الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديوان (جسر من طين) للشاعر المغفور له رحيم الغالبي لفتات احتجاجية !!!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 24
الادب والفن


الشعر العربي بشقيه الفصيح والعامي ، قد مر بمراحل صعود وهبوط وفقد منه الكثير وكل الروايات الم نقل جلها لم تحدد انطلاقات الشعر العربي سواء الفصيح او العامي .. ، حيث لانأتي بجديد حينما نقول انه جاء بعدما فسدت اللغة العربية الفصحى ودخلها اللحن والتحريف وبدأت تتشقق منها اللهجات العربية .
وسمي الشعر الشعبي بداية بالشعر النبطي ، لأنه آتى من العراق ومشارف الشام ، حيث كان اسم الأنباط يطلق على فلاحي سواد العراق وبدو الشام وكان أقدم من تحدث عن النبطي او البدوي (الشعبي) هو المؤرخ العربي ابن خلدون المتوفى 808ه كونه ذكر في مقدمته عدة نصوص شعرية عامية .. اذن ولادة الشعر الشعبي كانت قبل ابن خلدون .
من هنا اتناول شاعرا شعبيا معاصرا ، ترك بصمات مهمة في تجويد وتحديث الشعر الشعبي العراقي ، ويسمى بحق شاعر الومضة والمقطوعة الشعرية المكثفة ، وقد خرج في بعضها عن السياقات التقليدية للقصيدة الشعبية ، حيث حملت مقطوعاته أكثر من معنى حال سماعها او قراءتها والتمعن في بثها لتلك الاندهاش الصادمة للذائقة ..
إذن هو الشاعر المغفورله ، رحيم الغالبي في ديوانه الوحيد (جسر من طين) ، والذي حمل حلاوة الشعر وطراوة المعنى باوجز العبارات واقلها ، وهو يقدم الخلطة الشعرية المعروفة في الشعر العراقي سواء كان الفصيح او الشعبي أي خلطة الحبيب والوطن للشاعرات والحبيبة والوطن للشعراء ... يقول الشاعر الغالبي :

(كال اعمى
ارسملي صورة ! اتعجبيت !!
من رسمت الصورة كلي فتشيت !
كلت ليش! اشلون؟
كلي الخير اجاك ...
بس غشيم وفلشت ..)

وكانت هذه مقدمة اضاءت قول الشاعر :

(احبك ياوطن .. مجروح
واحضنك ياوطن بالروح)

هذه اللازمة الوطنية عمقت الخلطة التي اشرنا لها ، وحينما نتواصل مع مقطوعة اخرى نجد انه يتعامل مع منطق الاشياء بوعي واضح وسردية حكائية :

(واحنة .. ازغار
نرسم .. نكتب ..
عالحيطان احروف الطين
واحد + واحد
بس انسينة انحط اثنين
وصارت .. غلطتنة امن اسنين)

وهذا تصريح في لافتة احتجاجية رفعها الشاعر في حوار ذاتي موضوعي ، يدعمها باخرى تحتج ضد الغربة والهجرة من الوطن ..

(وكايل امسير
اكول ايسن
بنات اهلي)
(طلع مكسور خاطر ..
من يسألونه)

واضاف الشاعر :

(طحت وانده لكل الناس
وبالناس تندهلي
.. لكن موكلها
لاجل الاخرة اصلي !!
اكول ايسن بنات اهلي
واعلن فوك الماي ..
حايط طين ..
شنعلي ، وعشت وحدي
.. منارة خوف بالغربة
اريد اجفوف توصلي
اظل غربة .. وبعد غربة
يبعد اهلي ..
وين الجنة ..؟
متنا وصار كل اسنينة انصلي
يبعد اهلي ..؟

ونتيجة لمآسي الحياة التي سببتها الانظمة السياسية الحاكمة ، والتي هي غير اهلا لحكم العراق جعلت الشاعر بين مد وجزر ، بين اليأس والقنوط ، وبين التفاؤل والامل ، حيث انصبغت مجمل اشعاره بمسحة الحزن ، رغم انه اضفى على البعض منها مسحة الطفولة والامل وحب الحياة ، كما في قصيدة (خالي النهر) يقول فيها :

(خالي النهر ..
اتريد افوجن
ليش .. ولك .. خالي النهر
حتى الحنين الجاي من اهلي
بجه وسولف على اعيوني السهر
يابه لوطيفك عبر
بالضحكة اظل سكران)

هذه انفعالات الشاعر ، وهو يواجه النهر خاليا ، وهي كناية عن حالات القحط والتصحر في العلاقات الاجتماعية وقسوة النظام السياسي ، الذي ترك بصماته على مجمل الحياة العامة ، لذا جعل الجمال جمال لذاته ..

(انت من تضحك حلو)

مقرونا بالعتب ..

(خالي النهر
تريد افوجن؟
ليش ؟ !! ولك خالي النهر)

ويستمر الغالبي في التمسك باشراقات الجمال والحب (اريدنك جديد/ تضوي مصباح العصر /وانه حديقة تضوي بي) ، ثم برز في قصيدته (الهوى الاول) حب الحبيبة وحب الوطن ، وكأنه قدر يرافق الانسان وكل هذا ، فأن الغالبي يتلون مع الوان المغايرة وزحزحت الكلمات ومقابلتها من اجل اثارة الدهشة فمثلا يقول :

(بستيني ، بساتين
ياطول النهر
على الشجرة من يلتاف)

ومن باب التشخيص والمبالغة لاظهار المعنى يسند صورة الى صورة اخرى ..

(بللت ثوبك الاخضر بالضحك
وانت تجرح كلبي المصوفر
عتاب / جنت ادك روحي
اعلة زادك بالملح
صار ماصخ عمري ..)

وكذلك فعل في قصيدة (ورد النرجس) وهكذا تحقق الحلم عبر مسارات امانيه وسقوط الصنم ...

(مليت المذلة ..
وطاحن متوني
يامحلة العراق
بغير زيتوني)

ثم بعد هذا يرسم المقاطع الشعرية كومضات او لقطات سينمائية مثلما فعل في قصيدة (سعادات) وتكون (لافتات باللون الاحمر) ، هي بمثابة التصريح بالحب ولمن هو بكل تأكيد للوطن العراق وهو تأكيد اصرار في استقبال الحياة بورد البستان الاخضر ، لأن (نخلة انت صرت / من طيحوا صدام) ويتطلع الى الحياة المثالية التي تقوم على الايقاع المنسجم مع واقع الحال الى طموح انساني ولا تخلو قصائده من الادلجة والانحياز الى مباديء العدل الانساني والوصول الى هذه ، جعل العامل الكادح هو سيد الانتاج وسيد العمل المثمر ويبقى الشاعر الغالبي مسكون بافكار البسطاء الذين يحملون الحب لاسرهم ولوطنهم العراق (بس مفتون / من حب العراق الماكو مثله / ابد بالكون) وقرن قصيدة (ماي من نهران اهلنة) بالشاعر الكبير مظفر النواب هذا الشاعر الذي ناضل بحب لكل العراق من شماله الى جنوبه ،
/ ديوان (جسر من طين) الشاعر رحيم الغالبي / منشورات مجلة الشرارة / مطبعة دار الضياء / النجف الاشرف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا