الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن ننفظ؟ وسوف ننتفض

قاسم محمد حنون

2018 / 7 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد التضارب الطبيعي بين مصالح الجماهير والسلطة البرجوازية للاسلام السياسي المشتت، نتج عنها ولوج الجماهير الى الساحات بتنظيم ارقى واستراتيجيات طبقية، خاصة بعد ان فشلت الحركات الاسلامية والقومية بتوفير حياة حرة كريمة وعمل وخدمات. انه رد فعل تاريخي تجاه العملية السياسية الفاشلة والنهابة والتي همشت ذات الانسان وحقوقه وعبثت بمصيره. حروب داخلية, خطف, انهيار اجتماعي ومخدرات, وبطالة وهدر لانسانية الانسان وثروته وكرامته وحريته... لقد ادركت الجماهير ان لا اصلاح او انتظار ينتج من ضمن العملية السياسية التي بنيت وفقا لمصالح الدول الكبرى، والدول الاقليمية وتابعيها من القوى السياسية التي سمنت وعاثت بمصير الشباب والاغلبية الساحقة من الشعب الكادح. لقد اصطفى الشباب العاطل والحر والمنهك والذي مورس عليه كل هذا الاعتباط والقهر والرضوخ ليقول كلمته ويمارس سياسته, التي هي بالضد من البرجوازيين بمختلف مشاربهم من الاسلاميين والقوميين ومؤسساتهم الثقافية والفنية, وذيولهم من الاجهزة الامنية والمليشياتية. انه انفصال موضوعي وواقعي مع كل تلك المرجعيات السياسية ومن مهد لها وغذاها بلحضة عمر تلك العملية والتي على طولها كانت الجماهير تعاني العوز والفاقه والانهيار.
الامية والعصبية والكراهية وغياب الانسنة الاجتماعية. كلها كانت بسبب هذا النمط الاقتصادي للعملية السياسية, وخصخصة المؤسسات الحكومية, وسيطرة الشركات النفطية والمؤسسات المالية الاخرى الصحية والتعليمية مما افرزت فقرا هائلا وامراضا خطيرة واغتراب وجرائم. فلم يتبقى سوى القمع وزجهم بالسجون وتعذيبهم وتهميشهم. وهذا هو الاصطدام الطبيعي بسبب الفجوة بين الارستقراطية السياسية والدينية وذيولها الاعلامية والثقافية، واجنداتها الخارجية للراسمال العالمي وتصدير النفط لشركاته وترك الشباب بحسرتهم. ومن هنا قرر شرفاء المجتمع بدلا من التوسل والتملق والخضوع والرضوخ"؛ للوقوف وانتزاع الحقوق والضغط على السلطات والمليشيات بشكل مستقل منها ومنفصل... وهو مفتاح النجاح.
انطلقت الشرارة من الوجع والبؤس والقتل والاستهتار بالانسان. من البصرة وزحفت كالغضب لباقي المدن الجنوبية. وفي خضم هذا الصراع وعدم قدرة السلطات على ايجاد حل. ومن خلال الحوار النضالي بالساحات العامة وليس بالمنتديات الثقافية حيث مازال هنالك افق ومجمايع تتامل وتتوهم بالانتخابات والاصلاحات، والعودة الى الحل من خلال نفس القوى وعمليتها السياسية.
ان تاريخ تلك القوى التي سمت نفسها مدنية وقبلت ايادي المليشيات وخولت ونادت بالاصلاحات، مازالت تضلل الجماهير وتبحث عن منقذ داخل القوى في العملية السياسية، وهي غير مبالية بالشباب والعاطليين عن العمل والجوع والحرمان. ان تجميل اي حزب او حركة او تيار جرب في تلك المرحلة هو ضحك وانتهازية واضحة ضد العاطلين وعمال العقود والأجور اليومية, والذين هم تحت خط االفقر. لذلك تحتاج الجماهير الى حركة شبابية تحررية ثورية. تنطلق وبالفعل انطلقت من الواقع وليس من ذهن وعقول الفلاسفة والكتاب والفنانيين. انها الطبيعة الثورية للشباب التي تحتاج الى التنظيم وهم اعرف من غيرهم الى تنظيمها, من خلال الممارسة والتاريخ العام. ان تطويرها ومتابعتها ونموها هو مسؤلية الجماهير بالتعاون مع الثوريين والمتمرسيين في النشاط الاحتجاجي الثوري وليس الاصلاحي والمدني.
أن وعي الطبقة العاملة من خلال الممارسة والانخراط في نضالاتها يفوق بالتأكيد وعي المثقفين. ان المراهنة على الوعي الثوري للجماهير هو الحل وهي الوسيلة الوحيدة لانهاء الشقاء والحزن والجوع وتفشي الامراض. واي حزب ثوري عليه ان يكون متطابقا مع ذلك الوعي، ويكون جزءا منه. وايضا والحديث لتجارب التاريخ، ومع الثورة المصرية، لم يُجبَر الديكتاتور مبارك على التنحي إلا باجتياح موجة إضرابات عمالية ضخمة انتصرت للحراك الشعبي.
هذه الفكرة الأساسية أثبتت عمق واقعية النظرية مع مرور الزمن بأن الثورة العمالية أصبحت ملحة الآن وذات تأثير أكبر مقارنةً بالقرون الماضية.. يجب ان نوجه ندائاتنا داخل المعامل والشوارع والجامعات. وذلك من خلال تاسيس مجالس ثورية متحضرة ومدروسة خطوة بخطوة. يجب تشكيل ووضع عنوان لحراكنا وتوحيدها، وايضا ارسال مفاوضيين للمحتجين في بقية المحافظات في الشمال والجنوب. والحذر من الجمل المنمقة والشعارات المفاجئة, من قبل اناس مفاجئيين ومحاولة بروز احزاب لتحقيق اهدافها خارج اهداف الجماهير. سترفع تلك الاحزاب شعارات الجماهير وستعلوا المنصات لانها جاهزة ومنظمة باطار العملية السياسية. وستحرف القيادة الناشئة وتعود بها لاحضان الحركات والشخصيات التي دمرت المجتمع طيلة تلك السنوات, وقطعت الامل والحرية وقتلت حتى فرحتنا بسقوط الديكتاتورية لانها نفس العقلية بوجوه مختلفة ومتعددة. فللبرجوازية بدائلها وشخصياتها ولعبتها. انها لعبة يجب ان نلعبها ونناضل ولا نكون عميان. يجب الثقة بقيادة الشباب وهم اعرف من غيرهم بما فعلته تلك الاحزاب الدينية والاخرى الذيلية والانتهازية التي تجمل العملية السياسية عبر الشارع ايضا لاحتوائه. كما احتوته بالتظاهرات الاخيرة في بغداد وذهبت وساومت لتحقيق مصالحها وليس مصالح العاطليين والعمال. ان انظارنا ومشاركاتنا ونقدنا وجرئتنا بين ايديكم وسنكون معا شركاء بالنضال والخوف والكر والفر والتخطيط عبر المجالس الجماهيرية. يجب تشكيلها بالشارع العام وهذا النموذج هو الشكل الديمقراطي المباشر والسيطرة على الانتاج ووسائله وادارته من قبل تلك المجالس. ان منطلقنا طبقي وليس قومي ديني او عنصري او اي شيء اخر. ننطلق من هويتنا الطبقية، التي هي الانسانية والاخاء الانساني من اجل العيش كبشر معا بلا استغلال او حرب او تهميش وكراهية.
هنالك بالفلسفة مقولة تقول ان الظاهرة ابتلعت الماهية. بمعنى ان الجوهر الحقيقي لهذا الوضع هو النظام الاقتصادي الراسمالي بالعراق الذي يتماهى مع الشركات العالمية وسياستها التجارية والصناعية. ليصادر اموال وثروات الجماهير باسواقها وبنوكها العالمية. فالنظام السياسي هو تابع لهذا الاقتصادي. والحكومة والعملية السياسية برمتها تتماهى مع سيدها البرجوازي وتكون تابعه وخاضعة من جانب لتخضع الفقراء والكادحيين من جانب اخر. وتمارس عليه وبنفس ثروته التي استولت عليه عبر هذا الشكل السياسي الملائم للاقتصادي ابشع انواع الاستغلال.
لقد بات الكادحيين والعمال والعاطلين يعرفون من هم اصدقائهم، ومن مستغليهم مهما كانت الشعارات. فالساحات والواقع الحياتي يعلم الجماهير اكثر من مكتبات العالم قاطبة. وهذه هي الرقصة الثورية للجماهير الثورية. ستكون انظار العالم التواق للتغير والتحول من عالم الى عالم اخر. من عالم مختنق بسلعه واغترابه وفردانيته الى عالم المساواة الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد