الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان

الهيموت عبدالسلام

2018 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


1/رجل الانسحابات يمكن اعتبار سياسة "ترامب" الأمريكية بسياسة الانسحابات الكبرى من المعاهدات والاتفاقيات الدولية والمجالس الأممية،انسحبت في البداية من اليونسكو منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ، انسحبت من الاتفاق النووي مع إيران وقد اقتضى التوقيع العديد من السنوات والمفاوضات وتقريب وجهات النظر على الصعيد العالمي ليأتي الرئيس "ترامب" ويُلغيها بجرة توقيع في مشهد تابعه العالم ينم عن الغطرسة والعنجهية ،انسحبت أمريكا في عهد "ترامب" طبعا من اتفاق باريس للمناخ الذي دعمه المجتمع الدولي والأمم المتحدة والذي جاء للحد من التلوث واتساع ثقب الأوزون وتهديد التوازن الطبيعي والبيئي للكرة الأرضية برمتها،وأخيرا وليس آخرا انسحبت أمريكا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لأن هذا المجلس قرر تشكيل لجنة تحقيق في المجازر التي ارتكبها القناصة الصهاينة في حق الفلسطينيين المدنيين العزل الذين شاركوا في مسيرة العودة والتي خلفت أكثر من 120 شهيدا ضمنهم أطفال قاصرون ومُقعَدون على كراسي متحركة.
سياسة أمريكا الجديدة في العهد الترامبي هي الانسحاب من جميع المعاهدات والاتفاقيات والمجالس الدولية التي لا تخدم مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني إذ يرى البعض أن بقاء أمريكا في مؤسسات الأمم المتحدة طيلة هذه المدة فقط لأنها كانت تمتلك حق الفيتو الذي يضمن لها رفض كل قرار أممي يتعارض مع مصالحها ومصالح حليفتها،رسالة أمريكا للمجتمع الدولي مستقبلا إما خضوع الأمم المتحدة والدول والاتفاقيات لسياساتها وإما الانسحاب من هياكلها وإما في أحسن الأحوال تقليص الدعم عن الأونوروا ( وكالة غوث لتشغيل وتليم اللاجئين الفلسطينيين).

2/ حتى لا نخلط تلافيا للخلط فإنه يجب التمييز بين الشعب الأمريكي الطيب والمضياف والمتضامن ماديا وسياسيا مع شعوب العالم المضطهَدة كباقي شعوب العالم وبين سياسة الحكومات الأمريكية ذات السجل الأسود في قتل الشعوب التواقة للتحرر والانعتاق وفي الدعم الاستراتيجي للأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية والعشائرية التي تحكم شعوبها بالحديد والنار وفي مقدمتها الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ،إن تاريخ أمريكا هو تاريخ إبادة الهنود الحمر الشعب الأصلي ،وهو تاريخ استعمال لأول مرة القنبلة الذرية في الحرب العالمية الثانية رغم علمها المسبق أن اليابانيين كانوا سيعلنون الاستسلام التام تفاديا لهاذ الهجوم النووي ورغم ذلك أصر الرئيس الأمريكي "هاري ترومان" على قصف اليابان قبل أن تعلن الاستسلام ،أمريكا التي يتغذى اقتصادها الإمبراطوري على الحروب وعلى صناعة الأسلحة وعلى زرع القواعد العسكرية في كل المواقع الإستراتيجية وعلى تصفية معارضيها وتدخلها في كل دول العالم التي تنزع نحو الاستقلال والتحرر مثل العراق وأفغانستان والصومال وليبيا وسوريا والعراق واليمن وإيران وفي كل دول العالم كانت في أمريكا أو آسيا أو إفريقيا.

3/ أمريكا وحقوق الإنسان أمريكا أكبر الدول انتهاكا لحقوق الإنسان وذات أكبر سجل في مجال الجرائم الكبرى هي من كانت ولازالت تصدر تقارير سنوية حول حقوق الإنسان بالعالم ،تقارير أتبث الجميع أنها مسيسة ومفصلة إذ تغض في تقاريرها عن انتهاكات الدول الديكتاتورية والعشائرية التابعة لها وتشيد بها رغم الفضائع التي ترتكبها هذه الدول ،يشفع لها فقط أنها تابعة وخاضعة لها كمستعمرات ،ودعمها الاستراتيجي للكيان الصهيوني ككيان غاصب محتل واستيطاني والتي اعتبرته الأمم المتحدة سابقا في توصيتها الشهيرة "إن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية" لأكبر دليل. إن انسحاب أمريكا من هذا المجلس الأممي لحقوق الإنسان نزل بردا وسلاما على العديد من المختصين والمتتبعين أولا لانسجام هذه الدولة مع نفسها إذ لا يمكن للمنتهك لحقوق الإنسان أن يكون حاميا لها أو ناهضا بها ،وثانيا وجودها بهذا المجلس هو وجود خطأ من الأساس ووصمة عار على جبين الإنسانية أن تتمثل بهذا المجلس دولة ترتكب مجازر الحرب وحرب ضد الإنسانية وحروب الإبادة وقتلت أكبر عدد في الحروب سواء مباشرة أو بالوكالة ،ناهيك عن دعم أعتى الديكتاتوريات في العالم التي تنتمي للعصور المظلمة ،هذه الأيام فقط يحتجز "ترامب" حوالي 2300 طفل عن أوصيائهم وأوليائهم القانونيين المهاجرين وقد تم وضعهم داخل أقفاص مكشوفة ومعرضة للإضاءة القوية ليل نهار كالحيوانات في الحدود الأمريكية المكسيكية ،هذه الجريمة الكبرى في حق أطفال فُصلوا عن أسرهم واحتجزوا ويظلون يبكون ويصرخون ليل نهار "أبي أمي " ويُمنع حتى الحراس من لمسهم أو احتضانهم أو تهدئتهم ...هذه الجريمة بفظاعتها ووحشيتها في حق أطفال صغار أبرياء يستخدمها "ترامب" للضغط على الكونغرس الأمريكي لكي يصادق على ميزانية كافية لبناء الجدار على الحدود الأمريكية المكسيكية ،إن جذور هذه الجريمة تعود للجرائم العنصرية والتي كانت تفصل فيهم أمريكا "العبيد" عن أبنائهم وذويهم.

4/ على سبيل الختم إن عودة أمريكا للممارسات العنصرية الموغلة في القدم وانسحابها من جميع المنظمات والمعاهدات الدولية ،دعمها الاستراتيجي للكيان الصهيوني ،تصاعد اليمين المتطرف في العديد من الدول الأوروبية ، حماية أمريكا للأنظمة العربية الرجعية الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان،وقف وتقليص الدعم على جميع المنظمات ذات البعد الثقافي والاجتماعي والإنساني ،تحالف جديد بين التيار الأنجليكاني المسيحي الصهيوني الوهابي الإخواني على قاعدة رأسمالية متوحشة مضارباتية تعمل ليس على الاستغلال المتوحش للطبقات الفقيرة والمتوسطة ولكن على استنزاف رهيب للثروات الطبيعية وتهديد بيئي خطير للكرة الأرضية مما جعل العديد من المختصين ينذرون بزوالها ، إنها معطيات جديدة تؤشر كما يقول الماركسيون بما مفاده إننا ماضون إلى البربرية والوحشية وإما إلى مجتمعات أكثر عدلا وأكثر إنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي