الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مترجم: حول المثلية الجنسية وقانون العقوبات

ريم سعيد

2018 / 7 / 17
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


مقدمة المترجم



صادف شهر كانون الثاني (يناير) الذكرى السنوية الثمانين لعلامة مهمة في نضالنا: الخطاب السياسي الأول المقدم لحقوق المثليين جنسيا. في 13 كانون الثاني / يناير 1898 ، أخذ زعيم الديمقراطية الاشتراكية الألمانية الكبرى ، أغسطس بيبل ، الكلمة في مجلس النواب ، أثناء مناقشة إصلاح قانون العقوبات ، للدعوة إلى عريضة التماس تنشرها اللجنة الإنسانية العلمية التي تدعو إلى إلغاء قانون الجرائم الجنسية الألماني المعروف بالمادة 175( في النص الأصلي ورد التسمية Germany s Sodomy Statue أو قانون سدومي الألماني وهي تسمية تطلق على القوانين التي تجرم أفعالاً وممارسات جنسية بعينها وعادة ما تركز هذه القوانين على تجريم المثلية الجنسية ) واللجنة الإنسانية العلمية (wissenschaftlich-humanitre Komitée) ، أول منظمة ناشطة لحقوق المثليين في العالم ، لم يكن لها سوى تسعة أشهر فقط في ذلك الوقت ، والتى قد تأسست في 15 مايو 1897 بواسطة ماغنوس هيرشفيلد وماكس شبوهر ، ايريك اوبرغ. كان الالتماس هو النهج الرئيسي الذي استخدمته اللجنة في جهودها لإلغاء الفقرة 175.

في حين أنه - اغسطس بيبل - قد لا يكون أول سياسي يدعم التحرر الجنسي المثلي - قبله علينا أن ننسب على الأقل إلى مستشار نابليون جان جاك ريجيس دي كامباسيرس Jean-Jacques-Régis de Cambacérès (18 أكتوبر 1753 محام ورجل دولة فرنسي وعمل مستشاراً لنابليون وله إسهامات واضحة في وضع قانون نابليون ويشار لأنه عمل على عدم تجريم المثلية الجنسية ومن المعروف أنه لم يحاول إخفاء ميوله المثلية كذلك ) - أما بيبل فبقدر ما نعلم أنه كان أول من تحدث في النقاش العام حول قضية المثليين جنسيا.

لم يكن أي سياسي عادي ، أوغست بيبل عضوا مؤسسا لحزب الديمقراطية الاجتماعية الألمانية وكان ممثلها الأول لأكثر من أربعين عامًا. كذلك يعتبر الوريث السياسي لماركس وإنجلز ، وأحد الشخصيات البارزة في كامل تاريخ حركة الطبقة العاملة. تحت قيادة بيبل ، كان ينظر إلى الديمقراطية الاجتماعية الألمانية على أنها مثال يحتذى به ومصدر للإلهام من قبل الاشتراكيين في جميع أنحاء العالم.

كان بيبل احد الرجال الأربعة الأوائل الذين وقعوا على عريضة اللجنة الإنسانية العلمية ، والتي كانت في الأصل على شكل بيان (الثلاثة الآخرون كانوا إرنست فون فيلدنبروخ ، وريتشارد فون كرافت إيبينغ ، وفرانز فون ليست ). وبفضل مكانة بيبل ودعم الديمقراطية الاشتراكية خلفهم ، كان الناشطون في مجال حقوق المثليين في وقت مبكر قادرين على الأقل على أن يحظوا ​​بجلسة استماع ، على الرغم من أن هدفهم الرئيسي ، وهو إلغاء قانون سدومي الالمانى ، تم تحقيقه بعد سبعة عقود فقط. استمر دعم حزب الديمقراطية الاشتراكية لحركة التحرر الجنسي المثلي لمدة ثلاثة عقود ونصف - حتى تم تدمير الحركتين بسبب انتصار النازية في عام 1933. وكما كان الاشتراكيون أقوى المؤيدين (تقريبا الوحيدون) للحقوق المثلية الجنسية ، تمثلت المعارضة الأكثر راديكالية في حزب الوسط ، الذراع السياسي للكنيسة الرومانية.
وكان يبدوا ان خطاب بيبل أقل حدة، مقارنة بالبلاغة والأيديولوجية الحالية ، لكنه أصدر في وقت مبكر جدا ، كان لا يزال تحت ظلال الفيكتورية. ويتضح ذلك من الاضطرابات والمقاطعات المسجلة و التي أشارت إلى أن تصريحات بيبل كانت صادمة تماماً بالنسبة الى زملائه.

بعد بضعة أيام ، شعر القس شال بأنه ملزم باعلان معارضته لعريضة لجنة العلوم الإنسانية بناء على وجهة نظر المسيحية. وجادل بأن بولس الرسول ، في رسالته إلى الرومان ، قد اعلن عن الرذيلة التي فضلها الالتماس كواحدة من أبشع الخطايا في الوثنية القديمة ، وقال إنه غير قادر تماما على استيعاب سبب توقيع الكثير من المشاهير على عريضة الالتماس, التعليق التالي من قبل القس شال كان كاشفا للغاية: "يجب أن أعترف بأنني قد صدمت بشدة من هذه التصريحات من قبل السيد بيبل -لقد أزعجني هذا بطريقة ما كذلك ادخلنى في كآبة عميقة".

شيء واحد وجده زملاء بيبل يصعب تصديقه ، وهو تصويره لانتشار وتوسع النشاط المثلي. في عام 1907 ، أشار بيبل ، الذي كان في ذلك الوقت مسناً ومريضاً ، إلى عدم الثقة الذي أبداه بعض أعضاء الرايخستاغ قبل تسع سنوات حول تقديراته لأعداد كبيرة من المثليين فى السنين القادمة ، وكيف تم اتهامه بالمبالغة. في الماضي ، قال بيبل ، إنه لم يبالغ في تقديره - إذ لو كان اى شيء فقدّره قليلًا! وضمن عوامل أخرى - في ضوء نتائج ألفريد كينسي ( عالم أحياء أمريكي قام بأبحاث عن السلوك الجنسي للإنسان ولد في 23 يونيو 1894 وتوفي في 25 أغسطس 1956 وأسس معهداً تابع لجامعة إنديانا سنة 1947 للأبحاث الجنسية سمي بإسم فيما بعد بإسم معهد كينسي لأبحاث الجنس sex والجنوسة gender والتكاثر ) ، كان بيبل على حق ، في عدة أمور ، حيث كانت تقديراته في عام 1898 محافظة للغاية. ومع ذلك ، من المنظور التاريخي ، يجب أن نتذكر أن أول رائد عظيم لحقوق المثليين ، كارل هاينريش أولريش (1825-1895) قد قدّر أن 0.002٪ فقط من السكان الألمان كانوا مثليين جنسياً ، وشعر الكثيرون أن هذا التقدير مبالغ للغاية. أيضا ، في وقت محاكمة اوسكار وايلد ، كان هناك رجال على علم بخلاف ذلك , اذ يعتقدون أنه لا يمكن أن يكون هناك أكثر من اثني عشر فردا مثلي الجنس في مدينة لندن.


ما يلي هو ترجمة من السجل الاختزالي لإجراءات الرايخستاغ:

جلسة الرايخستاغ السادسة عشرة الخميس ، ١٣ يناير ١٨٩٨
نائب الرئيس الدكتور شبان : العضو بيبل لديه الكلمة.

بيبل: أيها السادة الاعضاء: من المفهوم أن موقف أولئك الساخطون على جوانب معينة مقيتة في حياتنا العامة والخاصة ،يسعون إلى الاستفادة القصوى من القانون الجنائي لمعالجة هذه الشرور وازالتها عن وجه الأرض. ولكن بأي حال من الأحوال أنا وأصدقائي كذلك مستعدين أيضًا لإدخال عدد كبير من الأحكام التي اقترحها الدكتور شبان وزملاؤه في المسودة أمامنا ،. فعلينا ان ندرك انه من ناحية ، فهذه المسودة تذهب بعيداً جداً عن وجهة نظرنا ، ومن ناحية أخرى ،فإنها ليست بعيدة بما فيه الكفاية. على وجه الخصوص، بمجرد أن يتم الإصلاح في بعض الأمور، حينها يجب علينا النظر فيما إذا كانت توجد أحكام أخرى مماثلة في قانون العقوبات لدينا على الأقل بنفس القدر والتي قد تحتاج إلى مراجعة كما تقترح الفقرات هنا.

أيها السادة ، إن قانون العقوبات يجب إنفاذه ، أي أن السلطات التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن الحفاظ على الامتثال للقانون واحترامه يجب أن تكون رقيباً علي الانتهاكات وتتصرف وفقًا لذلك. ولكن هناك أحكام من قانون العقوبات لدينا ، بعضها ورد في الاقتراح المعروض علينا ، حيث السلطات ، على الرغم من إدراكها التام أن هذه الأحكام تنتهك بشكل منهجي من قبل عدد كبير من الناس ، رجالًا ونساءً ، فقط في أندر الحالات يكلف المدعي العام نفسه عناء العمل في هذه القضايا. وهنا أضع في الاعتبار بشكل خاص القسم الوارد في أحكام الفقرة 175 - وهو يتعلق بالزنا "غير الطبيعي". سيكون من الضروري ، إذا تم انتخاب اللجنة - وأنا أحث على ذلك ، لأنه في رأيي لا يمكن أن يصبح هذا القانون قانونا دون توصية اللجنة - أن يتم طلب من حكومة بروسيا على وجه التحديد أن تعيد إلينا بعض المواد التي توجد تحت تصرف فرقة شرطة آداب برلين المحلية ، على أساس فحص ذلك ، قد نسأل أنفسنا ما إذا كان بوسعنا او هل يجب علينا الاحتفاظ بأحكام الفقرة 175 ، وإذا كان ينبغي لنا ، فهل كان ينبغي لنا عدم لتوسيعها. أبلغت من قبل أفضل المصادر أن الشرطة في تلك المدينة لا تحمل أسماء الرجال الذين يرتكبون الجرائم التي تنص على أن الفقرة 175 تعاقب عليها بالسجن وذلك للفت انتباه النائب العام كما يُرى أنهم أصبحوا مدركين للحقيقة ،ولكن بدلاً من ذلك ، أضف أسماء الأشخاص المتورطين إلى قائمة الأشخاص الذين لديهم نفس الأسباب بالفعل في ملفاتهم. (اسمعي! اسمع! [من اليسار])
إن عدد هؤلاء الأشخاص كبير للغاية ويصل إلى جميع طبقات المجتمع حتى لو قامت الشرطة هنا بواجبها بدقة ، فإن الدولة البروسية ستضطر على الفور إلى بناء مركزين جديدين فقط للاعتناء بتلك الجرائم ضد الفقرة 175. التي ارتكبت في برلين وحدها. (ضجيج. اسمعوا! اسمعوا!)

هذه ليست مبالغة ، السيد فون ليتفزوف ؛ يتعلق الأمر بآلاف الأشخاص من جميع جوانب الحياة. ولكن بعد ذلك تثير أيضاً مسألة ما إذا كان ينبغي تطبيق أحكام الفقرة 175 على الرجال فقط ، ام ايضا على النساء اللائي ارتكبن نفس الجريمة من جانبهن. فهل تطبيقه على جنس واحد ، هو عادل للآخر؟! لكن أيها السادة ، سأقول لكم هذا: إذا قامت شرطة برلين بواجبها في هذه المنطقة على طول الخط - و أريد أن أقول كلمة بخصوص ذلك - فستكون هناك فضيحة لم يعرف العالم مثلها ابدا ، وستكون بجانبها فضيحة باناما ، وفضيحة دريفوس ، وفضحية لوتزوف -ليدرت وفضائح تاوش - ناومان مجرد العاب اطفال. ولعل هذا هو أحد الأسباب التي تجعل الجريمة التي يعاقب عليها بموجب هذه الفقرة تعامل بمثل هذا التراخي الاستثنائي من جانب الشرطة.إليها السادة ، الفقرة 175 هي جزء من قانون العقوبات ، ولأنها موجودة ، يجب إنقاذها. ومع ذلك ، إذا كان لا يمكن تنفيذ هذا الجزء من القانون الجنائي لأي سبب من الأسباب ، أو يمكن تنفيذه بشكل انتقائي فقط ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان من الممكن الاحتفاظ بهذا الحكم من قانون العقوبات بشكل منصف. أرغب في المغامرة في هذه الجلسة بالذات - ربما لم يكن بعض السادة قد لاحظوا ذلك - لدينا أمامنا عريضة مطبوعة وقعتها شخصياً ، من بين آخرين ، وعدد من الزملاء من الأحزاب الأخرى ، و مزيد من الناس من الدوائر الأدبية والأكاديمية ، من قبل فقهاء من المكانة الأشد بريقاً ، من قبل علماء النفس وعلم الأمراض ، من قبل خبراء من أعلى مرتبة في هذا المجال. وقد دعا الالتماس ، لأسباب لا أريد أن أخوضها بشكل كامل في هذه اللحظة ، إلى تنقيح قانون العقوبات لإلغاء الأحكام ذات الصلة من الفقرة 175.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة