الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطاع غزة بين الحل الوطني والحلول غير الوطنية

إبراهيم ابراش

2018 / 7 / 1
القضية الفلسطينية


حالة غير مسبوقة من التكهنات والأخبار والإشاعات تغزو الساحة الفلسطينية ، فما يمر يوم إلا ونسمع عن مبادرة أو مشروع لحل إشكالات الأوضاع المتردية في قطاع غزة ، وهي جميعا وإن كان عنوانها الظاهر إنساني فإنها تُضمر حلولا غير وطنية للقضية الفلسطينية بشكل عام .
ميناء في غزة ، ميناء في العريش المصرية ، سفينة تركية لإمداد القطاع بالكهرباء ، محطة لتوليد الكهرباء بالغاز ، إقامة منطقة حرة على الحدود المصرية الفلسطينية ، إسرائيل ستسمح لعمال غزة بالعمل فيها ، إسرائيل ستسمح لسكان غزة بزيارة المسجد الأقصى ، مشروع قطري لحل مسألة موظفي غزة ، مؤتمر في واشنطن لبحث الأوضاع الإنسانية في غزة ، مبادرة إسرائيلية بالسماح بممر مائي إلى قبرص مقابل أسراها عند حماس ، إحياء مخطط أيغورا أيلاند حول توسيع غزة باتجاه سيناء ، عودة الإدارة المصرية للقطاع الخ .
هذا بالإضافة إلى السيناريوهات والأخبار الملتبسة حول صفقة القرن التي لا يعرف أحد كل تفاصيلها حتى الآن وأزمة الأونروا ، وإشاعات حول صحة الرئيس وخلافته وحول رواتب موظفي غزة حيث حبل الكذب بهذا الشأن طويل الخ .
ليس هذا فحسب بل تطُل علينا بين الفينة والأخرى شخصية جديدة قضت غالبية عمرها في الغرب لتطرح مبادرة جديدة وتُوعِد الفلسطينيين وخصوصا أهالي قطاع غزة بالفرج القريب مما يكرس ما تريده واشنطن وإسرائيل بأن القضية الفلسطينية ليست قضية وطنية سياسية بل مسألة إنسانية يمكن حلها من خلال المال ، وتتبارى أقلام ومثقفون ليبشروا بقائد جديد كل مؤهلاته أنه يملك الثروة والعلاقة الحسنة مع واشنطن !!! هذا لا يعني أن الحالة الفلسطينية لا تحتاج لتجديد في الأشخاص والبرامج حيث فلسطين ليست حكرا على الطبقة المهيمنة والأحزاب التاريخية ، ولكن المطلوب أن يكون الجديد والتجديد في الإطار الوطني وممن يختارهم الشعب وليس ممن تريدهم واشنطن .
يضاف إلى ذلك التزامن ما بين وجود الوفد الأمني المصري في قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي والوجود شبه الدائم للسفير القطري العمادي في القطاع في هذا الوقت الذي يشهد المرحلة الأخيرة من صناعة دولة غزة ، وهو وجود يذكرنا بما جرى خلال المرحلة الأولى لصناعة دولة غزة ما بين 2004 حتى سيطرة حماس على القطاع في يونيو 2007 ، فآنذاك كان يتواجد وفد أمني مصري استمر حتى سيطرة حماس على القطاع كما كان تواجدٌ قطري قوى من خلال تحركات وزير الخارجية القطري آنذاك حمد بن جاسم ، ولا نعتقد أن هذا التزامن جاء مصادفة أو له علاقة بانجاز المصالحة الفلسطينية أو تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع !!! .
يجري كل ذلك وكأن قطاع غزة والشعب الفلسطيني بشكل عام لا قيادة أو عنوان له ، وأن الشعب الفلسطيني بتاريخه النضالي ومؤسساته وأحزابه فقد القدرة على الفعل وأصبح ينتظر المُنقذ الخارجي ليحل له مشاكله ويخطط له مستقبله ، وكأن لا قيادات المقاومة والجهاد مؤهلة لقيادة الشعب ووضعه على طريق الخلاص ، ولا القيادات الوطنية في منظمة التحرير بكل فصائلها قادرة على ذلك ، وأن تصمت كل هذه القيادات عما يجري أو تكتفي بخطاب رفض خجول فهذا معناه الاعتراف بالعجز والفشل ، فشل مشروع أو هجوم السلام الفلسطيني الذي دشنه الراحل أبو عمار عام 1988 ، وفشل مشروع المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين الذي نادت به حركة حماس واكتسبت شرعيتها من خلاله .
إن كنا لا نريد التساوق مع تسريبات من هنا وهناك عن اتصالات تجريها واشنطن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع قيادات فلسطينية من السلطة ومن حركة حماس للتعامل مع الحلول غير الوطنية المطروحة ، وإن كنا أيضا لا نريد تضخيم الحديث الذي يجري عن تساوق حركة حماس مع حلول لغزة بمعزل عن الضفة وعن القيادة الفلسطينية ، إلا أنه يجب الحذر من الاكتفاء بخطاب الرفض والتنديد بصفقة القرن وبكل ما يتم طرحه من حلول وتسويات غير وطنية لمشاكل قطاع غزة ، فالرفض ليس دائما موقفا وطنيا . حتى يكون الرفض موقفا وطنيا يجب أن يكون مصحوبا بخطة هجوم تُعيد للقيادة الفلسطينية وللشعب استعادة زمام الأمور ومواجهة كل الأطراف المشبوهة التي تلعب في ساحة غزة وفي الساحة الفلسطينية بشكل عام ، وخطة الهجوم هذه تبدأ باختراق الجمود في ملف المصالحة الوطنية ، وهذا ممكن من خلال تسليم حركة حماس المسؤولية عن قطاع غزة لحكومة وحدة وطنية تقودها شخصية وطنية مستقلة ، ولا داع لمزيد من المكابرة بعد أن تأكد فشل حماس في إدارة القطاع ، بل وأساءت الحركة لنفسها كحركة مقاومة من خلال هذه الإدارة .
أي حل وطني لمأزق الانقسام وللأوضاع في قطاع غزة أفضل بكثير من كل الحلول المطروحة لفصل قطاع غزة وتأسيس كيان فلسطيني جديد سيكون شكليا تحت سلطة فلسطينية – حماس أو غيرها – ولكنه عمليا سيكون تحت إشراف إسرائيل وواشنطن وجهات مانحة .
الحل الأول سيُبقي أملا بالحفاظ على روح المقاومة وإمكانية تجديد المشروع الوطني على أسس جديدة ، أما الحل / الحلول الأخرى فستجهض وتصفي المشروع الوطني بكامله وستقضى على أية إمكانية لبروز حالة وطنية مقاوِمة في القطاع ، وسيستمر القطاع تحت رحمة إسرائيل وفي مرمى جيشها وتحت رحمة الجهات المانحة وفي مرمى تهديد وقف المساعدات .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء