الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا: استراتيجية التيتي تيتي*

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2018 / 7 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



في قراءة لما جاء في حديث الأسد الأخير وتلميحه ورسالته الهامة بالاتفاق حول الوجود الروسي لأربعين عاماً قادمة، فلم يعد الحديث هنا عن تفسير خلفيات وأبعاد وأسباب تصريحات الأسد وجرعة الثقة العالية بالنفس مهما أو سرد الذرائع وفلسفتها أولوية في تناولها بل الخلاصة وما هو المهم ضرورة إدراك أن المنطقة أمام واقع ومتتج وصنف سياسي جديد بجودة تنافسية عالية وأمام تحول استراتيجي تغيرت فيه كل الخرائط الجيوسياسية السابقة و الموازين طالما بقي الحليف الروسي على ما هو عليه وعلى خصوم الأسد كما أصدقائه التعامل مع هذه المعطيات والإقلاع عن كثير من الأوهام وهذا بالطبع لا علاقة له ابدا من جهة أخرى بالتركيبة والتشكيلة البنيوية وحتى الهوية الإيديولوجية القادمة المعتمدة "الظلامية" للنظام والتي يتبناها علنا أمام الناس ويجاهر بتحالفه مع التيارات السلفية والإخوانية بإعادة إنتاج لتمخضات الثمانينات (ربما مكافأة وإرضاء ورد جميل لإيران ) كما لا يتعلق الأمر بكيفية استثمار وتوظيف المعطيات الجديدة وجوديا وفي ترتيب بيته الداخلي وآليات تمكين وتثبيت نفسه فتلكم قضايا إجرائية محسومة وتحصيل حاصل وهو الخبير الأدرى بجزئياتها وتفاصيلها، كما لا يتعلق الأمر بمدى سوية وحسن سلوك وجماهيرية هذا النظام فهذا كله اليوم لم يعد مهما وبات خارج الحسابات والنظام يتصرف اليوم بناء على هذا الأساس...
واستكمالا واستطرادا لما سبق ومع ذلك وحتى اليوم وبعيدا عن كل أسباب إنتاج الأزمة فها هو النظام يعود بكامل طاقمه المعروف وأبهته وعنفوانه وصلفه المعهود ناسيا أو متتاسيا اللحظات المحرجة في ذلك الكابوس الذي كابده ويرجع بتلك النمطية التي دأب على الظهور بها من دون إيلاء أية أهمية على وقعها وأثرها النفسي على الناس وكانت من أحد أهم أسباب الانفجار أي الاستخفاف المفرط بالرأي العام وبكل تلك الآليات المنفرة والمستفزة خطابيا وسلوكيا والتي اعتمدها سابقاً وما زالت بمجملها قائمة وموجودة على طاولته وتشكل خريطة طريق ونهج له ومن دون أية محاولة للمساس بها، فالنظام لا يتصرف كدولة مؤسسات وقانون ومرجعية وطنية موثوقة للجميع وقد أخذ دروسا وعظات وعبر مما حصل بل ما زال يتصرف كنظام، إن لجهة الخطاب الديماغوجي والفاشي أو بطريقة إدارة "المزرعة"، وإدارة الموارد البشرية وتوزيع المناصب العامة وله مصالح وتوجهات واسترانيجيات خاصة بعيدة عن الصالح العام كتحقيق التنمية والازدهار ورفع مستوى معيشة المواطن المنهار والمفلس والأبأس والأفقر بالعالم سابقا ولاحقا وتحقيق اي قدر من العدالة والمساواة وتوزيع الثروة الوطنية بأمانة على الجميع وإصدار سلسلة جديدة من التشريعات والقوانين الثورية أو إحداث تحولات بنيوية عامة، وتبدو اليوم للشارع المحبط والمصدوم كل تلك الإنجازات الميدانية بلا فائدة تذكر وتذهب باتجاه واحد وتوظف لمصلحة التيارات الظلامية وحلفها الجديد مع النظام البعثي المترهل القديم إذ يمكن تشبيه النظام اليوم بذاك الرجل العجوز المتزمت الكلاسيكي "دقة قديمة" غير القادر أبدا على تغيير أسلوب ونمط حياته وعاداته وطريقة تفكيره ونظرته وتعامله مع الآخرين والمتشبث بها تشبثه بالحياة فلا هو سعيد ومرتاح بها ولهذه الحال ولا يمكن له ان يسعد،والحال، أيا مما حوله على الإطلاق.
واليوم، وفي إعادة تذكير بواحدة من أهم سمات النظام وملامح النظام وهو الفساد، تنتشر على نحو يومي فضائح لسرقات وتجاوزات ونهب للمال العام من قبل رموز ومسؤولي الدولة تكاد تكون عملية استباحة حقيقية لـ"بيت مال المواطنين" (المؤتمن عليه النظام المقاوم)، وعلى الرغم من حجم واتساع تلك الفضائح والتجاوزات وازدياد عمليات الفساد بشكل مخجل والانتهاكات والسرقات بأرقام فلكية مهولة وتجتاج مواقع التواصل الاجتماعي كالنار بالهشيم فإن النظام "المقاوم" يتعامل معها كالعادة بكل استهتار واستخفاف بالأمانة وبثروة ولقمة عيش الشعب الذي بات واحداً من أفقر شعوب الأرض عبر التاريخ المعروف (غير مصنف بالأمم المتحدة)، ولا يتخذ حيالها أية إجراءات ردعية مع أي فاسد أو لص وأزعر، لا بل تتم ترقيتهم بعد فضائحهم كما حدث مع مدير شركة الاتصالات الذي تم تعيينه بصفة مستشار وخبير (سرقات ومافيات) بنفس المؤسسة بعد قرار عزله وانتشار فضيحته على النت وحديث الشارع اليوم لا يدور إلا على النهب المنظم للدولة وسرقات والغنى الفاحش والسطو والسمسرات والعبث واستباحة المال العام واحتكار الثروات ومراكمتها في جيوب أهل النظام، فالنظام وأجهزته لا تستجيب لضغط ومطالب الشارع منتشية بالواقع الميداني وفلسفة ولغة القوة والبطش التي قام عليها، ولسان حاله يقول، اليوم، وبوجود الحليف الروسي والإيراني فلا حاجة بي اليوم لأي دعم شعبي.
يبدو النظام، حقيقة، عصياً على أي تغيير، فأي تغيير قد يعني نهاية النظام وهو لا يستطيع الاستمرار إلا بهذه الطريقة ومن خلال نفس المومياءات.
• التيتي تيتي: مثل شعبي سوري كناية عن دوام وبقاء وثبات واستمرار واقع الحال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التيتي تيتي
عدلي جندي ( 2018 / 7 / 29 - 15:42 )
صالح أيضا
لكل زمان ومكان طالما يتماشي ويتوافق وإيدلوجية خير أمة

اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق