الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة الاجتماعية وفشل حركة يناير المصرية

أحمد بدوي

2018 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


احتلت قضية العدالة الاجتماعية أهمية كبرى كواحدة من المطالب الرئيسية لحركة 25 يناير الاحتجاجية المصرية، وهي الحركة التي ثبت لاحقا فشلها في إحداث أي تحول ديمقراطي حقيقي للبلاد. وعلى الرغم من خطورة القضية وأهميتها لم تمتلك الحركة السياسية المصرية سوى بعض الشعارات العامة غير المدعومة بتصور شامل يتضمن آلية تعريفية وعملية لهذه العدالة الاجتماعية المنشودة وكيفية تحقيقها في ظل مؤسسات الدولة النافذة غير الديمقراطية والقائمة منذ عقود على الفساد والمحسوبية والمصالح الشخصية والفئوية على حساب المصلحة العامة.

هذه العدالة الاجتماعية تتضمن المساواة في الحقوق والواجبات والتوزيع العادل للدخل القومي وضمان تكافؤ الفرص في إطار منظومة ديمقراطية تتسم بالشفافية وتقوم على تنفيذها مؤسسات الدولة نفسها. تظهر هنا الإشكالية الكبرى وهي مسؤولية الدولة التي تتشكل أصلا معظم مؤسساتها البيروقراطية وغير الديمقراطية علي أساس هرمي فاسد. تتمتع على وجه الخصوص المؤسسات الرئيسية للدولة (أجهزة الأمن والقضاء) بالعديد من الامتيازات والمصالح المستقرة، وبالضرورة لا يمكنها التفريط أو التنازل عنها.

يمثل القضاء واحدا من هذه المؤسسات المهمة بما يتعلق به من رقابة ومحاسبة وتطبيق للدستور والقانون في سبيل إقرار وتحقيق العدالة العامة، ومع ذلك يغلب على هذا المرفق السيادي الهام الفساد بداية من تعيين معظم أعضائه الذي يقوم على نظام التوريث أو المحسوبية حتى الترقي وتولى المناصب الهامة. أنتج ذلك خلال عقود طويلة سرطانا فاسدا وغير مؤهل للقيام بدوره الطبيعي المنوط به. فعلى سبيل المثال، رأينا الكثيرين من رؤساء المحاكم المصرية الذين لا يجيدون القراءة السليمة أو نطق الأحكام، فضلا عن أهليتهم الحقوقية للنظر والفصل القضائيين بما يضمن أخيرا تحقيق العدالة وإرساء دولة القانون.

تشمل أيضا هذه المؤسسات الرئيسية الأجهزة الأمنية متمثلة في الجيش والشرطة. لا تختلف كثيرا هذه الأجهزة الأمنية عن القضاء من حيث تشكيل معظم أفرادها وترقيتهم عن طريق المحسوبية والرشوة أو من حيث الامتيازات التي يتمتعون بها على حساب بقية الشعب. ينتمي هؤلاء جميعا لمنظومة الدولة الفاسدة التي يستفيدون منها وتضعهم فوق الرقابة أو المحاسبة وتضمن تفوقهم المادي والاجتماعي على حساب عامة الشعب.

هذه المؤسسات الحساسة الفاسدة والقائمة على شبكة مصالح معقدة لم تكن أبدا لتسمح بثورة شعبية لقلب أوضاعها أو اخضاععها لتحول ديمقراطي يحقق العدالة الشاملة بما يقتضيه ذلك أيضا من شفافية ورقابة ومحاسبة وفقدان لبعض الامتيازات والمكتسبات غير العادلة في إطار منظومتها المحصنة الفاسدة والمستقرة.

تحتاج الآن الحركة الثورية المصرية لتحديد موقف مستقبلي بشأن طريقة التعامل مع هذه المؤسسات الهامة التي تمثل بالتأكيد حالة عدائية للثورة والتغيير مقابل الحفاظ على سلطويتها وتفوقها الاجتماعي وأوضاعها الفاسدة. يثير هذا أيضا بعض الأسئلة الهامة والدروس المستفادة عن دور هذه المؤسسات في إجهاض تجربة التحول الديمقراطي المصرية، خاصة في ظل دولة أمنية غابت فيها لعقود طويلة الحريات والحركة السياسية الحزبية المؤثرة وتعاني أزمة نخبة نافذة ومؤثرة وقادرة على قراءة تفصيلية وتحليلية للمشهد السياسي وسياقاته الاجتماعية والتاريخية واستشراف المستقبل أو التأثير عليه ما أوصل البلاد أخيرا إلى أوضاعها الصعبة الحالية.

وللحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي