الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لما شعوب المنطقة عموماً .. تحقد على الكرد؟!!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2018 / 6 / 28
القضية الكردية


بير رستم (أحمد مصطفى)
يسأل الكثير من الإخوة والأصدقاء المهتمين بالشأن السياسي وقضايا حقوق الإنسان وبالأخص فيما يتعلق بالملف الكردي السؤال التالي؛ لما شعوب المنطقة عموماً تحقد على الكرد وتعاديه ولا يقبلون بشراكته، بل يحاربونه بكل قوة ليبقى الكرد تحت سيطرة هذه الحكومات الغاصبة لكردستان ومن بين أولئك الأصدقاء والإخوة فقد طرح الصديق وابن العم "خلوصي حسين" ذلك من خلال بوست وتعليق له على إحدى الفيديوهات التي نشرتها على صفحتي بخصوص نهب وسلب العصابات الميليشاوية المرتزقة لمدينة عفرين حيث كتب يقول: "لا ادري لماذا هذا الحقد الدفين ضد الشعب الكوردي ان كان في شنكال او في مدن تركيا وايران او في عفرين؟". طبعاً وللإجابة على السؤال السابق والكثير من الأسئلة المشابهة بخصوص القضية، ربما علينا العودة للتاريخ وكذلك الواقع الراهن وفتح العديد من الملفات السياسية والخلافات المجتمعية وصراعات شعوبها على المصالح والجغرافية وغيرها من القضايا الشائكة والمتنازعة عليها بين مختلف هذه الشعوب والأقوام التي تستوطن هذه الجغرافيات المتجاورة والتي تعتبر أوطاناً لتلك المكونات المجتمعية المختلفة.


وهكذا فإن الوقوف على المسألة ربما تحتاج لجهود مؤسسات وأبحاث كثيرة ولا يمكن لمقال الإلمام بكل الحثيثات، لكن ذلك لا يعفينا من التطرق لها ولو بعجالة وذلك بغية إثارة الموضوع لربما نعود لها أو يعود لها الآخرين بحثاً وإقصاءً في يوم ما .. ولكي لا نطيل عليكم، فإننا سوف نكتفي بعدد من الأسباب والدوافع التي نجدها تقف أكثر من غيرها خلف ظاهرة كره الآخرين للكرد" _إن صح التعبير_ أو كره شعوب المنطقة لبعضها عموماً وخاصةً للمستضعفة منها حيث يمكن تلخيصها أو حصرها في عدد من الأسباب الرئيسية أو الفاعلة؛ منها التي تتعلق بالمصالح والامتيازات والصراعات الدولية والأقوامية، كما قلنا في الفقرة السابقة وهذه معروفة حيث الجميع يبحث عن مصالحه ولو على حساب الشعوب والدول الأخرى والكرد وبحكم إنها مجموعة عرقية خاضعة لاحتلال واستعمار، بل لاستعباد دول وشعوب عدة ،فإنهم بكل تأكيد سيكونوا من المستهدفين بسياسات الحقد والكراهية تلك، بل ربما هم الأكثر استهدافاً تاريخياً وحالياً.


لكن أعتقد بأن للقضية جذور ثقافية تاريخية لا تقل تأثيراً وعمقاً من قضية المصالح الآنية؛ أي إنها تعود وفي جزء كبير منها إلى ثقافة المنطقة عموماً والقائمة على مفهومي "السيد والعبد" وما يعود للإرث القبلي من مسألة البداوة والغزوات. وهكذا يبدو أن مجتمعاتنا لم تخرج بعد من ذاك الإرث الفكري حيث رغم البعد الزمني الطويل، لكن ما زالت هذه المجتمعات تحتفظ بإرثها الهمجي من البداوة والسبي والقتل وقد جاء الإسلام ليعزز من تلك الخصائص وتعطيه بعداً ميثالوجياً دينياً، بل جعل الجهاد؛ أي القتال والسبي والغزو عموماً، ركن من أركان الإسلام الخمسة حيث في مفهوم هؤلاء نحن (كفار وملاحدة) وخاصةً أن الكرد في عرفهم خرجوا عن إجماع الأمة _أي الإسلامية طبعاً_ وذلك بتعاونهم مع الأمريكان وقد رأينا خطاب المجاميع الدينية لهم؛ كيف مهدت الأمور من خلال إعلام زائف كاذب بحيث أعلنوا فيه، بأن عفرين _كمثال، ناهيك عن شنكال الآيزيدية والتي في عرفهم على "دين الشيطان"_ هي منطقة لا تعرف الدين.. وقد وصل الأمر ببعض الكرد المتأسلمين مثل أخ السيد "صالح مسلم" بحيث طالبوا بدخول أولئك المرتزقة لتعليم الكرد الدين الحنيف، رغم أن الجميع يدرك بأن تركيا فيها من العلمانية والحريات المدنية البعيدة عن الأعراف والتقاليد الإسلامية أكثر بكثير من عفرين، ناهيك عن أن عداوة تركيا للكرد نابع من فكر وحقد عنصري أقوامي وليس ديني إسلامي، لكن وللأسف الحمقى والمرتزقة من السياسيين والمثقفين يتغاضون عن كل ذلك بحكم الغباء أو الارتزاق.

نقطة أخيرة ويجب أن لا نتغاضى عنها وهي تتعلق بسايكلوجية الأنسان والمجتمعات عموماً؛ ألا وهي مفهومي السيد والعبد أو لنقل القوي والضعيف حيث في عرف الكبير والقوي والسيد بأن الصغير والضعيف والعبد يجب أن يبقى كذلك دائماً ولا يمكن، بل لا يجوز ولا يحق له أن يصبح هو الآخر كبيراً قوياً سيداً وهذه جزء من سلوكية الإنسان اللاواعية، فكما يبقى الابن في نظر الأهل صغيراً ولو بلغ من العمر العقد الخامس، فهكذا هي المجتمعات والشعوب وخاصةً تلك القائمة على فكر الاستعلاء والعنصرية مثل مجتمعاتنا الشرقية حيث تنظر للشعوب التي ما زالت مستضعفة؛ بأنها هي خلقت ووجدت كذلك، بل عليها أن تبقى كذلك وإلا سوف يحدث خلل في الواقع المجتمعي السياسي ولذلك نجد بأن أغلب مثقفي تلك الشعوب حتى الديمقراطيين منهم يرفضون استقلال كردستان حيث في عرفهم السياسي؛ بأن ذاك الاستقلال سوف يجلب الكثير من الويلات على المنطقة، مثلهم في ذلك مثل العائلة والأهل الذين يخافون من استقلالية الابن في حياته حيث يعتبرون ذلك سيكون بلاءً على العائلة ووحدتها واقتصادها ولذلك يحاولون إخضاع أي صوت يطالب بحريته وإنفصاله واستقلاله عن الخضوع لسلطة العائلة/الدولة ولو عن طريق العنف والإكراه والقوة.

وهكذا يمكن القول أخيراً بأن للقضية؛ قضية كره الآخرين للكرد، جذورها الفكرية الثقافية المتعلقة بالموروث الثقافي القائم على قضية العبيد والأسياد ويأتي الجانب السايكولوجي النفسي لكي يعمق هذا السلوك العدائي والابقاء على الضعفاء تحت السيطرة أو الحماية والرحمة، كما يرغب الأسياد أن يوصفوا سلوكياتهم تجاه الأشخاص والمجتمعات المستضعفة وأخيراً تتوج تلك العدائية بقضية المصالح والامتيازات السياسية والاقتصادية بحيث تشكل دائرة أو مثلت الإكراه والإخضاع للآخر لقوة السيد المتجبر الذي لن يقبل بأي خروج عن الطاعة والقيادة و"سلطته الشرعية"؛ إن كانت تلك الشرعية نابعة من مفهوم ديني أو دنيوي حيث الشرعية بمفهوم الحكم لله أو الشرعية الثورية لا فرق كبير بينهما.. وبالتالي فليس أمام "الضعفاء" أو بالأحرى المستضعفين إلا اللجوء إلى قوة رادعة سياسية ديبلوماسية _وربما عسكرية في أوقات_ ما لكسر هذا الحجر والحجز العنصري لمن يعتبر نفسه حاكماً سيداً عليه وإلا سيبقى الأقوياء أقوياء و"أسياد" والضعفاء ضعفاء و"عبيداً" لدى أولئك الذين توفرت لهم ظروف تاريخية ليصبحوا على رؤوسنا (أسياد).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط