الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقارنة فكرية بين العراق ومصر

حيدر ناشي آل دبس

2018 / 7 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يخيّل للجميع إن مصر تمتلك من العمق الفكري ما تعجز عن الوصول اليه بقية البلدان العربية ألاخرى، وذلك من خلال الترويج الاعلامي الكبير لكتّابهم ومثقفيهم، إلا إن الحقيقة ليس كذلك، في البدء لابد من ذكر إن الابداع يتنمى من خلال نظام تعليمي متطور، ومناهج علمية متماهية مع آخر التطورات التي وصل اليها العقل البشري، لكن في عالمنا العربي نفتقد الى ذلك، فأنظمتنا التعليمية متهرئة وآلية توصيل المعلومة فقيرة جداً، لذا أصبح تنمية الابداع سيرورة فردية، فيأخذ الفرد العربي على عاتقه تطوير مداركه الفكرية دون مساعدة من مؤسسات يُفترض أن تضطلع بهذا الجانب، وبما إنه أحد أهم أسباب الابداع الفكري هو وجود صراع يعيشه الفرد سواءً مع الدولة أو الدين أو ورجاله، .... الخ، لذا نجد إن الفكر العراقي تعمق أكثر من غيره في مناقشة القضايا الفلسفية، الوجودية منها أو المتعلقة بحياة الانسان اليومية، ففي العراق صراع الفرد مع المؤسسة الدينية المنفصلة عن الدولة، حيث تحتل هذه المؤسسة مكانة خاصة تطغي أحياناً على الوعاء الحاضن لها وهو الدولة، لذلك نلاحظ إن المناقشات أرتفعت بسقفها داخلةً إلى كنه الافكار الدينية وأصولها ونشأتها، لتخرج الى النور دراسات معمقة درست الفقه وتطوره، المعاملات وفق النص وتناقضاتها مع الواقع المعاش، أساليب العبادات، التي بالمقابل يعمل سدنة الدين على توسيعها مع كل تطور للجهة المضادة في نقضها، فأرتفع سقف خيال دعاة الدين إلى الخرافة بأعلى أشكالها، والمضاد أرتفع للوصول إلى الالحاد وفق متبنيات فكرية آخذة بالاعتبار التطورات العلمية كسلاح تحاجج به، جهتي الصراع هاتين سيستمران على هذه الشاكلة وستنفلت الامور من عقالها ذات يوم، لكن الجانب المضيء هو ظهور دراسات علمية رصينة تُحسب للعقل العراقي في تطويرها وظهورها إلى العلن.
أما في مصر فأجد من خلال معايشتي هناك إن دراساتهم تمتاز بالسطحية إلا ماندر، والسبب إن صراع الفرد هناك مع الدولة وليس مع المؤسسة الدينية التي هي تابعة للدولة كأحدى مؤسساتها، ومثل ما هو معروف إن المناقشة الفكرية مع الدولة لاتحتاج إلى جهد فكري يناقش الوجود والعدم، أو المادة والوعي، أو الفقه وأصول الدين، لذلك تجد دراسات مفكريهم المعارضين للنظام السياسي تناقش الواقع اليومي للفرد طارحةً البدائل وفق المتغيرات والتحولات الآنية، مبتعدةً عن الخوض في المشاكل الفلسفية الكبرى، وحينما شذّ (نصر حامد أبو زيد) وطرح أفكاره، أول من حاربه متبنين الفكر العلماني، إذ وجدوا في مناقشاته غرابة وأختلاف عن ما جُبلوا عليه، وكذلك (سيد محمود القمني) الذي أتصلت به لأجراء حوار مطول معه، فوجدته منزوياً معتكفاً يشعر بالاحباط جراء محاربة من يدعون تبني العلمانية له.
خلاصة القول إن وعينا الفكري الداعي إلى تبني العلمانية منهجاً في الحياة أكثر عمقاً وعلميةً من غيرنا ألذين يدعّون غير ذلك.

مفارقة:
حضرت ندوة عن التنوير في القاهرة، فتداخل أحد الحاضرين ويطلب من الاخرين الاقتداء ب( الخضر) لبناء منهج تنويري!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد