الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل التعيين بالوظائف حلا لمشكلة البطالة

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2018 / 7 / 24
حقوق الانسان


من المعلوم ان الرواتب والأجور في الدولة تأخذ نسبة ليست قليلة من موارد الميزانية ، ونسب اخرى من الموازنة تذهب للتنمية ، ولا بد من ان يسير الاستثمار جنبا الى جنب مع الرواتب والاجور ، حيث يخلق الاستثمار فرصا جديدة للموارد التي تغذي الخزينة وتوسع من الايدي العاملة في المجتمع وتزيد من الدخل والرفاهية . وليس كل الناس تريد ان تكون موظفين براتب قد لا يسمن ولا يغني من جوع. فالسواد الاعظم من الموظفين رواتبهم بالكاد تكفي سد جوعهم وربما الكثير يقترض اذا ما تعرض لمرض او نفقات إضافية . والموظف مطلوب منه التوقيع ببصمة ابهامه في الساعة كذا صباحا والخروج بالساعة كذا مساءا ، حتى اذا بلغ الثلاثة وستون عاما من عمره وقد قضى ريعان شبابه في الدوام والانتظام والانسجام ومنع السفر ومنع التأخر والعقوبة ان تأخر او تمادى احيل على التقاعد براتب شهري معدله لا يتجاوز 600 الف دينار . وكم من مدير لذلك الموظف لا يستحق منصبه ،هدد موظفيه بالويل والثبور وعظائم الامور لأتفه الاسباب . وربما داس على كرامة من هو افضل منه نسبا وحسبا ، وهذه الوظيفة ومناكفاتها ،ومن يكون مديرا على الاخرين فالحياة فرص والحياة بالواسطة والحياة تأخذ بالمحسوبية والمنسوبية . يخرج الموظف بعد انتهاء (63) سنة من عمره ربما الى المشرحة وربما لسرير المرض وربما يعيش كم عام اخر براتب تقاعدي لا يتجاوز ال500 الف دينار حيث انه قضى عمره في الوظيفة ركضا بركض ما يزيد على 40 عاما حتى دون ان يلتفت خلفه ، وتراه وقد وضع على عيونه النظارة الطبية وقد سقط شعره وبلغ نهايات عمره ، فمتوسط عمر الانسان الذي ربما يبلغ الخامسة والسبعين لدى بعض الدول المتقدمة لكنه عندنا لا زال عند الاربعين او الخمسين عام .
ورجل القطاع الخاص حر بعمله سيد لنفسه، ان اراد السفر او اراد الاستراحة او تأخر في الليل او عاد في منتصف النهار ، لا توجد بصمة اصبع عند باب الدائرة ولا يوجد من يعنفه ان تأخر في ساعات الصباح الباكر عندما يجد الالف السيارات تفترش الشارع وان السير على الارجل اسرع عدة اضعاف من سرعة السيارات في ذلك الازدحام الملعون ، ارباح العاملين في القطاع الخاص ربما تبلغ الملايين ،سياراتهم اخر موديل ، موبايلاتهم اخر اصدار ، حفلاتهم بمطاعم الدرجة الاولى .لكن هذه الفرصة لا تتاح للأخرين.
وفي الحقيقة فهذا البلد برجاله الذين اثبت العالم انهم اهل الغيرة والنخوة والحضارة ، يستحقوا ان يعيشوا افضل من اي شعب على وجه كوكب الارض ، فكم من شعب عنده ما عندهم من حضارة ومجد وقيم ، ولو اتيح لهم تفجير مواهبهم وطاقاتهم باتجاه العلم والمعرفة والحضارة لسابقوا اكبر دول العالم وغلبوها ....
فالمواطن العراقي يبحث عن الوظيفة ، لأنه لم تتوفر له الفرصة ولا الامكانية للعمل الحر ، فبيئة السوق والعمل محتقنه، الاستثمار في البلد مختنق، وداعش عبث في هذا المجتمع حتى دمر الكثير من موارده وبناه التحتية وهجر وقتل علماءه واطباءه وكفاءاته. ان النظرة الاساسية ان الالاف المؤلفة من رجال الشرطة والجيش يمكن ان يسرحون للعمل في القطاع الخاص عندما يتحسن الوضع الامني في البلد لتخفيف العبء عن كاهل الموازنة وانماء ونهوض الاقتصاد .فاقتصاد العراق احادي الجانب اعتمد ولا زال يعتمد على واردات النفط ، معنى هذا اذا زدنا اعباء الموازنة دون تنمية المقابل في الاستثمار ،فان اي انخفاض جديد في اسعار النفط يعني ان لا رواتب .ونحن لم نستفق من ايقاف الاستقطاع من الرواتب الا قبل قليل.
واذا كان من حق الناس ان تنظر صوب الوظيفة فمن حق الاخرين ان ينظروا نظرتهم ،فصاحب الحظ السعيد من سيجد له وظيفة ، ولكن كم من الاف مؤلفة لا يمكن ان تحظى بتلك الوظيفة . اذا يفترض ان يكون التوظيف من خلال خلق فرص انتاجية فرص لاستيعاب الأيدي العاملة، فرص تعطي رواتب مجزية لمن يعمل واضافة موارد إضافية مادية للخزينة .فرص لتقليل نسبة البطالة واقامة نظام من الرعاية الاجتماعية التي تساعد العاجزين والمعدمين والارامل والايتام على العيش الكريم اللائق، وتقلقل من طوابير المتسولين من الكبار والاطفال وخلق فرص للعمل لهم بدل التسكع على الارصفة .
ان وجود موازنة استثمارية من فضلة بيع النفط حاليا لإنهاء ازمة الكهرباء والماء حاجة ملحة وان التخطيط لبناء المشاريع العملاقة وتقديم الخدمات لا بد وان يسيران جنبا الى جنب مع خطط التعيين ، وان استيراد الكهرباء اي كان مصدره او استيراد زيت تشغيل محطات الكهرباء وبالعملة الصعبة لا يمكن ان يعوض عن اقامة المشاريع العملاقة وبناء المعامل الانتاجية لوقود المحطات فهو يستنزف موارد الخزينة ،كما ان السير باتجاه كثرة الانفاق على الرواتب والاجور مع ضعف الاستثمار وقلة موارد الميزانية من غير النفط ، لا يمكن ان يحل الازمات التي يعاني منها البلد ، وانما سيفاقمها وسيصبح هذا الاسلوب وسيلة للضغط للمزيد من الوظائف طالما لا توجد فرص اخرى للعمل خارج هذا النطاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط


.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا




.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد