الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي ملامح ازمة بين الاحلام الجميلة والأوهام الكبيرة..!

صباح كنجي

2018 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الحزب الشيوعي العراقي ملامح ازمة بين الاحلام الجميلة والأوهام الكبيرة..!

تتواتر من خلال وسائل الاعلام المطبوعة و السوسيال ميديا في هذه الايام الكثير من الكتابات والتعليقات السياسية التي تتناول سياسة الحزب الشيوعي ومواقفه .. ويشترك في هذه النقاشات الكثير من اعضائه ومؤازريه .. وكذلك من يهمه مصير الحزب من الشيوعيين القدامى.. والمتطلعين للمستقبل ممن يعتقدون انهم بكفاحهم في صفوف الحزب الشيوعي.. سيصنعون التغيير.. وذلك طموح مشروع يستحق الدعم والتوقف عنده .. املا في أن يكون الحزب وسيلة للتغيير كما نحلم ويحلم معنا الملايين من العراقيين ..
في رأيي ان الشيء الايجابي الذي يستحق التقدير والتثمين في هذه الازمة.. يتمثل في المناقشة العلنية التي تشكل حالة انعطاف كبيرة.. قياساً لما كان يجري في السابق.. من محاولات لحصر هذه النقاشات في الاجتماعات والمكاتب المغلقة.. التي لم تفضي للجديد وساهمت في تعميق مظاهر الازمة لتشمل كافة جوانب العمل فهي..
ازمة فكرية من جهة.. وازمة سياسية وتنظيمية.. تحمل في طياتها الكثير مما له علاقة بأزمة القيم والاخلاق الثورية التي تعرضت للانتهاك والتغيير هي الاخرى.. في هذه الحقب التي اسفرت عن هذه التداعيات التي باتت تشغل الكثيرين وكان ضحاياها اكثر ..
إن الازمة البنيوية التي تستفحل بكافة التنظيمات الشيوعية اليوم.. تتعدى كيان ونطاق ساحة عمل الشيوعيين في العراق.. وتتمثل بشكل من الاشكال في طبيعة المرحلة التي وصلت اليها العولمة وما تفرزه من متغيرات بسبب التطور التكنولوجي العاصف والتقدم العلمي.. الذي حرر الانسان من الكثير من الاستغلال الى حد يكاد ان يمحو الطبقات في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة.. ويبلور اشكالا من الصراعات الاجتماعية التي في جوهرها هي امتداد للصراع الطبقي .. ولكن الشيوعيون لم يتوقفوا عندها ولم يستخلصوا منها العبر والدروس.. الا القلة من التيارات الجديدة التي اصبحت تواكب هذه المتغيرات وانتبهت للقوى الجديدة الناشئة .. التي تشكل نواة التغيير والتقدم.. وبالتأكيد يشكل الشيوعيون جزء مهما منها في اطار التحولات الكبرى المرافقة لعصر العولمة في هذا الزمن تحديداً..
وإذا كان هذا التشخيص صحيحاً فإن الحزب الشيوعي العراقي.. بحكم هذا التحديد.. يشمله النقد ويتطلب منه مراجعة اوضاعه وسياساته واختيار الاصوب لمواصلة العمل باتجاه تحقيق الحلم او الاحلام التي تشكل جوهر سياسة الشيوعيين الطامحة للتغيير ..
وفي هذا الاطار ينبغي ان نتوقف عن خصوصية الاوضاع العراقية وما افرزته تجربة اكثر من ثمانية عقود من الزمن المتواصل التي يمكن ايجازها بالكثير من المآثر التي اجترعها الشيوعيون في مواجهة نظام الحكم الملكي وما بعده في العهد الجمهوري وخاصة في العهد الدكتاتوري البعثي لغاية اليوم ..
وايضا ينبغي ان لا ننسى الاخطاء الكبيرة والخسائر الجسيمة التي لحقت بالشيوعيين وغيرهم من ابناء المجتمع العراق .. هذه الخسائر لا تتعلق بحجم التضحيات البشرية فقط وما سال من دماء الابرياء طيلة تلك العقود ..التي تمثلت بـ :
1ـ فشل الشيوعيين في تحقيق غايتهم الكبرى لتغيير المجتمع .. كما فشلوا في تحقيق احلامهم الجميلة وهذا ليس الا جزء من الفشل الاكبر والاهم.. الذي ما زلنا نشغل انفسنا به.. ونخوض النقاشات حوله محملين هذا وذاك المسؤولية التاريخية عنه بشكل عاطفي.. دون الولوج لجوهر المشكلة وعمق الازمة ..
حيث لا نحصل على جواب علمي او مقنع عن اسباب فشل الشيوعيين في تحقيق احلامهم في التغيير ولم نتوقف طيلة هذه السنين المريرة بجدية.. ولو لمرة واحدة.. للتدقيق الفعلي بأسباب هذا الفشل وهذه الاخفاقات ولم يتطرق قادة الحزب وكوادره في مذكراتهم ابداً لهذه الامور وتجنبوها وسعوا للقفز عليها ..كأنها لا تهمهم ..
والسؤال الذي يدوي اليوم في عمق هذه الازمة ويتواصل منذ اكثر من ستة عقود مضت .. لماذا فشل الشيوعيون العراقيون في تحقيق امانيهم رغم التضحيات الكبيرة التي قدموها وما امتلكه الحزب من طاقات جماهيرية وعلمية واكاديمية ومالية كانت تفوق في الكثير من الاحيان امكانيات دول عديدة في مختلف بقاع العالم؟!! ..
2ـ والاهم من هذا كله.. أن لا يقتصر الفشل على عدم تمكن الشيوعيين من تحقيق احلامهم ويتعداه الى الفشل في تشكيل وتحقيق ابسط شكل من اشكال التطور الرأسمالي.. بالرغم من قدرات العراق المالية وما يوفره النفط والزراعة من عائدات هائلة..
حيث بقينا نخوض الصراعات الدموية العنيفة.. ويتسلط علينا المستبدون .. ولم نحقق أي شكل من اشكال الاستقرار في المجتمع.. وكانت الطامة الكبرى بعد التخلص من النظام الدكتاتوري وحروبه.. استفحال مظاهر العنف والفساد.. التي اسفرت عن تدمير ما تبقى من مدن وقرى.. وحولت العراق الى بلد منكوب مدمر تنتشر في ارجائه المخيمات والامراض والاوبئة ناهيك عن الاعداد الهائلة من الارامل والايتام والعاطلين عن العمل ..
هؤلاء الذين لا يتلقون من الدولة والاحزاب الا المزيد من الخيبات والانكسارات.. بعد ان تحول البلد الى ساحة للعنف والعبث.. تجول وتصول به الطائرات والجيوش العالمية والاقليمية والعصابات والميليشيات المتعددة التي يصعب تعدادها وحصرها..
في هذه الدوامة من الاوضاع الشاذة والمعقدة غير المستقرة تجري لعبة الانتخابات وتطرح مفاهيم للديمقراطية لتزيد من حالة الالتباس والغموض فتتشوه الرؤيا وتزداد الاوهام بين باحث عن حلول ميثولوجيه تأتيه بالمهدي ومن يعتقد ان الاسلام هو الحل ..
ومشكلة الشيوعيين في هذه المحنة مركبة بين جانبين للازمة البنيوية المستفحلة في المجتمع العراقي الذي يسعى للخلاص ويتعلق بمن يدعي القدرة على انتشاله من هذا الواقع المرير.. ويعول على الشيوعيين في انجاز هذا التغيير.. ويتطلع اليهم ليحرروه من هذا العبث.. وهذه الاوهام.. بما فيها اوهام الدين ..
وبين محنة الشيوعيين وازمتهم التي استفحلت وباتت مكشوفة تفرز وتنتج المزيد من التيارات المتصارعة التي تحتكم لرؤى مختلفة ومتناقضة من الخطأ تصغيرها وتحجيمها في حدود التحالفات والمشاركة في الانتخابات وما رافقها من تزوير وتطبيل ..
إن الامر اوسع من هذا.. والواقع المرير يؤكد ان جميع الاحزاب في العراق فقدت دورها وتراجع اداؤها وتأثيرها في المجتمع قياساً للدور الذي تلعبه المافيات والعصابات وعدد من العوائل والشخصيات المتواطئة مع الدول الاقليمية والدولية .. مما خلق حالة شاذة لا تمت بصلة بأي شكل من الاشكال الى طبيعة الصراعات الطبقية التقليدية التي عرّفها علماء الاقتصاد ووصفها الماركسيون .. فالفوضى والعودة للدين بمواصفاته الهمجية والعشائرية وحياة ما قبل الدولة اصبحت هي السمة البارزة والطاغية اليوم .. حيث دمرت ليس البنية الاقتصادية فقط بل محقت المدن والقرى وانتهكت الاعراض وجرى سبي للنساء والاطفال كأننا في عهد البرابرة المتوحشين..
لهذا فأن الشيوعيون مطالبون اليوم قبل غيرهم بخلق رؤية جديدة تؤهلهم للعب دورهم التاريخي في انقاذ المجتمع العراقي من العنف المنفلت ومظاهر التخريب ومواجهة الفساد المستشري وكذلك اوهام الدين ..
وهذه مهمة لا يستطيع النهوض بها تنظيم مشوه .. متهرئ ..مأزوم .. يتحكم به انتهازيون ومنتفعون من وجودهم في قمة الهرم الشيوعي .. مهما كانت تسميته .. الشيوعيون مطالبون اليوم قبل غيرهم البدء بمعالجة اوضاع حزبهم من خلال مؤتمر استثنائي بات ضرورياً عقده للارتقاء الى مستوى المسؤولية في هذا المجال طالما كان التنظيم وسيلة للتغيير وليس غاية بحد ذاتها ..
تنظيم و وسيلة تجمع المتطلعين لتحقيق الغد الافضل المستقر من الجيل الجديد والديمقراطيين المؤمنين بأن الحرية هي اساس الديمقراطية ولا ديمقراطية بلا علمانية .. ذلك هو بداية المشوار .. مشوار التغيير الحقيقي والاحلام الجميلة بلا اوهام ..
ــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
27-6-2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أين الوهم ؟!؟
حميد خنجي ( 2018 / 6 / 28 - 01:59 )
عزيزي الزميل صباح الكنجي
أتفق معك أن -حشع- في حاجة الى تعزيز ومصارحة وشفافية، بل وابتكارات جديدة على صعيد النشاط السياسي، حاله كحال بقية الأحزاب الطليعية العالمية، التي تعاني جلها من قصور في الاداء وضبابية في الرؤى. ونقص جلي لفهم نظري مفترض، بعد -الإنقلاب- المدوي للبنية الموضوعية للعالم: تفكك المنظومة الاشتراكية الاساس (الاوروبية). وانتقال العالم الى سيطرة وهيمنة قطب احادي مدمر وعدواني لعقدين ونيف، وما تلاه من فترة انتقالية حرجة لحركة التاريخ المعاصر، متسمة لمسيرة عسيرة ومضنية- قد تطول- لانبثاق بنية جديدة؛عمادها تعدد الاقطاب! من هنا فان الصعوبات والتحديات، التي تواجه الاحزاب هذه؛ ذات صفة موضوعية قبل كل شيء. واكيد ان هذه الصعاب لايجب أن تقلل من مجموعة من العوامل الذاتية السلبية داخل كل حزب، التي تتطلب -كما اسلفنا- المواجة النقدية الحقيقية. وهي بالطبع امور لاتحدث بالطبع بفعل فرمان -ارادوي- وبضربة معلم، كما يحلم او-يتوهم- كاتب المقال، الحادب في الواقع على اصلاح الحال من الداخل! ناسيا -اخينا العزيز- أن شيوعيي العراق ليسوا بسحرة يمتلكون مفاتيح كل الحلول، بل هم جزء من الشعب المبتلى بالأمرين


2 - لا توجد تنظيرات غربية عن غياب الصراع الطبقي
علاء الصفار ( 2018 / 6 / 28 - 15:26 )
ليس حشع اخطاً بل تربع الخونة على الدفة فذبحوا الحزب وليصرخوا الخطاً في ماركس و نظرية الصراع الطبقي ولذا بعضهم يكتب هنا من وحي فكومايا ونهاية التاريخ!فكومايا انتهى فحضرر ماركس بمبيعات كتبه اليوم, ان حرب العولمة مزية راسمالية بر برية, فنوه بها ماركس_حضورها يحين بفشل البشرية في تحقيق الاشتراكية_ أي ان التجربية الاشتراكية اخفقت للأخطاء وليس لغياب الفوارق الطبقية, بل انت تؤكد صواب سياسية حشع, فهم تخلوا عن الصراع الطبقي ودخلوا دوامة التاريخ في هذيان الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحرية الفرد, لذا تدمير الصراع الطبقي هو احد معالم حرب العولمة من خلال تدمير النبى التحتية واعادة العراق وغيره الى ما قبل التاريخ, اما سيطرة الراسمالية في الغرب فهي عبارة عن ازمات اقتصادية مدمرة مع سقوط اخلاقي واجتماعي, طابعها الانانية_لاتجاه للعنصرية_ لاحظ
فرنسا وأمريكا وهجومهم على الاجانب, يقابله صعود الوهابية _وجرائم أبوغريب _وجرم داعش _هي مزية عصر اللاطبقية,ثم مأساة التغير المناخي الناتج عن استهتا ر الراسمالية .بالبشر والطبيعة,ا, ناهيك عن شبح الذري
أي ضعف الشيوعيين اليوم يترجم إلى زوال الصراع الطبقي!ن

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م