الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفن التقدمي ودوره كسلاح ضد القمع والاضطهاد

آدم روبي
ناشط حقوقي وسياسي مغربي وباحث سوسيولوجي

(Roubi Adam)

2018 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


"انا الاديب وانتم أدرى"، من اروع ما غنى الشيخ امام من كلمات الشاعر المصري العظيم محمود الطويل، وهي من بين القصائد التي تعكس مدى تأثر جيل بأكمله بهزيمة 67 التي لم يكن للشعب و لفنانيه و شعرائه يدا فيها، مما ولد لهم حقدا مضاعفا على انظمة الذل التي تحكم والمتسببة الاولى في النكسة، ان الاغنية مع كل ما تعكس من تراجيديا شعبية تعكس ما تعانيه الجماهير من طرف هاته الانظمة الجاثمة على صدورها تولد لدى سامعها احساسا بالمعاناة التي يتشاركها المثقف او كما يسميه الشاعر هنا "الاديب" مع شعبه، لقد عبر في هاته الاغنية عن مرحلة تاريخية مليئة بالدموع، والجراح، والعذاب والتعذيب الذي تعانيه هاته الشعوب من طرف الانظمة و من طرف الصهيونية والرأسمالية. انها مرحلة ما بعد النكسة ولكن لم يتوقف فقط في نهاية الستينات بل كذلك في بداية السبعينات مع انفتاح السادات ومعاهدة السلام التي حاول خلالها النظام توهيم الشعب باسترداد الارض مقابلة معاهدة خيانية عمقت تبعية هذا النظام للصهيونية و تمكينه لها لاستغلال ونهب ثروات الشعب المصري وكافة الشعوب المستضعفة..ان فضح الشيخ امام لهذا الوهم وذر الرماد في اعين الجماهير كان اكثر من شعراء و فنانين عديدين الذين ربطوا النكسة باشخاص او وزراء كانوا في فترة جمال عبد الناصر، نفس الحديث الذي ردته السلطة في عهد السادات آنذاك الذي ربطت ذلك بالتنظيمات التابعة للحزب الحاكم في عهد السادات "الحزب الاشتراكي العربي" و شبيبته المتمثلة في "التنظيم الطليعي" ليتم شن حملة قمعية في حق الطلبة الذين كانوا ينشطون بهذا التنظيم لقفل ملف راح ضحيته الاف من ابناء الوطن الذين سقطت دمائهم بالحرب النظامية، ليتم فتح ملف اخر بعنوان "الانفتاح" والارتماء في احضان امريكا والصهيونية بعدما كان الارتماء قبل ذلك في احضان قوى امبريالية اخرى والتي كانت تستغل الشعوب كذلك. لم يكن للشيخ امام وبعض اصدقائه من الشعراء مثل محمود الطويل حدود في نقدهم و فضحهم لهذه المؤامرات في حق الشعوب مثل غيرهم من المثقفين والادباء لانهم بكل بساطة لم يكن لديهم ما يخسرونه الا حريتهم التي كانت تسلب منهم كلما زج بهم في السجن مثل غيرهم من المثقفين الشيوعيين. سواء من طرف نظام عبد الناصر او من السادات او مبارك..ولهذا لم يقدس منهم احدا كغيره من المثقفين الذين كانوا ينتظرون هبة من هذا او ذاك من الانظمة ..
لقد مثلوا زهورا تدمع لها العين التي اطلعت واسع الاطلاع على تجربتهم و لا تجد امام تضحياتهم سوى الوقوف وقفة اجلال وذهول لهذه العظمة التي تمثل جزءا من تضحيات الشعوب التواقة للتحرر والانعتاق..
لقد الف محمد فؤاد نجم العديد من الاغاني وهو داخل السجن "سجن القلعة".. وغنى الشيخ امام العديد من الاغاني المهداة للعديد من المناضلين والمناضلات سواء بسجن القلعة او سجن القناطر.. لذلك كان فن هؤلاء العظماء حقا.. عظماء بشعرهم وفنهم في فترة تعالت فيها سياط الجلاد و جن جنون القمع الدموي في حق مظاهرات الطلبة و حملات اعتقال الشيوعيين الشرسة التي كانت تستهدف اخراس الصوت التقدمي، و اجتثاث اليسار سواء من الجامعات او من الوطن عموما... في هذه الفترة كان الشيخ امام يغني وسط هذه العتمة.. عتمة الوطن.. وعتمة البصر..
لقد جربت هذا الشعور العظيم شعور الغناء وسط مخافر القمع.. غنينا انا و أحد معتقلي الريف ذات يوم عندما اعتقلونا في نفس اليوم (كل بالتهم التي اختاروا ان يلفقوها له) كنا جنبا الى جنب ولم نشعر بانفسنا حتى بدأنا في نفس اللحظة نردد اغنية سعيد المعربي نعم لن نموت..
فغنوا يا رفاقي و واجهوا سياط الجلاد بالغناء وبالابتسامة فانهم يخشون و يهابون و يضجرون لان ذلك يعطي القوة والشجاعة والجرأة امام قمع لن ينتهي ولن يمحى الا عبر عمل جبار و صمود فولاذي و قوة ليس لدي وحدي بل الامل كل الامل في الجماهير فهي صانعة التاريخ هي صانعة المجد ..
ومن هنا اهدي هاته الاغنية الرائعة للشيخ امام لكافة الرفاق و الرفيقات الذين يعانون الظلم والقمع اليومي الى ادباء و مثقفي شعبنا البطل...
اترككم مع كلمات الاغنية:
أنا الأديب وأنتم أدرى وعاشق الناس والخضرة
لا عمري طبلت ف حضرة ولا قلت حاضر للنصاب
الله الله يا بلدى ولا كنا صحاب
*
خاين ولا حد يجيروه زي الكلاب يلقى مصيره
قتيل وفايت فينا غيره ماشيين وف نفس السرداب
الله الله يا بلدي مخبر ع الباب
*
سلام مربَّع للجرانين فارشين صور تحت العناوين
سينا اللي راجعة عريسها عنين وأغلب المعازيم عزَّاب
الله الله يا بلدي والكل كلاب
*
آدي السلام ولا بلاشي سينا اللي مدفع مافيهاشى
بالأمر جيش ما يروحهاشي حطولها قفل ورَزة وباب
الله الله يا بلدى والأرض خراب
*
مشوا الجيوش مشية وِزَّة ترقص وعقبى ليوم غزة
اشرب وح يجيبوا المزَّة من أورشليم فستق وكباب
الله الله يا بلدي والعيشة هباب
*
ما احلى السلام بطَّل كلاكيع ممنوع كلام ضد التطبيع
علشان ما يلحق نفسه يبيع أحلامنا يا حلاوة الأحزاب
الله الله يا بلدي شوفو الكذاب
*
أصل الحكاية أن بهية مدبوحة وبتدفع دية
يا مصر حتعيشى مطية إذ يحكمك دبوره وكاب
الله الله يا بلدي سنوا الأنياب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير