الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل غامض للعائلات السّورية في لبنان

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


عالقون في لبنان: حياة عائلة لاجئة سورية طيّ النسيان
هيفن كراولي
أستاذ باحث ، جامعة كوفنتري
ترجمة: نادية خلوف
عن:
theconversation.com
لا أتذكر بالضبط كيف التقيت مع ريهام على فيسبوك ، ولكني أتذكر كيف كانت تتحدث بوضوح عن حبها لأختها الصغرى فاطمة ، واليأس الهادئ من الحياة الجديدة.
ريهام تبلغ من العمر تسع سنوات فقط ، لاجئة سورية تعيش في بلدة صغيرة في شمال لبنان مع والديها وثلاثة من أشقائها ، أصغرهم يبلغ من العمر ثمانية أشهر فقط. أخبرني والدها عبد الله بأن العائلة انتقلت إلى لبنان عام 2012 عندما كانت رهام في الثالثة و كانت أختها أقل من عام واحد، فرت من الحرب في سوريا التي مزقت عالمها.
حتى ذلك الحين ، كان هو أحد عمال البناء ، أحد مئات الآلاف من العمال السوريين الذين يسافرون ذهاباً وإياباً عبر فجوات الحدود الكثيرة إلى سوق العمل اللبناني خلال فترة إعادة البناء التي أعقبت نهاية الحرب الأهلية في عام 1990. بعد ست سنوات لا يزالون في لبنان ينتظرون انتهاء الحرب وفرصة لإعادة بناء حياتهم. قال لي:
كان لدينا منزل في سوريا. كان لدينا حديقة و أصدقاء ومدرسة. الآن دمرت الحرب كل شيء. لقد دُمّر كل شيء ودُمّرت أحلامنا وأحلام العديد من الأطفال.
ريهام وعائلتها من بين 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان ، حوالي ثلثهم غير مسجلين لدى مفوضية اللاجئين ومعظمهم لا يملك إلا القليل من الحقوق. الأبحاث التي أجريتها أنا وزملائي مع السوريين الذين خاطروا بكل شيء ، بما في ذلك حياة أطفالهم ، للوصول إلى أوروبا في عام 2015 تُظهر بوضوح أن قرار الانتقال من لبنان كان في الغالب نتيجة لتدهور الوضع وانعدام الأمل في المستقبل
بعد ثلاث سنوات ، هناك أدلة من المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي على أن اللاجئين السوريين في لبنان يتعرضون اكثر من أي وقت مضى لأمور كثيرة ، حيث يعيش أكثر من نصفهم الآن في فقر مدقع. ومع انخفاض مستوى المساعدات الإنسانية لدعم السوريين الذين يعيشون في لبنان ، تراجعت أيضاً نوعية حياتهم ، وقد انتشرت تقارير منتظمة عن الحرائق في الخيام المؤقتة ونقص الخدمات الأساسية بما في ذلك إمدادات المياه والمراحيض والمصارف. أولئك القادرين على العثور على عمل يتحدثون عن انخفاض الأجور والعنصرية والتمييز المستمر. في أكتوبر / تشرين الأول 2017 ، توقفت الحصص الغذائية التي اعتمد عليها عبد وعائلته بسبب نقص التمويل.
لكن الوضع بالنسبة للأطفال ، وخاصة عدم الحصول على التعليم لريهام وفاطمة ، هو الذي لا يمكن للأسرة توفيره. ما يقدر بـ 280،000 طفل سوري خارج المدرسة في لبنان والبعض الآخر لم تطأ أقدامه الفصول الدراسية. تحتاج بعض الأسر إلى عمل الأطفال لإكمال دخل الأسرة المحدود للغاية. ويضطر آخرون ، إلى تزويج الفتيات المبكر لتأمين مستقبل الطفل الاقتصادي. بالنسبة لعبد ، تكاليف النقل هي أكبر مشكلة:
لدينا مشاكل كبيرة مع النقل للمدرسة كل يوم. المدرسة بعيدة جدا عن منزلنا وتكلف الكثير من المال. ليس لدي ما يكفي من المال لإرسالهم إلى المدرسة.
عالقة في طيّ النسيان
ومثل الآلاف من السوريين الآخرين ، فإن عبد وعائلته عالقون في حالة من عدم اليقين ، غير قادرين على إعادة بناء حياتهم في لبنان أو العودة إلى سوريا ، مع وجود خيارات قليلة للمستقبل.
وبينما أظهر بعض اللبنانيين تضامنهم مع اللاجئين ، فإن هناك توترات متزايدة حول الموارد والوظائف. حتى مع استمرار الصّراع في سوريا ، أصبح السياسيون اللبنانيون صريحين بشكل متزايد منذ عام 2017 في الدعوة إلى عودة اللاجئين إلى ديارهم. منذ عام 2016 ، قامت بعض البلديات بإجلاء اللاجئين السوريين قسراً من منازلهم. تزايد أعداد من يعيشون في لبنان بقلق من أنهم قد يضطرون للعودة إلى منطقة الحرب.
وفي الوقت نفسه ، أصبحت جهود الاتحاد الأوروبي لمنع اللاجئين السوريين الذين يسافرون إلى أوروبا فعالة بشكل متزايد. جعلت الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في آذار / مارس 2016 ، إلى جانب إغلاق الحدود المقدونية ، من الصعب بشكل متزايد على السوريين وغيرهم السعي للحصول على الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي ، محاصرة عشرات الآلاف من الناس في اليونان. على الرغم من الجهود المبذولة لزيادة الطرق القانونية والحد من مخاطر الهجرة إلى الأمام عبر البحر ، فإن تقديرات المفوضية للاجئين السوريين الذين يحتاجون إلى إعادة التوطين تفوق إلى حد كبير عدد الأماكن المتاحة.
ولم تفلح الجهود التي بذلها عبد الله لإيجاد حل طويل الأجل لحالة أسرته حتى الآن. عاش جدا ريهام مع العائلة في سوريا ومرة أخرى في لبنان قبل إعادة توطينهم في النرويج عام 2015. يعيش عم ريهام في هولندا. لا يوجد بينهم صلة عائلية وثيقة بما يكفي لجعلهم مؤهلين للم شمل الأسرة. يقول عبد أنه ذهب إلى لجنة اللاجئين في لبنان عدّة مرات ، لكنه لا يزال ينتظر إجابة عما إذا كان من الممكن إعادة توطينه
خيارات محدودة
رسائل عبد الله مليئة بالإحباط واليأس. يناشدني أن أجد له منظمة يمكنها مساعدته على الخروج من لبنان مع عائلته. "أنا أحب أطفالي ، أريد فقط توفير حياة كريمة لهم" ، كما يقول. "أ فقط أريدهم أن يكونوا آمنين". إن خوفه مما قد يحدث لأولاده في لبنان يقود أفكاره حول المستقبل. أخبرني أنه مستعد للذهاب إلى أي دولة ويلمح إلى أنه سيقوم بكل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف.

لكن خيارات عبد محدودة.
حتى مع تدهور الوضع في لبنان ، هناك نقص في الطرق الآمنة والقانونية لتمكين السوريين وغيرهم من اللاجئين من الوصول إلى الحقوق التي يحق لهم ولأطفالهم بموجب القانون الدولي. ومع ذلك ، هناك بعض المبادرات الجديدة والمهمة التي يمكن أن تغير كل ذلك ، مما يوفر شريان حياة للأطفال مثل ريهام وشقيقتها
ومن أبرز هذه المبادرات مبادرة الممرات الإنسانية. بدأت في عام 2016 وتعمل بتعاون كامل من الحكومة الإيطالية دون أن تمولها الدولة ، وهي توفر للاجئين المعرضين للخطر إمكانية الوصول الآمن والقانوني للحماية في إيطاليا ، وبذلك يتوسع كل من مفهوم الحماية ويتعمق. حتى الآن ، كانت الأرقام التي استفاد منها الناس صغيرة نسبياً ، أي ما يقارب 1000 شخص ، ولكن بالنسبة لعبد ، لا تزال هناك إمكانية قبوله جديرة بالمتابعة.
ريهام أقل ثقة. "لا أريد أن أذهب إلى إيطاليا" ، كما تقول. "أريد أن أذهب إلى النرويج حتى أكون مع جديّ. أفتقدهم كثيرا. فقط أريد رؤيتهما وأكون في أذرعهما. "

من الصعب معرفة ما سيحدث بعد ذلك لهذه العائلة أو الآلاف مثلها. يبدو أن العالم قد توقف لفترة طويلة عن الاهتمام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة