الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى مماطلة وتسويف مع مطالب الشعب ..كفى خُداعاً

صبحي مبارك مال الله

2018 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


كفى مماطلة وتسويف مع مطالب الشعب ..كفى خُداعاً
أنطلق الحراك الجماهيري من جديد في محافظة البصرة والذي تطور بسرعة إلى إنتفاضة شعبية كبيرة والتي ساهم فيها جموع الشباب الذين أغلقت بوجهم أبواب المستقبل، مدينة البصرة التي تمتلك الثروات المعدنية الكبيرة، وموقع ستراتيجي مهم ومَنفذ حدودي حيوي، عانت وتعاني من الإهمال وفقدان الخدمات الأساسية والبطالة والفقر وضنك العيش وسوء وتدهور الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية والصحية. كيف يعيش الإنسان بدون توفر خدمات الماء الصالح للشرب بعد أن أصبح مالحاً، وخدمات الكهرباء التي تعتبر عصب الحياة، كيف ذلك والفاسدين متربصين بلقمة عيش المواطن . لقد نَفذ صبر المواطن ونفذ صبر الشعب وبما إن الأوضاع متشابهة في جميع أنحاء العراق وعدم جدّية الحكومات المتعاقبة منذ خمسة عشر عاماً، ما بعد التغيير، في معالجة الأزمات المتراكمة وإتساعها فالوعود الوهمية لم تنفع بعد شروق شمس اليوم التالي حيث (كلام الليل يمحوه النهار ) ولم تنفع برامج الإصلاح التي أعلنت والتي أصبحت حبر على ورق، ولم تجدِ نفعاً بعض التغيرات في الوجوه أو في المراكز الحكومية أو توزيع أموال بكميات محدودة كل هذا لاينفع بسبب وجود طبقة سياسية فاسدة عملت وبشكل ممنهج على سرقة أموال الشعب، هذه الطبقة السياسية المتنفذة التي إهتمت بالدرجة الأولى بمصالحها ونفوذها وعملت كالأخطبوط في إبتلاع كل شيئ ونهب كل شيئ وتدمير كل ماعمل عليه الشعب من بناء وتقدم. لهذا إمتدت الإنتفاضة وحراكها الجماهيري إلى المحافظات الجنوبية والوسط وبغداد وفي طريقها إلى المدن الشمالية بسبب وحدة المعاناة ووحدة المتاعب والتدهور المستمر فخرجت الجماهير إلى الشوارع بتظاهرات سلمية وترفع شعارات مطالب بسيطة تمس همومهم. وكما يقال وصل السيل الزُبى. وكل ما يحصل نتيجة أزمة نظام سياسي إعتمد الطائفية والإثنية والمحاصصة السياسية بحجة التوازن، هذه الأزمة إزدادت تعقيداً فإنعكست على كل المؤسسات الدستورية والدوائر الحكومية وإبتعاداً عن تطبيق مواد الدستور، وبالتالي أصبحت المخالفات الدستورية كثيرة بوجود أجواء الصراع السياسي بين الكتل المتنفذة التي لاتريد الإصلاحات ولا التغيير، بل هذه الكتل إستفاقت على مدى خسارتها في الإنتخابات التي جرت في الثاني عشر من مايس /2018 بالرغم من عدم مساهمة أعداد كبيرة من الناخبين فيها، بسبب عدم الثقة والإحباط المترتب على أسلوب إدارتها للدولة. لقد تحركت الجماهير الشعبية المنتفضة بعد يأسها من التغيير والإصلاحات المطلوبة حيث ساد الفساد وتخلف الأداء الحكومي الإداري، وسط أجواء محمومة وساخنة وتخريب للعملية الإنتخابية وفشل مجلس النواب العراقي في تلبية مطالب الشعب بسبب تحكم الكتل المتنفذة ذات الإرتباطات الإقليمية والدولية المشبوهة لمنع وصول الشعب إلى نظام سياسي يتميز بقوة الديمقراطية وبفعالية الدستور والقوانين والعمل بدل ذلك على تلبية الشروط الأجنبية في التدخل في شؤون العراق. نعم الأجواء تميزت بالفوضى من خلال إعادة عملية العد والفرز وحرق الصناديق، وفشل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات من تحاشي التزوير والتلاعب بالنتائج. ونتيجة لذلك تأخرت عملية تشكيل حكومة الكتلة الأكبر وإتباع الخطوات الدستورية في إنتخاب رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية والطلب من الكتلة الأكبر تشكيل الحكومة ومن ثمّ حاول مجلس النواب الإستمرار في دورته خلافاً للدستور بل عُلم بأن المحكمة الإتحادية رفضت هذا التوجه فسارع مجلس النواب إلى سن أو تشريع قانون خاص به يمنح إمتيازات وحقوق تقاعدية جديدة لأعضائه وأيضاً تمّ رفضه. لقد كان هم أعضائه الخاسرين هو كيفية العمل على تحويلهم من خاسرين إلى فائزين في الإنتخابات، هذه الطبقة من السياسيين لاتؤمن بالديمقراطية. وبالتالي تألب الجميع على الحراك الجماهيري الجديد الذي حاصر الدوائر والمؤسسات ومجالس المحافظات ومقرات الأحزاب الحاكمة رافعاً صوته بالمطالبة بتلبية مطالبهم المشروعة. غضبت الطبقة السياسية من هذا التحرك بسبب تشبثها بالكراسي وخوفاً من محاسبتها من قبل الشعب وخصوصاً الفاسدين والمفسدين لإرتكابهم جرائم السرقة والنهب وتنصيب أنفسهم في مناصب جاءتهم كمنحة ودون وجه حق حتى الشهادات التي تؤهلهم زورت من قبلهم. أنها مأساة حقيقية بعد نضال طويل للشعب العراقي ضد الدكتاتورية وضد كل من ينتهك حقوق الإنسان أن تكون هذه النتيجة. لقد سقطت الأقنعة عن الوجوه عندما أصبح آولئك المدعين بالنضال ضد الحكم الصدامي الدكتاتوري يتبارون في معاقبة الشعب وتشكيل مليشيات مسلحة للإنتقام وإرتكاب جرائم الإغتيالات ونهب الأموال الفلكية لمدة 15 عاماً، فتم شراء العمارات والقصور والفلل وفتح الإستثمارات ووضع أرصدة ضخمة في البنوك، كل هذا النشاط لم يجر في العراق وإنما في البلدان الأجنبية. لقد كان الجميع على السواء من هذه الطبقة السياسية سنة وشيعة. ليس هذا وحسب وإنما فسح المجال لأصحاب الإيادي الملطخة بدماء الشعب العراقي، للقتلة والمزورين والمرتبطين بالإرهاب وبويلات الشعب، لآولئك الفاسدين ناهبي أموال الشعب، بأن تكون لهم مقاعد في مجلس النواب، أو مدراء عامين أو..أو. لقد بدأ الحراك الجماهيري منذ ثمان سنوات أشتركت فيه قوى مدنية وطنية وديمقراطية تطالب بالحقوق، تتظاهر من أجل التغيير من أجل إن ينعم الشعب العراقي بخيراته ويعيش حياة حرة كريمة، من أجل العدالة الإجتماعية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية. ولكن كانت هذه التظاهرات تواجه بالعنف المُفرط، فهذه المرة ونتيجة لتصاعد وتيرة الإحتجاجات جوبهت التظاهرات بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه الساخنة والضرب بالهراوات والعصا الكهربائية ومن ثم بالخطف والإغتيالات والتهديد والإعتقالات الكيفية. فالتظاهر السلمي حق دستوري، وحرية التعبير يضمنها أيضاً الدستور حسب المواد التالية في باب الحقوق والحريات المادة 15 ، المادة 37 أولاً :ا- (حرية الإنسان وكرامته مصونة) ب-(لايجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي ) ج- (يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية .......) ، ثانياً ، ثالثاً المادة 38 أولاً (حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل )ثانياً (حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر)ثالثاً (حرية الإجتماع والتظاهر السلمي ، وتنظم بقانون). وعند إستخدام القوة بتفريق التظاهرات كانت الحجة جاهزة وهو ضرب أوتدمير الممتلكات العامة بعد دفع عناصر موتورة لها علاقة بالأجهزة الأمنية للقيام بهذه الأعمال لتشويه صورة التظاهر السلمي أو دس شعارات ذات طابع مشبوه وهي معروفة للمواطن. وبعد الإعتقالات ماذا يحدث؟ إرسال المواطن المُعتقل إلى أماكن سرية وممارسة التعذيب و الضرب والإهانة معه أثناء التحقيق ومن ثم الطلب منه توقيع تعهد بعدم الإشتراك مرة ثانية في التظاهرات ثم يطلق سراحه بكفالة. لقد استشهد العديد من المتظاهرين ومئات الجرحى وهذا أمرخطير جداً. (إن لجوء القوات الأمنية إلى إستخدام العنف لم يكن بهدف تفريق التظاهرة فقط وإنما إلحاق الأذى بالمتظاهرين). بعد إستخدام العنف ضد المتظاهرين وإصابة المئات وإستشهاد عدد من المتظاهرين، إنطلقت موجة من الإحتجاجات دولية ووطنية، تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وإيقاف العنف ضد المتظاهرين هذه الحملة ساهمت فيها منظمة العفو الدولية ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، حيث اصدرت مظمة العفو الدولية بياناً بتأريخ 19/07/2018 نددت فيه بإعتداء القوات الأمنية في العراق بصورة متعمدة على المتظاهرين السلميين وعبرّت عن قلقها العميق للتقارير التي تلقتها عن تعرض المحتجين إلى تعذيب وإعتقالات إعتباطية وحتى اطلاق النار. كما شارك جمعاً من الأتحادات المهنية العاملة في إجتماع دعى أليه الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وذلك في اليوم السادس والعشرين من تموز 2018 وفي قاعة الجواهري /اتحاد الأدباء حيث إجتمع ممثلون عن الاتحادات والنقابات والجمعيات والمنظمات المهنية لمناقشة أهم الظروف التي يمر بها العراق لاسيما حركة الإحتجاج التي تشهدها البلاد بسبب تردي الخدمات وإستشراء الفساد وسوء الإدارة العامة لمفاصل الدولة وخرج الإجتماع بعدد من النقاط وأبرزها تأييد الحركة الإحتجاجية للشعب العراقي والوقوف مع مطالب الجماهير. نتيجة التظاهرات وما حصل من تصعيد بادر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى إصدار حزمة من القرارات لتحسين الواقع الخدمي والمعيشي في محافظة المثنى وكذلك مع بقية المحافظات ولكن هذا لايعتبر معالجة وإنما حل وقتي وترقيعي وليس جذرياً. كما إن السيد رئيس مجلس الوزراء سبق له ومنذ أربعة سنوات وضع برنامج إصلاحي ولكنه لم يستطع تنفيذه بسبب هيمنة الكتل المتنفذة التي لم تتنازل عن امتيازاتها ومصالحها، لم يستطع رئيس الوزراء القضاء على الفساد أو تقديم حيتان الفساد إلى القضاء وهو يعرفهم جيداً هل توقف الفساد ؟
كما إن دوائر الدولة مترهلة بالموظفين كيف يستطيع تعيين الآلاف من الشباب العاطل ولاتوجد درجات ولا مشاريع مستحدثة لكي تستوعبهم ويحل مشكلة البطالة، ولا أموال مَرصودة، الحل ليس في تجزئة المشاكل الكبيرة بناء جسر هنا توفير ماء هناك أو تنفيذ مشروع في ناحية وترك القضاء هذا ليس حلاً بل الحل في التخطيط العلمي والعملي وتنظيف دوائر الدولة والمؤسسات من الفاسدين والإعتماد على الوطنيين المخلصين الكفوئين النزيهين.مع العلم ان عدم التوظيف وإتباع السياسة التقشفية هو استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مقابل القروض المالية .
سوف يستمر الإحتجاج مادام الفساد مستمر وعدم القيام بإجراءات جذرية إصلاحية. لقد أثبتت الفترة الحالية والماضية فشل منهج الأحزاب الأسلامية في التعامل مع الأوضاع المتفاقمة والأزمات المستحكمة. فالشعب أصبح لايطيق حكامه في الوقت الحاضر لأنهم أهتموا بمصالحهم ومكاسبهم ونهب أموال وثروا ت البلاد. كما لم يستطع الشعب تغيير الخارطة السياسية في البرلمان بسبب عدم إشتراكه بقوة لغرض التغيير. ونتيجة لعدم الثقة وإزدياد مشاكل البلاد، لاحظنا طرح شعارات من البعض الذي لديه أجندة أخرى ومنها إلغاء الأحزاب، إلغاء مجالس المحافظات، إلغاء مجلس النواب، إلغاء الدستور، المطالبة بالنطام الرئاسي. ومع هذا الطرح يأتي حل أمريكي بدعم من بعض القوى السياسية مثل الوطنية أياد علاوي حول تشكيل حكومة إنقاذ وطني وإلغاء كل المؤسسات حسب قرار إنقلابي تعسفي وبالتالي يكون بديل لإعلان الأحكام العرفية وإعادة الحياة لنظام دكتاتوري آخر، وضرب أسس وأعمدة النظام الديمقراطي النيابي الموحد، ولا بد من أحترام الدستور والعمل على تعديله، (وإحترام منظومة الحقوق الديمقراطية الواردة فيه). المطلوب حالياً الإنتهاء من عملية العد والفرز وتشكيل حكومة وبرلمان يعملان على برنامج متكامل وجذري إصلاحي يعمل على تغيير الواقع المرير بعد التخلص من منهج المحاصصة الطائفية والإثنية وتعزيز الحياة الديمقراطية وتلبية كل المطالب المشروعة والقضاء على شبكات الفساد وتقديم الرؤوس وأتباعها إلى القضاء .
كما إن الحل بيد الشعب ، وليس بيد المليشيات والضغوط الدولية والإقليمية، بل بالوحدة الوطنية ووحدة العمل المشترك لكل القوى المدنية. كما أن الإعتذار على طريقة هادي العامري لايفيد لعمق المأساة والأضرار وتوقف الحياة في أغنى بلد. عدم قناعة القوى السياسية الإسلامية المتنفذة بفشل سياستها وفشلها بتحقيق أي تقدم لغرض الإنتقال إلى دولة مؤسسات وليست دولة مليشيات وأحزاب طائفية. إن المتغيرات التي قد تحصل في المنطقة في دائرة التصعيد الأمريكي –الإيراني ، يجب أن يكون العراق في حذر وإستعداد ويكّون حكومة غير طائفية ولامحاصصة وبرلمان قوي لايخلومن معارضة حقيقية، وشعب يتمسك بالديمقراطية والحريات والدستور الذي يضمن الحقوق والحريات. فلا وقت للتسويف والمماطلة مع الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان