الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل للاحزاب الشيوعية العربية من مستقبل؟

فالح الحمراني

2018 / 7 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي




هذا السؤال الكبير يطرحه الباحث الروسي البروفيسور "جريجوري كوساتش" في دراسة نشرها على موقع " المجلس الروسي للشؤون الخارجية". و الدراسة لن تؤخذ على محمل الجد لو أن كاتبها لم يكن كوساتش، الذي أمضى سنوات طويلة في مراقبة ودراسة الحركة الشيوعية العربية والعمليات السياسية في البلدان العربية، وكان مدرساً لأكثر من 10 سنوات في القسم العربي "للمدرسة الحزبية" التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي السابق، التي أعدت الكوادر للأحزاب الشيوعية، وله عشرات المؤلفات عن التطورات السياسية في العالم العربي بما في ذلك دراسة عن "الشيوعيون العراقيين الأوائل في الكومنترن" و "شيوعيو الشرق الأوسط في الاتحاد السوفياتي" و" الشيوعيون في سياق البعث القومي في سوريا" ألخ.
ويستخلص كوساتش في دراسته الواسعة التي تناولت بمختلف الأشكال الأحزاب الشيوعية في مصر وسوريا وفلسطين والعراق وتونس والجزائر والمغرب والسودان ونواتها في السعودية والبحرين ألخ، إن وضع وآفاق تلك الأحزاب، وعلى الرغم من أنها حافظت على وجودها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بعض بلدان العالم العربي، لا يبعث على التفاؤل. وأوضح " إن هذه الأحزاب تتغير وتتطور ( تبعاً للوضع في هذه البلد أو تلك، ولمستوى الثقافة السياسية). وإنها أما اتجهت نحو الاشتراكيةـ الديمقراطية أو باتجاه الانغلاق في أطر أيديولوجية القومية العربية الضيقة، أوالتحالف مع قوى سياسية ذات شأن سياسي أكبر".
وشكك الباحث الروسي في إمكانيات التطورات بشكل آخر. موضحاً " إن زمن الماركسية الكلاسيكية مضى". متسائلا عما اذا كانت إمكانية لتطبيق نظريتها في بلدان " أطراف الرأسمالية"؟. والعربية من بينها. ولكنه لا يشك في أن تركات العولمة السلبية، وغياب الحريات الديمقراطية، واستشراء الفساد الحكومي، والمحسوبية ستحافظ لفترة زمنية على استمرارية وجود الأحزاب الشيوعية في العالم العربي. ولكنه يشكك " في أن تسطيع هذه الأحزاب الحفاظ على تنظيماتها واستقلالها الأيديولوجي، في وضع استمرار الصحوة الدينية ونهوض حركات الأقليات المهمشة سابقا، الداعية للانبعاث القومي؟".
وعند تناوله الحزب الشيوعي العراقي أشار إلى تاريخ التحالفات الخاسرة التي أقامها الحزب منذ سبعينيات القرن الماضي مع مختلف الأحزاب والتيارات، منوهاً بآخرها أي تحالفه مع تيار السيد الصدر. وقال إن هذا التحالف كان نتاج تطور الحزب بعد سقوط النظام الدكتاتوري. منوهاً الى أنه وعلى الرغم من أن الغرض من هذا التحالف كان " خدمة الجماهير الكادحة" ( التي تشكل قاعدة التيار الصدري) "فإن الشيوعيين مرة أخرى يلعبون دور الأخ الأصغر في التكتل الذي تشكّل حديثاً" في إشارة إلى دورهم الثانوي خلال تحالفهم مع حزب البعث المنحل. منوهاً " إن هذا الطريق وحسب يمكنهم من تحقيق المشاركة في السلطة".
وقال إن اختلاف الأولويات الاجتماعية بين الشيوعي والتيار الصدري تثير العديد من الأسئلة : فأولويات الحزب الشيوعي العراقي، على حد قناعته، علمانية، بينما التيار الصدري دينية. وان سعي الكيانين للتقليل من النفوذ الإيراني في العراق تنطلق من توجهات مختلفة. وأوضح: " إذا كان تقارب السيد الصدر مع السعودية قد حدد موقفه المعارض لإيران، فأن الحزب الشيوعي العراقي يعلن عن أنه خصم " للأنظمة العربية الرجعية".
ولفت الباحث الروسي أيضاً إلى إن تحالف الشيوعي مع التيار الصدري لم يتأسس على أساس توافق حزبي داخلي. مشيراً إلى أن العديد من خلايا وهيئات الحزب الشيوعي، الناشطة في داخل العراق وخارجه، عبرت عن عدم موافقتها على نهج قيادة الحزب. وحسب تقييمه " إن طرح الحزب الشيوعي شروطاً بعد الانتخابات لديمومة التحالف، تتضمن على وجه الخصوص مطلب تراجع التيار الصدري عن تشكيل هيئات السلطة التنفيذية بالمشاركة مع منافسي تحالف "سائرون" في الانتخابات، برهنت على هشاشة التحالف الشيوعي ـ الشيعي".
وفي تحليله لخلفيات التحالف الشيوعي/ الصدري أشار إلى أن الحزب الشيوعي العراقي برر نهجه بان الماركسية تطالب بالانفتاح على "الاتجاهات والميول الجديدة" واتهم النموذج السوفياتي للاشتراكية ب " بالانغلاق والانعزال". وإن الحزب الشيوعي العراقي لم يستبعد تحوله إلى حزب "اتحاد الشعب"، ومؤكداً (أي الحزب) إن مواقفه السابقة بشأن قضايا الديمقراطية الاشتراكية لم تكن صحيحة. وراح الحزب ينظر إلى الاشتراكية كهدف" بعيد المدى" وفضل التركيز على" التحولات الديمقراطية" في العراق. وأضاف" وجرت الدعوة في جزء من هذه التحولات إلى الفيدرالية بحيث تشمل المناطق الشيعية".
وقال كوساتش إن فكرة الفيدرالية قربت الحزب الشيوعي العراقي من الساسة الشيعة. وبالاعتماد على هذا التقارب، وبتقويمه للتركات السلبية لتعديل قانون الانتخابات، رأى الحزب الشيوعي ضرورة الابتعاد عن التحالفات مع الساسة الشيعة المدنيين، والتعاون مع التيارات التي تستند إلى "الجماهير العريضة المحرومة وقادتها الحقيقيين". وان نجاح داعش دفع الحزب الشيوعي بقوة أكبر في هذا الاتجاه.
ومن التحالفات الخاسرة للحزب الشيوعي أشار الباحث بصورة خاصة إلى تحالفه مع حزب البعث المنحل في 1972 في إطار " الجبهة الوطنية التقدمية". منوهاً إن هذا التحالف أحدث تغيراً جذرياً في وضع الحزب حينها. فبعد أن كان للحزب الشيوعي العراقي في بداية السبعينيات، ورغم انه نشط سرياً، هيئات حزبية شملت معظم مناطق العراق، وصحافة مؤثرة، وموقع بارز وسط دوائر النخبة المثقفة المبدعة، والنقابات وحركات النساء والشباب، اضطر بعد التحالف مع البعث لحل منظماته الديمقراطية والاجتماعية، ووافق على سياسة البعث الداخلية والخارجية. " ودمرت حكومة الدكتاتور صدام حسين الحزب الشيوعي العراقي في 1979 بعد أن اتهمت الحلفاء الضعفاء في الجبهة الوطنية التقدمية، بتشكيل خلايا عسكرية. وجرت إبادة القسم الأعظم من أعضاء وأصدقاء الحزب، أو اضطروا للهجرة للخارج، أو انتقلوا إلى كردستان العراق حيث شاركوا إلى جانب الكرد في الكفاح المسلح ضد الديكتاتورية.
* التعليقات وابداء الراي بالموضوع وتقيمة يجب ان تكون وفق المعايير التي وضعها الحوار المتمدن، منطقية وموضوعية، وتقبل الآخر رغم اختلافها معه بالرأي بدون عبارات نابية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخي العزيز فالح الحمراني
فؤاد النمري ( 2018 / 7 / 31 - 12:32 )
يسيئني استخدام الكلمات النابية إلا أن الحقائق يجب أن تسمى باسمائها

قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي الخائنة والتي بمجموعها من عملاء المخابرات السوفياتية الخؤون
كانت تعين اساتذة المدارس الحزبية من أعداء الإشتراكية من مثل هذا الكوساتش
معلم في مدرسة الحزب الماركسية ويعلن بكل وقاحة أن الماركسية غير قابلة للتطبيق
الذي عينه خائن مثله
أنا قابلت أكثر من شخص درس في المدرسة الحزبية في موسكو وهم لا يعرفون ألفباء الماركسية بل إن أحدهم كتب في الحوار يؤكد أن أستاذه خارج الصف كان يحرضه ضد الشيوعية
أخي العزيز فالح !
أرجو أن تقرأ مقالتي التي سأنشرها اليوم في الحوار وهي التي تجيب على الأسئلة التي لم يسألها كوساتش
لشخصك الكريم خالص تحياتي


2 - عصابية وطابعها البرجوازي الصغير!
طلال الربيعي ( 2018 / 7 / 31 - 12:59 )
الاستاذ العزيز فالح الحمراني
كل الشكر على مقالتك المهمة التي تشرح تحليل الباحث الروسي البروفيسور -جريجوري كوساتش- لمستقبل الاحزاب الشيوعية العربية, وبضمنها الحزب الشيوعي العراقي وامكانية تحوله الى حزب -اتحاد الشعب-. واعتقد ان هذا الحزب او مثيله كان موجودا من قبل في العراق برئاسة الراحل عزيز شريف ثم حل نفسه, حسبما اتذكر, وضم نفسه للحزب الشيوعي العراقي.
وكا بودي ان تتطرق الى ما يعنبه حزب -اتحاد الشعب- من ناحية نظرية وتنظيمية وهل يعني هذا التخلي عن موضوعة الصراع الطبقي لصالح التوافق الطبقي لأن الحزب الشيوعي عمليا يبدو انه قد تخلى عن هذا المبدء وان لم يعلنه فكريا قدر اعلانه كشعار او نهج سياسي بخصوص الديمقراطية التوافقية, فكما يؤكد رائد فهمي سكرتير الحزب الحالي بقوله:
-وقد اعتبر العديد من صانعي القرار في العراق والولايات المتحدة ومن المنظرين في مجال العلوم السياسية ان العملية السياسية في العراق تستلهم نموذج الديمقراطية التوافقية الذي وضعه المنظّر الهولندي في العلوم السياسية (ارنت ليبهارت).-
يتبع


3 - عصابية وطابعها البرجوازي الصغير!
طلال الربيعي ( 2018 / 7 / 31 - 13:01 )
وبضيف:
-يطرح نظام الديمقراطية التوافقية كطريقة لبناء الديمقراطية في مجتمعات منقسمة اثنيا وطائفياً (متعددة)، من خلال مؤسسات سياسية تقر بالاختلاف بين المكونات الإثنية وتدير النزاعات في ما بينها-
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=369109&r=0&cid=0&u=&i=4244&q=
واعتقد ان المقال بمعالجته لمستقبل الاحزاب الشيوعية العربية فانه يعالج ايضا مستقبل الشيوعية كنظام سياسي في منطقتنا. فلربما يبدو واقعيا التحدث عن الموضوع الاول وطوباويا التحدث عن الموضوع الثاني, كما ان الشيوعية كفكر وتنظيم لا يمكن اختزالها الى حزب او طرف واحد وهي ايضا باعتبار البعض, واني اتفق معهم, صيرورة حياتية يومية وليست هدفا نهائيا يقترب في مثاليته من لاهوتية الاديان وتبشيرها بالجنة الموعودة.
وبخصوص تحالفات الحزب مع البعث ومع الصدر الآن فكلا التحالفان يعكسان تخبط الحزب بخصوص موقفه من موضوعة السلطة. فمن جهة يزعم انه لا يسعى الى السلطة (وهو طبعا كلام لا ينسجم مع الهدف من وجود اي حزب), ولكنه من جهة اخرى يتحالف مع البعث او الصدر ودوما بدور التابع الصغير.
يتبع


4 - عصابية وطابعها البرجوازي الصغير!
طلال الربيعي ( 2018 / 7 / 31 - 13:05 )
اي الحزب يريد السلطة ولا يريدها. انه يريدها ولكن بدون تحمل تبعية مسؤلياتها كطرف رئيسي او قائد وليس كطرف تابع, وهذا يعكس, بلغة التحليل النفسي, موقفا طفوليا غير ناضجا وموقفا انهزاميا بلغة السياسة. انه موقف عصابي. والموقف العصابي الآخر هو ان الحزب, بغض النظر عن الاطراف الاخرى, يتكلم عن العملية السياسية. طبعا الكلام عن (ال)عملية السياسية هو بحد ذاته موقف شمولي ويردد اصداء ميتافيزيقيا الماركسية السوفيتية, فهو يهمش الاطراف الاخرى خارج العملية السياسية او يلغي وجودها بجرة قلم وهذا ينعكس انصياعا ضمنيا للفكرالنيوليبرالي السائد باعتباره فكرا شموليا او حتى انه فاشي.
Neoliberalism Is a Form of Fascism
https://www.globalresearch.ca/neoliberalism-is-a-form-of-fascism-president-of-belgian-magistrates/5606633
وهذا ينعكس ايضا في تذبذبه وضبابية موقفه في التعامل, مثلا, مع الحركة الجماهيرية الآن, فهو رجل في السلطة ورجل خارجها.
يتبع


5 - عصابية وطابعها البرجوازي الصغير!
طلال الربيعي ( 2018 / 7 / 31 - 13:07 )
ولكن العصابية هنا تتعلق بتعامل الحزب مع العملية, وكما يمليها اسمها, كفتش او بصنمية اي اختزالها الى شئ, وهذا ليس امرا عصابيا فقط بل انه مخالفة صريحة للماركسية التي تعادي كل انواع الفتشية.
واذا استخدمنا لغة التحليل الطبقي لفهم عصابية سياسات الحزب فلربما يمكن ارجاعها الى كون تركيبة الحزب وقيادته يغلب عليها الطابع البرجوازي الصغير وهذه مشكلة عميقة في تركيبة الحزب لا يبدو انه قادرعلى حلها.
ولا ادري هل يمكن الاشارة من قبلكم الى رابط الدراسة واذا كانت الدراسة بالروسية فلربما يسعى الكاتب مشكورا, اذا توفرت له الرغبة والوقت, الي ترجمتها بكاملها لافتقار المكتبة العربية لدراسات اكاديمية ورصينة من هذا النوع.
وارجو تقبل شكري ثانية مع وافر احترامي


6 - شكر وامتنان
فالح الحمراني ( 2018 / 7 / 31 - 15:10 )
اعبر عن شكري للاستاذين فؤاد النمري وطلال الربيعي على مشاركتهما البناءة في اغناء المادة وتطويرها من وجهة نظر عربية.للاستاذ الكبير النمري بالتاكيد ساقرا كالعادة مادة حضرتك
وللاستاذ طلال فعلا المادة كبيرة انتقيت منها فقط ما تعلق بالحزب الشيوعي لانها تناولت الاحزاب الشيوعي في البلدان العربية الاخرى، كما للكاتب عمل خاص كرسة لنشوء الاحزاب الشيوعية وتطورها
اذا سنح الوقت ساترجمها حتما.
مع فائق الاحترام والتقدير


7 - العلة الاساسية
متابع ( 2018 / 7 / 31 - 22:52 )

العلة الاساسية التي ادت الى عزلة الاحزاب الشيوعية العربية وتلاشيها هي التبعية المطلقة للاتحاد السوفيتي انذاك فقد كان افضل لها وللشعوب العربية اذا كانت احزاب يسارية ديمقراطية بدل ان تكون احزاب ايديولوجية عصبوية مغلقة
شكرا لكاتب المقال

اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية