الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يسير المجتمع المصري على طريق الثورة؟

أحمد بدوي

2018 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لا يبدو فشل حركة 25 يناير المصرية لغزا محيرا في سياق مدى تطور المجتمع المصري على كافة مستوياته بالقدر اللازم لنجاح ثورة. يتطلب نجاح الثورات عموما درجة من الدعم الشعبي الكبير عن طريق توافر الوعي الراسخ بأسباب الثورة والفاعلية الدافعة لإحداث الثورة مرتبطا بهذه الأسباب. تاريخيا تسبق الثورات تحولات فكرية ونفسية واسعة على كافة مستويات المجتمع تصاحبها أيضا تطورات كبيرة من أمثلة عصر التنوير الأوروبي وأثره على الثورتين الفرنسية والأمريكية.

خرجت أخيرا حركة 25 يناير المصرية المفاجئة ببعض الشعارات العامة كان أبرزها– "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، ثم تلت هذه الحركة بعامين موجة احتجاجية أخرى هي حركة 30 يونيو تعلقت بأسباب شعبية مزعومة شبيهة هي– "العدالة الاجتماعية والحقوقية، والسياسة الاقتصادية، والأمن". أسباب مازالت كلية قائمة بل زادت حدة تدهور معظمها بشكل كبير تحت حكم النظام العسكري الحالي الذي أسس شرعيته في نهاية المطاف على هذه الموجة الاحتجاجية الأخيرة. يطرح ذلك تساؤلا منطقيا وبديهيا للمتابعين، وهو– أين ذهبت هذه الكتلة الحرجة الحاسمة والدافعة لحدوث ونجاح ثورة؟ يحدد وجود هذه الكتلة الحرجة أيضا أحد احتماليين– التغيير الثوري الجذري، أو مجرد تغيير قيادي محدود.

وعلى الرغم من أهمية وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة في نشر الأفكار الثورية المتقدمة في المجتمع إلا أنها تحولت أخيرا إلى مجرد منصة كلامية خلف الشاشات غير مصحوبة بالفعل الواقعي الذي يمهد عادة لحدوث الثورات الكبرى. أظهرت هذه الوسائل الاجتماعية كل تناقضات المجتمع وأزماته، وقدمت رؤية تقديرية عامة لقدرة المجتمع في مرحلة تطوره الحالية على إحداث وإنجاح تغيير ثوري كبير. يبدو هنا فشل تجربة الثورة المصرية (2011- وحتى الآن) مفهوما جدا ومؤقتا. تدفعني أخيرا هذه المقدمة القصيرة للتساؤل الذي هو عنوان المقالة الحالية، وهو– هل يسير المجتمع المصري بالمقاربة التاريخية على طريق ثورة إصلاحية قريبة؟

تبدو الإجابة عسيرة جدا وظنية إلى حد بعيد، كما أنها تحتاج إلى متابعة دقيقة وواسعة للمجتمع المصري على كافة مستوياته ودوائره. مايزال ظاهريا حلم الصعود والانفصال الطبقي بين معظم فئات المجتمع المصري حاضرا في ظل الغياب الواسع للتحديث الذي يخص حياة هذه الفئات. مازالت أيضا صيحات الهجرة والانفصال الشبابية صاخبة ومتكررة. مازالت النخبة المصرية المفترضة تعيش حالة انفصالية رثة، وتثير كثيرا من علامات التعجب والاستفهام بتناقضاتها الصارخة وغياب تأثيرها. مازالت الحلول الجماعية النوعية لأزمات المجتمع المعقدة غائبة، كما تبدو الصورة العامة بائسة جدا للمراقب الخارجي. يغيب عموما الاشتباك العملي مع الأسباب الداعية للتغيير الثوري، وتبدو أحيانا الحالة العامة الواقعية كما لو أن المجتمع بمستوياته ودوائره المختلفة منفصلا أو متجاهلا لمشاكله وأزماته التاريخية الثقيلة والدافعة لحدوث مثل هذا التغيير اللازم– فيما عدا الحالة الكلامية العامة والمجانية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضي.

تنعكس قوة المجتمع عموما في قدرته على نشر وإحداث تغييرات واقعية نوعية واسعة وملحوظة بين فئاته الاجتماعية المختلفة وحواضره. هذه التغييرات التحديثية والفكرية سبقت ومهدت وأثرت في العديد من الثورات التاريخية مثل– التحول الصناعي الكبير في روسيا والثورة الروسية، وعصر التنوير الأوروبي والثورتيين الفرنسية والأمريكية. تبدو مثل هذه التغييرات الكبيرة غائبة أو غير ملحوظة في السياق المصري الواقعي الحالي، وما يعنيه ذلك أيضا من عدم توافر الكتلة المجتمعية الحرجة بالإمكانيات المطلوبة لإحداث ثورة تغييرية كبيرة.

مما لا شك فيه أن التجربة الثورية الينايرية المصرية وما تلاها من أحداث قد أضافت كثيرا إلى السياق المصري العام الذي قد يساعد يوما ما في حدوث تغيير ثوري مستقبلي، ولكن مازال الطريق طويلا أمام تغييرات فكرية ونفسية كبيرة بين المصريين يترتب عليها حدوث ونجاح هذه الثورة المستقبلية المأمولة. وأخيرا ربما تختصر ثورة الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة هذا الطريق الطويل عن طريق توسيع قاعدة الأفكار الثورية ونشرها، ولكن يبقى ذلك أيضا مرهونا بعمق هذه التغييرات الفكرية والنفسية وتملكها وقدرتها على إنتاج تأثيرات وتمهيدات واقعية ملحوظة ومنتشرة.

ودائما، تحيا مصر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك