الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


Coming out .. 8 .. Shattered dreams .. 2 / 2 .. جزء ثالث عشر ..

هيام محمود

2018 / 7 / 25
سيرة ذاتية


* ( تامارا ) و ( أميرة ) .. 8 ..

الله ماتَ والعَالَمُ يَتْبَعُ طَرِيقَهُ , أَفْرَحَنِي مَوْتُ الله لكنْ أَحْزَنَنِي سَيْرُ العالَم فِي طَرِيقِ المَوْتِ ؛ طريق الله . لا أَستطيعُ إحْيَاءَ العَالَمِ لكنّي أَستطيعُ الحِفَاظَ على أَمَلِ إِحْيَاءِ كَمَالِ عَالَمِي يَوْمًا مَا وإِنْ كانَ ذلكَ شبهَ مُستحيل ؛ ولا "كَمَالَ" دُونَ .... ( أميرة ) , لا كَمَالَ دُونَ .... وَطَنْ .

.

( العودة الجامعيّة بعد أيام و ( تامارا ) لا تَزال لمْ تَتَجاوَزْ مُخلّفات ذلك الطوفان الذي مَرَّ بأرضِهَا .. الواقعيّة وعِزّةُ النفس يتغلّبان قَطعًا على أيّ طوفان لكنْ .. يَلزمُ وَقْتْ , الطوفان عظيم والخسائر جسيمة خصوصًا أنه وَقَعَ لأوّل مرّةٍ وأَتَى بَغْتَةً .. )

بعد ذلك الاتصال الوحيد في اليوم الثامن مِن لقائهما , لم تَتَّصِلْ ( أميرة ) ولمْ تُعاوِد ( تامارا ) الاتصال وكيف لها أنْ تَفعلَ وقد قَطعَتْ في وجهها ذلك الأخير مُعلِنَةً عن النهاية ومُودِّعةً فقد حَضَرَ وقتُ الرحيل ....

لكنْ !

الحبُّ أَقْوَى مِن عِزّة النفس عندما نُريدُ تَنميقَ الكلام , لكنّ حقيقةَ القول أنه يُخلِّفُ الذل والمهانة والجميع في ذلك سواء : تذرَّعْتُ برسالة SMS "فارِغة" عندما كنتُ صغيرة أمّا ( تامارا ) فاختفَتْ وراء "رنَّةٍ" صغيرة , لا ! لم تَتَّصِلْ ! لكنها فقط أخطأَتْ الرقم ! أَخطأَتْ , على أمَلِ أنْ يُتَّصَلَ بها لكنْ دُونَ جَدوى فقد اِلتزَمَتْ ( أميرة ) بمَا وعَدَتْ , الشريرة ! ولَمْ تَتَّصِلْ ....

لم تَكْتَفِ ( تامارا ) بذلك الاتصال "على سبيل الخطأ" , بل اِتَّصَلَتْ عديدَ المرات في الأيام التي تَلَتْ لتَجِدَ في البداية أنَّ الجِهَازَ مُغلَق وَلتَكتشفَ بعد ذلك أنّ الخطَّ قد تَوَقَّفَ عَنِ العمل : كانتْ تلك "اِستراتيجية" ( أميرة ) لتَهْربَ ولِكَيْ لا تَضْعَفَ , سياسة صارِمة لا تَعرِفُ الرّحمةَ ....

"قَهَرْتِنِي , أَتمنَّى أنْ تُقْهَرِي يَومًا" كانتْ تَقولُ ( تامارا ) كلّمَا بكَتْ وتألَّمَتْ وَحيدةً ولا أَحَدَ لتَشْكُو لهُ أحزانَهَا غير النهر والبحر وريشَتَهَا التي شَرَعَتْ في تلك الفترة في رَسْمِ وَجْهِ ( أميرة ) ..

أتساءلُ إلى اليوم هل ما اِقْتَرَفْتُهُ في حقّ ( أميرة ) عندما عَاوَدْنَا الالتقاءَ كان فيه نوع مِن الانتقام لي ولِـ ( تامارا ) ولـ ( علاء ) منها ؟! وجوابي : "نعم" .... أَحببتُها كثيرًا لأَسمحَ لها بأن تَهْجُرَني للمرة الثانية , لكنّي لمْ أَغْفِرْ لها مَا فَعَلَتْهُ مع ( تامارا ) و ( علاء ) ؛ منذ أول لحظة أَعْلَمَتْهَا ( تامارا ) أنْ لا جِنْسَ في عالمها فلماذا واصَلَتْ معها وكسَرَتْ قلبَها ؟! أما مع ( علاء ) فلا عُذْرَ لها وأيّ عُذْرٍ سأجدُ لِمثليّةٍ "تَتَطفّل" على عالَم الرجال ؟!!

ثلاثتهم كنتُ أُريدُ , كُنْتُ كأمٍّ لا تَستطيعُ التّنازلَ عن اِبنتها الأولى مِنْ أَجلِ الثانية والثالث وتَرْفضُ أنْ تُجْبَرَ على ذلك رغم أنّ الاختيارَ كان واقِعًا لا مَفَرَّ منه منذ البدء . كنتُ حالِمةً فواصلتُ حُلمي في الجَمْعِ بين ثلاثتهم , كانتْ ( أميرة ) مِثلي وعلى عَكسِ عادَتِهَا وصَرامَتِها حَلمَتْ هي أيضًا في رُكْنِهَا وتلك كانتْ نُقطةَ ضعفِها التي "أَحْسَنْتُ" اِستغلالَها لِتَدْفَعَ ثَمَنَ مَا اِقْتَرَفَتْهُ في حَقِّنَا ثلاثتنا وخُصُوصًا ( تامارا ) ....

جميلٌ وفريدٌ أن نُحِبَّ في نفس الوقت أشخاصًا كثيرين يُبادِلونَنَا نَفْسَ الحُبّ , لكنّ الأمرَ حقلُ ألغامٍ يَستحيلُ أنْ نَنْجُو مِنْ كلِّ ألغامهِ .. سادومازوشية لا سبيلَ للهروب منها والاكتفاء بِطُرُقِ عالَمِ الشريكِ الواحدِ "الرومنسيّة" ..

كانتْ علاقتي بِـ ( تامارا ) في السنة الأولى سَطحيةً لمْ تَتجاوَزْ مجرد تبادل التحية , كان الجميعُ يَعرفها لكنْ لمْ يكنْ لها أصدقاء أو صديقات مُقَرَّبات .. بعضُ من يَدرسنَ معها في نفس الفصل كنّ يَقلنَ عنها أنها تُفضِّل الوحدة والبعض الآخر قُلنَ بغرابةِ رسومها ؛ ذكرَتْ لي إحداهنّ وكانت تَجمعني بها بعضُ صداقةٍ أنّ عِدّةَ أساتذة طردوها مِن الفصل بَعدَ أنْ ضبطوها تَرْسمُ ..

لكنّ الأمور لم تكنْ كذلك فأَصلُ تلك الأقاويل كان خليطًا من السَّخَطِ والغَيْرَة , سَخَط الشبان عليها لأنها أغلقَتْ كل الأبواب في وجوههم وغيرة البنات لأنها كانت الأفضلَ والأجملَ .. لا أذكر أني كنتُ أغارُ منها لكني كنتُ بيني وبينَ نفسي لا أَفهمُ كيف يُقَالُ عنها أنها غنيّة واِبنة وحيدة لرجلِ أعمالٍ ثريّ وملابسها كانَتْ لا تَعكسُ غِناها , كانت ملابسًا بسيطة وفي بعض الأحيان غريبة , ولمْ تَكُنْ تَستعملُ أيّ ماكياج ..

أَحدُ الزملاء قالَ لي مرّة مُشيرًا إليها وهيَ تَمُرُّ أمامنا : "Tomboy" , لم أكنْ أراها كذلك لكنّي كُنْتُ أراهَا غريبةً بعضَ الشيء في طريقة لباسها وخصوصًا في عدم "تنظيفها" لشَعْرِ الحواجبِ والوجهِ واليدينِ لكني كنتُ أراها جميلةً , كنتُ أقولُ "لو أنها تَعتني قليلا بنفسها فقط !" لكنها لمْ تَكُنْ تَهْتَمّ ..

كنتُ أَكرهُ التّدخين وكانَتْ تُدَخِّنُ وكنتُ أَكرهُ الفنونَ القتالية وكانَتْ تُمارِسُ أَحدهَا , رأيتُهَا مرةً تَتدَرَّبُ معَ طالب وطالبة مِنَ السنة الخامسة فَخفْتُ مِنْ هَوْلِ ما شاهَدْتُ وأكيد أَغنَتْهَا سُمْعَتُها تلك عن إغلاقِ الأبواب في وجوه الشبان فقد كانت مُغلَقةً بطبيعتها ! يومها خفْتُ لكنّي نَظرْتُ لها وتَبسَّمْتُ .. ليس لها لكنْ لأني تَذكَّرْتُ يومَ أُصيبَتْ عَيْني عندما كُنْتُ صغيرة وكيفَ عَنَّفَتْ ( أميرة ) ذلك الطالب الذي اِصطدَمَ بي .. ( أميرة ) كانت تُحبُّ التايكواندو لكنّ أهلها رَفَضُوا أنْ تَتَعَلَّمَه , كانتْ تقول لي أنها ستَفْعَلُ ذلك عندما تَكْبَر وتُصبِحُ مُستقِلَّة عنهم .. كنتُ أَنظرُ لِـ ( تامارا ) وأقول لِـ ( أميرة ) "أتمنّى أن يكونوا قد سَمَحوا لكِ بتحقيقِ حُلمكِ وإنْ لم يَفْعَلوا أتمنّى أنْ تُحقِّقي ذلك بمفردكِ وأنْ تُصبِحي كهؤلاء وأحسن" ..

( أميرة ) كانت تَكرهُ شعرَها الطويل وكانت تَرغَبُ في قصّه كلّه لكنهم مَنَعُوها مِن ذلك أيضا , كانَ الجميع يقولون لها أنّ شعرها جميل و "نعمة مِن عند الله لم يَهبها للكثيرات" لكني كنتُ أرى العكس ! كانت جميلة بشعرٍ طويلْ لكني كنتُ أراها بالقصيرِ أَجملْ وكان ذلك يُعْجِبُهَا ويُشَجِّعُهَا .. ( تامارا ) كان شعرها قصيرا , تَذكَّرْتُ وأنا أَنظر إليها كيفَ كنتُ أَقُصُّ شُعُورَ عَرائسي عندمَا كنتُ صغيرة , وتَذكَّرْتُ يومَ اِقترَحْتُ على ( أميرة ) أنْ أَقُصَّ لها شعرها لكنها رفَضَتْ خشيةً مِنْ أمها وتَذكَّرْتُ كيفَ قبَّلَتْنِي وكيفَ صَفَعْتُها وكيفَ غادَرَتْ وكيفَ اِتصَلْتُ بها آلاف المرات دونَ رَدّ وتَذكَّرْتُ أنّي وَدَّعْتُهَا قبل القدوم للجامعة فغضبْتُ مِنْ مُرورها بِبالي بَعْدَ كلّ تلك السنين وقُلتُ أنها لا تَستحِقّ و .. غادَرْتُ قاعةَ الرياضة .

لطالما رأيتُ التحليلَ "النفسي" ترهات لا يَحتاجُهَا إلا الجهلة والأغبياء , اليوم عندما أَعودُ لتلك اللحظات في تلك القاعة أَعلمُ عِلْمَ اليقين لماذا عاوَدْتُ عَيشَ نفس الألم الذي عِشتُهُ عندما كنتُ صغيرة ولماذا كانَ هنالك ألم أصلا فالقصة "ظاهريًّا" لا تَتَجَاوزُ مجرّد "صداقة" بينَ طفلتين .... وأَعلمُ لماذا لمْ أُفكِّر قطّ في أيِّ رجلٍ منذ أنْ غابَتْ ( أميرة ) وكيفَ لم أَفعَلْ ذلك إلا فِي حُضورها مِنْ جديد بعد سنوات طويلة بالرغم مِنْ أنَّ ( تامارا ) وَقتها كانَتْ منذُ أَشهرٍ تُلِحُّ علي لأتعرَّفَ على ( علاء ) .. ( تامارا ) نفسها - وهيَ نفسي - في عقلي الباطن كان أَصلُ اِنجذابي إليهَا تَشابُهها في أمورٍ كثيرةٍ مع ( أميرة ) منها "شَبَحُ" المثليّة الجنسيّة / الصداقة "الحصريّة" معي / الشعر القصير / العيون الزرقاء , اللون الأزرق , حبّ البحر والأنهار , حبّ الحياة في الرّيف / الجمال الذي يَتَجاوزُ كلّ وَصْفٍ ؛ ( أميرة ) جميلة جدًّا , ( تامارا ) أيضا وسؤالي الدائم عن ذلك الجمال : هل كنْتُ سأحبّهَا لو لم تَكنْ جميلة ؟ / عَدَمُ وجودِ أيّ رجلٍ في حياتها / فنون القتال ... وكأنّي رأيْتُ فِي ( تامارا ) ( أميرة ) وقد كَبرَتْ وعادَتْ لي ..

أَجملُ ما في ( تامارا ) عندي تلك السنة كانَ شعرهَا القصير وجُلوسَها الغريب وحيدةً وسط ملعب الكرة لتَرْسُمَ عندما نكون نحنُ داخلَ المحاضرة ؛ لم أكن أعلم وقتها أنها كانتْ إمّا تَغيبُ عَنِ المحاضرة أو تُغادِرها لتَنعزلِ في مكانٍ لا يُوجَدُ فيه أحد لتَرْسُمَ أخاها ..

الأهمّ أنّها كانتْ مِن أوائل الناجِحين , وقد كنتُ أقول عنها طوال السنة أنَّ "هذه" إمّا ستكون مِن المتفوِّقين وإمّا مِن الأغبياء لأنّ بعض الغرابة في سلوكياتها كانت تَستثني أن تكونَ مِن المتوسطين ..

ومَرَّتِ السنة الأولى دونَ أن أَشعرَ بأيّ رغبةٍ في التّقرّبِ منها أو التّعرُّفِ عليها , لكنها لم تكنْ مجرّد طالبة كغيرها مِن الطلبة بل كانتْ مُختلِفةً , هي أيضًا لمْ تَرغَبْ بالرغم مِنْ حُضورِها في بعضِ المرّات إلى "نادي" الموسيقى لكنّها كانتْ تُلْقِي التحيّة وتَقِفُ بَعيدةً دونَ أنْ تَقتربَ ..

أمّا قاعةُ الرياضة فَـ .. زُرْتُهَا مرّةً وحيدةً ولمْ أُعَاوِدْ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة