الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا فقدت الاحزاب السياسية الكلاسيكية العراقية حيويتها؟

كامل الدلفي

2018 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



وتلاشى ذكرها وكأنها برتقالة يبست ونشف ماءها،ولم تعد تشكل عنصراً فاعلاً في المشهد السياسي، بل عنصراً منفعلاً بإطلاق..
نحدد تاريخية التراجع الحزبي بفترتين هما:
أولا- 1979- 2003 أو المرحلة الصدامية: كتب الكثيرون عن الاضهاد والملاحقة والفتك الذي مارسه صدام ضد الاحزاب السياسية والسياسيين يساريين وسلفيين، ولا اختلف مع ماكتب في دورالديكتاتورية في رسم مشهد التصحر السياسي ،الا اني ارى عواملا مهملة في مسارات التحليل تتعلق بالذاتية الحزبية نفسها واخفاقها في الوصول الى تقديرصحيح لاحداث المرحلة وقصورها عن التفاعل الحي مع كل ما يتعلق بالعوامل الموضوعية التي احاطت البلاد بتأثيراتها وتفاعلاتها وفيوضاتها التي كانت سببا لظواهر قاهرة فُرضت على العراق ( دولة ومجتمع)، قوبلت بسلبية مفرطة نظريا وعمليا من لدن تلك الاحزابدفعها الى الخروج التدريجي من دائرة الحدث السياسي العراقي، وانزلاقها الى مرتبة العامل الثانوي ومن ثم الهامشي ومن ثم الى عامل سلبي تام ومناويء للارادة العامة.
ومن المهم ذكر ابرز تلك الظواهرالقاهرة، وكيف تراجعت امامها الاحزاب الكلاسيكية من الوطني الى الكوموسبولتي.
1- (حرب الثمان سنوات) مع ايران1980-1988.
2- اجتياح الكويت 1990
3-حرب الخليج 1991
4-الحصار الاقتصادي 1991-2003.
اتناول مآل الاحزاب السياسية الى التدني من خلال موقفها العملي من المحاور اعلاه من خلال:
1- المخيال الاجتماعي
ان هناك مخيالا سياسيا اجتماعيا متمسكا بافراط مذهل في معيار الوطنية العراقية، و هوبمثابة غربال يعمل بصيغة تهويلية تعظيمية أو تسقيطية ، يفرض مقياس حكمه دائما بصيغة (من ليس مع الوطن فهو خائن )، وان ضريبة الخيانة تكلف الحزب او السياسي او المفكرهويته الوطنية، وكل الاحكام الحالية التي تواجه الحركة السياسية العراقية خرجت من فوهة المخيال المذكور.الذي وضع موقفها التاريخي في الحرب العراقية الايرانية المنحاز ضد العراق بحجة معارضة النظام السياسي الصدامي ، وتحت نفس الحجة، وقفت هذه الاحزاب ا مع الكويت في قضية اجتياحه ،ومع الاميركان أوان معركة اخراج الجيش العراقي من الكويت،واعلنت تأييدها قرارات الامم المتحدة في فرض الحصار الاقتصادي الظالم على الشعب العراقي.
2- ثنائية الوطني –الايديولوجي
الاحزاب المذكورة بشقيها اليساري والسلفي فقدت فرصة النضال الحقيقي السياسي والعسكري على الصعيد الوطني، لانها لم تدرك أهمية الوطن في المفهوم السياسي المعاصر، فهي لم تزل تعتبر بلد اللجوء او مكان الايواء وطناً مكافئاً للوطن الام، ضاربة عرض الحائط بحمولات التاريخ الحتمي الباعث لنشوء جماعات الذاكرة، ومايرافقه من تكوينات شعورية وهوياتية، تذلل قيمة النفس امامها، فسوغت لنفسها ان تتطوع فصائل منها وتنخرط في الجيوش المضادة او المطالبة بالانفصال في ساحات المعارك وتشتبك مع جنود عراقيين..هو اغراق الذات بالايديولوجي وصناعة التبريرات في تجاوز الوطني، نادر أن يفلت أحد من بني آدم من حبائل التأويل..
3- فرصة لملمة الذات حول محور الوطن
فات الاوان في الكلام عن الاحتمال الذي أوجه الانظار إليه، لكنه لو حدث في غضون حرب الخليج الاولى وعاد شباب الاحزاب السياسية للدفاع عسكريا عن العراق،لانقطع الطريق امام كثير من التداعيات ..لكن كيف ؟
ستكون الاحزاب السياسية وقتذاك في قلب الحدث، وتمتلك قوة عسكرية ضاربة، اكتسبت خبرة رائعة وكبيرة من القتال ، لاريب سيكون لها قول فصل في الحدث السياسي .ولو افترضنا بان قوتها غير قادرة على كبح تهورات النظام ساعة الدخول الى الكويت، لكنه من غير المشكوك فيه ستكون قادرة على قيادة الانتفاضة المجيدة التي اندلعت في آذار 1991 بعد الانسحاب القسري المهين من الكويت ،وتوجهت الانتفاضة بثقلها المنظم الى بغداد ودكت معقل النظام الديكتاتوري وربحنا ،و يمكن لأي احد ان يسجل تصوراته الحرة عن مكتسبات اسقاط النظام بعوامل محلية وطنية.

ثانيا- مرحلة 2003فصاعدا.
مرحلة المواجهة المباشرة بين الجماهيروالاحزاب العائدة الى الوطن بمعية ثالث محتل،من أين يبدأ الحوار والعازل الزمني اكثر من 25 عاما..
كل يعزز من دفاعاته ، الداخل المحترق بلظى الاستبداد والجوع والمرض والعزلة ،والخارج المرفه الناسي والذي يشتكي من وجع ترافة الغربة..
وظل قانون الايديولوجي/ الوطني هو الحاكم بين الشعورين..واعلن الاحتلال علنا وترادفت ظواهر لا تقل بأسا وشدة عما ذكرناه في ( المرحلة أولا). فقد توالى ضرب المدن العراقية من سنة 2004بشكل جنوني كالفلوجة والنجف ومدينة الصدر والبصرة ..ولم يتناول الخطاب السياسي لتلك الاحزاب هذه المعارك بلغة المواطنة او التعاطف او الاستنكار او التعاطف او أي موقف تحس من خلاله وشائج الانتماء بين الاحزاب والمدن القتيلة..
خالص جمع هذه المواقف المنثورة علىسطح ربع قرن اخرجت هذه الاحزاب من فرصة الوجود الكريم في مساحة العراق.
يدفعني الشعور بتأكيد وتدعيم آرائي في هذه الجزئية ان اسوق ماهو موائم من التجربة العالمية:
(قاد ماوتسي تونغ رفاقه الشيوعيين في حرب أهلية ضد خصومه الوطنيين، لكن اليابان تغزو الصين في سنة1937ويخشى الشيوعيون ان يواجهوا اليابان خوف النهاية او ليتركوا خصمهم يقاتل اليابانيين لوحده، لكن ماوتسي تونغ لم يوافقهم الرأي ..لانهم سيصدأون في الانتظار..وان قتالهم ضد الجيش الياباني المدرب سيكون فرصة كبيرة لتدريب الشيوعيين فنون القتالوواكتساب المهارات والكفاءة والحنكة،وغادر اليابانيون فعلا وانتصر الشيوعيون على خصمهم المحلي واستلموا السلطة ..من عدم الوقوع في احابيل الايديولوجي على حساب الوطني..وظل هذا ديدنهم فخرجت شيوعية الارض من التاريخ وظلت شيوعية الصين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إبن العمّ الأُستاذ كامل الدلفي
حميد الواسطي ( 2018 / 7 / 3 - 10:55 )
بَعد التحيَّة، بمُقتضى قولكَ -..لكنه من غير المشكوك فيه ستكون قادرة على قيادة الانتفاضة المجيدة التي اندلعت في آذار 1991 بعد الانسحاب القسري المهين من الكويت ،وتوجهت الانتفاضة بثقلها المنظم الى بغداد ودكت معقل النظام الديكتاتوري وربحنا ،ويمكن لأي أحد أن يسجل تصوراته الحرة عن مكتسبات اسقاط النظام بعوامل محلية وطنية.- أقول، وكـ مُقدَّم انتفاضة آذار 1991 الشعبانية ورديف مستشار الخوئي العسكري العميد محمد الرويشدي وتجربتي فيها وكـ شاهد عيان فأنَّ قائدها العام في الجنوب والفرات الأوسط أبوالقاسم الخوئي ومِن خلال نجليه..محمد تقي وَ عبدالمجيد الخوئي كانوا صِمَام أمان مِن زحف تلك الانتفاضة إلى بغداد، وقد لعبوا لعبة مزدوجة بين أتباعهم الشيعة – ثوّار الانتفاضة وبين صدام حسين؟ أي أنهم سَيَّرَوا الانتفاضة وفق ما كان يريد صدام حسين؟! أي في الحقيقة أو ما وراء الستار فالخوئي الأب ونجليه كانوا عُملاء في الانتفاضة..!! وأنا على إستعداد للإجابة على أيِّ سؤال أو إستفسار بهذا الخصوص..وشُكراً– حميد الدلفي / الواسطي.

اخر الافلام

.. حلقة جديدة من برنامج السودان الآن


.. أطباق شعبية جزائرية ترتبط بقصص الثورة ومقاومة الاستعمار الفر




.. الخارجية الإيرانية: أي هجوم إسرائيلي جديد سيواجه برد إيراني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي حانين وطير حرفا جنوبي لبنان




.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟