الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون القومية الإسرائيلي والميثاق الوطني الفلسطيني

إبراهيم ابراش

2018 / 7 / 24
القضية الفلسطينية


قانون القومية (قانون أساس : إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي) ليس مجرد قانون كبقية القوانين التي تصدر عن الكنيست الإسرائيلي بل هو كما يرد في عنوانه قانون أساس أو (دستور) جديد لإسرائيل جديدة تختلف عن كل ما كانت تروجه عن نفسها كدولة ديمقراطية كما تختلف في نهجها وتعاملها مع الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين سواء الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أو سكان المناطق المحتلة عام 1967 ، وبالتأكيد فهذا القانون ينسف ما تبقى من مراهنة على تسوية سياسية مع الفلسطينيين .
صحيح ، إن كل ما ورد في القانون بمواده العشر لم تخرج عن النهج والسلوك الإسرائيلي منذ تأسيس دولة إسرائيل وهي نصوص مستمدة من العقيدة اليهودية والأيديولوجيا الصهيونية ، إلا أن الجديد هو قوننة هذا السلوك العنصري الاستعماري وجعله مرجعية ملزمة وهادية لكل الحكومات الإسرائيلية .
هذا القانون اليهودي ما كان ليصدر الآن لولا الموقف الأمريكي غير المسبوق في دعم إسرائيل وضعف الأمم المتحدة التي يفترض أنها حامية القانون الدولي والشرعية الدولية فيما القانون اليهودي يتعارض كليا معهما ، ولولا الحالة العربية الضعيفة إن لم تكن متآمرة على الشعب الفلسطيني أيضا لولا الانقسام والضعف الفلسطيني .
أما أخطر ما في قانون القومية اليهودي :
1- تكريس يهودية الدولة .
2- يتحدث عن أرض إسرائيل التوراتية وليس إسرائيل التي اعترفت بها الأمم المتحدة عام 1947 .
3- تجاهل قرارات الأمم المتحدة وتفاهمات التسوية حول القضية الفلسطينية
4- تزوير التاريخ من خلال الحديث عن الوجود التاريخي للشعب اليهودي في فلسطين ، وهذا ينفي الرواية الفلسطينية .
5- يتعامل مع اليهودية كقومية وليس دين .
6- يحصر حق تقرير المصير باليهود وفي هذا انتهاك لحقوق الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين .
7- اعتبار القدس الموحدة والكاملة عاصمة لدولة إسرائيل .
8- اعتبار اللغة العبرية اللغة الرسمية للدولة وفي هذا تجاهل للغة العربية .
9- حق عودة اليهود لإسرائيل أو ما يسميه القانون (لم الشتات) .
10- شرعنة الاستيطان ودعمه .
وللأسف فإن صدور هذا القانون جاء في وقت تخلى فيه الفلسطينيون عن (قانون الوطنية الفلسطينية) كما صاغه الميثاق الوطني الفلسطيني 1968 ، وجاء في وقت ما زال الفلسطينيون مختلفون حول المشروع الوطني وحول الثوابت والمرجعيات ويناكفون بعضهم البعض حول منظمة التحرير الفلسطينية ويتصارعون على سلطة على أرض حسمت إسرائيل أمرها بأنها أرض الشعب اليهودي ، وفي وقت ما زالت حركة حماس تتحدث عن مشروع إسلامي في تعارض مع مشروع الوطنية الفلسطينية .
وإذ نستحضر الميثاق الوطني أو قانون الوطنية الفلسطينية الذي تم التلاعب به حذفا وتعديلا لبعض مواده في دورة غزة 1996 فلأن من صاغ قانون القومية اليهودي وكأنه وضع أمامه الميثاق الوطني الفلسطيني وصاغ قانونه بما ينسف ويتعارض كليا مع الميثاق الفلسطيني ونلاحظ ذلك من خلال المواد الأساسية التالية في كلا الوثيقتين :
في المادة الأولى من القانون اليهودي والتي تحمل عنوان المبادئ الاساسية والتي تُعَرف إسرائيل وشعبها فقد جاءت كما يلي :
" (أ‌) أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل.
(ب‌) دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير.
(ج‌) ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي ."
أما في الميثاق الوطني الفلسطيني المغدور فقد جاءت المبادئ الاساسية التي تعرف فلسطين والشعب الفلسطيني في المواد الثلاثة الأولى كما يلي :
"المادة 1
فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني، وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية.
المادة 2
فلسطين بحدودها التي كانت قائمة في عهد الانتداب البريطاني وحدة إقليمية لا تتجزأ.
المادة 3
الشعب العربي الفلسطيني هو صاحب الحق الشرعي في وطنه، ويقرر مصيره بعد أن يتم تحرير وطنه وفق مشيئته، وبمحض إرادته واختياره."
وبالنسبة للعلاقة بين أبناء الشعب الواحد وإذا ما تجاوزنا المغالطة الخطيرة في تعامل القانون الإسرائيلي مع اليهود كأمة وليس كدين ، فقد تطرقت لها المادتان الخامسة والسادسة كما يلي :
ففي المادة الخامسة وتحت عنوان لم الشتات جاء :
"تكون الدولة مفتوحة أمام قدوم اليهود ولمّ الشتات".
وفي المادة السادسة وتحت عنوان - العلاقة مع الشعب اليهودي جاء :
" (أ‌) تهتم الدولة بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها، الذين تواجههم مشاكل بسبب كونهم يهودا، أو مواطنين في الدولة.
(ب‌) تعمل الدولة في الشتات للمحافظة على العلاقة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي.
(ت‌) تعمل الدولة على المحافظة على الميراث الثقافي والتاريخي والديني اليهودي، لدى يهود الشتات."
أما في الميثاق الوطني الفلسطيني المغدور فهذه المواد يقابلها المواد من 4 إلى 7 وجاءت كما يلي :


المادة 4
"الشخصية الفلسطينية صفة أصيلة لازمة لا تزول، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وإن الاحتلال الصهيوني وتشتيت الشعب العربي الفلسطيني نتيجة النكبات التي حلت به لا يفقدانه شخصيته وانتمائه الفلسطيني ولا ينفيانها."
المادة 5
" الفلسطينيون هم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى عام 1947، سواء من أخرج منها أو بقي فيها، وكل من ولد لأب عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني."
المادة 6
"اليهود الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى بدء الغزو الصهيوني لها، يعتبرون فلسطينيين."
المادة 7
الانتماء الفلسطيني والارتباط المادي والروحي والتاريخي بفلسطين حقائق ثابتة، وإن تنشئة الفرد الفلسطيني تنشئة عربية ثورية واتخاذ كافة وسائل التوعية والتثقيف لتعريف الفلسطيني بوطنه تعريفاً روحياً ومادياً عميقاً، وتأهيله للنضال والكفاح المسلح، والتضحية بماله وحياته لاسترداد وطنه حتى التحرير واجب قومي.

كثيرون كتبوا وتحدثوا عن مخاطر قانون القومية اليهودي وهذه مهمة المثقفون وأصحاب الرأي وكل من يساند عدالة القضية الفلسطينية ، ولكن لا يجوز أن يكون ردة فعل القيادات السياسية الفلسطينية مجرد الرفض والتنديد ومناشدة العالم بالتدخل ، بل المطلوب خطوات عملية ، وحيث إن الأمر يتعلق بصياغة قوانين ووثائق أساسية استراتيجية فلا يُعقل أن لا يكون عند الفلسطينيين وثيقة أو قانون أساس محل توافق ويحدد الثوابت والمرجعيات ويضبط العمل السياسي داخليا وخارجيا .
لقد تم تجاوز أو تعديل قانون الوطنية الفلسطينية أو الميثاق الوطني برعونة واستخفاف عام 1996 إرضاء للرئيس الأمريكي كلينتون ، وتم التلاعب بكثير من الثوابت في إطار المناورة السياسية ، بل إن القرارات التي تصدر عن المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية لا يتم تنفيذها ، كما أن الصفة التمثيلية لمنظمة التحرير محل شك وتشكيك من بعض القوى السياسية كحركتي حماس والجهاد ، كما أن القانون الأساس للسلطة وبالرغم من اقتصاره على تدبير الشأن العام في مناطق السلطة إلا أنه شبه معطل بسبب الانقسام . ليس هذا فحسب بل إن حركة حماس التي وضعت ميثاقها الإسلامي 1988 ليكون بديلا عن الميثاق الوطني تراجعت عن ميثاقها عام 2017 ليحل محله وثيقة ملتبسة ومُبهمة .
غياب الوثائق المرجعية الوطنية الجامعة يفسر التخبط والتضارب في السلوك والموقف السياسي للطبقة السياسية الفلسطينية ، وما هو أخطر من ذلك أنه يتيح لأي كان من الطبقة السياسية التلاعب بمصير القضية الوطنية وبالثوابت كمفهوم الدولة واللاجئين والمقاومة والسلطة ووظيفتها الخ كما يجري في الفترة الأخيرة .
وأخيرا ، هل ستستمر منظمة التحرير بالاعتراف بإسرائيل بعد أن أعادت هذه الأخيرة تعريف نفسها كدولة يهودية عنصرية ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة