الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


Coming out .. 8 .. Shattered dreams .. 2 / 2 .. جزء تاسع ..

هيام محمود

2018 / 7 / 16
سيرة ذاتية


Coming out .. 8 .. Shattered dreams .. 2 / 2 .. جزء تاسع ..


هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5934 - 2018 / 7 / 15 - 17:35
المحور: سيرة ذاتية



* ( تامارا ) و ( أميرة ) .. 4 ..

مِنَ العاشرة إلى السادسة عشرة , عاشَتْ ( تامارا ) نتائجَ غياب أخيها حيثُ كانَ الثمنُ الذي دُفِعَ باهظًا جدًّا عند الأم الشيء الذي أَثَّرَ عَلَى السنتَيْنِ اللتَيْنِ تَلَتَا الحادث .. كانت تَرَى تَدهورَ حالة أمها الصحية وغيابها الكلّي عن كل أدوارها التي كانتْ تَقُومُ بها قَبْل الحادث , غابتْ عنِ عملها غابتْ عنِ المنزل غابتْ عنها ولمْ يَبْقَ لها إلا الأب والمُدبِّرات وخصوصا الكبيرة منهنّ ..

طوال السنتَيْن سألتْ ( تامارا ) دون تَوقّف "لماذا أخذ الله أخي ؟" ولم تَجِدْ إجابة شافية فأجابَتْ وحدها : "الله شِرّير لأنّه قَتَلَ أخي" , "الله سَبَبُ مَرضِ ماما لأنه قَتَلَ أخي" ..

تَجزمُ ( تامارا ) اليوم أنَّ بذرةَ إلحادَها بدأَتْ مع وفاةِ أخيها ومع ذلك الظلم واللاعدل الذي عاشَتْهُ ومع كل تلك الأسئلة التي كانتْ إجاباتها واضِحةً لكنْ لا أحد من الذين سُئِلوا وقتها كانَ يَرَى ويَعِي .. قضية العدل كانت جوهرية عندها , الظلم كان عظيمًا وكان من المستحيل أنْ تَقْبَلهُ وتُمرِّرَه .

إلى اليوم يُعاني البشر من الأوهام ويَقولونَ أنَّ اللهَ هو المُمِيتُ , لو تأمّلوا الموتَ وكل اللاعدل والعبث اللذيْنِ يُحيطُان بهِ لَعَلموا أنْ لا إلهَ وراءه وهُمْ القائلون أنّ الإلهَ "حكيم" و "عدل مطلق" .

من العاشرة إلى الثانية عشرة ظلّ الإله ظالِما عند ( تامارا ) بسبب قتله لأخيها , من الثانية عشرة إلى السادسة عشرة ومع تَغَيُّرِ جسدها لاحظَتْ الفرقَ الكبيرَ مع أجساد الذكور فزاد شَرُّ الإله وظُلْمُهُ عندها لتمييزه بين الإناث والذكور .... مع نهاية السادسة عشرة بدأَتْ التساؤل عن ميولاتها الجنسية ولماذا لا تَهْتَمُّ لأي أحد فكان ذلك القطرةَ التي أفاضَتْ الكأسَ ؛ كأس الإله الذي اِنتهَتْ منه وخلصَتْ إلى اِستحالةِ وُجودِه دون معرفةِ أيّ حرفٍ عن الأديان باستثناءِ ما يُوجَدُ في العائلات المُنْتَمِيَةِ إلى الدّينِ بالاسم .

سيبقى إلحادُ ( تامارا ) على حاله قرابة العشر سنوات ؛ الخام بَقِيَ كما هو لأنّها لم تَبحَثْ في المسألة بعد ذلك ولم تَهتمّ لها إلى أنْ عرفَتْ ( علاء ) الذِي أعادها إلى نُقطة البداية .... ( علاء ) عكس ( تامارا ) وُلِدَ مِنْ أبويْنِ مُلحِدَيْنِ رَبَّيَاهُ تربيةً أشبهَ بالثكنات العسكرية , الإله فيروس خطير جدًّا يلزمه تَحصين فَعّال للطفل وعمل جبّار عندما يَعيشُ ذلك الطفل وسط مُجتمعٍ يَتَنفَّسُ جهلا وخرافة .. وقد نَجَحَا في ذلك على كلّ المستويات .

"ماما كريمة" - المُدبِّرة الكبيرة - كانتْ تَقولُ لها أنّ "الله يُحِبُّ ( علاء ) لذلك أَخذهُ" فتُجيبها "ولماذا لمْ يأخذني معه لنلعبَ معًا ؟ ( علاء ) لا يُحبّ اللعبَ إلا معي .." .... ( تامارا ) كانتْ ممنوعَةً مِنْ أنْ تَسألَ أمّها , في عمرها ذاك بين العاشرة والثانية عشرة تَعلمَتْ وفَهمَتْ أنها لا يَجبُ أن تتكلم عن أخيها أمام أمها ويَجبُ أن تَتَجَنَّبَ ذلك وعليها أن تَشدَّ مِن أزر أمها المريضة ..

تُعيدُ ( تامارا ) أصلَ قوتها إلى تلك الفترة , لا تزال تقول إلى اليوم أنّ وفاة أخيها شَلَّتْ حياةَ أمها بالكامل لكن بالنسبة لها أَعطَتْهَا كل المفاتيح لتَفتحَ كل الأبواب بمفردها دون الحاجة إلى أحد , وكأنَّ أخاها برحيله أَعطاهَا حياةً جديدةً وعَبَّدَ لها كل الطّرق لِتَعيشهَا ..

لا أذكر جيدًا في صغري هل كنت أفتقدُ الأخ والأخت , عكسَ ( تامارا ) و ( علاء ) ... أيضا ( علاء ) اِبنٌ وحيدٌ مثلنا , حاولَتْ أمه عديد المرات الإنجاب بعده لكنها لمْ تَستطِعْ ؛ لا يَنسى ( علاء ) الحوار الذي جمعه بأبيه وهو في الثامنة .. قال له "أكثرنا على الماما وأتعبناها يا صاح , ماذا نَفْعَلُ الآن ؟ هذه الأختُ لا تُريدُ أنْ تأتي وأنا أَخجلُ أن أَطلبَ من الماما أن نُعيدَ الكرّة مرّة أخرى , وأنتَ ماذا ستفعل ؟" فأَجابَ ( علاء ) "سأطلبُ منها آخر مرة" .. اِستجابَتْ لطلبه لكنّ الحملَ لمْ يَنْجَحْ كالمرات التي سَبقَتْهُ , قَبِلَ ( علاء ) بالواقع لكنه في داخله ظلّ يَشعرُ بذلك النقص .... تلك الأخت التي لم تأتِ , لم يكنْ يُريدُ أَخًا كان يُريدُ أُختًا .... يقول ( علاء ) اليوم أنَّ حُبَّهُ لِـ ( أميرة ) ثم ( تامارا ) حتمًا في عقله الباطن فيه شيء مِنْ تَأثيرِ ذلك النقص الذي شَعرَ بهِ طوال الوقت بالرغم مِنْ أنه لم يَرَ أيًّا منهما لحظةً واحدةً كـ "صديقةٍ مُقرَّبةٍ" أو كَـ "أُختٍ" .

( تَقولُ ( تامارا ) : لمْ أَشعرْ لحظةً في حياتي بانجذابٍ "جنسيّ" تُجاهَ أحدٍ ذكرًا كانَ أو أُنثى .. عندما كنتُ صغيرةً لمْ أحلمْ بِـ "فارسِ أحلام" و "عائلة سعيدة" و "أبناء" , مع البلوغ وَجدتُ ذلك الدّم الذي يَخرجُ منِّي "لعنةً" غير عادلةٍ وعندما تساءلتُ وسألتُ لماذا "أنا" وليسَ "هو" و "هُمْ" لمْ أَقبَلْ الأجوبةَ التي سَمعْتُ , وعندما فَهمْتُ مع دُرُوسِ الأحياء الفَرْقَ بين جهازه وجهازي قلتُ عندما أَكبرُ سأَقْطَعُ "كل شيء" عندي "في داخلي" كي لا أَنزفَ ولا أَحملَ .. على عكس أَغلبِ الفتيات كانتْ "عادتي" - التي لم أَقْبَلْها يومًا - لا تَتَرَافَقُ بأيِّ آلام جسديّة لكنها كانتْ كل شهرٍ تُذكِّرني برغبتي في قَطْعِ "كل شيء" وبعدم اِكتراثي لأن أكونَ "أُمًّا" في يومٍ مَا ..

في سنِّ السادسة عشرة , تَساءلتُ أخيرا عن "هويتي الجنسيّة" ولم أَجِدْ جوابًا شافيًا : كان كل الشبان يَرغَبون في علاقات معي وكان فيهم مَنْ لا "يَنقصه شيء" ليُحَبَّ , لكني لم أَشعرْ بأيّ شيء تُجَاهَهم , وكنتُ أَكْتَفي بأن يكونوا أصدقاء لا غير .. على النات اِكتشفتُ الـ LGBT Community , وَفَكَّرْتُ أنّي ربّما أكونُ مثليّة لكني وما إنْ رَأيْتُ مقطعًا فيه اِمرأة تُقبِّلُ اِمرأةً عَدَلْتُ عن الفكرة تماما .. رُبّما رأيتُ نفسي غَرِيبةً عن الأخريات أو مُختلِفَة وسألتُ ذلك السؤال الشهير "what s wrong with me ?" لكنّي لَمْ أَرَ نفسي يومًا "مريضة" أو "يَنْقُصُنِي" شيء ولمْ أَشعرْ بأيِّ رغبةٍ في أن يكون عندي "Boyfriend" كصديقاتي أو "Girlfriend" في الفترة التي قُلتُ فيها أنّي ربّما أكون مثليّة ..

في نفس تلك الفترة اِكتشفتُ AVEN .... ( https://www.asexuality.org/ ) .... فوَضعتُ الاحتمال أن أكونَ "لاجنسيّة" لكنّي قلتُ ربّما مع الوقتِ سأتغيَّرُ لكنِّي .. لمْ أتغيَّرْ , وفي التاسعة عشرة تَيَقَّنْتُ أخيرًا مِنْ "هُويَّتِي" التي تَأَكَّدَتْ أكثر وأكثر مع السنين : "El sexo no es para mí" ..

في صائفةِ التاسعة عشرة وبعد إتمام سنتها الجامعية الأولى , تَعَرَّفَتْ عَبْرَ النات على ( أميرة ) .. كانتْ رغم لاجنسيتها تَشْعُرُ دائما أنّها أقربُ للنساء منها للرجال .. ( أميرة ) كانَتْ المثليةَ الوحيدةَ التي "قَبِلَتْ" بِـ "صَدَاقَةٍ" معها , الجميع بمُخْتَلَفِ "أنواعهم" داخلَ الـ LGBT Community رَفَضُوهَا .. تَوطّدَتْ صداقتهما حتى صارتا تُمضيانِ معًا أغلبَ وقتهما وكانتْ دائمًا ما تُمازِحُ صديقتَها المثليّة وتقول لها "إيَّاكِ أنْ تُحبِّينَنِي فلا أَملَ لكِ معِي" فتُجِيبُها أنّها لا تراها إلا كصديقةٍ مُقَرَّبةٍ من قلبِها بالرغم منْ أنَّها كانتْ تُفضِّلُ لو أنَّها كانتْ أَقَلَّ .. جَمَالًا .

اِلتَقَيَتَا آخرَ أيّامِ الصّيفِ , أمضيتَا طوال اليوم معًا وقبل أن تَتَفَارَقَا قالتْ ( تامارا ) : لا أُرِيدُكِ أن تَغِيبِي , أُرِيدُ أن تكوني حَاضِرةً دائمًا .. أجَابَتْهَا أنَّها لنْ تَستطيعَ السيطرةَ على مشاعِرها تُجاهها وأنَّها لا تَضْمنُ الالتزام بالصداقة التي اِتَّفَقَتَا عليها منذُ البدء , صارحتها أنها لمْ تَستطعْ تَصْدِيقَ وُجُودِ هذا التّوَجُّه الجنسي الذي يُسَمَّى "لاجنسيّة" وأنَّها تَرَاهُ "مَرْحَلةً" ستنتهي في وَقْتٍ مَا لا محالة , وخَتَمَتْ أنه من الأفضل لهما أنْ تَتَوَقَّفَ الأمورَ عندَ ذلكَ الحدّ وأن تَبْقَيَا على اِتِّصَالٍ من حين لآخر لكن ليسَ كَمَا سبقَ ..

نَزَلَ كلام ( أميرة ) عليها نُزول الصاعقة , وعندما عَادتْ إلى منزلها حَزنتْ وحَزَّ في نفسها كثيرا موقفُ صديقتها الذي لم تَقْبَلْهُ حَتَّى .. بَكَتْ . يومها تَساءلتْ عن مُستقبل حياتها العاطفية وعن اِستحالة وُجُودِ رَجُلٍ يَقْبَلُ حَيَاةً معها دُونَ جِنْسٍ , الصديقة المثلية رفضَتْ أن تَستمرَّ معها فكيف الحال بالرجال .. الأمل الوحيد يَبْقَى أنْ تَعْثرَ على رَجُلٍ يَحْملُ نفس هويتها وهو أمل تقريبًا "مستحيل" لنُدْرَةِ وُجُودِ مَنْ هُمْ مثلها أوّلا ولصُعوبةِ أنْ يَحْصُلَ أحدٌ على اِهتمامها وكم بالأحرى "حُبّها" الذي لم "يَنَلْهُ" أحدٌ حتى تلك اللحظة .. كَمَا كَانَتْ تَظُنّ .

الأيام التي تَلَتْ ذلك اللقاء الوحيد , أمضتها ( تامارا ) تنتظر أيّ "علامة حياة" لكن دونَ جدوى .. لم تَستطعْ الاتصالَ وبقَتْ تَنتظرُ .. بعدَ أسبوعٍ تَساءَلَتْ عن "سلوكها" الغريب , طوال اليوم تَنظرُ إلى التليفون والكمبيوتر علّها تَجدُ شيئًا ! الاهتمام المُبالَغُ فيه جعلها تُلاحِظ أنّ ذلك لم يَحْصُلْ قطّ معها مِن قبل ودفعها إلى أن تُعيدُ التفكيرَ في "هُويَّتـ" ـها التي عاودَتْهَا الشُّكوك بشأنها بَعدَ ذلك الأسبوع , وعندما عادَتْ للقائهما وقَارَنَتْ بَيْنَ ما صَدَرَ منهما لم تَجِدْ أيَّ فَرْقٍ , تذكّرَتْ أنها كانتْ طُول الوقتِ مفتونةً بابتسامتها ورِقَّتها اللتيْنِ لم تَرَ لهما مثيلا .. تَذَكَّرَتْ كل الليالي التي أمضتاها معا حتى الصباح دون أن تَمَلَّ من رِفقتها بل كان أول شيءٍ تقوم به عندما تستيقظ من النوم هو الاتصال بها .. قالتْ في نفسها أنّ كلّ تلك الأوقات السعيدة التي مَضَتْ لا يمكن أن تنتهي هكذا بغباءٍ ودُون مُوجِبٍ .. تَذكَّرتْ أيضا أنّ صديقتها قد قَطَعَتْ مسافة خمسمائة كيلومتر لتَراها وبالرّغم مِن ذلك لمْ تَتَّصِلْ بها عندمَا غادَرَتْ لتَطمئنَّ أنها قد وَصَلَتْ إلى منزلها بِـ .. ــسَلَامٍ وخَيْرٍ وَلَامَتْ نفسها كثيرًا وخَجلَتْ مِنْ تَصَرُّفِهَا المُشينِ ذاك .. لم تكن "قلةُ الذَّوقِ" عادَتَها بل كانتْ دائما مثالا لسرعةِ البديهةِ وحُسْنِ التصرُّفِ لكن غَابَ كلّ ذلك عنها يوم اِلتَقَيَتَا .. في اليوم الثامن , صار الأمر عندها لا يُحْتَمَلُ وقَالتْ أنّها لنْ تستطيعَ الانتظارَ لحظةً أخرى على أَمَلِ أن تَتَّصِلَ صديقتها فاِتَّصَلَتْ هِيَ ..

بَعْدَ اِنتهاءِ الاتّصال , ذَهَبَتْ مُباشرة إلى الكمبيوتر لتَرى الصُّورَ التي أَرْسَلَتْهَا لها ( أميرة ) قبلَ لقائهما والأخرى التي التُقِطَتْ وهُمَا مَعًا يَوْمَ اللقاء .. بَكَتْ وهيَ تَنْظُرُ للصّور والحوار القصير الذي دَارَ بينهما عندما اِتَّصَلَتْ لا يزال يَدُورُ بِبَالِهَا .. أوّل شيءٍ قالتْهُ عندما اِتَّصلتْ : لا أَقْبَل ! .. أجَابَتْهَا : لا تَقْبَلِينَ ماذا ؟ .. رَدّتْ : أُرِيدُ أنْ نَعُودَ كَمَا كُنَّا .. أَجَابَتْهَا : عندمَا كُنتُ صَغيرةً لم أكنْ أَعْلَم مَتَى يَجِبُ أنْ أَتَوَقَّف وقد تألّمْتُ كثيرًا بِسَبَبِ ذلكَ , اليوم كَبرْتُ وتَعلَّمْتُ ... أتمنَّى لكِ حياةً سعيدة , لا تَنْسيني لأنِّي أبدًا لَنْ أَنْسَاكِ .. وقَطَعَتْ الاتِّصال .

في الأيام التي تَلَتْ ذلك اليوم , تَساءَلتْ ( تامارا ) كثيرًا مُسْتَعينَةً بقراءاتها على النات , وعندما طلبتْ رأيَ ونصيحةَ AVEN كان الجَوَابُ أنَّها تُحِبُّ صديقتها المثليّة التي تُبادِلُهَا الحُبَّ وأنّ عليها أنْ تَتَجَاوَزَ التَّجْرِبَةَ كَكُلّ لأنّها بِلَا أَمَل .. واصَلَتْ المواجهة فوجدَتْ أنها أول مرة تُحِبُّ وصديقتها تلك كانتْ "أوّل حُبّ" .. "أوّل حُبّ" "أُنثوي" .. كانَتْ "واقعيَّةً" , لمْ تَنْفِ حقيقةً عَاشَتْهَا لكنّها لمْ تَتْبَعْ الأوهام التي لا تَجْلِبُ إلا الآلام وأضغاثَ الأحلام .. )

بعد سنوات تكلمنا كثيرا - أنا و ( تامارا ) - عن تلك الفترة مِنْ حياتها وكيفَ لها أن تَستعملَ لفظ "الحبّ" هكذا ببساطة لأني وقتها كنتُ أرى أن القصة كانتْ مجرد "صداقة حميمة" لا غير .. كانَ ذلك مدخلا لِـ "صراع" طويل حولَ المسألة القومية وحقيقة العروبة ؛ ( تامارا ) كانت تُؤَكِّدُ على أن ( أميرة ) لم تكن تَعني لها "صديقةً" مُقَرَّبَةً , نَفْيُ حبها لها أو عدمُ فهمه ومعرفته يَعني أنها جَهلَتْ ذاتَها وأنكرَتْ هويتها .. المسألة كانت تَتَجاوزُ عندها ( أميرة ) وكل علاقة بشرية أخرى يُمكنُ أنْ تَعيشها مع أيّ كان , المسألة كانتْ تَعني "ذاتها" و "هويتها" التي بَحَثَتْ عنها لسنوات ؛ أيّ حياة ستَعيشُ اِمرأة مثلية تُنْكِرُ ذاتها لتُرْضي الآخرين فتتزوج رجلا "لَهُمْ" وتُنجِب "لَهُمْ" ؟ وأيّ حياة ستكون لها هيَ لو فعلَتْ نفسَ الشيء وقبلَتْ بالجنس ؟ بالإنجاب ؟ .. فعل ذلك بالنسبة لِـ ( تامارا ) يَعني الفناءَ , الكفَّ عن الوجود , هُويتها تَعني وجودَها ونفي حبها لِـ ( أميرة ) يعني نفي وجودها ....

قليلون مَنْ يَعون هذا الكلام , وقليلون مَنْ يعونه دون أن يسقطوا في جحيم التعصّب لهُوياتهم .. المختلِفون في بلداننا هم الأقرب لمعرفة أكذوبة العروبة التي يَرقصُ على أنغامِها القميئةِ الجميع , المختلِفون يَعرفونَ معنى الهوية لأنهم مِن ذواتهم كَـ ( أفراد ) يَنطلقون وليس مِن أقاويل فلان وعلان مهما علا شأن ذلك الفلان وذاع صيت ذلك العلان . العالَم الذي يَنفي هوياتهم وميولاتهم ويَعُدُّهم مع قطيعه هو نفسه الذي يَنفي حقيقتَهم ويُلبِسهم أكذوبة البداوة الصحراوية .... أولئك المختلِفون هم "حقيقة" الشعوب , هم "روحها" وهم "مستقبلها" و "أملها" الوحيد في أن تَكتشفَ الحقيقة ....

أَغلبُ "مُثقفي" هذه الشعوب عملهم يُشبِه القول لامرأةٍ مثليةٍ : "أنتِ مُغايِرة , حياتكِ مستقبلكِ سعادتكِ مع هذا الرجل الذي نُكلِّمكِ عنه" .. "أنتم ( عرب ) , حياتكم مستقبلكم سعادتكم مع هذه العروبة التي نُكلِّمكم عنها" .... قولهم للمرأة المثلية تَرجمته "اِنْتَحِري" وقولهم لتلك الشعوب تَرجمته "اِنْتَحِري" .... ( تامارا ) علمَتْ حقيقة أميرتها , اِلتحقتُ بها بعد سنوات لأفهمَ حقيقة أميرتي , ( علاء ) فَهِمَ حقيقة أميرته , الفرقُ بين ثلاثتنا أني لمْ أَستطِعْ أنْ أَقْبَلَ غيابَها لكني فهمْتُ جيدا حقيقتها .... ليتَ البشر يَفهمونَ حقيقةَ أميراتهم وليتهم ليتمكَّنوا مِن ذلك يَعْلَمونَ قَبْلَ كلّ شيء حقيقةَ ذواتهم , هوياتهم .

.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=605250

.

في سلسلة "الإله والمعزة التي تطير" سأَعودُ إلى "التّحفة" أو "الكنز" الذي على الرابط .... أشهد أنه "كنز" ! ذَكّرني بالعراق وبكلام لي سابق .... http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=597701 ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو