الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي

دعد دريد ثابت

2018 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


قبل سنوات طويلة، وبعد حرمان طال أمده بسبب حكم صدام الجائر وعدم إستطاعتي زيارة العراق وأهلي، تفكرت بمحاولة دعوتهم رسمياً وخاصة بعد حيازتي على الجنسية الألمانية، بالرغم ولليوم أشعر بغربتي عن أي قوم معينين وإنتمائي الوحيد والمجرد لنفسي وللكائنات المختلفة غير البشرية، والأطفال حتى بدئهم بالسير على قدميهم، وبعض الحالات النادرة جداً لبعض المخلوقات الإنسانية. نرجع لسالفتنة، أتصلت بوالدي وفي تلك الأيام الإتصال مكلف جداً وفقط الأرضي، لأسأل عن تهجئة أسمائهم بالضبط، حتى لاتحصل مشاكل وعرقلة بالدعوة، التي ظننتها في بادئ الأمر بمنتهى السهولة، وأُثبت لي لاحقاً خطأ ظني بإستحالة هذا الأمر علينا جميعاً. فأخبرني والدي اسمه دريد سعيد ثابت البتاعي( لا أود حتى ذكر إسم العشيرة، وأستعضت بهذا التشبيه) وقد فُرض على العراقيين بأمر من المعتوه صدام أن يدونوا بشهاداتهم و جوازاتهم بأسمائهم الرباعية لا الثلاثية كما كان قبلها وذلك لبداية التمييز العشائري والعرقي، وهو مالم أعرفه لغيابي الطويل عن العراق والمستجدات التي شهدها هذه الشعب المسحوق، فقلت له: هذا ليس بإسمنا، فرد عليّ: هذا إسم عشيرتنا. وبكل براءتي وعفويتي التي محركها كونيتي منذ طفولتي، قلت له أن اسم عشيرتنا ثابت، أجاب هذا إسم والد جدك، فقلت له: اليس هذا بعشيرتنا؟ ومن هم هؤلاء البتاعي، الذين تزعم بكونهم عشيرتنا، وماهم العشيرة؟
أعادني هذا الموقف، لموقف آخر بطفولتي المبكرة جداً. فقد دخلت الروضة بعمر العامين، أي اصغر مما هو معتاد عليه، اي بعمر الـ 4 أعوام، وكنت أصغر واحدة في الصف. وفي يوم عدت للبيت باكية منتحبة، كأن أتعس ماحصل في الكون، يوم لم تزقزق العصافير، أو كسر لي أحدهم دميتي المفضلة، فسألني والدي مابالك حبيبتي، لم تبكين؟ فأجبته وأنا أشهق: الأطفال سألوني، أأنت سنية أم شيعية؟ فأجبتهم: شبيه سني؟( أي ماذا ألمّ بسني)، وضحكوا جميعهم مني، وأصبحوا يتندرون عليّ. فقل لي بابا، ماهو سني وشيعي؟ فأُسقط والدي من يديه، ولم يستطع إجابتي، للعلم والديّ ينتميان لعقيدتين مختلفتين تماماً، وأحدهما من شمال العراق، الموصل، والآخر من جنوب العراق الناصرية، أي أكثر من هذا التناقض في العراق، لايوجد الا بزواج يهودية من مسلم مثلاً.
هي إحدى الأسباب، التي دعتني لإختيار إسم لالة على صفحات الفيس، ليس لأني لا أحب دلالة وقصة ومعني دعد، وأشكر القدر أن والدي لم يختر لي إسماً غير جميل، بل لأنني أردت أن أختار شيئاً لم يُختر لي، مذ ولادتي التي لم أخترها، والدي، ديني، قوميتي، شكلي وكل حياتي تقريباً تأثرت بهذه القولبة المفروضة عليّ.
وثانيا، ليس لي ذنب أو فضل بهذا الإسم أو العائلة، لكي لايتم طلب صداقتي، على أساسه أو على أي أساس آخر كالشكل أو أي تفصيل آخر، وإنما فقط على ماهيتي، وهو كإنسانة لاغير. فلقب إسمي معروف في العراق وكنت أعاني منذ صغري، وبالرغم من عدم فهمي حينذاك السبب بشكل واضح. فهناك من كان يلعن هذا الإسم بسبب نشاط عمي وعمتي السياسي، بغض النظر من مخالفة رأيي الشخصي سياسياً اليوم من إتجاهما حينذاك، ومنهم من كان يقدسهما. بالرغم من أن هناك من هو أقدم وأكثر نضالاً في عائلتي، كوالدي الذي تنازل وبهدوء عن القيادة، لفهمه وإستيعابه شروط اللعبة وقذارتها، والذي لم يمنع من سجنه الطويل الذي دونت عنه سابقاً، وقبله جدي سعيد ثابت (المكني بسعيد حج ثابت ليس لتدينه وإنما لأخلاقه) المناضل العصامي الذي كان من المقربين للملك فيصل الأول، وحتى نضاله في سبيل الثورة العربية لتحرير العراق وسوريا وفلسطين مع زملاء مناضلين آخرين له في تلك الدول من الإحتلال البريطاني الفرنسي، وأحدهما كان الشهيد أخ جدتي نبيهة (أي جدي أيضاً)، التي تزوجت من جدي سعيد بعد تشرذمهم ومقتل أخوتها وفقدانهم أملاكهم، وهو أحمد مريود الذي قاوم الإستعمار الفرنسي بعد أن أحاطوهم، بوشاية من أحد رفاقهم، وقتلوه مع أكثر من 60 شخصاً من عائلة مريود بعد مقاومة عنيفة.
هذه أول مرة أذكر بعض من تفاصيل تاريخ عائلتي، من جهة الوالد فقط، لأنني احمل هذا اللقب. ولكن هل أنا من قمت بكل هذا؟ وهل كان لي يد يحسناتهم أو أخطائهم؟ بشجاعتهم، جبنهم، مآثرهم وأحلامهم؟
علي أن أثبت وجودي بأفعالي أنا، وليس بأفعالهم، وأن يحكم عليّ لذلك، وليس لما حققته تلك العائلة -العشيرة- على مدار ذلك التاريخ.
فلو كان جدي مثلاً مجرماً أو جلاداً، ماذنبي أنا، لأحاسب بذلك؟ ولليوم ينظر لفرد يولد صدفة وهو يحمل إسم عشيرة، كحكم المؤبد، فلا يحق له إمتهان أعمال أخرى، أو الإختلاط بأطفالهم، أو التزوج من عشيرة أخرى، فقط لكونه أقترف ذنب ولادته بهذا الإسم أو ذاك.
ماذنب هذا الطفل أن يُحرم ويُعاقب، وهو لايفهم من الأمر شيئاً، ويربى على أنه الأقل شأناً، أو على العكس يُربى على أنه أفضل وأرفع مكانة من غيره؟
وهذا الأمر نراه ليس في العراق فقط، بل وكل بلاد العالم من شرقها لغربها، ولكن الإختلاف بالغرب، أخف، بسبب تطور الوعي نوعاً ما. فلا يحكم على شخص بلقب معين أن يزاول مهنة واحدة لاغير، كما في الهند. فهناك طائفة يُعتبرون من الأنجاس، ولايحق لهم غير مزاولة عمل تنظيف المجاري، تخيلوا؟
أما آن الأوان، وإن أتعبكم ذلك، أن تخلعوا هذه الأسمال العشائرية البالية من أسماء والقاب، على الأقل في صفحات الفيس وليس في دوائر النفوس، وأن تسمووا أنفسكم ماشئتم، عوضاً عن الجحنتي، الفيسرنجي وكل ماعلى شاكلة هذه الأقنعة، التي ليس لكم فضلاً بها، والتي لا تدل على شخصياتكم ولا على مراكزكم التي لن يبقى منها شيئاً بعد مماتكم غير شاهد من حجر. وأن تخففوا من أثقال كواهل لاشأن ولا منة أو عار لكم وعليكم، لكي تولدوا من جديد عراة من أي ذنب، ومكافأتكم الوحيدة هي أنكم أنتم، وبما ستحققوه أنتم بأفعالكم وعقولكم، لاغير
ودمتم لدعد أم اللالة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق