الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وسائل التّواصل الاجتماعي وتطبيع العداء المجتمعي

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 7 / 9
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الصحافة البديلة التي حلّت محل الصحافة القديمة، والتي كانت تعتمد النسخة المطبوعة، لكن على سبيل المثال لم تتغير صحيفة الغارديان، وواشنطن بوست في نسختها الالكترونية من حيث النّهج عن النسخة الورقية، ومن حيث الكتّاب في تلك الصّحف التي يملكها البعض -كما الأتلانتك- المملوكة من قبل الديموقراطيين، وربما كتاب الرّأي هم من الصّف الأول في الحكومات كوزير، أو مساعده، وهم ملمّون بالشّأن الذي يكتبون عنه كونهم كانوا مسؤولين مباشرين أو لا زالوا في الموضوع الذي يكتبون عنه. . لم يكن الآيفون، وتويتر ، والفيس بوك موجودين في السّابق، أو بمعنى آخر لم تكن وسائل الإعلام الشّخصية ، أو ما يدعى وسائل التواصل الاجتماعي موجودة ، فكان هناك خط يستند إلى عدم التضليل، وهذا ما كانت تقوم به الصحافة بالنسبة للأحداث لتي تغطيها، وخلال التّغطية يتسابق الصحافيون على " المصداقية" أو الصدق، وقد كان الصدق هدفاً بحد ذاته وهذا لا يعني اكتشاف الحقيقة، ولا يعني عدم وجود صحافة صفراء في جميع الظروف.
الصحافة البديلة التي بدأت تنشر الخبر عن طريق تغليفه بالرأي الشخصي، وإعطاءه طابع دعائي جعل التمييز بين الصحافة الحقيقية ،والصحافة المقنّعة بالأكاذيب ربما لا يكاد يميّزه سوى الخبير، كما أن توزيع الخبر من خلال شبكات إعلام اجتماعية قد تكون معادية للمجتمع ، والتي في أغلب المعلومات التي تصدرها
واردة من الأصدقاء وجهات الاتصال على وسائل الإعلام تلك.، حيث يمكن أن تتنافس الأخبار الكاذبة مع الأخبار الحقيقية، فالأخبار الكاذبة تستفيد من المناخ الموات مثل عدم الثقة . لا مفر من تلك الصّحافة فالثورة الرّقمية قد غيرت شروط التواصل والاتصال في العالم، ونحن كدول شرق أوسطية جزء من هذا العالم .
الإعلام الاجتماعي نجح من خلال معاداته للمجتمع، لكنّها معاداة قد تصل إلى التنمّر من قبل المجموعات في الغرب، وتعريب كلمة التّنمر هو البلطجة، وأو وفق التعبير السّوري التّشبيح، قد ينتحر شخص بسبب التنمر على الفيس بوك في الغرب، وقد يقتل مئة ألف بسبب تنمّر سوري مثلاً، ففي سورية يحاول الجميع تطبيع الكذب والعداء المجتمعي مما شرخ المجتمع بشكل عامودي وأفقي، وكان لوسائل التواصل اليد الأطول في ذلك الشّرخ، حيث اختلف السوريين على تعريف الدكتاتور مثلاً مع أنّ التعريف واضح، ووصفوه بالبطل الذي يحارب الإرهاب، وفي نفس الوقت اختلفوا على الفصائل الإسلامية المسلحة التي تجمع الشباب تحت عناوين جميلة ليمارسوا أفعالاً قبيحة. اختلف السوريين حول تعريف الدولة الدينية فاعتبر بعضهم أن الدولة العلوية التي تضمّ بين صفوفها أيقونات زينة رخيصة من باقي المكونات التي يمكن رميها متى شاءوا فوصفوها بالعلمانية، ووصفها أنصار صدام والإسلاميين بالنصيرية التي تستحق الدّعس. هذا كلّه أتى من ثقافة الفيس بوك. حتى الطلاق والزواج في الكثير من حالاته أسبابه فيسبوكية.
هناك نجوم لصحافة الزّيف المعادية للمجتمع، وقد أخذت القنوات الفضائية العربية تلك الثقافة، وطبّقتها، فنحن نجد مثلاً لغة منحطة في البرامج السياسية فعندما يقول لك مقدم البرنامج بمجرد أن تجلس أن زميلك على الطرف الآخر قال عنك حقير فماذا ترد عليه؟ هل هذا يندرج تحت صفة الحوار؟ وأجد نفسي أقارن بين هذا الكلام ومقال ينتقد خطاب حزب البيئة في الميدالين في السويد حيث كان عنوان المقال " حزب البيئة يضيع في الحقول" كان عنواناً يدعوك للابتسام ، وخلاله شرح الكاتب إمكانيات بلده على التنمية الزراعية المستدامة بأرقام توثيقيّة يمكنك ان تستشف المصداقيّة" النسبيّة" عندما أقارن بين بلدين فلأنني أعتبر السويد بلدي الثاني، وأتمتع بقراءة المقالات، أو حضور النشاطات، وأعرف أن الغرب غرب، والشرق شرق.
ربما لا زلنا نحتاج لقراءة مقال سياسي، أو اجتماعي دافئ أكثر من حاجتنا لقراءة م أكثر من حاجتنا لقراءة صورة فيسبوكية، أو قراءة تغريدات ترامب المعادية للإنسانيّة، لكن هذا مشروط بوجود كتّاب بالدرجة الأولى ، وقرّاء يتابعونهم في الدرجة الثانية، ومع أن الكاتب العربي موجود لكنّه مغيّب بحكم الواقع. هو بضاعة غير مرغوب فيها. جميع الكتاب العرب هم كتّاب السلطة داخل دولهم، أو كانوا كتّاب سلطة، فمن كان يكتب ضد الأسد كان يمدح صدام حسين كنزار قباني، ومن كان يكتب ضد صدام كان يمدح الأسد كالجواهري، ومن يقدم لنا الترف ، والعلم، والفهم هم الطبقة الحاكمة، والتي تقدم تلك الأفكار كشعارات كي تحافظ على ديمومتها، ومن تلك الشعارات حب الوطن، والدفاع عنه حتى الموت، ونحن جميعاً نتبنى تلك الأفكار، ونثور بنفس الوقت على السلطة. نقدّس جميع الرموز التي تقدمها الأنظمة العربية، ونعتز بهم كثوريين.
بغض النظر عن كان من صرخ في الثورة السورية ضد الاستبداد إن كان قد خرج من الجامع أو من معبد الإلحاد ، لكنّه كان صوتاً جديداً على الواقع السوري، صوتاً لم يكتمل لأن الشعارات الاسلامية قدمت لنا بشكل جميل أيضاً ، لكنها لم تقدم نموذجاً إنسانيّاً .القيم الإنسانية عند جميع المليشيات الإسلامية، والإلحادية التي أظهرت أننا لا زلنا نعيش فكرة الغزو، فما يفعله الأسد تفعله أي مليشيا من حيث القتل والتعفيش، وإن كنّا نعتقد أن الغرب سيأتي ليحمينا فنحن مخطئون. ربما اقتنع الغرب أن الدكتاتورية تناسبنا كشعب عربي، لذا سوف نرى مزيداً من الدكتاتوريات العربية المتناحرة، والتّسميات المختلفة للمعنى الواحد، وتكون وسائل التواصل هي الكفيلة بتقسيم المقسّم، وقتل من لم يقتل، ويكون نجوم الإعلام قد أرضوا غرورهم، وتكون الفضائيات العربية قد اغتنت وأصبحت دولة داخل دولة أخرى يسودها الاضطراب كاليمن وسوريّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على