الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فولان مالي - بين الحياة والموت

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2018 / 7 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


منذ أكثر من إسبوع، نتابع عن كثب جل التقارير الإعلامية التي ترد من دولة مالي حول الصراعات الدائرة بوسطها، والتي راح ضحيتها عدد من الشعب الفولاني المالي بالميلاد والتاريخ، والحقيقة اننا نشعر بقلق شديد وأسف حيال ما يجري في دولة مالي، وفي الوقت ذاته نثق بأن الحكومة التي يقودها الرئيس ابراهيم ابو بكر قادرة أن توقف هذا الصراع وتحقن دماء الأبرياء وتنصف المظلومين بحلول مرضية، خاصة وأن أكثر المتضرريين هم من بسطاء المجتمع المالي الذين يعيشون يومهم بسلام ولا يحلمون إلا بيوم آخر مثل الذي سبقه، وقد عاشوا لسنوات طويلة في مالي يكافحون من أجل الحياة كسائر شعوب افريقيا وكل أهل مالي، فحكومة مالي منوط بها أن تحمل مسؤلية حماية شعبها دون فرز او تمييز، ونتطلع لأن تقوم بدورها الكامل والمنشود لنشر السلام والعدالة ومنع الجريمة والحرب مهما كانت أسبابها ودوافعها لأنها لا تجلب للمجتمع إلا الفقر والجوع والتشرد وهو ما لا نتمناه أن يحصل في أي دولة افريقية لأننا كغيرنا عشنا وعايشنا تجربة الحرب في السودان.

الحروب الإفريقية في عدد من الدول كانت نتاج ظلم وقهر وتهميش سياسي وإقتصادي وإجتماعي تتعرض له شعوب بعينها من قبل الأقلية الحاكمة، فتثور تلك الشعوب ضد الأقلية المسيطرة بعدة أشكال حسب تركيبة المجتمع والثقافة والإمكانيات الإقتصادية ونوع الصراع ودرجة الظلم، فالذي يضمن تحقيق السلام في دول افريقيا هو إعادة النظر في مسألة التنمية والعدالة والمساواة الإجتماعية وتأهيل الريف بتوفير خدمة مدنية متوازنة من تعليم وصحة ومشاريع الإنتاج حسب طبيعة الريف المستهدف وإحتياجاته مع وضع خطط وبرامج تشجع السلام والتعايش السلمي بين المواطنيين ونشر ثقافة الإحتكام لعدالة القانون لحل المشكلات الفردية والجماعية التي تنشب من حين لأخر داخل المجتمع، فدولة القانون والعدالة باتت تتراجع في دول افريقية كثيرة، ومع تراجعها تتصاعد الجرائم وتكثر الحروب ويتحول المشهد تدريجيا إلي حالة فوضى عارمة تعم البلاد، وكلما تم بسط السلام والتنمية والعدالة وسيادة القانون إرتقت الشعوب وقلت الجرائم والحروب.

فالفولان في مالي يعيشون ظروف سياسية وإقتصادية أشبه بحياتهم في السودان ودول كثيرة، وليسو وحدهم، بل هنالك شعوب آخرى تعاني وتشقى، وهذه الأوضاع القاسية تجلب التنافس علي مصادر الحياة الكريمة والإنسانية أينما كانت كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن، وعند أهل الريف او المجتمع البدوي يأخذ التنافس درجة عالية ويتحول إلي نزاع وصراع وفي الغالب يدور حول المزارع والمراعي والمواشي، فالكل يعمل بكل جهده لتأمين ما ينوبه ومصدر الحياة له ولأسرته، لذا لا تأخذ هذه المشكلات طابع سياسي إذا تم النظر إليها من هذه الزاوية، لكن المخيف أن تستغل هذه الظروف في بيئة ومناخ الريف من قبل مجموعات سياسية منظمة لتحقيق مصالح ومكاسب من وراء نزاعات مجتمع الريف، هذا الأمر سيؤدي إلي إرهاق الدولة وإستنزاف مواردها وإنحلال عقد نسيجها الإجتماعي وتعطل تقدمها وتطورها.

في مالي نرى أن المشكلة ما زالت في طورها الأول ولم تأخذ طابع النزاع الإجتماعي او الساسي الحاد لدرجة تصعب معها الحلول، فالوشائج الإجتماعية والتواصل الثقافي روابط ممتدة لعشرات القرون بين الماليين الذين صنعوا اقدم واقيم الحضارات الإنسانية ولا يمكن بترها بدخان الرصاص او مسح تاريخ طويل كتب بالحبر لكتابة تاريخ آخر بقلم رصاص، إنما الذي يجب أن يحارب هو مصدر الحرب وجماعات التطرف والإرهاب التي تعمل لتشتيت المدنيين وتشريدهم كجبهة تحرير ماسنا في مالي والشباب المجاهدين في الصومال والأخوان المسلمين في السودان ومصر وداعش في ليبيا.

إننا نأمل لأن تنتهي مشكلات مالي وكافة الدول الإفريقية، وندعوة حكومة وشعب مالي لتوخي الحيطة والإبصار بعين التاريخ والواقع ومآلات المستقبل لتدارك هذه المشكلة والإنتهاء منها ومن أسبابها، كما ندعوا التنظيمات السياسية والمنظمات المدنية المالية والإقليمية لتحمل مسؤلية إنصاف الحق بالرأي والموقف الإنساني والأخلاقي، ونرسل برقية تحية وإحترام لحزب إتحاد قوى التقدم المورتاني الذي دفع ببيانه منذ الساعات الأولى لأحداث مالي، فتكامل القوى السياسية والمدنية والشعبية في افريقيا مؤشر لوحدة العقول والأرواح لشعوب القارة وهو من الأشياء التي تدفع نحو الإتحاد السياسي والإقتصادي الإفريقي، وفي ختام الحديث نرجوا ونتمنى أن يبادر المثقف المالي والإفريقي بدعوة صريحة وسريعة لعقد مؤتمر السلام والتعايش السلمي في دولة مالي كبزرة صالحة للزرع ومؤكد انها سوف تنمو في كل حقول ووديان افريقيا من أجل بناء مستقبل مشترك ومشرق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران