الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة أنثروبولوجية للإجابة على سؤال : من نحن

مازن كم الماز

2018 / 7 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يفرق الأنثروبولوجيون الثقافيون ( الغربيون ) بين مجتمعات الذنب و مجتمعات العار - الخجل و تلك التي تقوم على الخوف , حسب الآلية المستخدمة للسيطرة على الأفراد و "الحفاظ على نظام أو تماسك المجتمع" .. تتحقق هذه السيطرة في مجتمعات الذنب بخلق و تكريس مشاعر الذنب و توقع العقاب سواء في هذا العالم أو بعد الموت عقابا على سلوكيات أو أفعال معينة , أما مجتمعات العار - الشرف أو الخجل فهي تعتمد على مشاعر الخجل و التهديد بالنبذ الاجتماعي .. ثقافة العار - الشرف تقوم أساسا على المظاهر و على تواطؤ الجميع على الاستسلام للقيم السائدة مهما بلغت من تفاهة و مهما كانت درجة اقتناعهم و التزامهم بها في الواقع .. يعتبر كثير من الأنثروبولوجيون الثقافيون مجتمعاتنا , المشرقية و العربية إسلامية أو مسيحية , مجتمعات قائمة على العار - الشرف و مركزية مشاعر الخجل في مقابل المجتمعات الغربية التي تستخدم آليات الذنب الشعورية و التهديد بالعقاب للسيطرة على الفرد .. و طالما أن الأفراد في مجتمعات العار - الشرف مستعدون لفعل أي شيء "للحفاظ على شرفهم" أي على المظاهر المرتبط بقيم و فكرة العار - الشرف فإن السائد بين الأنثروبولوجيين الغربيين أن هذه المجتمعات أميل للعنف .. أما النوع الثالث من المجتمعات : مجتمعات الخوف , فهي تلك التي تقوم على الخوف من العقاب و العنف المباشر .. كي نفهم الفروق بين هذه الثقافات و الجماعات يمكن أن نتصور الفرد في المجتمعات الأولى و هو يتساءل قبل أن يقوم بأي سلوك : هل سلوكي "صحيح" أم لا , بينما يتساءل الفرد في المجتمعات القائمة على ثقافة العار - الشرف : هل سأجلب العار على نفسي بتصرفي هذا و كيف سينظر إلي الناس , أما الفرد في المجتمعات القائمة على الخوف فيطرح سؤال وحيد في كل الأوقات : هل سيضربني أحدهم إذا قمت بهذا ؟ .. أحد "بدع" الأنثروبولوجيا الثقافية الغربية هو مفاضلتها بين آليات سحق ذوات الأفراد و تدجينهم : أن الروبوتات , الماكينات , أو المسخ التي تنتجها آليات التهديد بالعقاب و مشاعر الذنب أقل عدوانية و عنفا من الروبوتات التي تنتجها ثقافة العار - الشرف .. يقول الأنثروبولوجيون الغربيون أن مشاعر الذنب تترك هامشا ما للفرد كي يتحاور مع المؤسسات العقابية و يقاومها أحيانا , كي يتنفس و لو بعضا من فرديته , فيما تسحق مشاعر العار - الشرف - الخجل أية قوة و استقلالية خاصة بالإنسان و تسحقه و تتركه عاريا , مهزوما من داخله .. إن الخوف من العقاب لا يمكن أن يقارن كقوة تدجين و رعب بمشاعر العار و الخجل .. لكن إذا تركنا الروبوتات في الغرب سعيدين باكتشافهم هذا و انتقلنا إلى شرقنا يمكننا القول أننا نعيش اليوم في مجتمعات يوحدها الخوف من العنف العاري , من الاستباحة المحتملة في أية لحظة .. و إذا لاحظنا أيضا أن المشروع الإسلامي يقوم على إعادة الاعتبار لثقافة العار - الشرف , كان من المنتظر من هؤلاء أن يعودوا بنا من مجتمعات الخوف القائمة إلى مجتمعات العار - الشرف - الخجل السابقة , الماضوية , على اعتبار أن مفاهيم و مشاعر العار - الخجل هي "أصيلة داخلنا" , جزء من "هويتنا" الخ , كما يقول الإسلاميون و من يلف لفهم .. لكن ما رأيناه في الممارسة أن الإسلاميين هم أيضا يلجؤون لثقافة الخوف التي زعموا أنهم يمثلون نقيضها و أنهم يعيدون تأسيس جماعاتنا "الأهلية" على أساسها .. كل ما هنالك أنهم يستخدمون ثقافة العار - الشرف - الخجل في إنتاج نوع جديد من الحرس - العسس - الجلادين ليمارسوا عن طريقهم ثقافة الخوف و الإكراه المباشر على الآخرين ... و نبقى حائرين , بين ثقافات الخوف السائدة أو تبني آليات جديدة للاستلاب و القمع "أكثر عقلانية" و "أقل عنفا" أو "العودة إلى أصالتنا" المتمثلة في ثقافات العار - الشرف - الخجل و إعادة إنتاج جماعات من الروبوتات التي لا تجيد إلا السمع و الطاعة , و القتل أو الموت , إذا صدرت الأوامر ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غرقُ مطارِ -دبي- بمياهِ الأمطارِ يتصدرُ الترند • فرانس 24 /


.. واقعة تفوق الخيال.. برازيلية تصطحب جثة عمها المتوفى إلى مصرف




.. حكايات ناجين من -مقبرة المتوسط-


.. نتنياهو يرفض الدعوات الغربية للتهدئة مع إيران.. وواشنطن مستع




.. مصادر يمنية: الحوثيون يستحدثون 20 معسكرا لتجنيد مقاتلين جدد