الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-منتدى الشعر المصري الجديد-.. لقاء البقاء

طارق سعيد أحمد

2018 / 7 / 22
الادب والفن


ثمة لقاء، سوف تحرسه حرائق الدلالات وسلطة الصورة والإيقاعات الملهمة، هنا في القاهرة، يجلس التاريخ الأدبي المصري على كرسي عتيق في زوايا الدائرة الشعرية ـ بعد أن ابتاع قلما جديدا وأوراقا ناصعة البياض ـ ليكتب حروفه الأولى، كان ذلك في السابعة من مساء الاثنين الموافق السادس عشر من يوليو الجاري بالقاعة الرئيسية بحزب التجمع، حيث انطلاق أولى فعاليات "منتدى الشعر المصري الجديد" في لحظة يشهد فيها حضور الشعر المصري والعربي انحسارا مؤلما بات يهدد وجوده، وعبر أمسية شعرية مصرية عربية مشتركة شارك فيها شعراء من سوريا واليمن والسودان ومصر . بدأ الافتتاح الأول ببيان تأسيسي ألقاه الشاعر محمود قرني عقبه كلمة للناقد الدكتور شاكر عبد الحميد ثم كلمة للمفكر والباحث نبيل عبد الفتاح . وشارك في الأمسية : كل من الشعراء : هاني الصلوي ، نبيل سبيع ، فتحي أبو النصر من اليمن ، الشاعر علي الكامل من السودان ، رشا عمران من سورية ، والشعراء : فريد أبو سعدة ، علي منصور ، فاطمة قنديل ، هدي عمران ، والشاعرة رنا التونسي من مصر. وشارك في تقديم الافتتاح والأمسية الشعراء : عيد عبد الحليم ، علي عطا ، إيهاب خليفة ، ومحمد رياض.
الكيان الجديد عكف علي الإعداد له مجموعة من الشعراء والنقاد المصريين يمثلون قوام لجنته التحضيرية وهم : إبراهيم داود ، أشرف يوسف ، إيهاب خليفة ، زيزي شوشة ، د . فارس خضر ، فتحي عبد الله ، د. عبد الناصر هلال ، علي عطا ، عيد عبد الحليم ، د . محمد السيد اسماعيل ، محمد رياض ، محمود قرني .
وستشهد انطلاقة المنتدى تكريس ندوة نصف شهرية تعني بمؤازرة المواهب الشعرية الجادة والجديدة وتقديمها عبر أمسيات متواترة ، كمايطمح المنتدى إلي أن يكون ساحة لنقادنا المؤثرين لمناقشة الأعمال الشعرية الجديدة مع الاحتفاء بشعراء استقرت تجاربهم ولم يلقوا الاحتفاء الذي يليق بمنجزهم . كما سيعني بعقد ندوات لمناقشة الكتب النقدية والفكرية التي تتناول الظواهر الشعرية المؤثرة في شعريتنا الحديثة ، وسيكون المنتدى أكثر انفتاحا علي أجيال وأنواع شعرية متعددة ومتباينة ، كما سيعمل على إطلاق مجلة للشعر كواحدة من الأدوات التي يجب أن تعمل على صناعة الحاضنة الملائمة لسياق شعري متماسك يتجاوز الكثير من مناخات المجانية والشيوع ، على أن يطلق المنتدى الدورة الثالثة لملتقى قصيدة النثر في بدايات العام القادم 2019 بمشاركة نوعية عربية وعالمية.
ينطلق المنتدى واضعا في اعتباره التعقيدات التي يتعرض لها الشعر عالميا وعربيا لأسباب سياسية أحيانا ومجتمعية في أحيانا أخرى ، وهنا يشير البيان الصادر عن المنتدى إلي أنه يحاول اليوم استعادة لحظة باذخة تَحقَّقَ فيها انتصار رمزي للشعرية الجديدة عبر ملتقيين كبيرين لقصيدة النثر انعقدا بين عامي 2009 و 2010 .. وإلى نص البيان



البيان التأسيسي


ليس بإمكاننا أن نبدأ من حيث انتهى "سان جون بيرس" لنقول لكم : إننانقبل، نيابة عن الشعر ، التحية المرفوعة إليه هنا.إذ لا تحية باتتتُرْفَعُ من أجل الشعر،ويبدو أنه لاشيء من ذلك بات ممكن الحدوث. ومع ذلك يتجدد السؤال : هل مازلنا حقا في حاجة إلي الشعر؟! وهل مازال الشعر يمثل فخر الشاعر؟!
هذا ليس سؤالا يتقصى إجابة . فالشعر غامض وهذه طبيعته . غامض ولو كان بسيطا . وكم من شاعر عايش خساراته بينما يرفض أن يكون جزءا من أسئلة زمنه مثلما فعل " هولدرلين " الذي رفض العالم الحديث كله ، ومثل صعاليك العرب الذين أدمنوا حياة الاختطاف وقدموها علي نمط الاستقرار النسبي الذي رسخت من وجوده طرق التجارة وقوافلها وكأنهم ينتصرون للـ " لا نظام ". فالشعراء العقائديون امتدحوا الدين لكنهم سبُّوا رسلَهم ، وعندما كان " أبو تمام " في خراسان لاحظ مضيفه أنه لا يصلي فسأله عن الأسباب فقال له : لو كانت صلواتكم نفعتني ما تركتها ، بينما كانت تمتلئ قصائده بالتثنية والتسليم ومدائح آل البيت . وكان " أندرو مارفيل " ساخطا علي كل شيء بما في ذلك الكنيسة رغم أنه كان سكرتيرا خاصا لـ "جون ملتون " المتدين الفظ صاحب الفردوس المفقود . وفي فرنسا تحمس الشعراء للثورة وكتبوا عشرات القصائد في امتداحها لكنهم عندما وجدوا أصواتهم ضائعة بين غفلة الجماهير وأكاذيب الساسة قرورا العودة إلي البارات والسهر إلي جوار حبيباتهم ثم شتموا الثورة وثوارها .
الشعر لم يتغير والشعراء لم يتغيروا . تغيرت أزمنتهم وتغيرت قيمها لكنهم ظلوا كأنهم محصنون ضد المستقبل .ربما لذلك لم يكن الشعر مطلبا ما بعد حداثيا ، كما يبدو أنه لم يكن الإجابة الملائمة على أسئلة العصر الصناعي ، لذلك كانت الحاجة تشتد إلى رواة وساردين يُسلُّون وحدة ملايين العمال ويخفضون ، بمشاهدهم الساحرة ، من سقف حالة التشيوء في المخيمات والملاجئ . الساردون الجدد أكثر طواعية لحاجات زمنهم لأنهم أكثر قدرة علي التكيف ومن ثم أكثر قدرة علي تبادل المواقع مع السلطة ، أو علي الأقل القيام بأدوارها إذا دعت الحاجة إلي ذلك ، بينما بقي الشعر بعيدا ساخطا بتلك الأنفة المعهودة .
إن الصعوبة التي تثيرها أسئلة من هذا النوع ليست صعوبة مرتبطة بطبيعة النص أو طبيعة لغته أو درجات تركيبه المعرفي ، لكنها صعوبة أظنها ناتجة عن الخصام الذي يتسع بين المؤسسات التي ترعي النظام في هذا العالم وبين ما يطلبه الشاعر منها . لقد تعمقت تلك المسافة بتنامي الاعتقاد بأن واقعنا ليس إلا مجموعة " تتألف من أغلظ وأحط الأجزاء في هذا العالم " علي ما يقول" جون ويلكنز " . يتعزز هذا التصور لدي شعراء لا يمكن إحصاؤهم ، فـ " المتنبي " يقول : " أذم إلي هذا الزمان أهيله .. فأعلمهم فدم وأحزمهم وغد " ، ويقول " أبو العلاء " : " ولو نطق الزمان هجا أهله كأنه الروميُّ أو دِعبِلُ " .ويقول " كلبتشوك " : لماذا أبدعت الكون ، أيها الأوَّل ، وقد كنتَ مكتفيا بذاتك ؟!
إن مساحات السخط المتزايدة في خطابات الشعراء منذ القدم أُخِّذَت مأخذا مناهضا للناس ، كأن الشاعر يعمل علي تقويض الوجود في جملته ، وهو تفسير ساهمت في ترويجه المؤسسات التقليدية في العالم انتصارا لتفوق القدماء حسب اعتقادهم ، غير أن القراءة المنصفة هنا لا تعني أكثر من أن احتجاج الشاعر هو البديل عن صمت الطبيعة باعتبارها عنصرا لا يمكنه إلا أن يكون إلا محايدا .
وبطبيعة الحال فقد تعاظمت عزلة الشاعر مع المذاهب الحديثة وتعقيداتها ، وهي جميعها نتاج حروب وصراعات مروعة تمثل ما هو أكبر من العار في تاريخ الإنسانية. وأما الشاعر فلم يعد مطالبا بأن يكون مثالا أرضيا للصانع الأكبر.
وضمن هذا السياق الملتبس للمشهد الشعري يمكننا تفهم النعي المبكر الذي يقول بتآكل جمهور الشعر يوما بعد يوم ، ثم نجد من يحث الشعراء على أن يقبلوا بالعديد من التنازلات ضمن مساومات ترتبط بدفع الشعر بعيدا عن هاويته المنتظرة . نعم .. تراجع الشعر عن كونه الفن الأول ، بعد أن فقد قدرته علي التكيف مع رأس المال المعولم، وانشغل بتكريس الحقيقة علي نفقة الجمال بينما كان يجب عليه التبشير بالأمل . لكن ما ينطبق من الأزمة علي قصيدة النثر ينطبق علي غيرها من الأشكال الشعرية الأخرى بما فيها كل تمثيلات الماضي رغم ما تملكه من سلطة علي الذائقة العامة. فمشكلة الشعر ، بكافة أشكاله ، أنه مصدر للتصورات غير المتماثلة أو إن شئنا هو الخلق علي غير مثال . وكما يشير هيجل فإن الشعر بيت الصورة غير المدركة علي عكس الفلسفة. هذا مع التأكيد على أن قصيدة النثر دخلت محنة مركبة . فقد أسرفت علينا وعلي نفسها في الإساءة لمفهوم الشعر بعد أن ظلت محاصرة بتيارين يتنازعان مركزيتها ، الأول ارتبط بالرمزية الفرنسية حيث تزايدت مساحات الاستغلاق والانكباب علي الذات وأصبح العالم الخارجي محط سخرية واحتقار الكثير من الشعراء ، رغم أن الرمزية كانت موضع انتقادات لاذعة في مسقط رأسها . أما التيار الثاني فقد استمسك بما يسمي بالراهنية ، وبدا أنه أكثر استجابة لفكرة التكيف ، إلا أنه وقع سريعا في نمطية مبكرة بسبب فقر المرجعية والإسراف في الفصل بين النص والتاريخ والتعامل مع الماضي باعتباره قيمة تستحق السخرية بل والتحطيم . من هنا لا يشك أي متابع في أن التجارب المؤثرة في قصيدة النثر العربية كتبت خارج هذين التيارين .
ربما لكل هذه التعقيدات نحاول اليوم استعادة لحظة باذخة تَحقَّقَ فيها انتصار رمزي للشعرية الجديدة عبر ملتقيين كبيرين لقصيدة النثر انعقدا بين عامي 2009 و 2010 . وعدد لابأس به ممن يجلسون معنا اليوم كانوا شركاء أو على الأقل شهودا علي تلك الصرخة . كنا نحلم بألا تأخذ مصر قدر أكثر أمثولاتها رجعية , وبعد مرور ما يقرب من عشر سنوات مازال أصحاب التصورات الصنمية يهيمنون علي كل شيء بينما أضيف لهم فساد الفاسدين وتكاثر الأميين والأدعياء وأنصاف المتعلمين في مشهد ربما هو الأكثر ضِعةً والتباسا . المشكلة أن هؤلاء يكافئون مواليهم لا يكافئون الموهبة ، يقتلون الشاعر ويستبدلونه بظله ، يدافعون عن الغوغائية والبلطجة لاعن أنماط التفكير الحر .
فهل كنا حمقى عندما كنا نكتنز بين أرديتنا كل هذا التفاؤل ؟ أظننا كنا كذلك . لكننا كنا حمقى زكي نجيب محمود الأكثر خفة وطرافة . حيث كان يرى أن الأحمق هو من يضع المرآة أمام القرد بينما ينتظر أن يري علي صفحتها غادة حسناء !!
ربما لكل ذلك اجتمعت إراداتنا اليوم على ابتعاث حقيقة سبق لها أن ولدت ، لكنها اليوم تشهد ميلادا مستعادا . إنها الحقيقة الجمالية التي دافع عنها الشعر منذ أن كان عزيفا في الصحارى. إنه إيماننا بأن الشعر أعرق المفارز الحضارية والإنسانية . كان عنوانا للطبيعة الغفل ، ثم عنوانا للآلهة ، حتى صار بيتا للإنسان .
بتلك الروح ندشن اليوم " منتدى الشعر المصري الجديد " ، الذي يتفضل باستضافته واستضافة فعالياته حزب التجمع الوطني التقدمي الذي كان ومازال بيتا للثقافة الطليعية ، ما يستوجب توجيه جزيل الشكر لهذا المنبر الحر الذي كان ومازال حاضنة للثقافة المستنيرة . كما لا ننسى توجيه الشكر لكل من الناقد الكبير الدكتور شاكر عبد الحميد والمفكر نبيل عبد الفتاح على دعمها المؤثر للمنتدى وكذلك توجيه الشكر للشاعرة وفاء المصري التي قامت بتصميم لوجو المنتدى . والشكر موصول أيضا لكل شعرائنا المشاركين في تلك الأمسية والذين سيشاركون في أمسياتنا القادمة، كما يوجه المنتدى شكره لكل الإعلاميين الذي اعتنوا بشأن المنتدى وأخباره وتابعوا نشرها . أما الحضور الكريم الذي تكبد مشقة الانتقال إلي هنا من أجل الشعر فهو صاحب الفضل أولا وآخرا .
بقيت الإشارة إلي أن المنتدى سيطلق مؤتمره الثالث لقصيدة النثر في بدايات العام القادم 2019 بمشاركة نوعية عربية وعالمية . وإلي جانب ذلك سيعقد ندوة نصف شهرية تعني بمؤازرة المواهب الشعرية الجادة والجديدة وتقديمها عبر أمسيات متواترة كما سيكون ساحة لنقادنا المؤثرين لمناقشة الأعمال الشعرية الجديدة مع الاحتفاء بشعراء استقرت تجاربهم ولم يلقوا الاحتفاء الذي يليق بمنجزهم . كما سيعني بعقد ندوات لمناقشة الكتب النقدية التي تتناول الظواهر الشعرية المؤثرة في شعريتنا الحديثة ، وسيكون المنتدى أكثر انفتاحا علي أجيال وأنواع شعرية متعددة ومتباينة ، كما سيعمل على إطلاق مجلة للشعر كواحدة من الأدوات التي يجب أن تعمل على صناعة الحاضنة الملائمة لسياق شعري متماسك يتجاوز الكثير من مناخات المجانية والشيوع .
إن الإساءات التي وجهتها المؤسسة الرسمية للشعر وربما لكافة الفنون تبدو الآن باهظة الكلفة ، ولا يمكن إعفاء الشعراء أنفسهم من تلك المسئولية لاسيما فيما يتعلق باستخدامهم كمعاول لهدم فكرة القيمة الشعرية بتعميم النماذج الأكثر رداءة ونمطية . إن إساءة الشاعر هنا ربما ستظل عقدة تاريخية بما يملكه من سلطة من المفترض أنها تتجاوز الواقع ، لكنها ، بكل أسف ، خضعت لأحط غرائزه .
ونحن إذ ندشن منتدانا الجديد نأمل له أن يكون قاطرة في سبيل حفز الواقع الثقافي علي إقامة تشكيلاته وجماعاته الأهلية بعيدا عن كل وصاية ، ونأمل من شعرائنا ومثقفينا دعم هذا الكيان الوليد باعتباره جزءا من حراكهم ونتاجا لنضالهم من أجل التحرر من الأبوة الزائفة التي مارسها ولازال يمارسها قتلة يرتدون مسوح الشعراء .
تحياتي وتحيات المنتدى ولجنته التحضيرية لحضوركم الكريم .

اللجنة التحضيرية للمنتدى :
إبراهيم داود ، أشرف يوسف ، إيهاب خليفة ، زيزي شوشة ، د . فارس خضر ، فتحي عبد الله
د. عبد الناصر هلال ، علي عطا ، عيد عبد الحليم ، د . محمد السيد اسماعيل ، محمد رياض ، محمود قرني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في