الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا الفيسبوك

أحمد بدوي

2018 / 6 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أكره جدا هذه اللعنة الرأسمالية والاجتماعية النكراء المسماة فيسبوك لمئات الأسباب التي استطيع جدا أن اسردها في كتاب ضخم. على أية حال لا أنكر مطلقا أنني استخدمت هذا الشئ الشنيع بعض الأوقات، رغم أني علاقتي به ظلت دائما مضطربة ومعقدة إلى حد كبير بين حضور متحفظ أو غياب كلي، ثم لم يمنعني أخيرا - بعد فضيحة كامبريدج أناليتيكا وتسريب بيانات ملايين المستخدمين - من محو حسابي الشخصي نهائيا سوي رغبتي في الاحتفاظ ببعض الصداقات القديمة أو الجديدة سواء في بلدي أو بلاد أخرى كثيرة أقمت فيها دارسا أو عاملا أو زائرا. المهم أنني قد قررت محو كل بياناتي ومعلوماتي الشخصية على هذه الشبكة الاجتماعية، واقتصرت علاقتي بها حاليا على الإطلاع السريع على أوقات متباعدة ودون أي تفاعل.

هذا الاختراع البغيض والاستغلال السيئ له لهما القدرة الكبيرة على تحويل العامة إلى مجموعة من القطعان الموجهة والأهداف السهلة وافقادهم الحس المشترك. وهنا أظن أن خطورة هذه الأداة اللعينة تتضاعف جدا عندما تستخدمها شعوب دول الجنوب التي تحكمها أساسا ثقافة القطيع الناتجة عن ظروف سياسية وتاريخية خاصة ومعقدة. تغلب علي هذه الشعوب مجموعة كبيرة من التناقضات الاجتماعية والسياسية، كما يسودها أيضا الظلم الاجتماعي ورداءة التعليم. هذا بدوره يفسر بعض الظواهر الفيسبوكية العجيبة مثل ظاهرة مشاهير الفيسبوك المنتشرة جدا في هذه المجتمعات. يفسر أيضا حالة التناقض التي يمكن أن تصدمك كثيرا على الحساب الشخصي للشخص الواحد أو حتى التناقض بين اهتماماته وتفاعلاته الفيسبوكية العامة. تصطدم مثلا ببعض الأشخاص الذين يشاركون ويملؤن صفحاتهم بأمور دينية رغم أنهم واقعيا - وكما تعرفهم - غير متدينين بالحد ذاته، وما إلى ذلك من أمثلة لانهائية وخطيرة مجسدة لكل مشاكل المجتمع وأزماته. هذه الحالة المرتبكة والتي تدعوك للاشمئزاز والتحفظ تشمل حتى بعض الأشخاص الذين نالوا حظا كافيا من التعليم والانفتاح الثقافي.

يسوقني هذا إلى بعض الأسئلة المتعلقة بالسلوك الفيسبوكي العام أو الشبكة الاجتماعية نفسها. ما هي المقومات والأسباب التي قد تدعوك لمتابعة شخص ما على هذه الشبكة الضخمة؟ ما هو الحد الفاصل بين العام والخاص على هذه الشبكة؟ ما هو الموقف العام منها كشبكة اجتماعية مليارية تديرها شركة رأسمالية عملاقة غير جديرة بالثقة؟ هل هذه الشبكة تحول مستخدميها في نهاية المطاف إلى مجرد عملاء نيولييرالين؟ وغير ذلك من عشرات الأسئلة المهمة التي تشعرك غالبا بعدم الراحة حال تسجيل دخولك على هذه الشبكة وتصفحك السريع لها.

من المؤكد أن تطورات العصر الرقمي الحالي الذي نعيش فيه تفرض علينا الكثير من الأسئلة المتعلقة بالعلاقة بين المجتمعات أو الحضارة الإنسانية عموما وبين التكنولوجيا واستهلاكها. يثير هذا أيضا بعض المخاوف القائمة القاتمة المحسوسة أو المتصورة في عالم نيوليبرالي مخيف تزداد فيه الهوة اتساعا بين الأغنياء والفقراء ويضج بصراعات المال والسيطرة. وأخيرا لطالما كانت التكنولوجيا سلاحا فتاكا لمن يمتلكها، ولكنها حاليا أصبحت عابرة للحدود ولانهائية وظاهريا مجانية رغم تكلفتها الفعلية العالية، ثم أنها لا تخضع لقوانين منظمة وحاكمة.

أنا حقا أكره هذا الفيسبوك وأحب جدا من يخاصمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تلك الرائحة
ركاش يناه ( 2018 / 6 / 25 - 17:17 )

تلك الرائحة
____

طلعت من هدومى ؛ و رُحت للفيس بوك
افش غِلى و همى .. اشتم و العن و أَتوك
مالقيت سلوان ولا راحة
لكن خصوصياتى مُباحة
رجعت مكسور جريح ؛ و على عُكازى بازُوك

و عجبى


...


2 - رائع
أحمد بدوي ( 2018 / 6 / 26 - 03:01 )
الشاعر الأستاذ ركاش يناه، نتمنى أن تمتعنا دائما بشعرك الجميل هذا!
تحياتي ومع الانتظار..

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير