الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مغرب الحماية .. ذاكرة تلاميذ وطن ..

عبد السلام انويكًة
باحث

2018 / 7 / 2
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


ضمن ذاكرة تربوية وطنية تلاميذية مشرقة عن ثانويتين عريقتين بمدينتين مغربيتين عريقتين، ورد أن الإدارة الفرنسية بعد سنتين من فرض حمايتها على البلاد، أقامت بدار الوزير "المنبهي" بفاس أول مؤسسة تعليمية ثانوية اختير لها إسم "مولاي ادريس"، مع ما للتسمية طبعاً من حمولة روحية ورمزية اجتماعية وخلفية فكرية تجاه جامع القرويين غير بعيد بالمدينة. وتذكر رواية الاستاذ "محمد الفاسي" أحد تلامذة هذه المؤسسة في سنواتها الأولى، أن أحد أساتذة مادة تاريخ الاسلام الفرنسيين بها كان بدور في قضية ما يُعرف بالظهير البربري، وفي نفس الوقت بخرجات مسيئة من حين لآخر لهوية المغاربة والمسلمين. مضيفاً أن هذا الأخير مس خلال ربيع 1920 بشخص النبي(ص)، فتعرض لتعنيف من قِبل أحد تلامذة ثانوية مولاي ادريس بفاس، وأنه لم يهدأ له بال حتى وضع باشا المدينة (البغدادي) هذا التلميذ في سجن فاس القديمة. وهذا ما دفع تلامذة الثانوية لتنظيم احتجاج بدأ مع فترة استراحة قبل أن ينتقل الى خارج أسوار المؤسسة، بحيث اجمعوا على استمرار احتجاجهم الى حين اطلاق سراح زميلهم المعتقل.
وعلى اثر ما كان لهذه البادرة التلاميذية الوطنية الفاسية من صدى وتأثير بالمدينة، وبعد ثلاثة أيام تمت الاستجابة لمطلب تلاميذ ثانوية مولاي ادريس، فقاموا بحمل التلميذ الذي كان معتقلا بمجرد خروجه من السجن على اعناقهم، متجهين به صوب باب أبي الجنود حيث الثانوية. فكان ذلك أول اضراب مدرسي ناجح في زمن الحماية الفرنسية على المغرب، رغم أن إدارة الثانوية قررت طرد التلميذ المعني بالأمر.
وبالرباط حيث ثانوية مولاي يوسف العريقة كان تلامذة هذه المؤسسة يحظون يوم عيد العرش (18 نونبر)، بدعوة للحضور الى القصر الملكي للاستماع الى خطاب العرش قبل مشاركتهم فيما كان يتم إعداده من قِبل الوطنيين بالمناسبة، من أنشطة تربوية وتحسيسية حماسية بعدوتي الرباط وسلا بحسب ما أورده "أحمد مصطفى عاشور" أحد تلامذة المؤسسة خلال هذه الفترة. وما كان يتلقاه تلامذة ثانوية مولاي يوسف من دروس من قِبل أساتذة مغاربة وطنيين، خاصة ما يتعلق بقضية الاستعمار وسلوك وتصرف رجال إدارته تجاه الشعب المغربي، كذا بأدوار القيادة المغربية ممثلة في السلطان محمد بن يوسف من أجل تحرير البلاد واستقلالها، كل هذا كان بأثر كبير في إعدادهم وتعبئتهم روحياً ووطنياً.
ولعل هذا ما ظهر جلياً بعد حدث اختطاف الادارة الفرنسية لكل من الحاج أحمد بلافريج ومحمد اليزيدي وغيرهم، بحيث بعد انتشار الخبر نهاية يناير 1944 ورغم اجراءات إدارة المؤسسة، التحق تلامذة ثانوية مولاي يوسف بتظاهرة شعبية كانت متجهة الى القصر الملكي بالمناسبة. ورغم ما حصل من انفراج في هذه الأزمة بعد التدخل الملكي وعند بلوغ من كان في هذه التظاهرة السلمية الى باب المدينة، تعرض عدد منها لنيران بنادق جنود سنغاليين ازهقت أرواح بعضهم، كما الطفل أخ عبد الحميد احساين المقرئ. وكانت الدراسة قد توقفت بثانوية مولاي يوسف بالرباط، على اثر ما تعرض له مديرها من ضرر بسبب تلامذتها الداخليين. وكان قد تم اعفاء عدد من الأساتذة المغاربة الوطنيين من العمل بثانوية مولاي يوسف بعد استئناف الدراسة بها، وتم القاء القبض على عدد من تلامذتها ليحاكموا في المحاكم الباشوية بالمدينة وليسجنوا ظلماً وعدواناً.
بعض فقط من ذاكرةٍ جمعيةٍ وطنيةٍ ارتبطت بأطفال وشباب المؤسسات التعليمية خلال فترة الحماية الفرنسية بالمغرب، ولعلها كانت بأحداث وتفاعلات وعلامات تباينت من مدينة لأخرى ومن مؤسسة لأخرى، قاسمها المشترك كان هو حس تلاميذي ووعي وطني شبابي مبكر، ودرجة تلاقح وتجاوب وثقة بين الأجيال من جهة وبين الأستاذ والتلميذ وبين السلف والخلف من جهة ثانية.
عبد السلام انويكًة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة