الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا التفلسف

داود السلمان

2018 / 7 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ولد التفلسف من رحم "الحيرة" والاسئلة المبهمة التي تريد السباحة الحرة في مياه الحقيقة لكي تجلي ضبابية تلك الحيرة، وانجلاء غيومها الداكنة، بعد أن جثمت تلك الغيوم على صدر الفكر ردحاً طويلا من الزمن. وظل الفكر ينتظر- بفارغ الصبر- الاجوبة الشافية والتي يروم من ورائها اجلاء غيوم الحيرة ليصل مكامن الاطمئنان. فكان التفلسف هو الفصل والفيصل في هذا المضمار. بمعنى آخر ظهرت الفلسفة كعلاج ناجع للقضاء على داء الحيرة الذي طغى آنذاك (أعني قبل اربعة آلاف سنة وتحديداً في اليونان) على سطح الفكر بكل ابعاده، حتى تعددت تلك الاجوبة وتلونت بالأوان زاهية تخطف عين السؤال للوهلة الاولى، حتى بددت ظلام الحيرة وارتقت بالفكر الى سماء العلم والمعرفة.
والفلسفة – كما عبروا عنها- انها ولدت نتيجة دهشة؛ أي أن الانسان- وليس كل انسان- تصيبه دهشة حينما يرى منظراً غير مألوفاً، أو حادثة غير متوقعة، فيبدأ الانسان (الفيلسوف) بالتحري والتقصي لذلك المنظر أو لتلك الحادثة، ويحاول- قدر امكانه- الوصول الى نتيجة حاسمة تحسم الموضوع وتجلي الغبار عن ذلك، فاطلقوا على ذلك فلسفة أو حكمة، وصاحب تلك النتيجة يسمى فيلسوفاً، أو حكيماً.
والفلسفة مرت بأدوار طويلة ومتعددة، وتفرعت الى فروع، وكانت حين ذاك مرتبطة بالعلوم الاخرى، أو بالأحرى أن العلوم كانت مرتبطة بالفلسفة، وكان الفيلسوف عالماً في نفس الوقت، وموسوعياً، ثم رويداً رويداً استقلت العلوم عن الفلسفة وشقت طريقها هي الاخرى، واصبحت علوم قائمة بذاتها، وأن كانت احياناً كثيرة تكون ثمة قواسم مشتركة بينهما.
كل انسان هو فيلسوف بالفطرة، فمنهم من يصقل تلك الفلسفة صقلاً، حتى يختص بها ويغوص في اعماقها، ويرتشف من معينها، ومنهم من لا يعير لها أي اهتمام يذكر، وحتى وأن كان ذلك الانسان مال الى امور اخرى، كالفن والرسم والنحت والتمثيل وغير ذلك، فسوف يضيف هالة فلسفية على هذه المسميات تزيدها رونقاً وجمالاً، وسيلاحظ الجمهور أن طابع الفلسفة الذوقية متغلباً على تلك الامور الابداعية.. وحتى من يبغض الفلسفة أو يدعي انه يبغضها ويبيت الكراهية لها، ويحاول أو ينتقدها ويكتب اشياء في بطلانها، فهذه الاشياء التي يكتبها هي بحد ذاتها "فلسفة" أو لا تخلو من فلسفة. واذن فالفلسفة هي قدر محتوم يصيب الإنسان، فمثلاً حينما تريد أن تحاور أي انسان في أي قضية كانت فستقول له: ما هي فلسفتك بالحياة؟، أو ماهي: وجهة نظرك في القضية الفلانية؟. فجوابه بحد ذاته هو فلسفة.
ونستطيع أن نختتم كلامنا، بالقول: أن الفلسفة باقية ببقاء الانسان نفسه، فطالما هنالك انسان يريد أن يفلسف كلما طرأ على الحياة أي متغير يُذكر، خصوصاً وان الحياة هي دائماً في حالة تطور مستمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيقاد شعلة دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024 في أولمبيا الق


.. الدوري الإنكليزي: بـ-سوبر هاتريك-.. كول بالمر يقود تشيلسي لس




.. الصين: ما الحل لمواجهة شيخوخة المجتمع؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. إسرائيل تدرس -الأهداف المحتملة- للرد على الهجمات الإيرانية




.. سلاح الجو الأردني ينفذ تحليقًا استطلاعياً في أجواء المملكة م