الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنة تحت اقدام الامهات

مهند طلال الاخرس

2018 / 7 / 8
الادب والفن


ترتبط البراءة بالطفولة في علاقة ازلية وحكمة سرمدية كصنوان متلازمان يقترنان ولا يفترقان، فتجدك ترى البراءة وتعرفها كطفل ينظر فوق رأس والدته وهي تصلي وعندما تنتهي تقول له مابك ؟! يبتسم ولا يجد الوقت ليرد عليها ، تنتظره بحب لا تريد ان تقطع عليه تلك البسمة، يطول انتظارها، تمد يديها على وجنتيه، تتلمسهما برفق، تتحسس بطرف ابهامها اسفل عينيه، تنتظر الدموع فلا تأتي، تكبر الابتسامة وتعلو وتطغى على العينين، فلم يعد الصغير يقوى على فتح عينيه من الضحك، يشتد الضحك ، يغمض الصغير عينيه، تنهمر الدموع على الوجنتين تختفي الضحكة وتبرد البسمة وتجف الدمعة، يمارس ابهام كف الام شيئا من دورها وبعضا من دوره ويمسح دمعة انزلقت، تعاود العينين دورهما في البحلقة والاتساع يشتد الضحك، فتعود شدة الضحكة سيرتها الاولى بإلزام العين على اغماضها، تعاود الدموع كَرتها، تنهمر من مقلتها، تبطيء الضحكة تدحرجها وتوسعها الى ان تختفي وتعود سيرتها الاولى، فيعود ابهام كف الام الى ممارسة دوره الازلي بمسح دموعنا من جديد.

كأن سُنّة الكون وبراءة الطفولة وحنان الام تجسد في تلك النظرة وما يلفها وفي تلك الدمعة وما يخالجها من اختصار لعلاقة البراءة بالحنان وعلاقة الام بطفلها وعلاقتهما الاثنين بالخالق الباريء المصور.

وليكتمل تعريف البراءة، تعاود العينين سيرتهما الاولى، يرتفع الحاجبين، تبحلق العينيين بسرور، ترمش اهداب العين فرحا وحبا، يختبيء فيها شيء من ذلك البريق وكثير من ذلك الحب، وتبقى محدقة بنظرها فوق راس الام على فراش صلاتها، تعود البسمة ويعود ذالك البريق بالظهور، تعاود الام التمعن في عينيه لترى انعكاس صورتها فيهما فلا تجده، تدقق فيهما اكثر ترى انعكاس صورة شخص آخر يقف خلف رأسها ، تلتفت خلف رأسها حيث صورة الشخص المعكوسة في العينين لا تجد شيئا، تعاود النظر الى الطفل تجد مسلسل البسمة قد بدأ من جديد، لكن لم يبكي الطفل هذه المرة؛ يُخيّل اليك ان هناك من ربت على كتفه وطبع قبلة على جبينه وطار عائدا من حيث أتى بعد ان قال شيئاً مفرحاً إستدعى هذه الضحكة المجللة بهذه البراءة، عادت الام لممارسة حرفتها الابدية بضم الطفل الى حضنها حتى عاد قطعة منها، اغمضت عينيها على صغيرها، شعرت بطيف يحلق فوق رأسها يرعاها كما ترعى صغيرها برمش العين والاحضان، حاولت ان تترك طفلها لترى مَن ورائها، لم تستطع، فالطفل يلتقط انفاسه بأمانٍ على صدرها، توجست الام لبرهة، قطع هاجس الخوف لديها سكينة سكنت روحها سريعا ما اطمئن لها قلبها ونسمة هابطة من السماء ودفءُ انفاس تَحِنُّ على رأسها، ترافقها يدٌ تَربُتُ على كتفها وشفاه سرمدية تهمس في أذنها : "الجنة تحت اقدام الامهات".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا