الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن التلاشي 2...

ياسين لمقدم

2018 / 6 / 27
الادب والفن





وصل "عمر" في تحليقه إلى أقصى نقطة يتحملها جسده المستتر، فرغم التواري في اللاشيء فجميع أحاسيسه الإنسانية تظل قائمة، وكلما ارتفع في العلياء اشتد انقباض صدره، مما جعله يشعر بنوع من الإحباط بعد أن تأكد له استحالة السفر إلى ما وراء الغلاف الميغناطيسي وتجاوزه إلى كواكب جديدة لم تطأها قدم الإنسان، وربما إلى مجرات أخرى.

هبط "عمر" على الأرض، وتسلل إلى منزله ثم نزع عن معصمه ساعته الفضائية وحاول أن يفك طلاسيم الخطوط المنقوشة بدقة متناهية على جوانب أزرار الآلة العجيبةز فكر في نشر صور للآلة على مواقع التواصل لعله يعثر على خبير في لغات الأكوان، ولكنه تذكر أن خروج الخبر إلى العلن سيعجل بتلاشي الساعة قبل الأوان المعلن عنه مسبقا من قِبل رجل الفضاء. وجزم الرأي أن هذا الإمتياز الذي حصل عليه دون سائر الناس إنما هو تجريب لمدى التزامه بضوابط الإتفاق، وانتصاره على نزواته البشرية التي تجعله يطمع أكثر. فإن التزم ببنوده التي لقنها له الفضائي ربما ستمنحه الساعة العجيبة فرصا كبرى للسفر عبر الفضاءات وربما عبر الأزمان...

جلس يفكر في احتمال حصوله على ميزة السفر عبر الزمن، فقرر في دواخله أنه سيطلب من ساعته أن تحمله إلى زمن أول ظهور للإنسان على وجه الأرض لعله يستجلي حقائق الطروحات المختلفة عن بدء الخلق. ثم يتراجع عبر الزمن عساه يتمكن من التدخل في بعض الوقائع البسيطة التي غيرت مجرى التاريخ إلى الأسوأ. ولكنه تذكر أن للسيرورة التاريخية حتمية لا تتبدل ولا تخضع للرغبات الإنسانية، وكل الماضي بوقائعه وبشره ومتغيراته إنما مقيدة بشروط أوجبت حدوثها اضطرارا.

أراد أن يخضع جسده للراحة لبعض الوقت ولكنه تذكر أن الوقت يمر بسرعة وليس أمامه إلا بضع ساعات من الإستمتاع بالتّخفي، وستتلاشى الساعة الفضائية ويعود بعدها إلى رتابة عيشه البسيط وعمله وسط ضوضاء آلات تكسير الجلاميد...

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا