الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب حسن عبدالرزاق، والواقع المعقد في روايته (تل الذهب) ..!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 23
الادب والفن


حاول الكاتب حسن عبدالرزاق في روايته (تل الذهب) بطريقة معقدة الابتعاد عن الواقع، كي يتجنب الانهزامية، كون بطل الرواية عاش ويلات حروب اللاجدوى، غير انه سقط في ادب اللامعقول، اي أنه لا يوجد شئ معقول، ولا يوجد شئ منطقى، بل أن حياتنا مليئة بالكلام الفارغ من المعانى، وإننا نهرب من المعانى المملة، ونهرب من الثرثرة، ونهرب من قيود العقل، ولذلك فبطل الرواية يهلوس، أو يتحدث إلى نفسه، ويرسم صورة الانسان الشجاع المعاند بلا جدوى، لذا بقي في حلقات الانهزام والخذلان، ثم بنى الكاتب خارطة الرواية ووضع خطوط التحرك ضمن كابوس ايضا لامعقول، يقول ميلان كونديرا : (إن حياتنا اليومية مفخخة بالصدف وتحديداً باللقاءات العرضية بين الناس والأحداث ، أي مانسميه المصادفات : والمصادفة هي لحظة يقع حدثان غير متوقعين في الوقت نفسه قيتلاقيان .في أغلب الأحيان تمر مصادفات كثيرة دون أن نلاحظها اطلاقاً.) ويقول بطل رواية (تل الذهب) : (انتهت اخر الحروب التي شاركت فيها كجندي مكلف رغم انفه، وحولتني الهزيمة من رقم مليوني يرعب الاعداء في الاغاني الحماسية الى فلس لاقيمة له في قاصة الجيش)، فمن الصدف كما قال كونديرا ان يركب بطل الرواية السيارة، فتتعطل في منتصف الطريق ويعيش البطل كابوسا لامعقولا مع بدوي يبحث عن كنز وهمي في نفق ارضي، ادعى البدوي انه ارث اجداده، ونحن نعرف صفات البدوي، وحسب رؤية ابن خلدون فإن صفات البدو وطباعهم هي نتيجة ظروف حياتهم الاجتماعية أكثر مما هي نتيجة تربيتهم أو حتى إرادتهم. فيتصف البدو بالكرم والشجاعة والتفاني في إرضاء ضيفهم وإكرامه مهما كلفهم ذلك، وهم لا يتفاخرون بذلك من أجل الشهرة، بل هو نابع من طبع أصيل، الا ان بطل رواية (تل الذهب) في الكابوس الذي عاشه والبدوي روى عكس ما تواضع عليه العُرف، رغم ان الرواية جاءت على لسان البطل في تبرير، هذا من خلال النص التالي : (انا منذ حكايات الطفولة اخاف من البدو وعالم البدو، لان جارتنا العاقر ام غايب، جعلتني اتخيلهم في ليالي السرد الشتائية عبارة عن اسرار غامضة بهيئة كائنات بشرية مخيفة الملامح)، وقد يكون هذا لتبرير الكابوس، والحقيقة بقيت الرواية في عوالم اللامعقول، حتى في المشاهد الايروتيكية بدى اللامنطق واضحا، واظن ان الكاتب عاش الحرب وويلاتها، فبدى فوضوي المعالجة في روايته، (وتعتبر الرواية، اليوم، من بين أكثر الأجناس الأدبية استجابة لاستثمار واستيحاء ثيمة «الحرب»، بالمفهوم الواسع لهذا اللفظ، أي كحدث وواقعة وكمرحلة تاريخية، وأيضا كرؤية وأبعاد ومخلفات ونتائج، من دون أن نقلل من الدور اللافت الذي لعبه، كذلك، الشعر والقصة والمسرحية، وغيرها من الأجناس والأساليب التعبيرية الأخرى (كالتلفزيون والسينما..)، في بلورة متخيل خاص بأجواء الحروب والصراعات والهزائم والانتفاضات، كما عرفتها المنطقة العربية، في مدنها وقراها، على امتداد عقود زمنية خلت،) ولازالت تعيش اجواء ويلات واوجاع الحرب، فكان اسلوب الكاتب بانورامي، و(لقد تبنى بيرسي لوبوك الآراء الجيمسية في دراسته لبعض النصوص الروائية، مميزا بين نوعين من الأساليب في كتابه (صنعة الرواية)، أطلق على الأول الأسلوب البانورامي الذي يهيمن فيه الراوي على العملية السردية، والأسلوب المشهدي الذي ينزاح فيه السارد، ويفسح الاستقلالية لشخصياته. ونلحظ أن لوبوك يستخدم مصطلح (الأسلوب) بمعنى يكاد يتطابق مع مفهوم (وجهة النظر) حيث يقول: « إني أعتبر مجمل السؤال المعقد عن الأسلوب في صنعة الرواية محكوم بالسؤال عن وجهة النظر – السؤال عن علاقة راوية القصة بها)1، فكانت ولادة رواية (تل الذهب) من الولادات العسيرة شكلا ومضمونا، بيد ان الكاتب اضفى عليها عامل التشويق رغم ان احداثها وقعت في اللامعقول ..

هوامش :

(2) رواية (تل الذهب) حسن عبدالرزاق/دار ميزويوتاميا/الطبعة الاولى2016م

(2) تزفتان تودوروف، "مقولات السرد الأدبي"، ت/ الحسين سحبان وفؤاد صفا، طرائق تحليل السرد الأدبي، مشورات إتحاد كتاب المغرب، الرباط، ط1 ،1992، ص 61 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع