الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطربوش العثملي يجدد نفسه بالانتخابات

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2018 / 6 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


الطربوش العثملي يجدد نفسه بالانتخابات في سياق مرحلة سياسية مليئة بالتحديات والاشكالات داخل تركيا وفي حدودها وفي الاطار الاقليمي والدولي خاصة وان الاتحاد الاوربي اعاق رغبة وطموح اردوغان في الدخول الى النادي الاوربي بكل امتيازاته .. تجد الاشارة الى ان اردوغان اجاد بناء تحالفاته السياسية تكتيكيا وصك برنامج انتخابي يخاطب المواطن في قضاياه الاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن شعارات الاسلام السياسي السائد في المحيط العربي والذي لم يستطع رغم تأييده للتجربة التركية ونشر الدعاية لها - لم يستطع ان يتعلم من تجربة اخوان تركيا وفق ممارسات سياسية تعتمد فلسفة البراكسيس من منظور الاسلام الليبرالي الذي يتوافق مع متطلبات العولمة ونمط التفاعلات والعلاقات بين تركيا واوربا وامريكا ..ونقطة تميز تركيا عن محيطها العربي تكمن في منظورها السياسي الذي يبتعد عن التخشب الايدولوجي السائد عربيا ..نجح اردوغان من الدورة الانتخابية الاولى رغم تاكيد كثير من المراقبين واستطلاعات الراي استحالة فوزه .وهؤلاء اعتمدوا عينة غير ممثلة واحيانا متحيزة بنوا عليها تاكيدات تجاوزتها الواقائع العملانية ..اردوغان وحملته الانتخابية اتصفوا بثلاث صفات ايجابية هي ..اعتماد برنامج انتخابي يخاطب معيشة المواطنين وقضاياهم دون الشعارات ،بناء تحالفات وفق براجماتية سياسية ، استغل فشل المعارضة وتشتتها ..وسلبيا استخدام حضور اجهزة الدولة لصالحه ..
ويرجع فشل خصومه في احد الاسباب الى انهم تشتتوا وانقسموا دون وحدة الموقف وهو امر يتكرر لدى كثير من الاحزاب المماثلة في غير دولة ومجتمع ..امام اردوعان تحديات كبيرة في الداخل تعزيز الاستقرار خاصة وان حزب الشعوب الديمقراطية الممثل للاكراد حصل على اكثر من عشرة بالمائة بعدد 66 مقعد في البرلمان وهو امر يجب ان يدفع بهم الى العمل السياسي وهنا على اردوغان الامساك بيدهم سياسيا ليخرجوا من دائرة العنف المسلح ..ولان بلادنا العربية تعاني من الضعف والفوضى فلايستطيع اردوغان ان يكون لاعبا رئيسيا مقابل منافسة ايران التي تغلغلت داخل عدد من العواصم العربية واصبح لها صوت ويد تتحرك بفاعلية ومن ثم فان استمرار الدور الاقليمي التركي لن يكون ناجحا الا بمزيد من التنسيق مع امريكا او بمعنى اخر ان يلعب دورا مخصصا له وفق الاجندة الامريكية ثم ان يلعب بالتنسيق مع اروبا عامة وبالتركيز التنسيق مع فرنسا والمانيا ..
هنا يجب الاشادة ليس بالاسلام السياسي التركي بل بالدولة التركية ودستورها العلماني الذي تمكن الاسلاميون في اطاره من العمل والتغلغل داخل المجتمع واعتماد رؤية ومنظور ليبرالي يبتعد عن الدروشة السائده في بلدان اخرى ..منذ عشر سنوات تحدثت في مقابلة مع صحفي جيد له حضوره في حزب اسلامي كبير في بلادنا (حاليا دكتور في كلية الاعلام يعمل خارج اليمن)وقلت له الرهان يكمن في تزايد العمائم الليبرالية داخل حزبه واعتماد منظور جديد لحزبه اي اعتماد فكر ليبرالي يحرر الحزب من الايدولوجيا السابقة وجمودها و يجدد من حضور الحزب وتحالفاته مع مخاطبة المجتمع وفق معيشته بعيدا عن الاوهام والمتخيلات التي تحرك عواطف الناخب ولا تستجيب لحقوقه وقضاياه .. اردوغان نجح في الانتخابات لكنه سيثير اشكالات وفقا لتحول طبيعة النظام السياسي نحو جعله رئاسيا تتمركز كثير من الصلاحيات في يده مع ان الاتجاه عالميا هو نحو توزيع السلطات
وليس تركيزها في مكتب واحد ..وهذا امر سيدخله في صراع مع البرلمان الذي تحظي المعارضه فيه بمقاعد كثيرة تمكنها من الوقوف امام اردوغان ومناقشته بل وتحديه ايضا . تجربة تركيا لايستفيد منها الاسلامين العرب ولا اصدقاء تركيا من الحكومات .. في هذا السياق يمكن القول ان حضور تركيا وايران اقليميا في منطقة الشرق الاوسط يستدعي حضور عربي عام او مصري وسعودي او تكتل عربي يعتمد منظور سياسي جديد يعزز من الاستقرار والتنمية ويتجه للداخل العربي وليس نحو الخارج الامريكي ..بل جعل العلاقات الخارجية في خدمة الداخل .. وهو امل وتمني اكثر من كونه تعبير عن واقع سياسي عربي ..فالنظام السياسي العربي منقسم على نفسه يعاني من التشتت والتصدع وعدم الثقة بين مكوناته والخروج من هذه الاعراض والامراض يتطلب وقتا
مما تتسع معه فراغات الزمن واللحضور السياسي لتركيا وايران كلاعبان رئيسيان وفق الاجندة الامريكية وفي اطارها اجندة خاصة بالقومية الطورانية والقومية الفارسية .. خلاصة الامر التحدي الاكبر لاردوغان كيف سيتعامل مع امريكا في المرحلة المقبلة ضمن ملفات ساخنة في سوريا والعراق وتجاه القضية الكردية .. وما مصير القاعدة الامريكية في تركيا .. هل سيساوم بها دعم عسكري واقتصادي خاصة وان تركيا تعاني من ارتفاع الديون وخدماتها ناهيك عن ضعف النفقات الاستثمارية عدا المطار الجديد ذو العوائد المنخفضة .. هل سيقود اردوعات بلاده لتكون ذات نظام مدني ديمقراطي يمكنها من الولوج الى النادي الاوربي ..هل امريكا ستسعي لتحقيق توازن بين الدور التركي والايراني ام ستقلل من حضورهما لصالح الدولة الرخوة عربيا لتكون رافعة لتمرير صفقة القرن وهو تصور لايزال غائما بتفاصيله .. لكنه اصبح معلوما باهدافه وغاياته ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن