الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب والمؤامرة والحلول الانتحارية!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


رأي في الخطوط العريضة في السياسة الخارجية الرشيدة لدولتنا الوطنية الجديدة!؟
(العلاقة بالغرب، والعلاقة بإسرائيل !!!؟؟) (سألني فأجبته).
*****************
سألني : و ماذا عن زعم (بوش) أنه تدخل عسكريًا في العراق بسبب الأسلحة النووية العراقية و كذبة علاقة القاعدة بصدام حسين!؟، أليس هذا دليلًا يتناقض مع رفضك لنظرية المؤامرة!؟؟
فكان جوابي: هي مجرد أكذوبة من المخابرات - أو نتاج معلومات خاطئة - ولكن تم كشفها لاحقًا ودفع ثمنها بوش وبلير وبلاديهما غاليًا، لكن للحقيقة فإن أمريكا/بوش كانت تبحث عن مبرر مقنع لإنهاء نظام صدام حسين لا لأنه بات يشكل خطرًا على اسرائيل كما يدعي العرب!، فهو والله لا يشكل أي خطر حقيقي وجاد على إسرائيل ، فهو حاله حال القذافي نمر من ورق مملوء بالهواء والهراء!، وقد رأينا هزيمته وهزيمة جيشه الجرار في غضون ثلاث أسابيع فقط، انما نظام صدام كان يشكل خطرًا فعلاً على دول الخليج ومصالح الغرب فيها وخصوصًا أمريكا، فقد تجاوز صدام حسين الخطوط الحمراء بإحتلال احدى (المحميات الإمريكية) أي (الكويت) معتقدًا بحسابات خاطئة أنه يستطيع أن يلوي ذراع الغرب ويفرض عليهم بأن يكون هو (الرجل الوحيد) الذي يجب عليهم أن يتفاهموا معه ويعقدون العقود معه ويعترفوا بها كشرطي وفتوة للمنطقة!، لكنه كان أسير وهم كبير، فانتهى إلى ذلك الانتحار السياسي الكبير كما انتهى حكم القذافي وحكم الاخوان في مصر بسبب الأوهام الكبيرة والحسابات الخاطئة و.. القاتلة!!... وكما ذكرتُ في مقالاتي عن نظرية المؤامرة أن الغربيين لهم مصالح محددة في منطقتنا وفي بقية بلدان العالم يجب علينا أن نعلمها ونفهمها ونتفهمها جيدًا، إذ أنهم يوم يشعرون أن هناك تهديد جدي وخطير لمصالحهم، فإنهم من الطبيعي أن يتدخلوا لحماية مصالحهم هذه حتى لو وصل الأمر للتدخل العسكري المباشر، كما فعلوا مع (العراق/صدام) - وهو ما قد تنفذه (أمريكا/ ترام) ضد (ايران) إذا استمرت في تهديد مصالحها في (الخليج) وقبلها شاهدنا الغارة الإمريكية (التأديبية)(المحدودة) على ليبيا عام 1986 التي نفذها (ريغان) لتحجيم (القذافي) واجباره على تغيير سلوكه الارهابي ضدهم، وبالفعل منذ تلك الغارة أصبح القذافي - شيئًا فشيئًا - يرى الواقع كما هو في الحقيقة لا كما يرسمه له عقله الطوباوي والمصاب بداء العظمة ووهم (النبوة!) والرغبة في العلو في الأرض ولعب دور (صقر العرب الأوحد!)، وبدأ يُغيّر من سلوكه تدريجيًا تجاه الغرب حتى وصل إلى حالة (الانبطاحات العظمى) و(التعويضات المليارية الكبرى) التي قدمها للغرب في سبيل إعادة تأهيله واستقباله في ديارهم استقبال الأصدقاء!، وبالفعل نجح في ذلك وأصبحت علاقته مع الدول الغربية (مثل السمن على العسل) في آخر عشر سنوات من حكمه وصل إلى حد التعاون الأمني معهم كما ذكر سيف الاسلام بنفسه!!، وهو ما أصبح يعود بالاستقرار والازدهار التدريجي على نظامه وبلاده وشعبه، بل وقبل الغربيون بتوريث الحكم لأولاده من بعده كما قبلوا ببشار الأسد كوريث لإبيه، وكان القذافي وأولاده أخذوا يسبحون في عسل العلاقة الودية بالغرب بكل سرور واطمئنان وبات الليبيون بما فيهم بعض المعارضين للقذافي يستسلمون لهذا الأمر الواقع العتيد باعتباره (الممكن والمتاح) ولا أمل في ثورة شعبية أو انقلاب عسكري، وظل الأمر يسير على هذا الحال نحو التوريث لولا أن (البوعزيزي) كان قد أحرق نفسه - في ساعة شيطان! - فأحرق من خلفه المنطقة العربية بجحيم من النيران لم تكن للغربيين في حسبان حيث كانت كل التقارير المخابراتية لهذه الدول تؤكد على أمرين:
الأول: المعارضة العربية للحكام (سواء المعارضة الاسلامية أو العلمانية) ضعيفة ومعزولة عن الشعب وليس بمقدورها القيام بثورة شعبية ناجحة تطيح بنظام قوي كنظام مبارك أو القذافي أو بن علي!.
الثاني : هذه الدول أصبحت محصنة تمامًا ضد الانقلابات العسكرية!!.
هكذا كانت تقارير استخباراتهم وتوقعاتهم لكن حدث ما لم يكن في الحسبان ووقع المحظور وانفجر البركان وانفلت (الثور) من قيوده وأخذ يخور وينطح وسط الشوارع في وضح النهار حيث أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وغيّر مسار الأحداث المعتادة إلى مسار آخر لم تظهر نتيجته النهائية بعد !!.
وفي هكذا حال - حال انفجار الاحداث بشكل غير متوقع! - يكون رد فعل الغربيين بسياساتهم الواقعية البرغماتية هو امتطاء ظهر هذه الاحداث الخارجة عن نطاق السيطرة محاولين سياقتها نحو ما يحقق الاستقرار ويخدم مصالحهم الاستراتيجية، كما يفعل (الكاوبوي) المحترف حينما يقفز من ظهر حصانه بحركة بهلوانية على ظهر الثور الهائج المنفلت من الحظيرة محاولًا احتوائه وقيادته حيث يريد!، فكانت نتيجة امتطائهم لظهر ثورات الربيع العربي أن أغرقونا وأغرقوا أنفسهم في هذه الفوضى العارمة الحالية!، وهم الآن يدفعون فاتورة هذا التدخل الخاطئ غير الحكيم ويبحثون عن مخارج وبدائل تحقق الاستقرار!، وهكذا فالغربيون ليس لديهم مخططات مرسومة سلفًا لمائة عام مقبلة لمنطقتنا في شكل نصوص حرفية خطوة خطوة كما يزعم أصحاب وعشاق نظرية المؤامرة بنسختها العربية (الخرافية) بل لديهم (مصالح) و(اهداف) دائمة يتدخلون بسببها كلما تعرضت للخطر الجدي لحمايتها، وهم لا ينجحون دائمًا في سياساتهم وتدخلاتهم وتحقيق ما يشتهون بل قد يدفعون ثمن هذا التدخل غاليًا ويلحقهم الضرر أحيانًا وتحمل الرياح سفينتهم حيث لا يشتهون كما حصل في تدخلهم في العراق أو في ثورات الربيع العربي!، والواقع أن من مصلحتهم بل ومن اهدافهم المقررة عندهم (ضرورة استقرار المنطقة العربية بشكل عام وتحقيق نوع من الازدهار الاقتصادي مع محاربة الفساد المالي وتحسين ملف حقوق الانسان)) وليس بالضرورة اقامة نظم ديموقراطية كاملة فيها فمعظم الغربيين يعتبرون أن العرب غير مهيئين للديموقراطية بعد، ولهذا ستكون نتيجة هذه الديموقراطية هي الفوضى وعدم استقرار وهو ما تأكد بعد الربيع العربي كما تأكد من قبل بعد حقبة الاستقلال!، وهم يعتقدون أن الوضع المستقر المزدهر يخفف من الاختناقات الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في زيادة ظاهرة الارهاب والهجرة غير الشرعية كما يحفظ مصالحهم التجارية في هذه البلدان، ولكنهم مع ذلك لم ينجحوا في تحقيق هذه (المعادلة الصعبة) بسبب الواقع العربي المأزوم والملغوم والمتقلب المزاج من جهة ومن جهة غياب الفهم العميق والدقيق لدى الغربيين وخصوصًا أجهزة مخابراتهم لهذا الواقع العربي الشائك!، فنحن نُهوّل كثيرًا من قدراتهم المعرفية والاستخباراتية والعملية فيما يتعلق بفهم طبيعة العالم العربي كما لو أنهم (آلهة) يعلمون كل شيء وقادرون على فعل أي شيء يريدونه في العالم!، وهو وهم كبير كوهم نظرية المؤامرة!.
وهذه السياسات والتدخلات التي يتبعها الغرب في بلداننا ليست (مؤامرات) بالمفهوم الذي في أذهاننا على طريقة (بروتكولات آل صهيون!)، فالمؤامرة تقتضي السرية بينما ما يقوم به الغربيون في بلداننا سياسات وأهداف يُصرّحون بها بشكل علني ويناقشونها في برلماناتهم ووسائل اعلامهم لمن يتابع!، فالدول الغربية تسعى بالنهاية لحماية مصالحها القومية وهذه المصالح تتحقق بحصول استقرار وازدهار في منطقتنا، وهذا سلوك طبيعي ومفهوم، وعندما كنا نحن دولة عظمى في عهد الامبراطوريات الاسلامية العابرة للقارات كنا أيضًا نتدخل بشكل عسكري وبالغزو إما لتحقيق مصالحنا أو توسيع نفوذنا !...

هكذا علينا أن نفهم الواقع السياسي الدولي بعين العقل لا بعين نظرية وعقيدة المؤامرة (الخرافية) الشاملة، التي مفادها أن الغربيين (الكفار والعلوج) يتمنون لنا الهلاك ويريدون تدميرنا ومنعنا من الرقي والتقدم وأننا لولا مؤامراتهم الخسيسة لكنا نحن العرب - خير أمة أخرجت للناس! - الآن في قمة المجد العلمي والتقني والاقتصادي ولصرنا اليوم نحن وعيالنا نلعب كرة القدم على سطح المريخ (!!!) ، هذا كلام فارغ !!، وفهم مغلوط للسياسة وللعبة الدولية، أما الفهم الواقعي العقلاني للعبة الدولية فيترتب عنه:
(1) أننا سنتحلى بالحكمة السياسية والرشد السياسي اللازم لحفظ مصالحنا الوطنية ولبناء مجتمعاتنا بهدوء وروية بسياسة خطوة خطوة بعيدًا عن مشروعات (القفزات السريعة) التي تنتهي في الغالب للسقوط في الهاوية وتكسر عظام الظهر أو كسر الاعناق!.
(2) لا ندخل في مجابهات صبيانية ومواجهات انتحارية مع الكبار والدول العظمى ولا نهدد مصالحهم الحساسة بما يعود بالضرر على شعوبنا ودولنا (الكرتونية) الهشة!.
(3) نستفيد من الجوانب الايجابية في علاقتنا بهم بأكبر قدر ممكن وبما يفيد شعوبنا خصوصًا في مجال التعليم والصحة والتقنية وتنظيم المدن وتطوير العمران وحقوق الانسان كما فعلت الكثير من الدول في أسيا كالصين وكوريا الجنوبية واندونيسيا وماليزيا وغيرها!.

علينا أن نفهم مصالحنا الوطنية بشكل صحيح وكافٍ ونفهم مصالحهم القومية في منطقتنا بشكل محدد وكافٍ فنجمع بين الأمرين في معادلة سياسية متوازنة ونعرف (الخطوط الحمراء) التي يجب علينا أن لا نتجاوزها لأن ثمن ذلك غاليًا على شعوبنا!، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها ولم يأمرنا بالانتحار!، بل نتصرف بحكمة واعتدال في حدود طاقاتنا بما يعود بالنفع على شعوبنا وتنميتها بشريًا عبر مرور الزمن، فالانسان الذكي والتقي والقوي هو أساس قوة وازدهار العمران، يجب أن لا نكرر مغامرات القوميين العرب والإسلاميين العرب الانتحارية ومشروعاتهم العاطفية الطوباوية المدمرة!، وهؤلاء هم أكثر من يُروّج لنظرية المؤامرة ويحملونها في أيديهم كما لو أنها (قميص عثمان) ويجعلونها (شماعة) يعلقون عليها فشلهم السياسي الفاضح!، بينما الحقيقة أن نظرية المؤامرة (الكبرى) تصيب العقل العربي إما بالشلل التام والاستسلام للغربيين والنظر اليهم كما لو أنهم (قوى خارقة للطبيعة) كأنهم آلهة تفعل ما تريد!، أو تصيب العقل بحالة من الهذيان الذي سينتهي بحلول انتحارية على طريقة داعش وصدام حسين!، لا يعني هذا أننا سندخل في سلام ووفاق مع (الصهاينة) الذين يحتلون أرض فلسطين أو نقيم علاقات سياسية وتجارية معهم فهذا خط أحمر!، بل يجب أن نصرَّ على المقاطعة الرسمية والشعبية لهذا الكيان الاستيطاني الخبيث ولكن - وفي الوقت ذاته - لا نتصرف بشكل جنوني وانتحاري بدعوى أننا نريد تحرير فلسطين ومعاقبة الدول الإمبريالية الحليفة لهذا الكيان الاستيطاني!، فهذا الموقف وهذا التصرف في وضعنا الهش الحالي أمر غير واقعي ولا عقلاني ولا حكيم، وقد جربنا نتيجة التصرفات الانتحارية للقومجيين العرب (أمثال القذافي وصدام) ودفعوا ودفعنا ثمنها غاليًا!.. وجربنا نتيجة التصرفات الانتحارية للإسلامجيين العرب (مثل الاخوان والجهاديين والدواعش) ودفعوا ودفعنا ثمنها غاليًا !، والمؤمن العاقل لا يلدغ من جحر العقرب مرتين بل يتعلم ويستفيد من أخطاء الماضي ومن تجارب الآخرين... هذا هو الخط السياسي الوطني الذي ندعو إلى تأكيده في سياساتنا الخارجية لليبيا الجديدة، وهو خط هادئ وحكيم ورصين يقع بين خطين متناقضين متطرفين انتحاريين، أحدهما يدعوننا إلى الانبطاح والاستسلام التام إلى حد التفريط بالحقوق وبسيادة الوطن بل وإلى حد الاعتراف بدولة اسرائيل واقامة علاقة معها !!، والثاني يدعوننا إلى حلول ومغامرات انتحارية جنونية غير رشيدة على طريقة القومجيين والاسلامجيين العرب بالدخول في مواجهات غير متكافئة مع الغرب بهذه المجتمعات الهشة والضعيفة والمتخلفة علميًا وأخلاقيًا وتقنيًا وسياسيًا وعسكريًا، تلك المواجهات الانتحارية التي انتهت إلى هذا الدمار الحالي!.. أفلا تعقلون!؟
************








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا