة بمجيء الاسلام، ان احدا لم يتساءل الى اليوم ـ مع ان هذا امر مثير للعجب ـ ، لماذا ظهر التشيع، بفرعية الاسماعيلي، والاثناعشري، والقرمطية ومجلس عقدانيتها، والزنج، والحلاجية، واخوان الصفا، والمعتزلة، وقبلهم الخوارج، ومذاهب الاسلام ، وعلوم الحديث، والسيرة،( ماعدا المالكية، وهي مدرسة انشاها في المغرب، عالم درس اصلا في بغداد، قبل عودته الى شمال افريقيا ) عدا عن التاريخ، الفكر، والشعر وتقعيده، والنحو والبلاغة، الموسيقى، والغناءـ وكل هذا العالم المزدحم بالافكار، لماذا ظهرت هذه كلها، في مكان واحد، من المجال الجغرافي الذي شمله الاسلام، وماذا ياترى، كان سيكون عليه الحال، لو ان الشيء نفسه، حدث تكرارا،في كل من، سوريا، ومصر والمغرب، واذربايجان، كيف ستكون الصورة وقتها، واي اسلامات ستبقى، او لاتبقى؟
ثمة مركز دينامية حضارية اعلى، ضمن محيطه والعالم، عرف وقتها دورة ابراهيمة ثانية، اتسمت هي الاخرى، بتعذر التحقق، انما ضمن شروط جديدة، مختلفة الى حد بعيد،واما ماكان حدث في الجزيرة العربية، وقتها،على يد النبي محمد بن عبدالله، فيدخل في نطاق ضرورات تجدد الدورة الابراهيمية الثانية، بالاخص لجهة ازاحة وطاة الامبراطوريات وانهاء طور الانقطاع الاول، بتهيئة الاسباب لعودة عمل الاليات الحضارية المعطلة، بعد استنفاد الدورة الابراهيمة الاولى، ممكناتها من جهة، كما سيحدث مع الدورة الثانية العباسية/ القرمطية، وبسبب وطاة الاحتلال الفارسي. ومثل هذه الالية الشاملة، ببعدها الكوني، وماينتج عنها، هو دينامية ابراهيمية، لها ابعاد وحضور، ونتائج فاصلة على مستوى المعمورة، كما على مستوى تشكيل المستقبل الابعد، وصولا للدورة الابراهيمية الثالثة "العليّة"، المتنامية اليوم، ومن هنا فصاعدا.
يجادل الذين يعتبرون الاسلام من قبيل الالهام المطلق، والتحقق خارج الزمن، والشروط، كما الحال في النظر لظاهرة الاديان بجملتها، في احيان اصبحت مثيرة، بخصوص وجود او عدم وجود شخص، هو ابن الامام الحادي عشر الشيعي، الحسن العسكري، معتقدين ان هذه المسالة شديدة الاهمية، او يمكن ان تكون فاصلة، لجهة اثبات ماسواها، من القضيا المتعلقة بها، وفي العقدين الاخيرين عرف اسم الكاتب، "احمد الكاتب، المتحدر من اوساط حوزوية، على اعتباره، منكرا لوجود الامام الثاني عشر "المهدي"، والكاتب وضع في هذا كتابا، مثيرا للجدل بعنوان :"تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه" دقق بين متنيه، في المراجع، وجادل، معتقدا ان مايقوم به، له دلاله على مستوى العقيدة، او الواقعة التاريخية المفترضة، وهو مثله مثل غيره، من المتاثرين من دون تعمق، بعلم التاريخ الغربي الحديث، يدخلون على علم "اجتماع الاديان" منطقا، ونمط منهجية، من خارجه، وغير متلائمه معه، لا بما خص الحقيقة المجردة، ولا من حيث الدلاله، والاثرالتاريخي، وكيفيات تجليهما.
هؤلاء يمكنهم ان يقولوا ماشاءوا، ويثبتوا، او يفشلون في اثبات مايعتقدونه، واقعيا اولا، لتبقى مثل تلك التناولات وما يعتمدونه، خارج البحث، فعلم اجتماع الاديان المعروف، لايقر مبدا ( التاريخ/ الوثيقة)، بل يعتمد الاثر والفعالية المفهومية، الناجمه عن الرواية او الصياغة النصية، وشروط تحققها، فالنبي موسى حسب الكثيرين، لاوجود له، وانه ليس اكثر من تطوير لقصة سرجون الاكدي، اول امبراطور رافديني حكم بحدود 2400 قبل الميلاد، والذي يروى ان امه رمته في النهرفي قفة، قبل ان يلتقط ويربي ليصبح مااصبحه " حاكما لزويايا الدنيا الاربع" يمتد نفوذه الى عيلام، والاناضول، وساحل الشام، وصولا الى ليبيا، ويذهب البعض من المحدثين الا ان المسيح ثلاثة، وليس مسيحا واحدا، بينما يذهب اخرون، الى عدم وجود شخص من هذا القبيل، وكيف يمكن للكاتب احمد مثلا، اثبات صعود المسيح، الى السماء،ويدعم ذلك بالوثائق والاثباتات، او شق موسى الذي لاوجود له، البحر، او حوت النبي يونس، او صعود النبي محمد على البراق، الى السماء، بينما تقول عائشه زوجته، ويؤيدها في ذلك، معاوية بن ابي سفيان، ان تلك رؤيا لابالجسد، لكنها رؤية صادقة، لاشك ان البحث هنا يطول، بحيث يضعنا اما عالمين ومنطقين، وطريقتين في رؤية الاشباء والوقائع، وفي تشكل العقائد، قد تصل حد نكران وجود النبي محمد نفسه، على حسب اراء غربية متأخرة، تدعي انها بهذا تستند الى انتفاء الوثيقة، وانتفاء الاثر الذي لاوجود له، علما بان سيرة النبي محمد، كتبت لاحقا في العراق، وان مجتمع الجزيرة، مجتمع شفاهي، لم يتحول الجزء النبوي من تاريخه، الى مروية مسجله، الافي المجتمع الكتابي العراقي، بعد قرابه قرنين، ويرى اصحاب هذا الادعاء على ضعفه ان "الامبراطورية"، هي التي "صنعت النبوة"، وان العرب بعد خروجهم من جزيرتهم، احتاجوا للنبوة، لاضفاء ملمح عقيدي الهي على غزوهم للعالم.
والاهم في كل هذا التفارق المفهومي، ليس مدى الصحة، او الدقة، التي هي حكما منقسمه على فسطاطين، احدهما يكذب الثاني، وله الياته، وطريقة نظره، وشكل اثباتاته واسانيده، وكل منهما له مايسنده في الواقع، وفي القلوب والاذهان، التي هي نتاج للحقيقة المعاشه، مايجعل موضوع المهدي العراقي الابراهيمي، كما جرت صياغة اسطورته، حقيقة بالمعنى التاريخي الابراهيمي، تتفق مع ايقاع الواقع التاريخي الابراهيمي، ان القرامطة والاسماعيليون، والشيعة، تعبيرات، تنتمي لايقاع الابراهيمية الثانية، الممتنعه على التحقق، ان سلسلة الائمة الاثننا عشر، هي عملية مصادرة ابراهيمية للنبوة، ومحاولة للذهاب بها الى الافق الابراهيمي الاخير، وتوقفها وانقطاعها، هو الاعلان عن اقتراب الانقطاع التاريخي الثاني، ان حاسة التاريخ الكونية العراقية، ادركت منذ القرن الرابع الهجري، استحالة تحقق انتصار مجتمع اللادولة، وبدء دخول الدورة التاريخية الحضارية الثانية، مازقا تاريخيا، وتازما اقصى، يتطلب احالة الهدف الكبير، الى المستقبل، وان البعيد،مع احاطته بالامل، وتجسيده في مروية، هي من نفس نوع المرويات التوراتية، ترقى لمستوى الايمانية المتعارف علهيا، والتي هي من مكونات، وطريقة اشتغال العقل، في هذه المنطقة من العالم.
تلك هي الدلاله المجتمعية التاريخية الحضارية، ل"الغيبة"، والمهدي، حيث "يوقف" فعل الاسلام الجزيري، وترفع الولاية العامة، لتبقى الولاية الخاصة، بانتظار زمن الانقطاع الثاني، الذي وقع فعلا 1258. وهو مايزال مستمرا الى الان، ممايثير الدهشه بالفعل، ازاء حكمة التاريخ، وعمق العبقرية التاريخية للشعب،الذي طابق يومها، بين اللحظة وطبيعتها، ومآلها المستمر الى اليوم، بانتظار الدورة الثالثة من تاريخ الدورات، الحضارية التاريخية العراقية الابراهيمية، الاولى السومرية البابلية، والثانية العباسية القرمطية، والثالثة الحالية، المستمرة في التشكل منذ القرن السابع عشر،مع تراجع مفاعيل الانقطاع، وظهور "الاتحادات القبلية" الاولى الحديثة، في ارض سومر "المنتفك".
انتهى الاسلام عند محطتين، هما "التعطيل" والاحالة الى زمن آخر، و " الاستئناف المستحيل"، بغض النظر عن الشروط والاسباب، وخارجها، والمحطة الثانية، تبلورت سلفيا في الشام، بعد انهيار بغداد، واختفاء المشروع الحضاري العراقي، المواكب للاسلام،وعاصمته الكونية بغداد، على يد ابن تيمية، واهم تطبيقات "الاستئنافية المستحيلة"، هي "الوهابية" في جزيرة العرب، في القرن الثامن عشر، وهي تتزامن حضورا، مع ظاهرة "التعطيل"، وايقاف العمل بالاسلام، المنبعثة في العراق، في نفس القرن، مع ظهور ملامح التجديدية الدينية الحديثة، و "دولة اللادولة المدينية" : في النجف، اما الاسلام بذاته، فقد انتهى عملياوواقعيا، ولم يعد للوجود اطلاقا، مع قرار تعطيله، او استئنافه، وهو لن يعرف اي انبعاث، برغم كل التوهمات، والحلم باعادة الخلافة في الحاضر، بما ان المنطقة غادرته، والياتها تعدت شروطه، والاسباب التي اوجبته، قبل قرابة الف عام، في وقت صارت منطقة الابراهيمية اليوم، مشموله بمفاعيل الطور الابراهيمي الثالث، طور تحقق الابراهيمية في ارضها الاولى، ضمن سياقات الصراعية، المفضية في الحاضر، الى "مابعد غرب".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان