الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ساعة لا ينفع النّدم
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
2018 / 7 / 23
الادب والفن
ليس عيباً أن تقول لنفسك أنّك أخطأت وأنّك نادم على كلّ ما فعلت في حياتك، وتتساءل: لماذا فعلتُ ذلك؟
أتساءل أحياناً لماذا نكرّر أنفسنا، نعيش حالاتنا منتشين بالاعتداد الفارغ بالذّات، وماذا نملك من مقومات ذلك الاعتداد. نعيش الغيبوبة بكلّ معانيها. ننجب الأطفال وننسى أنهم أولادنا ، نرحل إلى الكلمات كي نعوّض الجوع إلى حديث حقيقي نثرثر به في ليل طويل مع من نحبّ، ومن كثرة ما نثرثر على وسائل التواصل . نُصاب بإسهال كلامي، ولا يمكن أن نوقف المرض.
قبل أن أندم ، وفي صلاة تأمليّة بوذية تجسدت لي الكلمة وحشاً قاتلاً أركعني أمام جبروته، تمنّيت أنّني لم أعرف من الكلمات سوى كلمات الحقل المتداولة، وبعض نكهات الخضار والحبوب لأتحدث بها، الحقل هو الوطن الحقيقي. هكذا تصوّرت زمناً.
لماذا تعلّمت الكلمات؟
لماذا أرى؟
ولماذا أردّ على العداء؟
لماذا أقتِلُ، وأُقتَل؟
لست داعية سلم ، ولا حرب. أرغب أن أنسى معظم الكلمات.
أمضيت جلّ أيامي في إعادة الدّروس، لم أفهمها ، ولم أحفظها. لو تفرغت لحفظ أمثال جدتي ربما كنت الآن أشعر بالحياة.
أن تكون صاحب كلمة ، أو جملة تعتقد أنّك تقولها لأنّك حرّ محض هباء، أنت ليس أكثر من عبد في سوق النخاسة مهما نظرت إلى نفسك، فقل لي ماذا تأكل. أقل لك من أنت .
أمّا عنّي: أضعت البوصلة منذ صرختي الأولى، وشاء الوطن أن أكون على مفترق طرق أركض في شتى الاتّجاهات. ركض، ركض، لا أرى في الرّكض حياة. أحب الرّفاه، والألوان، وأن أئمّ حبيبي في صلاة الحبّ على مدار الحياة.
لماذا تطلب منّي أن أكون ناسكة والعالم يضجّ بالمتع والرّفاه؟ لا تذّكرني بالجياع، أرغب في العيش، والجائع لا يعيش الحياة.
أرغب أن أجلس مع حبيبي عندما نشيخ على زاوية القدر. نتحدّث عن اللحظات التي خزّنتها ذاكرتنا، نجلس وحيدين تحت شجرة تمرّ بها ريح الخريف ، تنعش قلوبنا، يقول لي حبيبي: هل شعرت مثلما شعرت؟ الخريف أيضاً مليء بالحياة.
حبيبي كائن خرافيّ لا وجود عليه بين البشر، أستحضره عند الحاجة كي أتنمّر عليه، وعندما يضمّني إليه. أعود إلى طبيعتي التي تقدّم التنازلات.
هل تعرف حبيبي أنّني لست أنت؟
هل تعرف أنّني لا أتمتّع بكأس النّبيذ بل أخشاه.
كلّما قدّمت لك خبزاً ونبيذاً، وحبّاً. تمرّدتَ، وسمحتَ لنفسك أن تصعد إلى مرتبة الإله. بطبعي أتجنّب الآلهة كي لا يصبّوا آياتهم المحذّرة والناصحة على رأسي. أشفق على نفسي منك أيّها الإله!
عفوك يا رب!
خلقتني كي أجرّب الحياة. كنت مشغولة بالصدّ، والرّد، والقيل والقال. لم أجرّب، ولم أذق، لم أسمع، لم أرّ. هل يمكن أن تعطيني فرصة أخرى؟
كلّ أشخاصي لا وجود لهم . أجسدهم كما يطيب لي، ويجتمع حبيبي، والإله في ليلي فيملؤون المرّبعات الفارغة فيه، ولا بد أن يطلع الصّباح، أراني كعصفور يحبّ أن يغرّد في الصّبح ، أنسى أنّني ندمت طالما هنالك يوم آخر يمكن أن أعيشه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م
.. الموسيقى التصويرية لتتر نهاية مسلسل #جودر بطولة النجم #ياسر_
.. علمونا يا أهل غزة... الشاعر التونسي -أنيس شوشان-