الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة الأعمال الكاملة للشاعر يوسف برازي

بسام مصطفى

2018 / 7 / 17
الادب والفن


إن مثقفينا وشعرائنا أمانة في أعناقنا. من واجبنا ألا ننساهم ونصون ميراثهم ونحفظه من التلف والضياع ليتسنى بشكل خاص لأبناء الأجيال الجديدة من شعبنا الكردي الاضطلاع على ماقدمه هؤلاء المنورين الكبار لشعبهم. لقد أفنوا حياتهم في سبيل احياء الثقافة والكلمة الكردية. لذا يجب عدم إهمال تعبهم وجهدهم وعلينا تذكرهم بشكل دائم.
وباعتباري عضوا في شبكة روداو الإعلامية، أحاول دائما بالتعاون مع زملائي وأصدقائي الأعزاء في (روداو) من خلال تقاريري التلفزيونية الخاصة أن ألقي بعض الضوء على أولئك الأشخاص الذين لم يألوا جهدا في سبيل إغناء وإثراء الثقافة الكردية في كل أجزاء كردستان وفي (غرب كردستان) على وجه الخصوص. ويعتبر الشاعر الكردي الكبير يوسف برازي (بيبهار) واحدا من هؤلاء.
كما هو معلوم، رحل عنا الشاعر القدير يوسف برازي (1931-2009) في يوم 15/1/2009، وفي ذكرى رحيله الثامنة أي في يوم 15/1/2017، قمت مع زملائي بإعداد تقرير خاص عن الشاعر المرحوم بيبهار نشر على شاشة روداو.
وفي ذلك الوقت، كان زميلي العزيز عمر كالو يقدم نشرة غرب كردستان عبر إذاعة روداو. جعل عمر من تقريري عن بيبهار ملفا لنشرته في ذلك اليوم واستضاف حفيد بيبهار، آزاد برازي من مدينة سري كانيه (رأس العين) كضيفا لنشرته تلك.
وفي النشرة قام كل من عمر وآزاد بالتحدث بشكل موسع عن أعمال ونضال وسيرة حياة ونتاجات الشاعر الراحل بيبهار، وأثاروا الانتباه بأن الكثير من أعمال بيبهار مازالت مخطوطات لم تلق سبيلها إلى النشر حتى الآن.
أوضح السيد آزاد أنهم كعائلة الشاعر الراحل حافظوا رغم التحديات والمصاعب الجمة والظروف الصعبة على مخطوطات بيبهار وذكر أنهم وبسبب الحرب الدائرة منذ سنوات في سوريا وغرب كردستان نقلوا الأعمال غير المطبوعة لبيبهار من مدينة إلى مدينة أخرى وصانوها من الضياع والتلف بصعوبة كبيرة. وهكذا تنقلت هذه المخطوطات بين أماكن عدة مثل سري كانيه، الرقة، كوباني، الرحا، سويريك، آمد (دياربكر)، قوسر لترجع من جديد بعد ذلك إلى سري كانية ليبعثها لي آزاد مع عمر كالو الذي سلمني إياها في هولير.
تابع السيد آكو محمد المدير العام لشبكة روداو الإعلامية تلك النشرة التي قدمها عمر كالو عبر إذاعة روداو. وبعد انتهاء النشرة إتصل مباشرة مع عمر كالو وطلب منه الاتصال بآزاد مرة جديدة ليخبره أن يرسل لنا كل مخطوطات وأعمال بيبهار وسنقوم نحن كروداو بطبع أعماله غير المطبوعة وإعادة طبع اعماله المطبوعة أي اعماله الكاملة ونهديها لعائلته.
في نفس اليوم، اتصل معي الأخ آكو محمد وطرح علي فكرته ليعرف رأيي بالموضوع. فقلت له عبر الهاتف: "أنت ككردي من جنوب كردستان تقوم بعمل كهذال، فكيف أستطيع التنصل من هذه المهمة الجبارة والصعبة وأنا كردي من غرب كردستان كشاعرنا الراحل بيبهار؟!" بإيجاز خرجت الفكرة العملية لطباعة هذه الأعمال الكاملة للشاعر بيبهار بهذا الشكل.
كان الشاعر الكردي الراحل يوسف برازي (بيبهار) واحدا من الشعراء المعروفين في غرب كردستان. لاقت أشعاره وقصائده رواجا بين أبناء شعبه واحتلت مكانا بارزا في أفئدتهم ووجدانهم. فضلا عن أن الكثير من الفنانين والمغنين الكرد الكبار قاموا بغناء الكثير من قصائده التي لاقت صدى عند الجماهير الغفيرة التي عشقوها ومازالوا.
كغيره من مبدعي وشعراء شعبه، لاقى يوسف برازي في حياته الكثير من المصاعب وعانى من الفقر والظلم. وفي فترات كثيرة من حياته الصعبة دفع ثمن مبادئه وأفكاره القومية وتعرض للتعذيب والظلم في سجون وزنازين أعداء الشعب الكردي. وكما هو معروف فأنه كتب قصيدته الخالدة "حبس وزندان" أي "السجن والزنزانة" التي غناها فيما بعد كل من الفنانين الشهيرين محمود عزيز شاكر والخالد محمد شيخو، في إحدى سجون سوريا وبواسطة أعواد الثقاب على الجدار الداخلي للسجن.
كما ذكرت آنفا، رحل بيبهار عن دنيانا الفانية عام 2009، وكان حتى ذلك الوقت قد طبع ونشر خمسة دواوين شعرية كردية: "الزنزانة – نداء – الانتفاضة – الاستقلال والتقدم". لكن وللأسف الشديد وبسبب تدني مستوى الطبع والجودة السيئة لتلك الكتب والأخطاء التقنية والمطبعية الكثيرة التي تتواجد فيها، كان ضروريا ولامفر من إعادة طبع كل أعمال بيبهار المطبوعة وغير المطبوعة بجودة عالية وطباعة جيدة وأنيقة.
وماعدا الكتب الخمس المطبوعة والمنشورة سابقا، كان الراحل بيبهار قد دون سيرة ذاتية قصيرة بشكل نثري وثلاث دواوين شعرية أخرى وهي "الانتصار – الحرية والاستقرار"، بالإضافة إلى جزئين من قصائد النصيحة وهذه الاعمال الكاملة تضم بين دفتيه وفي مجلدين أنيقين كل هذه الأعمال.
بيبهار هو شاعر الحماسة والرجولة الكردية. شاعر المقاومة وعدم التخلي عن الحقوق المشروعة للشعب الكردي مهما زادت الضغوط والعذابات. بشكل عام يتركز محتوى قصائد بيبهار على آلام ومآسي وطموحات شعبه الكردي المضطهد. ويهاجم بيبهار الآغاوات والبكوات والصوفيين والملالي الكرد الزائفين الذين كانوا يستغلون الدين لمصالحهم الخاصة والضيقة ويمارسون الدين الحنيف بشكل خاطئ وغير قويم ويتحايلون بهذا الشكل على فقراء الكرد ويبنتفدهم بشكل لاذع.
في هذا الصدد نلاحظ أن بيبهار كان متأثرا بالشاعر الخالد جكرخوين الذي كان يعتبر نفسه أحد تلاميذه وممن ساروا على خطاه في تجربتهم الأدبية والشعرية وحتى الحياتية. بيبهار يصرخ بأعلى صوته ويتألم وينادي على شعبه الكردي ويطالبهم بالاتفاق والوحدة. كما يطالب من أبناء وبنات شعبه أن يتجهوا صوب العلم والقراءة.
بيبهار شاعر كردستاني. يدون القصائد عن جميع أجزاء كردستان ويخلد القادة والزعماء والشهداء الكرد أينما كانوا. في ذات الوقت، لا ينسى بيبهار قلبه الناعم ويخصص الكثير من قصائده عن العشق والمحبة ويتغنى بمحبوبته.
بالفعل، كان عمل إعداد وتصحيح جميع أعمال ونتاجات بيبهار متعبا وصعبا للغاية، ولكني أتمنى أن هذا العمل بجزئيه سيجد مكانا له ضمن المكتبة الكردية ويصبح مصدرا ومرجعا مفيدا لكل محبي الشعر والأدب الكردي والعالم الأدبي لبيبهار.
وانتهز الفرصة هنا لأقدم امتناني وشكري الجزيلين للأخ العزيز آكو محمد وشبكة روداو الإعلامية الذين تكفلوا بطباعة هذا العمل. كما أشكر حفيد بيبهار الأخ آزاد برازي وزميلي وصديقي العزيز عمر كالو وزوجتي الغالية لورين جتو الذين ساهموا بإكتمال هذا الكتاب وقدموا المساعدة لي. كما اقدم شكري للأستاذ والأخ خالد جميل محمد لدوره في مراجعة الكتاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى