الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعايش و تصارع الثقافات داخل الحزب الواحد

كفاح حسن

2018 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يثير الاهتمام الصراع الفكري و السياسي المشتد وسط الشيوعيين العراقيين داخل و خارج الحزب. و هناك حذر شديد من البحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الصراع. فمن السهل اللجوء إلى المسطرة الحزبية و تبادل الاتهامات على أساس قواعد بالية تعرف باسم المركزية الديمقراطية و الضبط الحزبي و ما شابهها. أو بالتعكز على التفسيرات الطبقية و إتهام البعض للآخر بالوقوع في حبال البرجوازية الصغيرة المتذبذبة.
لنعود قليلا إلى الوراء, و لننظر إلى التشكيلة الاجتماعية لمجتمعنا العراقي.. فهي عبارة عن نسيج من الثقافات المدنية و الريفية و البدوية المتجانسة و المتصارعة. و التعرف على هذا النسيج و التعامل الحذر معه يجابهه المرء في حياته اليومية و تنقلاته. فأنا شعرت به في السوق الذي نشأت به حيث التجار و الكسبة من أبناء المدينة و الزبائن من أبناء الريف و البدو.. كنا كلنا سعيدين في لقائنا في السوق و نتبادل الأحاديث و التجارب. و لكن هناك تباين بيننا في فهم و تفسير الأمور و وصولنا إلى حلول و إجراءات متباينة.
و كانت الفرصة الثانية خلال انتقالي للدراسة في بغداد و دخولي الحياة الجامعية, حيث يكون هناك شعور واضح في التباين حتى داخل منظمات الحزب. فلطالما كنا نتهم بأننا من المحافظات و نختلف عن البغادة الذين هم منبع الحضارة و المعرفة. و قد عانينا جميعا و لسنوات حتى فهم أحدنا الآخر و استطعنا أن نتقارب لننقسم ألي ثلاث مجاميع .. أبناء المدن و الريفيين و البدو.. و نفسها بغداد, بحكم كونها العاصمة, هجر أليها الناس من مختلف أرجاء البلاد, و غزاها أبناء الريف حتى بلغ عددهم أكبر من عدد أبناء المدينة الأصليين.
و هنا نقف عند الحزب الشيوعي العراقي.. فلقد وضع أسس الفكر الاشتراكي في العراق هم أبناء المدن المتعلمين. و هم عملوا على بناء المنظمات اليسارية في العراق, إلى أن نجحوا في بناء الخلايا الأولى للحزب في الثلاثينيات.. و قد جذبت التنظيمات الشيوعية السرية عدد واسع و متنوع من العراقيين إليها.. و أصبح الحزب الشيوعي الحزب الجماهيري الأول في العراق.. و انتشر في معظم المدن و القصبات و الأرياف.. و إلى الريف نقله المعلمين من أبناء المدن و الذين عملوا في الريف أو أبناء الشيوخ الذين تلقوا تعليمهم في المدن و تطبعوا بعادات المدينة..
و هنا حصل - أيضا - التصادم ما بين الثقافة المدنية و الريفية و البدوية, إلى جانب الازدواجية المتعارف عليها في الشخصية العراقية ما بين المدنية و البداوة.. و هذا أدى إلى الصراعات الحزبية. و كان الرفيق فهد مؤسس الحزب, يتضايق من أبناء المدن و كان يتهمهم تهكما بالأفندية, و عمل على أن يضم إلى قيادة الحزب عدد أكبر من أبناء الريف, لأن التربية الريفية تربية ربوية تدعوا للانصياع للقائد ( الشيخ, الأب , رجل الدين, المسؤول الحزبي) و تحرم النقاش الحر. على عكس الشخصية المدنية التي تنشد الاستقلال في التفكير و الموقف..
و خلال مسيرتي السياسية التي عبرت الخمس و الأربعين عاما.. عايشت هذا الصراع الثقافي في كربلاء و بغداد و بيروت و براغ و أربيل و السليمانية و إلى حد هذا اليوم داخل و خارج الحزب..
و لننظر الى الخلاف الجاري حاليا حول التحالفات الانتخابية و السياسة اليومية للحزب.. هنا نشاهد بوضوح التصادم الثقافي.. فمن هم جمهور رجال الدين و السائرين خلفهم بطواعية مطلقة.. هم أبناء الريف أو المهاجرين إلى المدن من أبناء الريف..
من هم المدافعين عن تحالف الحزب الشيوعي مع رجال الدين , هم - أيضا - معظمهم من أبناء الريف أو من أبناء النازحين إلى المدينة من الريف..
من يقف و بقناعة و تصميم نحو بناء جبهة يسارية علمانية.. هم الشيوعيين و اليساريين من أبناء المدن.
و هنا أدعوا إلى فهم تنوع الثقافات داخل الحزب و اليسار و العمل على التعايش معها و دفعها إلى الانسجام بدلا من التصادم.. و من خلال الوعي و الحرص الحقيقيين يمكننا التوصل إلى سياسة تقود الحزب إلى سياسة جماهيرية و واقعية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ردة الفعل على القيم والقواعد اللينينية هي كما
علاء الصفار ( 2018 / 7 / 3 - 14:54 )
ان يكفر البشر اليوم بالحضارة السومرية وحمورابي لانها جاءت الحضارة و المسلة القانونية الحضارية والمدارسة والعلوم!الخلل ليس بلينين ومركزيته الديمقراطية والضبط الحزبي الشيوعي! فهذه الامور ياسيد هي لحماية حزب العمال امام نظام القيصر ’وأثبت لينين أن العمال بأنتظامه المركزية الديمقراطية الحديدية, وعملهم الثوري يمكنهم الاطاحة بالنظام القيصري العبودي. لكن للاسف كثير من كان شيوعي لم يقرأ كارل ماركس ولا دروس ثورة الكومونة في باريس!إذ حدد ماركس سبب الفشل وعالج لينين الخلل و حقق اول ثورة اشتراكية عبر الدرس العلمي في نظام حزبي ثوري, امام قوة بر برية سا فلة, ففي الوقت الذي تملك امريكا البروارج والصواريخ و الخديعة والزيف أمتلك كاسترو ناصية الفكر الماركسي وتحدى و صمد وعلى بعد أميال من أمريكا. لكن العراقي الشيوعي لم يقرأ التاريخ الثوري للعراق من ثو رة قراامطة وثورة الحسين, فكيف يعي و يفسر الثورة البلشفية, طالما الشيوعي لم يقرأ رأس المال لماركس, نبقى نولول بالعطب في الديمقراطية المركزية.هنا تحضرني أغنية أم كلثوم بمقطعها - دل العيب فيكم و فحبايبكم أم ماركس يا عيني عليه- فقليل من فكر ماركس يغني ويسمن!ن


2 - ثم هناك خلطة لا بد من تفكيكها
علاء الصفار ( 2018 / 7 / 4 - 13:47 )
وهل الرفيق يعرف ان واضع الفلسفة البروليتاريةهو ماركس؟ رجل القانون والفيلسوف العظيم ابن المدينة, من ثم هل يعرف الرفيق ان قائد الثورة البلشفية هو ابن موسكو المثقف والسياسي ذا الظراز الثوري الرائع و ابن المدينة والشعب الروسي, وهل عرف الرفيق أن هناك شئ اسمه شغيلة اليد و الفكر, ومن ثم هذا ليس حصرأ على العراق ان يكون ابن بغداد متميز لكونه شاءت الظروف ان يولد هناك, للعلم ان العواصم في العالم هي بوتقة لصهر البشر, فيوسف سلمان و غيره من ابناء المحافاظات ,ابدعوأ ليس في الحزب بل حتى في العلوم لكن الدرس كان يجريفي بغداد, وهي مدرسة للشعب كله و من زمن الجامعة المستنصرية, ومن ثم رأينا جعفر ابو التمن و محمد مهدي الجواهري,الاول ابدع في السياسة والتنظيم والاخر في الشعر وكلاهم صقل ثقافته في بغداد, ثم جميع السياسيين يتوجهون لبغداد من اجل استلام المناصب الوزارية, ولليوم, يوجد ابناء المحافظات وهم فخورين بعاصمتهم بغداد. اي ان عكازة البدو وابناءالمخافظاة هي اسوء من استخدام المركزية الديمقراظية إذ جاءت محشورة حشرأ, للعلم الكثير من ابناء الريف منصارواثوار ومنهم ماو هوشي منه.التخلف هو المشكل يا رجل ليس
البدو!ن

اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا