الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السجناء السياسيون وتدوين التأريخ

حسين رشيد

2018 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


السجناء السياسيون وتدوين التأريخ
حسين رشيد
بعيداً عن الحديث عما يدور حول مؤسسة السجناء السياسيين وكيفية إدارة شؤون السجناء والمعتقلين، والمحسوبية في انجاز معاملات جهات على حساب جهة معينة، حتى وصل عدد السجناء حسب تسريبات الى قرابة ثلاثة ملايين سجين، جلّهم من مكون واحد، إذ يكفي في بعض الحالات كتاب تأييد صادر من أي حزب اسلامي كي يكتسب الشخص صفة سجين سياسي ليتسلم عشرات الملايين من الدنانير، سواء أكانت مرتبات متراكمة أم تعويضاً عن أيام الاعتقال في سجون البعث التي لايمكن تعويض ولو دقيقة واحدة منها بمليارات الدنانير، أو مبالغ المنحة والمناسبات الدينية، ناهيك عن سيل الامتيازات الأخرى من قطعة الأرض والقرض الإسكاني وليس انتهاءً بالقبول الجامعي وكأنهم يعيدون سنّة (أصدقاء الرئيس) إبان النظام البعثي المباد. حتى تلك الامتيازات فيها مفاضلةٌ بين هذا الطرف وذاك الطرف السياسي.
لاتوجد احصائية محدّدة في موقع المؤسسة الإلكتروني عن عدد السجناء ونوع الاضطهاد الذي لقيه كل واحد منهم أو مدة السجن والاعتقال والتوقيف، كما يخلو الموقع من قصص وحكايات السجناء ومآثرهم بالتصدي للنظام البعثي المباد، الأمر الذي سيصبح بعد حين، مجرد تقارير وكتب إدارية تنتفي الحاجة لها بعد أن تنتفي الحاجة لمؤسسة السجناء السياسيين بعد سنين عدة. بالتالي هدر تاريخ من المآسي والتعذيب والقتل والإجرام الذي ابتكره جلاوزة وأزلام البعث وانظمته الأمنية.. شتى أساليب التعذيب في التحقيق، أساليب وحكايات نسمعها من معتقلين وعوائلهم، ونقرأ بعضها اليسير جداً في مقالات صحفية أو أعمال أدبية سردية إن كانت قصصاً معدودة أو روايات لاتتعدى أصابع اليدين.
لو افترضنا أن هناك (100) ألف سجين سياسي حقيقي اعتقلوا وعذّبوا في سجون البعث، يعني أن هناك (100) ألف حكاية وقصة عاشها المعتقل وعائلته، ويعني أن هناك (100) ألف جسد عذّب واطفئت به أعقاب السكائر، وعلّق بمروحة السقف، أو صعق بالكهرباء، أو إلتوت عليه عصا الالمنيوم، يعني (100) ألف عائلة عاشت الحرمان والمطاردة والمراقبة والترهيب وزيارات ليلية مُفاجئة، كما يعني أن هناك أطفالاً يتم النَيْل منهم بالدراسة، وشباباً لايُقبلون في الجامعات وإخوة لايسمح بسفرهم أو تعيينهم، أمهات يبحثن عن الدمع في جفونهن وآباء ارغموا على البراءة من أولادهم، يعني أن هناك مقابر جماعية، وأرقاماً بدل الأسماء، ودهاليز سجون لايعرف من زجّ بها الليل من النهار، بل لايعرفون التأريخ إن كان الشهر أو السنة، فقد غابت عنهم الشمس يوم دخلوا السراديب. كل هذا وأكثر مهملٌ من مؤسسة السجناء التي يتحتم عليها إعادة كتابة تأريخ الاضطهاد العراقي، وتشجيع الكتّاب والقصاصيّن والروائيين على كتابته من خلال اعتماد مسابقة سنويّة للقصة والرواية تهتم بهذا الجانب وتبحث به وتدوّنه للأجيال المقبلة، التي يجب أن تعلم كيف قضى أجدادهم حياتهم في ظل سلطة البعث الفاشي. كل ذلك لايحتاج إلا للجنة مشتركة مع اتحاد الأدباء يتم وضع الشروط المناسبة للمسابقة السنوية التي ستعد حافزاً للكثير من الكتّاب لتدوين ذلك التاريخ المعذّب، مثلما يعد تكريماً لأرواح من أعدم وضحّى بأغلى ما يملك من أجل أن ينعم كل أبناء البلاد بنظام حكم يحترم الجميع ويوفر سبل العيش الكريم لهم ويصون حقوقهم، نظام لايعرف طريق السرقة والتزوير والترهيب والتخوين، نظام إنساني يحزن لدمعة طفل وليس نظاماً تقطّر أنيابه دماء ضحايا جدد نحتاج لكتابة تأريخهم.
الكتابة الأدبية أفضل من تدوّن المأساة الإنسانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت