الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة 4 : حينما تكون الموازنة اساس خراب العراق واستغفال شعبه / دراسة في موازنة العراق للسنة المالية 2018

عبد الستار الكعبي

2018 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الحلقة 4 : حينما تكون الموازنة اساس خراب العراق واستغفال شعبه / دراسة في موازنة العراق للسنة المالية 2018
تعد الموازنة الأداة التي تحدد بها الحكومة مسارها المالي من جهة الايرادات والنفقات والموازنة بينهما ، باعتبارها خطة لتوزيع الايرادات على مؤسسات الدولة المختلفة وكذلك تحديد النفقات وموارد صرفها لتلك المؤسسات ، ولسنة مالية . وعلى هذا الاساس فان الحكومات في العالم تتعامل مع الموازنة بوجهتي نظر متناقضين وكما يلي :
الاولى : وذلك باعتبارها الاطار العام الذي تنتهجه الحكومة لتنويع مصادر الايرادات والمحافظة عليها بحسن توزيعها وانفاقها وبما يحقق التقدم في الانتاج والخدمات وتلبية المتطلبات والاحتياجات من أجل رفع المستوى المعيشي للمواطنين . وتضع حكومات هذا التوجه في حساباتها تنفيذ برامجها الانتخابية لاثبات مصداقيتها من جهة ، وانها مراقبة من طبقة سياسية غير ملوثة بالفساد وشعب يعرف حقوقه ومصالحه ولايتهاون بالمطالبة بها ويحاسب المسؤولين الفاشلين ، من جهة اخرى.
ويمكن ان نقول ان هذه الحالة تمثل الشرف السياسي وهو ما نلاحظه في الكثير من دول العالم
الثانية : وهي ان تنظر الحكومة الى الموازنة باعتبارها فرصة للكسب غير المشروع لاحزاب السلطة والمسؤولين فيها ولايهمها الا تحقيق هذا الهدف . وتستند حكومات هذا المنهج على وجود طبقة سياسية فاشلة وفاسدة مسيطرة على المؤسسات المهمة في مختلف السلطات في الدولة وتشارك الحكومة في فسادها ، وكذلك على شعب غالبيته ضعيف الوعي في مجال بناء الدولة فاقد لقدرة المطالبة بحقوقه .
وهذه الحالة عراقية بامتياز فالحكومات المتعاقبة عملت بالاستناد الى وجهة نظرها بان الشعب يعاني الضعف الكبير في قدرته على المطالبة بحقوقه وعلى تنظيم اموره وصفوفه وفقدان القيادات الجماهيرية المنبثقة عن القاعدة ، وكذلك واقع الحال بان غالبية الـ (مثقفين) إما يبحثون عن مصالحهم في فضلات الاحزاب أو لايقدمون اكثر من الثرثرة والتنظير .
وبقدر تعلق الامر بموضوع الموازنة فان الشعب لاعلاقة له بها والنسبة الاعظم منه لم تطلع عليها . واذا كان لعامة الشعب العذر في ذلك اذا ما علمنا جهل غالبية (المثقفين) بتفاصيل الموازنة باعتبارهم النخب الواعية التي يفترض انها تمثل الطبقة القيادية في المجتمع على الصعيد الجماهيري ، فلا عذر للـ (مثقفين) ولا للمختصين لعدم تفاعلهم مع الموازنة التي تحدد مسار الدولة ، لان هذه الشرائح يفترض ان تكون ملمة بالمفاصل المهمة من الحياة السياسية في البلد ، وهل هنالك أهم من الموازنة ؟!
ونبين في ما يلي بعض سلبيات واخطاء موازنة عام 2018 وملامح الفساد والفشل فيها والتي تشترك في اغلبها مع موازنات السنوات الماضية :
1- العجز في الموازنة هو الزيادة في مجموع إلانفاق الحكومي على الإيرادات الحكومية وينتج عن تخصيص مبالغ مالية للنفقات اكثر من مقدار الايرادات بسبب ان مبالغ الايرادات لاتكفي لسد ما مخطط له للانفاق على الابواب المختلفة . وقد بلغ اجمالي العجز المخطط لموازنة هذه السنة المالية ( 12514516498000) دينار (اثنى عشر ترليون وخمسمائة واربعة عشر مليار وخمسمائة وستة عشر مليون واربعمائة وثمانية وتسعون الف دينار)، وهو يعادل (10587577409) دولار (عشرة مليارات وخمسمائة وسبعة وثمانون مليون وخمسمائة وسبعة وسبعون الف واربعمائة وتسعة دولار) .
والعجز في الواقع السياسي العراقي هو اوضح دليل على الفوضى والفشل في ادارة البلد وانعدام التخطيط الاقتصادي والسياسي من جهة وعلى الفساد الاداري والمالي من جهة اخرى وذلك لان النسبة الاكبر من مبالغ العجز تذهب الى جيوب الفاسدين المتنفذين في العملية السياسية وفي المناصب الحكومية من خلال موارد الانفاق الوهمية وشبه الوهمية والمشاريع التي لاتنجز والمصاريف التي يكلفها وجود اعداد كبيرة جدا من المسؤولين والمؤسسات الحكومية عالية المستوى والتي هي زائدة عن الحاجة الفعلية ولاداعي لوجودها.
2- تخصيص مبلغ مقداره (1500000000000) دينار (ترليون وخمسمائة مليار دينار) للبطاقة التموينية . وهذا المبلغ يعادل (1269035533) دولار (مليار ومائتان وتسعة وستون مليون وخمسة وثلاثون الف وخمسمائة وثلاثة وثلاثون دولارا) وهو رقم خيالي اذا ما عرفنا ان العوائل المشمولة بالبطاقة الغذائية لاتستلم اكثر من اربع مواد (التمن والسكر والزيت والطحين) وان استلامها ليس شهريا انما متقطع الى حد ان الحصة المستلمة بشكل حقيقي لاتصل الى نسبة (35%) من الحصة المقررة لكل عائلة ؟! فاين تذهب باقي الملايين من الدولارات ، الجواب معروف فالاحزاب الحاكمة تتشارك بالفساد وتعمل بطريقة (غطيلي وغطيلك) اي ان الفاسدين يحصلون على أكثر من (65%) من المبلغ المخصص للبطاقة الغذائية ما يعني ان حصتهم تزيد على (761421320) دولار (سبعمائة وواحد وستون مليون واربعمائة وواحد وعشرين الف وثلاثمائة وعشرون دولارا). ومعلوم للمتابعين ان وزارة التجارة تدار من خارج العراق ويتم تحديد الشركات المجهزة بمواد البطاقة الغذائية وكمياتها من الخارج وبعمولات كبيرة لجيوب الفاسدين على حساب جوع العوائل الفقيرة.
3- يبلغ عدد وكلاء الوزارات والمدراء العامين ومن بدرجاتهم حسب ما محدد بالموازنة (4983) تصرف لهم سنويا المليارات على شكل رواتب ومخصصات ونثريات وحمايات ومصاريف صيانة ووقود للسيارات المخصصة لهم ولحماياتهم . وهذا العدد كبير جدا لانجد ما يقترب منه في دول نفوسها اكثر بكثير من العراق ولكن نظام المحاصصة اي توزيع المناصب بين الاحزاب الحاكمة هو الدافع لزيادة عدد هذه المناصب حتى تحصل الاحزاب من خلالهم على اموال كبيرة بصيغ عديدة (عقود ، موظفين ، رواتب لموظفين وهميين ، نسب من الارباح ... وغيرها). يقابل هذا وجود اعداد كبيرة جدا من العاطلين عن العمل من ابناء الشعب غير المنتمين الى احزاب السلطة.
وهنالك موارد اخرى للفساد في هذه الموازنة سنتطرق اليها في حلقات اخرى من هذه الدراسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة